أفرغ الكأس الأخيرة في جوفه ثم ولع أول لفافة لتلتهب لوعاته ، أشجانه ، وذكرى حبه بعيد العهد .
احمرت عيناه صارتا كالجمر حين ينفخ فيه بالكير ، شخصتا ، ما ارتد لهما طرف...حملق، أطال الحملقة في فراغ سديمي خلفه يركن سرابه ، حلمه العصي...
ثم سافر على جناح الراح، فعبر المسافة بين أول همسة وآخر وصال.
اغرورقت عيناه بدمع حار ولزج ، سال مدرارا على خدي حظه التعس...
ما الذي أحزنه ؟
كلمات
كلمات لفظت
لها نكست الدواة وجف المداد
فك القيد وبارح مربطه الجواد
لا فارس بعد اليوم ولاقيد لحداد
عودا إلى التيه وضربا في أركان البلاد
بلا قلب بلا عماد
فالجمرة ، الجمرة أضحت بعد خمودها مجرد رماد
...ورشف الكأس الأخيرة، النشوة دبت عارمة في أوصاله ،رحلة الخرف هبت كالإعصار تهد الوعي وتلقي بظلال الذاكرة في غيهم الجنون ،توا امتطى عربة الريح ،إلى رحبة الجنون إذن ،انقلب خنزيرا بريا يجتاح كل ما ومن يطالعه في منعرجات الإسفلت ...
في صبيحة اليوم التالي، حين صحا أو صحّوه، كان يسبح في بركة من دم تيبس، كدمات ورضوض على امتداد الجسد ،ورم واحمرار وازرقاق بطول الوجه وعرضه ،آلام في اللثة والصدغ والحنك ،تصدع في كبرى أسنانه الهرئة ،حسرة وانكسار في النفس ...