شخصيات تحت المجهر :محمد ناصر الدين الألباني - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية mastof
mastof
:: دفاتري فعال ::
تاريخ التسجيل: 19 - 12 - 2007
المشاركات: 512
معدل تقييم المستوى: 254
mastof على طريق التميزmastof على طريق التميزmastof على طريق التميز
mastof غير متواجد حالياً
نشاط [ mastof ]
قوة السمعة:254
قديم 09-05-2009, 11:58 المشاركة 1   
حصري شخصيات تحت المجهر :محمد ناصر الدين الألباني

محمد ناصر الدين الألباني





ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ




إسمه ونسبه :

هو الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني بن نوح نجاتي بن آدم ، والملقب بـ (الألباني) نسبة إلى بلده (ألبانيا) والمكنى : بـ (أبي عبدالرحمن) أكبر أبنائه .

ولادته :

كانت ولادته عام 1332 من الهجرة النبوية ، الموافق 1914م ، في مدينة (أشقودرة) عاصمة ألبانيا في ذلك الوقت .

نشأته :

نشأ العلامة الألباني رحمه الله تعالى في أسرة فقيرة ، بعيدة عن الغنى ، متدينة يغلب عليها الطابع العلمي ، فقد تخرج والده الحاج (نوح نجاتي) الألباني رحمه الله في المعاهد الشرعية في العاصمة العثمانية (الأستانة) والتي تعرف اليوم بإستنبول ، ورجع إلى بلاده لخدمة الدين ، وتعليم الناس ما درسه وتلقاه ،حتى أصبح مرجعاً تتوافد عليه الناس للأخذ منه .
ولما تولى الحكم في ألبانيا الملك (أحمد زوغو) ، وسار بها على سنن جيرانه من أهل الكتاب ، وراح يتعقب خطوات طاغية تركيا (أتاتورك) فألزم النساء بنزع الحجاب ، وتدنت الحال ، وخاف بعض الأسر على دينهم ، فبدأوا بالهجرة ، وقد توجس والـد الشيخ على دينه ، وعلى ذويه خيفة ، بسبب كثرة الفساد ، وإنتشار الفتن،فقرر الهجرة إلى بلاد الشام،وإختار مدينة دمشق التي كان قد تعرف عليها أثناء قدومه للحج وإيابه منـــه فسكنها وإستقر بها .

دراسته وأهم شيوخه :

كان الشيخ محمد رحمه الله حين هاجر والده قد شارف على التاسعة من عمره ، فأدخله والده بعض مدارسها وهي مدرسـة
(جمعية الإسعاف الخيري) ، حتى أتم المرحلة الإبتدائية بتفوق . ولما لم ترق لوالده المدارس النظامية من الناحية الدينية أخـرج
إبنه الصغير منها ، ولم يدعه يكمل دراسته ، ووضع له برنامجاً علمياً مركزاً ، قام خلاله بتعليمه القرآن والتجويد والنحــو
والصرف وفقه المذهب الحنفي .
وقد تلقى الشيخ الألباني على والده القرآن حتى ختمه عليه برواية حفص عن عاصم تجويداً ، ودرسه بعض كتب الصـرف
في العربية ، ودرسه أيضاً في الفقه ، ومن الكتب التي درسها له كتاب ((مختصر القدوري)) في فقه الأحناف . وكان والـد
الشيخ الألباني رحمهما الله جميعاً شديد التعصب للمذهب الحنفي ، وقد حدث الشيخ الألباني رحمه الله مراراً أن أباه لم يكـن راضياً عنه في منهجه الذي يخرج عن المذهب الحنفي ، وقد تتلمذ على يدي والد الشيخ الألباني جماعة من أهل العلم منهـم الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله . وممن درس عليهم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صغره أيضاً : صديق والده الشيـخ محمد سعيد البرهاني ، حيث درس عليه كتاب (مراقي الفلاح) في الفقه الحنفي ، وكتاب (شذور الذهب) في النحو ، وبعض كتب البلاغة المعاصرة . وكان يحضر دروس العلامة محمد بهجة البيطار –عالم الشام- مع بعض أساتذة المجمع بدمشق .


توجهه إلى طلب علم الحديث النبوي رواية ودراية :

وبعد أن تلقى الشيخ رحمه الله تعالى العلم على هؤلاء العلماء الأفاضل ، أكرمه الله تعالى بالتوجه لطلب علم الحديث رواية ودراية
وعدم الاكتفاء بالقليل من ذلك العلم ، وإنما سعى للتبحر فيه ، حتى أصبح مرجعاً لطلبة العلم في هذا العلم الشريف .

وقد حدث الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عن ذلك قائلاً :

"إن نعم الله علي كثيرة ، لا أحصي لها عداً ، ولعل من أهمها اثنتين : هجرة والدي إلى الشام ، ثم تعليمه إياي مهنته في إصلاح الساعات . أما الأولى فقد يسرت لي تعلم العربية ، ولو ظللنا في ألبانيا لما توقعت أن أتعلم منها حرفاً ، ولاسبيل إلى كتاب الله
تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق العربية . وأما الثانية : فقد قيضت لي فراغاً من الوقت ، املأه بطلب العلم
وأتاحت لي فرصة التردد على المكتبة الظاهرية وغيرها ساعات من كل يوم .

ولو أني لزمت صناعة النجارة التي حاولت التدرب عليها أولاً ، لالتهمت وقتي كله ، وبالتالي لسدت بوجهي سبل العلم ، الذي
لابد لطالبه من التفرغ " .

وقد بدأ الشيخ الألباني رحمه الله تعالى طلب علم حديث رسول الله وهو في العشرين من عمره متأثراً بأبحاث مجلة (المنار) المصرية
التي كان يصدرها السيد (محمد رشيد رضا) رحمه الله تعالى .

وقد أشار الشيخ الألباني رحمه الله إلى فضل السيد محمد رشيد رضا رحمه الله ومجلته العلمية السيارة الموسومة بمجلة المنار قائلاً :

" فإذا كان من الحق أن يعترف أهل الفضل بالفضل لذوي الفضل فإنني –بفضل الله عز وجل- بما أنا فيه من الاتجاه إلى السلفية
أولاً ، وإلى تمييز الأحاديث الضعيفة الثانية ، يعود الفضل في ذلك إلى السيد محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى عن طريق أعـداد
مجلة (المنار) التي وقفت عليها في أول اشتغالي بطلب الحديث " .


وقال الشيخ رحمه الله أيضاً :

" أول ما أولعت بمطالعته من الكتب : القصص العربية كالظاهر وعنترة ، والملك سيف ، وما إليها……ثم القصص البوليسية
المترجمة كأرسين لوبين وغيرها ، ثم وجدت نزوعاً إلى القراءات التاريخية . وذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى أحد
الباعة جزءاً من مجلة المنار فاشتريته ، ووقعت فيه على بحث بقلم السيد رشيد يصف فيه كتاب الإحيـاء للغزالي-رحمه الله-
ويشير إلى محاسنه ، ومآخذه ، ولأول مرة أواجه مثل هذا النقد العلمي ، فاجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله ، ثم أمضـي
لأتابع موضوع (الإحياء) في الإحياء نفسه ، وفي الطبعة التي تحتوي على تخريج الحافظ العراقي ، ورأيتني أسعى لاستئجـاره
ولأني لا أملك ثمنه ،ومن ثم أقبلت على قراءة الكتاب، فاستهواني ذلك التخريج الدقيق حتى صممت على نسخه أو تلخيصه
وهكذا جهدت حتى استقامت لي طريقة صالحة تساعد على تثبيت تلك المعلومات .وأحسب أن هذا المجهود الذي بذلتـه في
دراستي تلك هو الذي شجعني وحبب إلي المضي في ذلك الطريق ، إذ وجدتني أستعين بشتى المؤلفات اللغويـة والبلاغيـة
وغريب الحديث لتفهم النص إلى جانب تخريجه " .
وقد قام الشيخ الألباني رحمه الله بنسخ هذا الكتاب ، وهو (المغني عن حمل الأسفار في الأسفار) ورتبه ونسقه ، وهو من أوائل
الأعمال الحديثة التي قام بها وقد بقي مخطوطاً ، ويقع في ثلاثة مجلدات ، وفي أكثر من ألفي صفحة . وكان هذا العمل فاتحـة
خير له ، فقد ازداد إقبالاً على علم الحديث ، حتى إن والده رحمه الله كان ينكر عليه اشتغاله به قائلاً لـه " إن علم الحديث
صنعة المفاليس " .
وقد أجازه مؤرخ حلب ومحدثها الشيخ (محمد راغب الطباخ) رحمه الله بمروياته ، وهي المذكورة في ثبته (الأنوار الجلية في مختصر
الأثبات الحلبية) . وكل ذلك شجع الشيخ رحمه الله تعالى على الانكباب على تعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشغف
كبير ، وهمة عالية ، وعزيمة صادقة ، وبجد ومثابرة قوية ، درايـة وروايـة ، ويسعى لتعليمـه وتبليغـه ، وعلى مدار ثلثي قرن من الزمان ، حتى خرج إماماً في السنة ، إماماً في الحديث .

