أعصابي مشدودة ,التوتر تضايق من مدى استغلالي له,زوجي يحتل الحمام منذ الصباح الباكر و أنا أفرغت ما في جعبة دولابي من ملابس ووقفت أمام المرأة ألبس و أخلع و ابني الصغير يقف مشدوها يراقب تصرفي الغير معتاد أما طفلي الكبير فانزوى في ركن من الأركان ينتظر أوامري فهو يعرف مسبقا أنه حينما أكون متضايقة فغالبا ما يكون متنفسي الوحيد لافراغ شحنة الغضب.
انتهت الاستعدادت أخيرا و ركبنا السيارة ,لم أسكت طيلة الطريق و أنا أتوعد الجميع بما ينتظرهم من عقاب في حالة عدم الالتزام بالصمت و غيره من ضروريات اللباقة و الأدب,وصلنا أخيرا الى المنزل أو الى الفيلا على أصح تعبير,الخضرة تمتد على مرمى العين ,المسبح يتلألأ كأن سطحه مرصع بالجواهر كالتي ترتدي النساء داخل الدار.
جلست في مكاني كالتلميذ الجديد في القسم ,الأثاث بكامله قد تغير فعلا الذوق رفيع, مضت لحظات كانت كافية لجرد ما يحتويه المكان و لترك غصة مؤلمة في حلقي ليتدخل ضميري صارخا كفى لم تكوني يوما حسودة ليس هذا هو الغنى بل الغنى غنى النفس و أثاث التقوى هو الأفخر و الأبقى, عدت للواقع على صوت أطفالي يصرخون و يقفزون في الحديقة مثل المجانين أحسست بخيبة أمل كبيرة كل نصائحي تبخرت ربما كان من الأفضل ألا أصطحبهم معي,جاءت سيدة المنزل تسلم علي و جلست تتفحصني كأنها سوف تشتريني أو ستشغلني مع قطيع الخدم الذي تملكه,وجدتني شديدة الحظ لأني قد نقص وزني بشكل ملحوظ مع أنها سافرت هذه السنة مرات عديدة لأوربا قاصدة المراكز المتخصصة في التنحيف كما أنها ترتاد أحسن نادي في المدينة لكن دون جدوى فوزنها في صعود دائم دون أن تعرف ما هو السبب مع أن السبب كان واضحا و متجليا و يكاد الخروف المشوي المتربع وسط الطاولة أن يعترف بجريمة التسمين قبل أن تبادر السيدة الى الانقضاض عليه وتقطيعه اربا لتضع جزءا منه على صحني و هي ترحب و تدعوا الجميع للأكل, لم يكن الخروف في الوليمة سوى ضيف شرف فالأبطال على خشبة الطاولة تعددوا و تنوعوا و تشكلوا و ختم العرض طبق فاكهة جمع ثمار القارات الخمس,انتقلنا بعدها الى صالون آخر خاص بشرب الشاي فقط لا غير عرفت بعدها السبب فالشاي الذي شربناه فعلا يستحق صالونا خاصا و يستحق أن نفتح تحقيقا بخصوص الشاي الذي نشربه في بيوتنا الذي لا يجمعه بهذا الشاي الا تشابه في الاسم.
عدنا الى منزلنا الذي بدا حقيرا ,الأطفال أصبحوا فجأة مهذبين و جلسوا دون حراك لا أدري هل تعبوا من اللعب أم خافوا من الصمت المطبق الذي ساد في الرجوع ,دخلت غرفتي أجمع ثيابي التي تركتها متناثرة أطويها و أجدها رثة و بالية ,أصبح المنزل مليئا بعيوب لم أكن أراها من قبل الأبواب مهترئة و الصنابير يعلوها الصدأ, ترى كيف أستطيع رد العزيمة ؟البيت في حاجة الى اصلاح جذري و الدعوة تحتاج الى رصيد مالي محترم ,ترى أين سيلعب أولادهم؟ أسئلة تدور في خاطري دون أتخيل لها أية اجابة .
أعددت وجبة خفيفة للعشاء جلس زوجي و أبنائي الى الطاولة أما أنا فانطلقت أبحت عن مسكن للمعدة التي تعاقبني دائما حين أتناول شيئا خارج المنزل,خلدنا بعدها الى النوم بعد أن تابعت في مخيلتي مسلسلي اليومي ساعة الاستيقاظ اعداد الفطور و ارتداء الملابس الأطفال نحو المدرسة و نحن صوب العمل ماذا سنتناول في الغداء متى سأمر بالبقال و ماذا سأشتري ؟؟؟
حل يوم جديد عدت فيه الى طبيعتي غادرني التوتر و رحلت العصبية و انتهى الصمت المريع كان يوم البارحة طويل و صاخب لقد كلفنا كثيرا أكثر من أصحاب الدعوة لقد دفعنا ثمن هذه الدعوة من أعصابنا و راحة نفسيتنا جميعا, نظرت الى زوجي و ابتسمت أعلم أنه يقسم في خاطره أن يرفض مستقبلا مثل هذه الدعوات,نظر الي و قال ليتنا قضينا البارحة في البحر أليس الشاي هناك طعمه ألذ.