من المسؤول عن تردي التعليم بالمغرب؟
الكل، يتحدث عن تردي التعليم ، و رداءته ،وتدني مستواه ،وضعف مردود يته ، وهزالة نتائجه ، وفقر برامجه ،وفشل مناهجه البيداغوجية … لا العالم، ولا المتعلم، ولا المهندس للعملية التعليمية راض عن التعليم في وطننا. رغم الستة والعشرون في المائة من الميزانية العامة، التي خصصت له، وأنفقت عليه، من أجل الارتقاء به وإنقاذه. والمجلس الأعلى للتعليم، يعترف بفشل الخطة العشرية للميثاق الوطني، ويكشف عن ضعف كبير لدى التلاميذ، في المهارات الأساسية:كالقراءة، والكتابة، والحساب. هذه العناصر الثلاثة : هي السبب من وجهة نظري على الأقل ، في تضخم إشكالية التعليم ، كالفشل الدراسي ،وارتفاع نسبة الهدر المدرسي ،والاكتظاظ ، -( 40 تلميذا في القسم لا يعتبر اكتظاظا في عرف الخريطة المدرسية )- ، والانقطاع في سن مبكرة دون التمكن من ميكانيزمات ، و آليات التعلم الذاتي ، أو المعرفي ، أو المهني ، الشيء الذي يسمح للأمية بالعودة ،ويزيد من صعوبة محاربتها … والمخطط ألاستعجالي يستهدف في برنامجه الإصلاحي ،تعميم التعليم وإلزاميته ،و التخفيف من الاكتظاظ ،ودعم المعوزين من التلاميذ ، ومحاربة الهدر ،والغياب ، والانقطاع وتطوير الموارد ، وتحديث المناهج الديداكتيكية ، وإعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية ومد جسور الثقة بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي ، والعمل على إرساء حكامة جيدة ….
ولكن هذا الخطاب الذي يتجاوز الواقع أو ما هو كائن، إلى ما ينبغي أن يكون ، لن يحقق الإصلاح المنشود .لأنه لم يهتم بجوهر إشكالية التعليم ، المتمثلة في الأفق المسدود، والغد المظلم ، بالنسبة للتلميذ وعائلته ، التي استثمرت أموالها في تعليمه ،فإذا هو عالة عليها . عاطل أو منحرف ، صائع لا يتقن مهنة ، ولا يجيد معرفة ،غير صالح ، لا للعادة ولا للعبادة … إن منطق الأب المستثمر، ولسان حاله يقول:{ الشهادة التي لا تؤمن مستقبل ابني ، لا تتجاوز قيمتها عندي أوراق دورات المياه) .والتعليم الخاص الذي تشجعه و تطبل له الدولة، و تراهن عليه لإنقاذ التعليم. هو عبارة عن مقاولة عائلية، تستثمر من أجل الربح، ليس لها الخبرة الكافية بالمناهج والبرامج،وليس لها أطر خاصة ، فهي تعتمد على أساتذة ، ومراقبين تربويين تابعين للتعليم العام ،دون أن تدفع للدولة أي تعويض عن ذلك ، لا تحمل مشروع هم إصلاح التعليم . فالفصول مكتظة ،ونسبة الغياب والانقطاع مرتفعة ، ونتائج الامتحانات الوطنية هزيلة ، والجودة متدنية ، إلى درجة أن خريجيه لا يؤهلهم مستواهم العلمي ، من متابعة دراستهم في الجامعات ، ولذلك تراهم يفرون إلى المدارس العليا الخاصة . فهم ألفوا تضخيم النقط، والمحاباة، والنجاح السهل… لكل هذه الاعتبارات، وغيرها أرى أن التعليم الخاص، لا يستطيع أن يكون بديلا عن التعليم العمومي، ولا أفضل منه، فالدعاية وتلميع الواجهة، لن يخلقا تعليما جيدا، ولا تعليما نافعا.إن التعليم الابتدائي،هو عصب العملية التعليمية ،وكل الخلل الذي نعاني منه ناتج عنه . وعليه لابد لأي برنامج إصلاحي ،أن يأخذه بعين الاعتبار، و يضعه من بين أولوياته . إن مشكلة التعليم الابتدائي تكمن في الاكتظاظ، وكثرة المواد، وتعدد الحصص، وعدم استقرار المناهج، وتدخل الخريطة المدرسية في نسبة النجاح دون الاقتصار على الدور التوجيهي، وترك الصلاحية الكاملة لمجلس القسم في تحديد نسبة النجاح… المفروض في التعليم الابتدائي أن يقتصر على تمكين التلميذ من إتقان المهارات الثلاثة:القراء والكتابة و الحساب، لأن هذا الثالوث، هو الذي يضمن استمرارية التعلم، والتعلم الذاتي، وأي نقص فيه يعرض التلميذ للفشل الدراسي، ثم للأمية. فمن المسؤول؟