"اليانصيب" كلمة معربة، و تعني من بين ما تعنيه، مطاردة الحظ ومناداته بأداة النداء "يا"، و هي الكلمة التي يُعلق عليها رجل التعليم آماله وآلامه، و لا يكف عن التفكير فيها في الحلم ومطاردتها في الواقع .
الحظ المطلوب هذا، ليس سوى وَهْمِ "الحركة الانتقالية" و التي تسمى تجاوزا " بالحركة "، و التعلق بأمنية العمل بمنصب أكثر إنسانية، وأحفظ كرامة، و هي من كل لون و صنف: الوطنية و الجهوية و الإقليمية و المحلية و الاستثنائية و آخر تخريجاتها جعلوا لها اسم الجماعاتية.
إذا كان الناس يدفعون مقابل الحصول على بطاقات "اليانصيب"، و في ذلك خرق سافر لمقتضيات الشرع، فإن رجل التعليم ينفق الساعات تلو الساعات ، يملأ بطاقات مرقمة، شبيهة ببطاقات المقترعين، بالطبع فهو لا يدفع سوى حرق عدد كبير من خلاياه العصبية و كلاهما يطارد الوهم ويناجي السراب ، لعل "الحاسوب " يرفع بطاقته المحظوظة فيكون من الفائزين. ولشدة الانشغال بها ، أصبح الأمر مشاعا حتى بين الأهل والجيران.
"الحركة" هي الأمل، و هي المبتغى ، منذ أن يصبح "موظفا"، و هو يشارك في هذه الحركة التي تأبى أن تتحرك ،و لفرط الانشغال بهذا الهاجس، أصبح البعض جغرافيا من خبراء الجغرافيا المحلية و الوطنية، دونما رغبة منه، يبسط أمامك خريطة المغرب بمدنها وبواديها و المسافات الفاصلة بينها، بدقة عجيبة يحار أمامها الجغرافيون و الرحالة .
أصبح لهذا "اليانصيب" مواعيد لا يخطئها رجل التعليم، و الحقيقة أنه ليس رجل التعليم الوحيد المتعلق بهذا النوع من الأمل ، الذي يدغدغ العواطف و يبقيه مشدودا إلى السماء، بل تعدى الأمر إلى ميادين أخرى ، داخلتها هي الأخرى لوثة هذه القرعة ، فمن "خرجت" له القرعة ، قد يصبح حاجا أو مهاجرا أو مالكا لقطعة أرض...
عبد الحكيم برنوص
هسبريس
[email protected]