هذه قطرة من فيض معناتي بدوار اكوزوضن بمجموعة اغي بجبال الاطلس.
وصلنا لاغي أنا وصديقتي على الساعة الرابعة بعد الزوال بعد 11 ساعة في الطرقات.
توجهنا لدى صاحب الدكان او بالأحرى صاحب الباركينغ الذي عادة ما يستوقف الزبناء من دوار اكوزوضن بغالهم بجوار دكانه أثناء تبضعهم او زيارة أقاربهم ب اغي.سألناه إن كان هناك شخص من الدوار المذكور هنا قال لا.أصبنا بخيبة أمل فكيف لنا أن نوصل مؤونتنا الى الفرعية بدون بغل.ابتعدنا عن الدكان ووقفنا نندب حظنا العاثر.فجأة صرخت صديقتي مول الطاقية الخضراء من الدوار ركضنا نحوه مسرعتين كمن لمح بئرا في صحراء.
ابتسم مستهزئا قائلا مالكم
اجبنا بغينا عفاك طلع لينا التقدية للفرعية.
اجاب بلهجة حازمة 90درهم اغير التقدية وحدها نتوما متركبوش.
انهمرت دموعنا مستغربة رغم مغالبتنا لها.
قلنا ياك نتا طالع طالع للدوار لاش 90درهم كاملة.
اجاب لي عندي كلتو.
لم يكن امامنا من خيار سوى القبول.
تقدمنا ببغله وتبعنا مساره.الطريق صعبة وليس لديها ملامح كنا نستعين في تذكرها بحجر كبير هنا او شجرة هناك.ممرات جد ضيقة في جبال عالية وتقع على حافة الوادي.وصلنا الفرعية في الظلام استلم الرجل أجرته وذهب.7 كلم في الجبل..و ممرات قطعها البغل على مضض.استسلمنا للنوم لم نتذوق الزاد ليلتها.كنت أحس بألم أسفل بطني ولكن من فرط التعب لم اعره اهتماما.
ومضى أسبوع و بدا الأسبوع الثاني ونحن في الجبل كنا نعمل في الصباح والمساء، عل الوقت يمضي بسرعة.ولكن هيهات عقارب الساعة كانت تقودها سلحفاة مسنة.
الطقس هذا الأسبوع لا يبشر بخير الأمطار غزيرة وحال المدرسة لا يختلف عن الأطلال. يوم الأربعاء تحولت الأمطار إلى ثلوج كثيفة..أصبح منزلنا الوظيفي بركة مائية لان التسربات كانت من السقف بسبب التصدعات ومن الإسفلت لأنه مليء بالحفر ولا يرقى لان يلقب بالإسفلت أصلا ثم إن الفرعية جاءت في مجرى المياه فكيف لها ألا ترقى هي ايضا لتكون مسبحا.ولا أنسى ذكر الجدران حدث ولا حرج.
لم يأت احد للسؤال عنا لم يكن لدينا ماء ولا خبز.استعنا على توفير الماء بإذابة الثلوج.رغم أن إذابة كمية كثيرة من الثلج لا تنتج إلا القليل من الماء أما الخبز فعوضناه بالملاعق.استمر تساقط الثلوج ليوم الجمعة. المئونة التي أحضرناها لم تعد تكفي لقضاء أيام أخرى هنا وكأننا في كوكب وحدنا .اتفقت أنا وصديقتي على التوجه يوم السبت إلى منازلنا فالموت بهذه الطريقة بدا لنا بشعا.
الحمد لله توقفت الثلوج.بدأنا بشق طريقنا نحو اغي لكي نستقل السطافيط من هناك .الطريق كانت جد خطرة استعنا بعصي كنا نغرزها في الوحل لنقاوم الانزلاق وأمام ازدياد صعوبة وخطورة الطريق فكرنا في الرجوع ولكن مع الأسف،اكتشفنا أن الطريق أصبحت أكثر صعوبة بسبب ذوبان الثلوج حاولنا التقدم استعملت كل واحدة منا حجرين كنا نغرس الأول في الوحل نثبت فوقها قدما ثم نغرز الثاني نثبت القدم الثاني، ثم نعود لنغرز الأول وهكذا بعدد خطواتنا .فجأة اكتشفتا انه لا جدوى من المحاولات عبثا.الوضع صعب. وتسمرنا مكاننا لعل أحدا يمر لجلب مؤونته من اغي فيساعدنا.
بعد طول انتظار جاء رجل لن أنسى معروفه ماحييت.توسلناه فقلبل.فبدأ يساعد إحدانا للسير قدما بضع خطوات ثم يعود لمساعدة الأخرى.
وبعد أن ظننا أننا وصلنا سقطت والمصيبة أن الرجل وقع أيضا..غالبت الم سقطتي على مضض.وعاد الألم أسفل بطني من جديد ولم اعر الأمر اهتماما .قائلة لن يقع لي أسوء مما أنا فيه وتابعنا السير من جديد .وصلنا اغي وآلامي تزداد استلقينا السطافيط .اااااوف أخيرا يوم ما أشد قسوته.
وصلت لمنزلي في 11 ليلا .دخلت غرفتي واسترسلت في البكاء نظر إلي زوجي مستغربا لم يكن على علم بماحدث.نمت دون أن آكل شيئا يومها. فور استيقاظي اكتشفت أني انزف توجهت مسرعة للمستشفى لتخبرني الطبيبة أني حامل في شهري الاول ،مضيفة il y aune fissure dans le sac ou il y a le bébé .طالبتني بالاستلقاء على ظهري مدة ثلاثة أشهر حتى يستقر حملي.
طفلي الآن عمره سنة ولم استطع أن نسيان ما عشته. كلما توجت للفرعية تذكرني معالم الطريق بما حدث.
نوال البوعزيزي