شخصية المعلم لها أثر عظيم في عقول التلاميذ ونفوسهم ،إذ يتأثرون وهم في تلك السن الصغيرة بمظهره وشكله وحركاته وسكناته وإشاراته وإيحاءاته وألفاظه التي تصدر عنه،وسلوكه الذي يبدو منه،والطفل أشد تأثرا بغيره من الناس وأسرع في كسب الكلام والحركات والتقاطها من الذين يتصل بهم من الكبار الذين نمت عقولهم وصلب عودهم وأصبحوا أقدر على التميز والنقد والإختيار.
فالصبي يتصل بالمعلم إلى جانب صلته بغيره من الصبيان ،أكثر من الصلة بين آبائه وأهله،ومن الطبيعي أن يكون تأثير المعلم في نفوس الصبيان أقوى وأشد وأعمق من تأثير أهله، فهو الذي يقدم إليهم الغذاء العقلي والذهني وهو الذي يطبعهم على العادات ويثبت فيهم آداب السلوك وما يترتب عن ذلك نشوء الصبيان وهم يحملون في نفوسهم الآراء التي طبعوا عليها في صباهم ،ويصعب فيما بعد التحول منها.
ومما يِؤكد تأثر الصبيان بشخصية المعلمين ما رواه الجاحظ من كلام عقبة بن أبي سفيان لمؤذب ولده قال:<<وليكن أول ما تبدأ به من إصلاح في إصلاح نفسك،فإن أعينهم معقوبة بعينك ،فالحسن عندهم ما استحسنت والقبح عندهم ما استقبحت>>
من كتاب:التربية في الإسلام
لأحمد فؤاد الأهواني