وفي ذلك قال الشيخ رحمه الله تعالى :

" ومن توفيق الله تعالى وفضله علي أن وجهني منذ أول شبابي إلى تعلم هذه المهنة – أي تصليح الساعات- ذلك لأنها حرة ، لا تتعارض مع جهودي في علم السنة ، فلقد أعطيت لها من وقتي كل يوم ، ما عدا الثلاثاء والجمعة ، ثلاث ساعات فقط ، وهذا القدر مكنني من الحصول على القوت الضروري لي ولعيالي وأطفالي على طريقة الكفاف طبعاً ، فإن من دعائه عليه الصلاة والسلام ((اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)) رواه الشيخان .
وسائر الوقت أصرفه في سبيل طلب العلم والتأليف ، ودراسة كتب الحديث ، وبخاصة المخطوطات منها في المكتبة الظاهرية ، ولذلك فإنني ألازم هذه المكتبة ملازمة موظفيها لها ، ويتراوح ما أقضيه من الوقت فيها ما بين ست ساعات إلى ثماني ساعات يومياً على اختلاف النظام الصيفي والشتوي في الدوام .
وأحياناً كان يبقى فيها اثنتي عشرة ساعة ، لا يفتر عن المطالعة والتعليق والتحقيق إلا أثناء فترات الصلاة ، وكان يتناول طعامه البسيط في كثير من الأحيان فيها ، ولهذا قدرته إدارة المكتبة ، فخصصت له غرفة خاصة به …فكان يدخل قبل الموظفين صباحاً وفي بعض الأحيان كان من عادة الموظفين الانصراف إلى بيوتهم ظهراً ثم لا يعودون ، ولكن الشيخ يبقى في المكتبة ما شاء الله له البقاء ، فربما يصلي العشاء ثم ينصرف ، وإن كل من رآه في المكتبة آنذاك يعرف مدى اجتهاده وحرصه على الاستفادة من وقته "




قال الأستاذ الرحالة المؤرخ ، والنسابة الشهير حمد الجاسر رحمه الله تعالى :

" ولقد عرفت في مدينة دمشق عدداً من أجلة المعنيين بتحقيق التراث … كما عرفت الشيخ ناصر الدين الألباني ، بكثرة ترددي على (دار الكتب الظاهرية) ، إذ كان يعد من أحلاسها ، وقد كتب كثيراً من فهارسها ، ونقب عن نوادر مخطوطاتها ، وفي الوقت نفسه كان يعمل في إصلاح الساعات ، له دكان صغير قرب باب الجامع الأموي " . وكان مما أعانه على تحصيل العلم إضافة إلى المكتبة الظاهرية ، وجود بعض المكتبات التجارية الخاصة ، حيث كان يستعير منها بعض الكتب مثل : مكتبة سليم القصيباتي رحمه الله ، والمكتبة العربية لأحمد عبيد رحمه الله . وكان آخر كتاب عمل فيه الشيخ هو كتاب (تهذيب صحيح الجامع الصغير والاستدراك عليه) ولقد قال لي أول إشتغاله به " إن مرضي أقعدني عن الحركة ، وإنني أكره أن أجلس بدون عمل ، فقد أملى علي مرضي وعجزي هذا المشروع " .
وقد كان بروز العلامة الألباني في ميدان الحديث النبوي عظيماً وكبيراً ، حتى تفرد فيه هذا الزمان ، مما شكره له الخاص والعام ، وخرج فيه بثروة علمية حديثية ضخمة ، لا غنى لعالم أو طالب علم عنها ، ولا أدل على ذلك من موسوعة الأحاديث الفقهية والموسومة بـ ( إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل) ، و (سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها) ، و (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة) وغيرها من تصانيفه .
حتى قال فيه العلامة الكبير عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى " لا أعلم تحت قبة الفلك في هذا العصر أعلم من الشيخ ناصر في علم الحديث !! " . ووصفه بأنه " مجدد هذا العصر في علوم الحديث " ، وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين " بل هو محدث العصر" ووصفه بأنه " ذو علم جم في الحديث دراية ورواية " .
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في حق العلامة الألباني " وهو واسع الإطلاع في الحديث ، قويٌ في نقدها ، والحكم عليها بالصحة والضعف " .
ووصفه العلامة المحدث حماد الأنصاري رحمه الله تعالى بأنه "ذو إطلاع واسع في علم الحديث " . ووصفته مشيخة أهل الحديث في الهند بأنه " أكبر عالم بالأحاديث النبوية في هذا العصر " .

وقال المحدث الفاضل شارح (سنن النسائي) الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي عن الألباني :

" وله اليد الطولى في معرفة الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً ، كما تشهد بذلك كتبه القيمة ، فقل من يدانيه في هذا العصر ، الذي ساد فيه الجهل بهذا العلم الشريف " .



تأثره بشيوخ الإسلام : ابن تيمية ، وابن قيم الجوزية ، ومحمد بن عبدالوهاب ، رحمهم الله تعالى :

لقد تأثر الشيخ رحمه الله تعالى بمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الحافظ بن القيم ، والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى ، الذين كانوا يدعون إليه من تحكيم الكتاب والسنة ، والرجوع إليهما في سائر الأمور ، ومحاربتهم للبدع وأصحاب المذاهب الضالة ، ولهذا نراه يكثر من الاستشهاد بأقوالهم . وعلى الرغم من ذلك التأثر إلا أنه خالفهم في الكثير من المسائل وفقاً لما ترجح لديه من أدلة ، ولم يمنعه محبته لهم وتقديره لعلومهم من أن يجهر بمخالفته لهم ، وتخطئته لأقوالهم وهذا دليل على إستقلالية شخصيته ، وترجيحه ما يستحق الترجيح ، ونقده ما يستحق النقد ، دون أن تأخذه في الجهر بالحق لومة لائم ، أو قرب قريب ، أو عداء خصم . وقد تحدث العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الشريط رقم (880) من أسئلة الهدى والنور ، عن تأثره بهؤلاء الأعلام ومحبته لهم فقال :

" منهجنا قائم على اتباع الكتاب والسنة ، وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ، وأعتقد أن البلاد السعودية إلى الآن لا يزال الكثير من أهل العلم فيها على هذا المنهج ، متأثرين بما تأثرنا به نحن مثلهم ، بدعوة شيخ الإسلام بحق أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى ، ثم تلميذه ابن قيم الجوزية رحمه الله ، ومن سار على منهجهم ، وسلك سبيلهم ، كالشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي كان له الفضل الأول بإحياء دعوة التوحيد في بلاد نجد أولاً ، وبتفصيل دقيق حتى لمسناه في الصغار قبل الكبار هناك .

كما أنه أسس للدعوة : اتباع السنة ، وعدم إيثار أي مذهب من مذاهب أهل السنة الأربعة على الكتاب والسنة ، وكان له الفضل الثالث بعد الشيخين ابن تيمية وابن قيم الجوزية في اعتقادي ، بإحيائه منهج الشيخين في العالم النجدي أولاً ، ثم في العالم الإسلامي ثانياً .
وله الفضل في عصره في نشر هذه الدعوة المباركة ، وقد إلتزمها كثير من العلماء ليس في نجد ثم في الحجاز التي تليها ، بل في سائر العالم الإسلامي في الهند وباكستان وفي بلاد أخرى "

وقال رحمه الله أيضاً :

" ليس غرضي الآن أن أشبع الكلام في توحيد الربوبية والألوهية وما ينافيهما من الشرك والوثنية ، فذلك أمر لا تتسع له هذه المقدمة ، لا سيما وقد قام بذلك خير قيام أئمة التوحيد وشيوخ الإسلام كالإمام ابن تيمية ، وابن قيم الجوزية ، ومحمد بن عبدالوهاب ، والصنعاني ، والشوكاني ، وغيرهم من أولي الألباب "



دعوته إلى السنة وأثرها في العالم الإسلامي :

كان العلامة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ممن سار على المنهج الذي سار عليه السلف الصالح في التزام الكتاب والسنة ، في دعوتهم المباركة إلى الله تعالى . وقد كان ذلك منه وهو في العشرين من عمره ، وحين ظهر له بالحجة والبرهان أن كثيراً من الأشياء التي كان يفعلها تقرباً إلى الله سبحانه ، وكان عليها مشايخه ، وأهل بلده تخالف الكتاب والسنة ، لا سيما في باب العقيدة فبدأ بعد العلم بحكمها بنفسه فهجر هذه الأفعال ، وأقلع عنها ، ولزم السنة ، وأخذ يعمل بها .
وكان والده رحمه الله يعارضه معارضة شديدة ، فبين له الشيخ الألباني رحمه الله أنه لا يجوز لمسلم أن يترك العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ثبت عنه وعمل به بعض الأئمة لقول أحد من الناس كائناً من كان ، ويذكر له أن هذا هو منهج أبي حنيفة ، وغيره من الأئمة الكرام رحمهم الله تعالى ، وهكذا بدأت المناقشات بين الشيخ الألباني رحمه الله وغيره من أهل العلم .

ومما قاله حول هذه المرحلة :


" فلم أزل على خط والدي في هذا الاتجاه حتى هداني الله إلى السنة فأقلعت عن الكثير مما كنت تلقيته عنه ، مما كان يحسبه قربة وعبادة " . وقد بدأ بدعوة أقرب الناس إليه ، فدعاهم إلى الحق الذي علمه ، وعمل به ، وكان على رأسهم والده الحاج نوح نجاتي شيخه الأول ، حتى كان يقول له على إثر كل نقاش :
" أنا لا أنكر أنك عدت إلي ببعض الفوائد العلمية التي لم أكن على بينة منها قبل ذلك ، مثل عدم مشروعية القصد إلى الصلاة عند قبور الصالحين " . ثم انتقل إلى دعوة مشايخه ، وكانت مسألة التوحيد هي المسألة الكبيرة التي تفاصل فيها مع مشايخه ، ومعظم مشايخ بلده ، ومما قاله في ذلك :
" والحق أن هذه المسألة من أوائل الأسباب التي انفصلت بها عن معظم المشايخ ، إذ كانوا فيها على طريقة والدي ، فكان من بواكير ما بدأت به ، مما يشبه البحث العلمي أن تتبعت هذه القضية في بعض المراجع الفقهية والحديثية مما تحتوي مكتبة والدي ، فكتبت بعض الصفحات ذهبت بها إلى كراهة الصلاة تحريماً في تلك المواطن ، وبخاصة المساجد المبنية على قبور الأنبياء والأولياء ، مستدلاً على ذلك بما وقعت عليه من أقوال العلماء في تلك المراجع ، وقدمت رسالتي إلى شيخي البرهاني في الأواخر من أيام رمضان ، فوعدني برد جوابها بعد العيد ، فلما جئته تبسم لي وقال : " لم تصنع شيئاً ، لأن المظان التي نقلت عنها لا تعدو (حاشية ابن عابدين) ، و (مراقي الفلاح) وليست بمصادر للفقه ؟؟ " .

وقد صدمت بهذا الجواب ، وعلمت أن الشيخ لم يستوعب كل ما كتبته إذ كانت نقولي عن (عمدة القاري) و (مرقاة المفاتيح) و (مبارق الأنوار) و (حاشية الطحطاوي) ، وهي من المراجع المعتبرة عند أهل العلم…ولهذا رأيت أن أتابع المسألة في دائرة أوسع ، وهكذا مضيت في البحث والتنقيب حتى استكملت الفكرة بأدلتها من الكتاب والسنة ، وأقوال الأئمة ، فكان من هذا كتابي المعروف باسم : (( تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد )) .



وقد أولى الشيخ الألباني رحمه الله تعالى مسألة التوحيد اهتماماً كبيراً ، وأعطاها من وقته كثيراً ، وبذل في تبيينها جهداً عظيماً ، دعوة وشرحاً ، وتعليقاً وتأليفاً ، وتحقيقاً ومناقشة ، فكان يشرح بعض الكتب فيها ، فشرح كتاب (تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد) للعلامة الأمير الصنعاني ، وشرح كتاب (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) للعلامة عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ، وشرح كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله جميعاً .

وقد قال الرحالة الكبير الشيخ عبد الله بن خميس في كتابه (شهر في دمشق) :

" وهكذا وجدت السلفية في دمشق بين صفوف الجامعة ، وفي حلقات العلماء ، يحملها شباب مثقف مستنير يدرس الطب والحقوق والآداب ، قال لي شاب منهم : ألا تحضر درسنا اليوم ؟ فقلت : يشرفني ذلك ، فذهبت مع الشاب لأجد فضيلة الشيخ ناصر الألباني محدث دمشق الكبير ، وحوله ما يزيد على الأربعين طالباً ، من شباب دمشق المثقف ، وإذا الدرس جار في باب ((حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده طرق الشرك)) من كتاب (التوحيد) وشرحه (فتح المجيد) للمجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب وحفيده –رحمهما الله- فعجبت أشد العجب لهذه المصادفة الغريبة ، وأنصت لأسمع درس الشيخ ، وإذا بي أسمع التحقيق والتدقيق والإفاضة في علم التوحيد ، وقوة التضلع فيه ، ومناقشة الطلبة الهادئة الرزينة ، واستشكالاتهم العميقة حتى انتهى درس التوحيد . وبدؤوا في درس الحديث من كتاب (الروضة الندية) لصديق حسن خان ، وهنا سمعت علماً جماً ، وفقهاً وأصولاً وتحقيقاً ، وهكذا حتى انتهى الدرس ، ولم أزل طيلة مقامي بدمشق ، محافظاً على درس الشيخ ، وقد انتهوا في علم التوحيد من كتاب (فتح المجيد) ، وبدؤوا بكتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وفي كل حين يزداد عددهم ، وتتجدد رغبتهم ، ويكتبون وينشرون ، ومن تتبع مجلة (التمدن الإسلامي) وقف على ما لهذا الشيخ وتلامذته من نشاط وجهود ، ولقد لمست بنفسي لهم تأثيراً كبيراً على كثير من الأوساط ذات التأثير في الرأي العام ، مما يبشر بمستقبل جد كبير لهذه الدعوة المباركة "


جولاته ورحلاته الدعوية :

وقد كان للشيخ الألباني رحمه الله تعالى رحلات شهرية منظمة بدأت أسبوعياً من كل شهر ، ثم استقرت على نحو ثلاثة أيام ، كان يقوم بها إلى المحافظات السورية : إدلب ، وحمص ، وحماه ، وحلب ، والرقة ، واللاذقية . ولقد كان لتلك الجهود والرحلات ثمراتها الطيبة في الدعوة إلى الله عز وجل وإلى التوحيد ونبذ الشرك والخرافة ، مع ما صاحبها من المعارضة من أهل الأهواء ، لكن ذلك لم يثنه عن عزمه ودعوته لمعرفته أنه على الحق .

وفي هذا كله قال الشيخ رحمه الله محدثاً :

" لقد بدأت الاتصال بالمعارف والأصدقاء وأصدقائهم ، وجعلت من الحانوت ندوة نجتمع بها ، ثم رأينا الانتقال إلى دار أحد الأنصار ، ثم إلى واحدة أخرى أكبر ، ومن ثم استأجرنا إحدى الدور لهذه الغاية ، وجعل الحضور يتكاثرون ، حتى ليضيق بهم المكان ، وبلغ النشاط مستوى عالياً في قراءة الحديث وشرحه وأسانيده ، واستمر هذا دأبنا حتى أثمرت مساعي المعارضين لهذا الاتجاه ، فضيق علينا ، ثم ألغيت الاجتماعات ، وانفض السامر ، وها نحن أولاء حتى الآن لم نخلص من هذه المضايقات ، نجتمع حين يكون ذلك ممكناً ، وإذا حيل بيننا وبين الاجتماع انقطعنا إلى التأليف والتحقيق اللذين لا نستطيع الانقطاع عنهما " .

وقال رحمه الله أيضاً :

" كان من آثار هذا الإقبال الطيب الذي لقيته هذه الدعوة أن رتبنا برنامجاً لزيارة بعض مناطق البلاد ما بين حلب واللاذقية إلى دمشق ، وعلى الرغم من قصر الأوقات التي خصصت لكل من المدن ، فقد صادفت هذه الرحلات نجاحاً ملموساً ، إذ جمعت العديد من الراغبين في علوم الحديث على ندوات شبه دورية ، يقرأ فيها من كتب السنة ، وتتوارد الأسئلة ، ويثور النقاش المفيد إلا أن هذا التجوال قد ضاعف من نقمة الآخرين ، فضاعفوا من سعيهم لدى المسؤولين ، فإذا نحن تلقاء مشكلات يتصل بعضها برقاب بعض "


جهود مضادة لدعوة الشيخ :

" وقد جرت له أحداثٌ كثيرة خلال هذه الفترة من جراء دعوته إلى التوحيد والسنة ، من ذلك :

1-أن جماعة من مشايخ بلده نظموا عريضة ضده ، ورفعوها إلى مفتي الشام ، بعد أن جمعوا لها توقيعات الناس ، ومفادها : أنه يقوم بدعوة وهابية تشوش على المسلمين ، فرفعها المفتي بدوره إلى مدير الشرطة ، واستدعي الشيخ على إثرها ، ولكن الله من عليه بلطفه فسلمه من هذا الكيد .
2-استدعاء وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن ليبلغه طلب مفتي إدلب منعه من دخول بلده ، وإبعاده عنها إلى الحسكة .
3-سعي مشايخ الطرق الصوفية للمكر به بالكذب والزور والتحذير والتنفير مما أدى إلى سجنه ستة أشهر في سجن القلعة بدمشق ، وهو السجن الذي سجن فيه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم –رحمهما الله تعالى- بسبب شيوخ الضلال والانحراف ، بالإضافة إلى تحذير طلاب العلم ، وعوام الناس من الاستماع إليه ، ومن مجالسته ، والدعوة إلى هجره ومقاطعته . "
وكان رحمه الله تعالى يعقب على هذه الأحداث بقوله : لقد كان لهذا كله آثار عكسية لما أرادوه ، إذ ضاعفت من تصميمي على العمل في خدمة الدعوة حتى يقضي الله بأمره .
وقد كان لهذه المضاعفة الكثيفة ، والتصميم القوي ، أثر كبير على العالم الإسلامي ، وفائدة عظيمة جداً ، وإن شئت فاسأل عن آثار دعوته إلى الكتاب والسنة النبوية كيف عم الشام والجزيرة ، ولحق بالمغرب ومصر والهند وباكستان ، وتجاوز وتعدى القارات آسيا وإفريقيا وأوروبا واستراليا وأمريكا وهذا من فضل الله عليه وعلى الناس :
1-فصيته لا تكاد تخلو منه أرض ، أو تنفك عنه بلد ، يعرفه العلماء والقضاة وطلاب العلم والدعاة والخطباء والعوام ، ومن العرب والعجم .
2-وكتبه منتشرة مشتهرة في الأقطار يقتنيها العلماء ، وطلاب العلم ، سواء كانوا من السنيين المحبين ، أو المناوئين المخالفين ، بل تجدها حتى عند كثير من العوام .
وهي بحمد الله من أكثر الكتب رواجاً في العالم ، وتتسابق دور النشر في الحصول على حقوق الطبع لها ، لما لها من السمعة والقبول وعظيم الرواج ، وكانت ترسل إليه الرسائل من أرجاء البسيطة طلباً لها ، ومتابعة لآخرها ، ورغبة في إكثارها .
وهي مراجع الألوف من خريجي الجامعات الشرعية ، والمعاهد الدينية ، ومصنفي الكتب ، والدعاة وطلاب العلم والخطباء وغيرهم ، وسواء كانوا من حملة الشهادات أو التي تحتها ، أو أبحاث التخرج ، وغيرها .
وينقل تصحيحاته وأقواله وترجيحاته الكثير من العلماء وطلاب العلم في مصنفاتهم وأبحاثهم ، لما يعلمون ما لها من الثقة عند خواص الناس وعوامهم ، واعترافاً منهم بكفايته العلمية ، ورسوخ قدمه ، بل وتسمعها في الجمع على المنابر ، وفي المحاضرات والندوات ، وأجهزة الإعلام ، وتقرأها في الصحف والمجلات .
3-راسله الكثير من المسلمين سواء كانوا من العلماء أو القضاة أو طلاب العلم أو عامة الناس عبر البريد والهاتف لأجل طلب الفتيا ، أو حل مشكل ، أو إزالة غامض ، أو دفع شبهة ، أو رفع محنة ، أو لأخذ النصيحة ، ونيل المشورة ، وطلب التوجيه ، وكذا الكليات الشرعية ، والمعاهد الدينية ، والجمعيات الخيرية ، المنتشرة في العالم كانت تفعل مثل ذلك .
4-ينقل عنه الكثير من العلماء أمثال : الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، ومحمد بن صالح العثيمين رحمه الله ، وصالح الفوزان ، عبد المحسن العباد البدر ، عبد الله الجبرين ، واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء والدعوة والإرشاد ، وغيرهم الكثير من أهل العلم


دروسه وحلقاته العلمية :

كانت مجالس الشيخ عامرة بالفوائد غزيرة النفع في سائر العلوم ، ولقد قرء على الشيخ كتب كثيرة في دمشق ، إذ كان يعقد درسين كل أسبوع يحضرهما طلبة العلم ، من تلك الكتب :

(زاد المعاد) لابن القيم رحمه الله ، و (نخبة الفكر) للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله ، و (الروضة الندية شرح الدرر البهية) لصديق حسن خان رحمه الله ، و (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) للشيخ عبد الرحمن ابن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله ، و (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث) للعلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله ، و (طبقات فحول الشعراء) لابن سلام الجمحي رحمه الله ، و (أصول الفقه) لعبد الوهاب خلاف رحمه الله ، و (تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد) للصنعاني رحمه الله و (الترغيب والترهيب) للبخاري رحمه الله ، و (منهج الإسلام في الحكم) لمحمد أسد ، و (مصطلح التاريخ) لأسد رستم ، و (فقه السنة) لسيد سابق رحمه الله ، و (رياض الصالحين) للنووي رحمه الله ، و (الإلمام في أحاديث الأحكام) لابن دقيق العيد رحمه الله .

وقد حضر هذه الدروس عدد كبير من أهل العلم والأساتذة و المثقفين والطلاب ، وكان لها أثرها الكبير في الدعوة إلى الله عز وجل ، ولقد كانت بداية هذه الدروس قبل عام 1954م .

وكان يلقي المحاضرات والدروس في داره ، ودور تلاميذه وأصدقائه ، ومن أفضل دروسه التي ألقاها درسه الذي كان عن (التوسل : أنواعه و أحكامه) في داره في مخيم اليرموك بمدينة دمشق ، والذي خرج في كتاب يحمل هذا الاسم ، ويعد من أنفس ما كتب في باب التوسل .


وظائفه ورحلاته وجهوده العلمية :

تنقل الشيخ في حياته ورحل ، فاشتغل بالتدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عند تأسيسها من عام 1381هـ – 1383هـ ، كان خلالها مثالاً يقتدى به في الجد والإخلاص والتواضع ، وحسن الخلق .
وبعد ذلك رجع إلى دمشق أشد همة ، وأمضى عزيمة ، إلى مكانه المخصص له في المكتبة الظاهرية ، وأكب على الدراسة والتأليف وفرغ له كل وقته ، وترك محل إصلاح الساعات لأحد إخوانه ، ثم لابنه بعد وفاة أخيه رحمه الله .
وكان الشيخ رحمه الله يحضر ندوات العلامة الشيخ محمد بهجة البيطار رحمه الله مع بعض أساتذة مجمع اللغة العربية بدمشق ، منهم الأستاذ عز الدين التنوخي رحمه الله ، إذ كانوا يقرؤون (الحماسة) لأبي تمام .
وقد اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ، ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955م .
كما اختير عضواً في لجنة الحديث ، التي شكلت في عهد الوحدة بين سوريا ومصر ، للإشراف على نشر كتب السنة المطهرة .
كما طلبت منه الجامعة السلفية في بنارس بالهند أن يتولى مشيخة الحديث ، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل والأولاد بسبب الحرب بين الهند وباكستان آنذاك .
كما طلب منه وزير المعارف في المملكة العربية السعودية الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ عام 1383هـ أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة أم القرى بمكة ، وقد حالت ظروفه دون تحقيق ذلك .
وكما اختير عضواً للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395هـ – 1398هـ .
وقد زار الشيخ رحمه الله إسبانيا بدعوة من اتحاد الطلبة المسلمين هناك ، حيث ألقى محاضرة هامة طبعت فيما بعد بعنوان (الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام) ، كما زار إنجلترا ، وقطر ، حيث ألقى محاضرة هناك بعنوان (منزلة السنة في الإسلام) ، والكويت ، والإمارات العربية المتحدة ، وعدداً من الدول الأوروبية .

كما انتدب من قبل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله للدعوة إلى التوحيد والاعتصام بالكتاب والسنة والمنهج الإسلامي الحق في مصر والمغرب وبريطانيا .

كما دعي إلى عدة مؤتمرات ، حضر بعضها ، واعتذر عن كثير منها بسبب أشغاله العلمية الكثيرة .

واستقر به المقام في عمان إذ هاجر إليها في أول شهر رمضان سنة 1400هـ ، فبنى بيتاً في حي هملان بماركا الجنوبية ، ونشط للدعوة وتربية النشء على منهج السلف .


مكانته العلمية وثناء العلماء عليه :

1- قال الإمام الكبير والعلامة الشهير فقيه الأمة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى في حق أخيه العلامة الألباني :
" وهو صاحب سنة ، ونصرة للحق ، ومصادمة لأهل الباطل " .

2- وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى في حق العلامة الألباني :

أ - " الشيخ الألباني معروف أنه من أهل السنة والجماعة ، ومن أنصار السنة ، ومن دعاة السنة ، ومن المجاهدين في سبيل حفظ السنة " .

ب - " الشيخ معروف لدينا بحسن العقيدة ، والسيرة ، ومواصلة الدعوة إلى الله سبحانه ، مع ما يبذله من جهود مشكورة في العناية بالحديث الشريف ، وبيان الصحيح من الضعيف من الموضوع ، وما كتبه في ذلك من الكتابات الواسعة كله عمل مشكور ، ونافع للمسلمين . نسأل الله أن يضاعف مثوبته ، ويعينه على مواصلة السير في هذا السبيل ، وأن يكلل جهوده بالتوفيق والنجاح "

جـ- " والشيخ الألباني وفقه الله معروف لدينا بحسن العقيدة والسيرة ، وتأييد مذهب السلف الصالح واعتناقه له " .

د- " من إخواننا الثقات المعروفين ، من إخواننا الطيبين ، صاحبنا وأخونا العلامة الشيخ محمد ناصر الدين وهو من المجددين " .

هـ- " لا أعلم تحت قبة الفلك في هذا العصر أعلم من الشيخ ناصر في علم الحديث " .

3- وقال الشيخ العلامة المحقق الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حق العلامة الألباني :

أ - " فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل ، أنه حريص جداً على العمل بالسنة ، ومحاربة البدعة ، سواء كانت في العقيدة أو في العمل " .

ب - " أما من خلال قراءاتي في مؤلفاته ، فقد عرفت عنه ذلك ، وأنه ذو علم جم في الحديث رواية ودراية ، وأن الله قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس من حيث العلم ، ومن حيث المنهاج ، والاتجاه في علم الحديث ، وهذه ثمرة كبيرة للمسلمين ولله الحمد " .

جـ- " أما من ناحية التحقيقات العلمية فناهيك به " .

د- " ووصفه بأنه ((طويل الباع ، واسع الاطلاع ، قوي الإقناع)) " .

هـ- ورأى ذات مرة شريطاً كتب عليه : " لمحدث الشام محمد ناصر الدين الألباني " فقال : " بل محدث العصر ".


4- وقال العلامة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة بأنه " نصر السنة في هذا العصر " وأثنى عليه وعلى علمه .
5- ووصفه بالوصف نفسه الشيخ الفقيه صالح بن فوزان الفوزان .
6- وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية :

أ- " أما كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" فمؤلفه واسع الاطلاع في الحديث ، قوي في نقده ، والحكم عليه بالصحة والضعف ، وقد يخطئ " .

ب- ووصفوه بـ " أخينا العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني " ووقع على ذلك كل من : الشيخ ابن باز ، والشيخ عبد الرزاق عفيفي ، والشيخ عبد الله الغديان ، والشيخ عبد الله القعود " .

7- ووصفه الشيخ العلامة المحدث حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى ، بأنه " ذو اطلاع واسع في علم الحديث " .
8- وقال الشيخ المحدث عبد المحسن العباد البدر المدرس في المسجد النبوي سلمه الله :

أ- " والألباني عالم جليل خدم السنة ، وعقيدته طيبة ، والطعن فيه لا يجوز ، ثم ذكر كلام الإمام الطحاوي في عقيدته : " وعلماء السلف من السابقين ، ومن بعدهم من التابعين أهل الخبر والأثر ، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ، ومن ذكرهم بسوء فهم على غير السبيل " .

ب- إنه فقيد الجميع العالم الكبير الشهير العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله وغفر له ، وله جهود عظيمة في خدمة السنة وفي العناية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبيان مصادر تلك الأحاديث والكتب التي ذكرتها ، وبيان درجتها من الصحة والضعف ، خدمته للسنة مشهورة ، ودافع عن عقيدة السلف ومنهج السلف دفاعاً عظيماً ، ولا يستغني طلبة العلم عن الرجوع إلى كتبه ومؤلفاته ، فإن فيها الخير الكثير ، وفيها العلم الغزير ، ومؤلفاته مشهورة عظيمة ، ولا تخلو المكتبات غالباً من كتبه ، أو من وجود شيء منها ، وله عناية بالبحث والكتابة والرجوع إلى كلام العلماء والاستفادة منهم ، وإن ذهاب مثل هذا العالم هو في الحقيقة نقص كبير على المسلمين ، ومصيبة وثلمة في الدين .

جـ- " وإن هذين العلمين-أي ابن باز والألباني- من العلماء الكبار الجهابذة المحققين ، الذين لهم العناية الفائقة ، والهمة العالية ، وكل منهما له جهود عظيمة في العقيدة ، وقد حصل على أيديهما الخير الكثير ، وحصل بسببهما النفع العظيم للإسلام والمسلمين ، فجزاهما الله أحسن الجزاء ، وغفر لهما ، وتجاوز عن سيئاتهما " .

د- " فإنه بحق من العلماء الأفذاذ الذين كانوا في هذا العصر ، والذين لهم جهود في خدمة سنة المصطفى " .


9- قال الشيخ العلامة ناصر السنة حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله تعالى : " الألباني الآن علمٌ على السنة ، الطعن فيه إعانةٌ على الطعن في السنة " .

10- وقال الشيخ العلامة أحمد بن يحي النجمي حفظه الله : " الشيخ محمد ناصر الدين الألباني المحدث الكبير والعالم الشهير ، صاحب التآليف النافعة والتخريجات المفيدة ، سوري الموطن سلفي العقيدة ، بذل جهداً في التخريج لا يوازيه فيه أحد فجزاه الله خيراً " .

11- وقال الشيخ الفاضل صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله :
أ- " لا شك أن فقد العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني مصيبة ، لأنه علم من أعلام الأمة ، ومحدث من محدثيهم ، وبهم حفظ الله جل وعلا هذا الدين ونشر الله بهم السنة " .
ب- " إن للفقيد مآثر في نصرة العقيدة السلفية ، ومنهج أهل الحديث ، وله مؤلفات عظيمة عديدة في خدمة الحديث ، وتمييز الحديث الصحيح من الضعيف ، وأثره في العالم الإسلامي كبير ، ويعد من علماء الأمة بمآثره الجليلة العظيمة " .

12- وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام المدرس بالمسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء : " اليوم هو من أئمة هذا الزمان ، بذل نفسه وجهده وماله لخدمة السنة " .

13- وقال الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع رئيس محكمة تمييز مكة ، وعضو هيئة كبار العلماء : " لقد فجع معشر المسلمين بفقد عالم كبير من السلفيين ، الذي كان له باع طويل في محاربة البدع والضلالات ، والرد على أصحابها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، هذا فضلاً عما لفضيلته من تحقيقات صائبة في سبيل تمحيص السنة والتبصير بصحيحها من سقيمها " .

قال العلامة المحدث الفقيه الأصولي محمد بن علي بن آدم الأثيوبي حفظه الله : " …وكذا كتب العلامة ناصر الدين الألباني فإنها ممتعة جداً ، لأن له اليد الطولى في معرفة الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً كما تشهد بذلك كتبه القيمة ، فقل من يدانيه في هذا العصر ، الذي ساد فيه الجهل بهذا العلم الشريف " .

وقال الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض حفظه الله : " الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من الأعلام البارزين في هذا العصر " .

وقال فيه الشيخ المحقق البحاثة محب الدين الخطيب رحمه الله : " من دعاة السنة ، الذين وقفوا حياتهم على العمل لإحيائها " .

وأرسل له العلامة المحدث عبد الصمد شرف الدين شيخ أهل الحديث في الهند رحمه الله تعالى رسالة هذا نصها : " …هذا وقد وصل إلى الشيخ عبد الله الرحماني شيخ الجامعة الإسلامية –يعني الجامعة السلفية ببنارس- استفسار من دار الإفتاء بالرياض من المملكة العربية السعودية عن حديث غريب في لفظه ، عجيب في معناه ، له صلة قريبة بزمننا هذا ، فاتفق رأي من حضر على مراجعة أكبر عالم بالأحاديث النبوية في هذا العصر ألا وهو الشيخ الألباني العالم الرباني " .

وقال الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حفظه الله :

" العلامة المحدث الكبير..أعظم محدث في هذا العصر..وقف حياته على خدمة السنة المطهرة تعليماً وتأليفاً وتخريجاً وتحقيقاً " .



قال الشيخ العلامة الأديب علي الطنطاوي رحمه الله :

"الشيخ ناصر أعلم مني بعلوم الحديث ، وأنا أحترمه لجده ونشاطه وكثرة تصانيفه ، التي يطبعها له أخي وولدي النابغة زهير الشاويش . وأنا أرجع إلى الشيخ ناصر في مسائل الحديث ولا أستنكف أن أسأله عنها ، معترفاً بفضله ، وأنكر عليه إذا تفقه فخالف ما عليه الجمهور ، لأنه ليس بفقيه " .

وقال الشيخ العلامة الفقيه مصطفى الزرقا رحمه الله :

"صديقي الأستاذ ناصر الدين الألباني المحدث المعروف بدمشق " .

وقال العلامة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :

" الأستاذ المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ……وللرجل من رسوخ قدمه في السنة ما يعطيه هذا الحق….." .

وقال الأستاذ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله :

" محدث بلاد الشام ناصر الدين الألباني" .
" العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني " .

وقال الدكتور الفقيه عبد الكريم زيدان :

" محدث العصر الأستاذ محمد ناصر الدين الألباني……" .

وفي عام 1419هـ/1999م منح الشيخ جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية ، وذلك تقديراً لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تحقيقاً وتخريجاً ودراسة .


تـلامـيـذه :-

تخرج على يديه وعلى كتبه عالم كثير ، وأثر في مناهج طلبة العلم ، وصار المعول عليه عندهم ، وسموا أنفسهم بالتلاميذ ، وإن لم يدرسوا على يديه ، بل اكتفى بعضهم بالدرس والدرسين ، أو الفتوى أو اللقاء ، ونحو ذلك مكتفين باسم التلمذة لذاك التأثر من كتبه ومؤلفاته وتحقيقاته .
يقول الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حفظه الله : " ثم ظهر في كل قطر من يسير على طريقة الألباني ، وكان بعضهم أهلاً لسلوك هذا الطريق ، وكثير منهم لم يكن كذلك ، بل تسرع وتعجل قبل أن يستكمل الآلة .
وقد ضاق الشيخ الألباني رحمه الله بهؤلاء الأخيرين ، وكان يشكو منهم مر الشكوى ، وقد رد على بعضهم في بعض كتاباته .

ومهما يكن من أمر فإن إساءة بعض طلبة العلم استخدام المنهج الصحيح لا تدخل الضيم على المنهج ، بل يكون النقد موجهاً لهؤلاء المسيئين " .

وألف الكثير من تلامذته على المنهج نفسه ، نذكر منهم على سبيل المثال : الشيخ محمد نسيب الرفاعي رحمه الله ، والشيخ محمد زهير الشاويش (الذي آزر الشيخ وكان له الفضل الكبير بعد الله في نشر علمه) ، والشيخ محمد إبراهيم شقرة ، والشيخ محمد عيد عباسي ، والشيخ علي الخشان ، والشيخ علي حسن الحلبي ، والشيخ سليم الهلالي ، والشيخ مقبل الوادعي ، والأستاذ محمود مهدي الإستانبولي ، وخير الدين وائلي ، وأبو إ**** الحويني ، وحمدي عبد المجيد السلفي ، والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق ، والدكتور عمر الأشقر ، وآخرين .

وممن استفاد منه : الأستاذ محمد المجذوب الطرطوسي ، والدكتور رضا نعسان معطي الحموي-صهره- ، والشيخ عبد القادر أرناؤوط ، والشيخ شعيب أرناؤوط ، والأستاذ عبد الرحمن الباني ، والداعية الأستاذ عصام العطار .


تـواضـعـه ورجـوعـه إلـى الـحـق :

من أعظم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم ، وترفع من قدره عند الله تعالى ، وعند خلقه ، صفة التواضع لله تعالى بقبول الحق ، والرجوع إليه ، والتزامه ، والابتعاد عن الخطأ ، والإفاقة منه ، وتبيينه ، ولا سيما إن وجد من يتابعه عليه ، ويتخذه حجة عنده ، وسواء كان هذا التبيين على هيئة رد علني ، أو مكاتبة خفية ، وسواء كان من قريب أو بعيد ، مخالف أو موافق ، محب أو مبغض ، ومن هو دونه أو مثله أو فوقه ، والحق ضالة المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أنى وجده التقطه .
وقد ضرب الألباني رحمه الله تعالى أمثلة رائعة لطلابه وإخوانه ومحبيه وعموم المسلمين في التمسك بالحق بدليله ، والرجوع عن الخطأ إذا تبين له ، ولو كان هذا التبيين ممن هو دونه في العلم بمراحل ، أو من تلاميذه ، أو من يخالفه في العقيدة والمنهج ، أو غير ذلك كأن يكون رداً عليه من عالم أو طالب علم ، بل ويستدرك على نفسه بنفسه ، ويعلن ذلك في كتبه وأشرطته ، دون أي غضاضة أو تحرج .

ومن ذلك :

1- ما قاله في مقدمته لشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي الصفحة 29 : قلت (ك) : " ثم تبين لي أنني وهمت في توهيم المؤلف رحمه الله تعالى ، والفضل في هذا الاستدراك يعود إلى أحد المصححين في المكتب الإسلامي فجزاه الله خيراً " .

2- قال عن حديث رقم (848) من كتاب السنة لابن أبي عاصم : " رواه الطبراني بسند ضعيف فراجع مجمع الزوائد : 1/333 دلني عليه عبد الله الدويش رحمه الله وجزاه خيراً " .

3- وفي موضع آخر عند حديث (1238) قال : " ثم استدركت فقلت : الصواب أبو مكين ، كذلك وقع في علل الدار قطني كما أفادنيه الدكتور محفوظ الرحمن في كتاب أرسله الأخ حسين العوايشة من دبي مؤرخاً في 23/10/1404هـ ، جزاه الله خيراً " .

4- وقال عن حديث رقم (5219) من صحيح الجامع : وقد وقع مني فيه خطأ ، وهو حذف…وكانت زلة مني أسأل الله أن يغفرها لي…وعليه فليصحح لفظ صحيح الجامع بإعادة الجملة المحذوفة .

وكذلك ملحق الاستدراكات في نهاية كل مجلد من سلسلة الأحاديث الصحيحة ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ومقدمات الطبعات الجديدة من كتبه .
ومن أعظم ما يدل على رجوعه إلى الحق ، وتمسكه به : مخالفته لما عليه والده ومشايخه وأهل بلده ، من الاعتقادات والعبادات المخالفة للكتاب والسنة لما تبين له الحق وعرفه .

صبره وجلده على دراسة العلم وتصنيفه :

لقد ذكرنا في الحلقات السابقة من مواقفه التي تدل على جلده في تحصيل العلم وتصنيفه ما يثير العجب ، وذلك من خلال مكوثه الساعات الطوال في المكتبة الظاهرية ، وأذكر هنا بعض النماذج والأمثلة التي تدل على ذلك :

ما حدث به الدكتور محمود الميرة حفظه الله بأن الشيخ ناصراً صعد على السلم في المكتبة الظاهرية ليأخذ كتاباً مخطوطاً ، فتناول الكتاب وفتحه ، فبقي واقفاً على السلم يقرأ في الكتاب لمدة تزيد على ست ساعات !!
وقد بدأ رحمه الله من مجلة (المنار) للسيد محمد رشيد رضا رحمه الله عندما اطلع فيها على أن الأحاديث حتى تقبل ويعمل بها وتصلح للوعظ والإرشاد ، يجب أن تكون نسبتها صحيحة واصلة للنبي صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل ، بعيدة عن العلل والشذوذ .
ومنذ ذلك اليوم وحتى وفاته لم يقف ساعة عن العمل الذي اختص به من تصحيح وتصنيف كل حديث يمر به ، وما أجله أو توقف عنده ، كان يعود إليه مرات ومرات ، وكان من نتيجة ذلك هذا الكم الهائل من صحاح الأحاديث وضعافها ، وتنقية السنة من كل دخيل ومكذوب .


وقد بلغ الذروة في الصبر والتحمل حينما صام أربعين يوماً متواليات ، ليلاً ونهاراً عن كل شيء إلا الماء ، تطبباً وطلباً للشفاء من بعض الأمراض التي كان يعاني منها ، بعد أن قرأ كتاباً لأحد الأطباء يشرح فيه كثيراً من الأمراض يشفى منها بالصوم ، فكان رحمه الله تعالى يواظب خلال هذه المدة على عمله ودروسه وتأليفه ، ويمارس كل النشاط الذي كان يقوم به في الأيام العادية ، بما في ذلك الأسفار وإلقاء الدروس والمحاضرات ، وإن هذا لعمر الله قمة في مضاء العزيمة ، والصبر على المكاره ، وعجيبة من عجائب الدهر .

وما جاء عنه أنه لم يفتر عن الجلوس وراء مكتبه للتأليف والتخريج حيث كان يأتي بالكتب إليه بعض أبنائه وأحفاده إلى آخر خمسين يوماً في عمره الميمون رحمه الله ، وذلك لما وهن بدنه ، ونحل جسمه ، وضعفت قوته .

وما ذكره ابنه الفاضل عبد اللطيف بن محمد بن ناصر الدين الألباني :

أن الشيخ رحمه الله طلب منه قبل ثمانٍ وأربعين ساعة من وفاته إحضار كتابه (صحيح سنن أبي داود) لينظر فيه شيئاً وقع في قلبه ، وورد على خاطره .
وما جاء عنه في الوقت الذي ضعفت يده عن كتابة ما يطول كتابته ، كان يملي على بعض أبنائه وحفدته ما يخرجه من أحاديث ، وبخاصة في سلسلة الأحاديث الضعيفة ثم يكتبون عنه .

عطاؤه وبذله وإحسانه إلى الناس :

كتب الأخ الفاضل محمد الخطيب الذي عمل في بيت الشيخ رحمه الله ست سنوات هذا الكلام :

وقد كان الشيخ رحيماً رؤوفاً فقال لي مرة : يا محمد أنت لا تملك سيارة ، وأولادك لا بد أنهم بحاجة إلى استجمام ، فهيىء نفسك في أي يوم تريد حتى نذهب سوياً في نزهة ترفه بها عن أولادك ، وفعلاً بعد يومين رتبنا أمرنا وخرجنا بصحبة الشيخ وزوجته إلى بعض الأحراش خارج عمان ، وقد أحضرنا طعاماً وفاكهة منوعة ، وسر أولادي أي سرور .

وكنت مرة أعمل للشيخ على سطح بيته وأصلح بعض الأمور ، فحملت قضيباً طويلاً أرفعه من مكان لآخر ، فغلبني القضيب وأنا في أعلى السطح فكدت لولا فضل الله أن أهوي من أعلى السطح ، فعلم الشيخ بالخبر ، فحمد الله على سلامتي ، وسارع ساجداً لله سجدة شكر ، وذرفت عيناه بالبكاء ، وأخرج من جيبه مائة دينار أعطاني إياها .

وكان ورعاً حيث حصل أن توسط مرة لشخص تعرف عليه في إحدى الشركات ، بعد أيام طرق الرجل باب الشيخ محضراً تنكة زيتون ، فقال لي :

هذه هدية للشيخ ، وكان الشيخ نائماً ، فلما استيقظ أخبرته ، فقال : لا يحل لنا أكلها ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شفع شفاعة ، وأهدي له هدية فقبلها ، فقد أتى باباً من الربا " وأعطيناها للفقراء .

وكم كنت أستحث الشيخ لبناء مسجد أو إعطاء فقير أو أرملة أو رجل مريض وعلاجه بإبر تكلفة الواحدة منها عشرون ديناراً ، يحتاج إلى (15) إبرة ، فطلب مني الشيخ الذهاب لبيته والتأكد من صحة ما قال ، فلما علمنا صدقه أعطاني الشيخ المال ، واشترينا له الإبر .

يقول الأخ الفاضل محمد الخطيب الذي عمل في بيت الشيخ رحمه الله ست سنوات ((تابع)) :

" ولما نويت أن أبني احتجت للمال ، فطرقت كثيراً من الأبواب ، ولم أحصل على شيء ، فتذكرت رجلاً ثرياً يعرفه الشيخ ، فقلت لزوجة الشيخ :
لعلك تقولين للشيخ أن يتوسط لي عند فلان حتى يقرضني ، وفي اليوم التالي ، وكنت أجلس على مكتبي قال لي : يا محمد أنت تريد أن أتوسط لك عند فلان كي يقرضك ؟ فقلت : نعم ، قال : أنا أولى بك منه أنا أعطيك ما تريد ، فبكيت وقلت : يا شيخنا جزاك الله خيراً . ولكن –والله- لم يكن ببالي أن أحصل على طلبي من الشيخ لترفعي عن النظر لما عند الشيخ ، فلما أعطاني المال قال : هذه هدية ألف دينار غير محسوبة ، فبكيت مرة أخرى ، فجزاه الله خيراً كثيراً رحمه الله تعالى .

وقصة أخرى حصلت قريباً والشيخ في المستشفى : جاءته امرأة تشكو له وقوعها في براثن البنوك ، حيث إنها وزوجها اقترضا من أحد البنوك مبلغ تسعة آلاف دينار ، وتضاعف عليها المبلغ من الربا بعد وفاة زوجها ، فجاءت تستنجد بالشيخ للخلاص من ذلك ، فطلب مني الشيخ كالعادة التحري في ذلك ، وبعد التحري والتأكد من صدق المرأة وافق الشيخ على أن يقرضها مبلغ سبعة آلاف دينار ، فحضرت المرأة وحضر معها أولادها فقال الشيخ : هذه ألف دينار هدية ، وهذا المبلغ المطلوب ، ففرحت المرأة وفرح أولادها ودعوا للشيخ ، ودعوت أنا ، بأن يجزي الله الشيخ خيراً ، فنظر الشيخ إلينا وقال : يا إخوان ! والله إنني أتمنى أن أصبح مليونيراً ، حتى أخرج الألوف من أمثال هذه المرأة من قيود الربا .



يقول الأخ الفاضل محمد الخطيب الذي عمل في بيت الشيخ رحمه الله ست سنوات ((تابع)) :

" وكانت زوجتي على وشك الولادة ، فكان الشيخ دائم السؤال عنها ، وقبل يوم من الولادة –حينما أردت الانصراف من المكتبة- قال لي الشيخ : خذ سيارة أم الفضل لعلك تحتاجها في منتصف الليل ، وبقيت السيارة عندي يومين ، وفعلاً جاءت الولادة في منتصف الليل ، وخرجت من بيتي لا أعرف أين أذهب ، وبعد بحث لم أجد قابلة ، فتذكرت أن زوجة الشيخ عندها خبرة بالولادة ، فتوجهت نحو بيت الشيخ وأنا متردد خشية أن أزعج الشيخ في هذا الوقت المتأخر ، فطرقت الباب ، فرد علي الشيخ وقدمت اعتذاراً شديداً وأعلمته حاجتي ، فرد علي بلهجة المداعب : لماذا لم تصنع مثل شيخك ؟ فقد قمت بتوليد زوجتي بنفسي ، ثم أردف قائلاً : لحظات وأوقظ لك أم الفضل ، وذهبت معي ، ورزقنا بولدي عبد الله .

أما سيارة الشيخ فكانت جمل محامل للإخوة ، فكان يحمل بها الإخوة ، وينقلهم من مكان لآخر ، ويقول لي : يا محمد كان يقول لي والدي رحمه الله لكل شيء زكاة ، وزكاة السيارة : حمل الناس بها .

وكان يقول : ((إتمام المعروف خير من البدء به )) وهي حكمة تعلمناها من الشيخ ، وأنعم بها من حكمة ، فكان يقوم على قضاء حوائج إخوانه ، فيكتفي الأخ بشيء من خدمة الشيخ ، فيفرح الشيخ ، ويصر على أن يتمم له ذلك ، ويبادر الأخ بقوله : إتمام المعروف خير من البدء به .

فكم والله استفدنا من هذه الحكمة في معاملة إخواننا !


بـعـض مـؤلفات الـشيخ:-

آداب الزفاف في السنة المطهرة
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
أحكام الجنائز
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
التوسل أحكامه وأنواعه
حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه
جلباب المرأة المسلمة
الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد ((ألفه بطلب من الشيخ ابن باز رحمه الله))
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة
صحيح الترغيب والترهيب
ضعيف الترغيب والترهيب
صحيح الجامع الصغير وزياداته
ضعيف الجامع الصغير وزياداته
صحيح السنن الأربعة وضعيفها
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
غاية المرام في تخريج الحلال والحرام
فهرس مخطوطات الظاهرية في علم الحديث
قيام رمضان
مختصر صحيح البخاري
صحيح السيرة النبوية ، وقد طبع بعد وفاته ولم يكمله الشيخ
تخريج كتاب رياض الصالحين للإمام النووي
الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب ، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب ، ولم يقنع بقولهم إنه سنة ومستحب
حكم تارك الصلاة
رجال الجرح والتعديل












جرب ولا تخف فالذين صنعوا سفينة نوح كانوا من الهواة،اما المحترفون فهم من صتعوا التيتانيك.

تابع جديد التصاميم والبرامج التعليمية والدورات التكوينية مباشرة
آخر مواضيعي

0 شرح تصميم موقع مدرسي تفاعلي بواسطة المدياتور
0 الكراسة الأولى لمرشدي في تعلم الحاسوب للأطفال
0 المدياتور الدرس6: المتغيرات
0 دورة كاملة في برنامج المدياتور لتصميم موارد رقمية
0 حول صورك إلى أشكال روووعة بدون برامج الجزء الثاني
0 حول صورك الى مكعب دون برامج
0 الدرس الرابع:استخراج الصور والأصوات من البوربونت
0 الدرس الثالث:شرح ادراج الفلاش في البوربونت
0 الدرس الثاني:أصوات وحروف باستعمال البوربونت
0 كل صور القرآن الكريم للتصميم والتعليم


smile
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية smile

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2008
المشاركات: 63

smile غير متواجد حالياً

نشاط [ smile ]
معدل تقييم المستوى: 207
افتراضي
قديم 10-05-2009, 10:28 المشاركة 2   

رحم الله الامام والعلامة الكبير محمد ناصرالدين الالباني رحمة واسعة وجزاه الله عنا كل خير

جزاكم الله خيرا اخي الكريم

mastof

وبوركتم


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لايعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون

التعديل الأخير تم بواسطة smile ; 10-05-2009 الساعة 10:35

فيصل أبو أسامة
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية فيصل أبو أسامة

تاريخ التسجيل: 13 - 10 - 2008
المشاركات: 389

فيصل أبو أسامة غير متواجد حالياً

نشاط [ فيصل أبو أسامة ]
معدل تقييم المستوى: 229
افتراضي
قديم 10-05-2009, 10:35 المشاركة 3   

رحم الله شيخنا الألباني وجزاه الله خير الجزاء

وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويَبقَى الدَّهرَ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ



slimani1
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية slimani1

تاريخ التسجيل: 10 - 9 - 2008
المشاركات: 57

slimani1 غير متواجد حالياً

نشاط [ slimani1 ]
معدل تقييم المستوى: 197
افتراضي
قديم 10-05-2009, 16:30 المشاركة 4   

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رحم الله شيخنا الألباني وجزاه الله خير الجزاء، والله انا اتعجب عندما اقرأ و استمع لبعض من ينتسبون الى (العلم) وهم يسخرون من الشيخ الالباني ويضعوا من قدره، ولهم اقول : مثلكم كالذي يريد ان يحجب السماء بالغبار , فالزمان سيريكم من هو الشيخ الالباني ، وانا لا اقول هذا الكلام تعصبا للشيخ ، وانما هذا هو مذهبي تجاه كل من سولت له نفسه ات يطعن في العلماء .
واخيرا اقول للاخ mastof جزاك الله خيرا واتمنى ان تتحفنا بالمزيد عن باقي المشايخ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
محمد, الألباني, المجهر, الدين, بحث, شخصيات, ناشر

« اقرؤه كاملا ومن لم يحس بشيء عليه أن يراجع نفسه | أمحي ذنوبك في خلال دقيقتين »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شخصيات تحت المجهر mastof دفاتر المواضيع الإسلامية 0 09-05-2009 12:21
شخصيات تحت المجهر :علي الطنطاوي mastof دفاتر المواضيع الإسلامية 0 09-05-2009 12:07
شخصيات تحت المجهر :طارق محمد الصالح السويدان mastof دفاتر المواضيع الإسلامية 0 09-05-2009 12:05
شخصيات تحت المجهر :محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف mastof دفاتر المواضيع الإسلامية 0 09-05-2009 11:55


الساعة الآن 23:42


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة