منتدى ضحايا التعليم بالمغرب
الميلودي مخارق لم يستبعد خوض إضراب عام وقال إن باقي النقابات خارج "التحالف الثلاثي" لأنها تابعة للأحزاب أو الحكومة
أكد الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن "بلوكاج" الحكومة تتحمل المسؤولية فيه، بإصرارها اعتماد مقاربة محاسباتية تقصي البعد الاجتماعي للمفاوضات، وتستثني أي مفاوضات ترمي إلى تحسين دخل الشغيلة. وأوضح المخارق أن هذا الوضع سيدفع النقابات إلى العودة إلى التصعيد، ولم يستبعد أن تشن إضرابا وطنيا عاما. واستبعد المخارق في حوار مع "الصباح" انضمام هيآت نقابية أخرى إلى التحالف النقابي الذي يضم، فضلا عن الاتحاد الفدرالية الديمقراطية للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، بسبب تبعية الهيآت المذكورة إما إلى أحزاب، أو إلى الحكومة. في ما يلي نص الحوار:
كيف تقيم الوضعية الاجتماعية الحالية بالمغرب؟
الوضعية الاجتماعية بالنسبة إلى عموم الشغيلة المغربية وضعية صعبة، ما زالت تتميز بضعف القدرة الشرائية لعموم المأجورين والفئات الشعبية، وبتجميد الأجور ونظام التعويضات، وهي وضعية متسمة أيضا بتدني الخدمات الاجتماعية وبخرق الحريات النقابية التي تصلنا شكايات حولها من مختلف المدن ومختلف القطاعات المهنية، ذلك أن النقابيين يتعرضون للتضييق والطرد لمجرد ممارسة حق دستوري، هو الانتماء النقابي.
كما تتميز الوضعية أيضا بتعطل الحوار الاجتماعي مع الحكومة الذي كان من المفروض أن يقف على هذه السمات لإيجاد الحلول الملائمة مع الفرقاء الاجتماعيين، لكن للأسف، هذا الحوار الاجتماعي معطل، منذ شهور.
< برأيك، لماذا يوجد هذا البلوكاج في الحوار الاجتماعي؟
أولا: الحكومة تنهج مقاربة محاسباتية في تحليلها للأوضاع، ولا تعتمد مقاربة اجتماعية، فعندما نطالب بزيادة في الأجور، يكون الجواب أن كتلة الأجور سترتفع، وبالتالي ستعرف ميزانية الدولة والمؤسسات عجزا، لكن يتناسون أن للتدبير مقاربات اجتماعية أيضا.
السبب الثاني في نظري، يكمن في أنه ليست هناك إرادة سياسية للنهوض بالأوضاع الاجتماعية، فهناك مجموعة من الإجراءات التي لا تتطلب، ولو درهما من الخزينة، مثلا حماية الحريات النقابية، بتطبيق الاتفاقية الدولية 135 لمنظمة العمل الدولية بجنيف، التي صادق عليها المغرب، وتتعلق بحماية الممثلين النقابيين والأجراء، وأيضا إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يعاقب النقابيين من شهر إلى سنتين حبسا، علما أن هذا الفصل موروث عن الاستعمار، وتصر الحكومة على الإبقاء عليه، رغم أن الاتحاد المغربي للشغل قام بحملة وطنية ودولية من أجل إلغائه، وأصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان توصية رفعها إلى الحكومة الحالية من أجل إلغائه.
وبالطبع، نحن في الاتحاد نناضل ونواجه السياسات اللاشعبية المعادية للطبقة العاملة من خلال الإضرابات الوطنية والقطاعية والمسيرات والاحتجاجات للتصدي لهذا الهجوم المعادي للعمال ولدفع الحكومة إلى الاستجابة إلى مطالبهم العادلة والمشروعة.
لكن اليوم، ألا توجد أي نتائج أو على الأقل بوادر أو مؤشرات يحملها الحوار الاجتماعي؟
بعد النضالات التي قمنا بها والمذكرات التي وجهناها إلى رئيس الحكومة حول مطالبنا والرجوع إلى مائدة المفاوضات، توصلنا برسالة منه يوم 17 فبراير الماضي من أجل الاجتماع، وهو الأمر الذي تم يومين، بعد مراسلة رئيس الحكومة.
خلال هذا الاجتماع، كانت نيتنا صادقة لإنجاح هذا الشوط من الحوار الاجتماعي، وكانت لدينا اقتراحات بناءة، وبعد مناقشات طويلة، اقترحنا على رئيس الحكومة إحداث أربع لجان موضوعاتية، تعمل للحصول على نتائج ملموسة. اللجنة الأولى هي لجنة الأجور وتحسين الدخل هدفها الزيادة في الأجور، وتحسين الدخل، إما عن طريق تخفيض الضريبة عن الدخل، والزيادة في التعويضات العائلية للأبناء، التي توقفت عند سقف 200 درهم عن الطفل، في حدود 3 أطفال، وابتداء من الطفل الرابع، ينخفض هذا التعويض، ليصل إلى 36 درهم، هذا دون إهمال إشكالية منع هذه التعويضات عن الأم العاملة، رغم أنها تؤدي الواجبات ذاتها التي يدفعا الأب العامل.
اللجنة الثانية هي لجنة الحريات النقابية وتطبيق تشريعات العمل، لأننا نلاحظ أنه في مجموعة من القطاعات المهنية، قوانين الشغل لا تطبق، وهذا من العار، فيما ينصب عمل اللجنة الثالثة، التي هي لجنة المفاوضات القطاعية، على مختلف القطاعات العامة والخاصة بهدف فتح مفاوضات للوصول إلى اتفاقيات جماعية لتحسين ظروف عمل الموظفين داخل كل قطاع.
المقترح الحكومي الذي يريد تمديد سن التقاعد والزيادة في الانخراطات مع تخفيض المعاشات، ثم الرأي الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي فند الموقف الحكومي، وجاء برأي باستشاري مخالف لما تريد الحكومة فرضه، وهناك السيناريو الثالث، الذي نعتبره الأصح، هو موقف الاتحاد المغربي للشغل والحركة النقابية، الذي يقول إن رفع سن التقاعد يجب أن يبقى اختياريا، ويتفق مع الزيادة في الاشتراكات، على أساس الثلثين للمشغل والثلث للأجير، شريطة أن نعرف كيف ستوظف هذه الانخراطات ولصالح من، مع الرفض القاطع للإجراء المقياسي القاضي بتخفيض المعاشات.
وفعلا، انطلقت يوم 23 فبراير اجتماعات في هذا الإطار، ثم 26 فبراير، و3 مارس و9 مارس، إلا أن الحكومة في هذه الجدولة أسقطت عمدا لجنة الأجور، وتحسين الدخل من جدول الأعمال، ونحن لا يمكننا في الاتحاد أن نتصور حوارا اجتماعيا بدون تحسين الأوضاع الاجتماعية للمأجورين، ما دفعنا إلى مراسلة رئيس الحكومة وتنبيهه إلى خلق هذه اللجنة، وأرسلنا وفودنا إلى الاجتماعات، ولم نقاطع حتى لا يسجل علينا أننا السبب في فشل الحوار.
< انسحابكم في آخر جولات الحوار الاجتماع ألن تتبعه خطوات تصعيدية جديدة، سيما أن تحالفكم الثلاثي سبق أن هدد باللجوء إلى التصعيد؟
أولا يجب توضيح مسألة مهمة، يتعلق الأمر باجتماع 23 فبراير الماضي، لم يكن انسحابا، كان الاجتماع الأول الذي بادرت الحكومة إليه طرح إصلاح التقاعد في إطار لجنة التقاعد. كنا داخل الاتحاد المغربي للشغل قد أعطينا تعليمات، بتوجيه سؤال قبلي لرئيس الحكومة عن سبب إسقاط لجنة الأجور وتحسين الدخل، ورفض الاتحاديون الخوض في مناقشة التقاعد، قبل الإجابة عن هذا السؤال الجوهري، وبالتالي، طالبوا بتعليق الاجتماع إلى حين الاستشارة مع الأطر والقواعد النقابية، ذلك أن الحوار الاجتماعي، هو عبارة عن "باقة" من المطالب والمواضيع المتفاوض بشأنها غير قابلة للفصل أو التمييز أو استثناء أحدها من النقاش. هذا ما وقع.
في المقابل، نحن حضرنا أشغال باقي اللجان التي اجتمعت بشكل طبيعي، وسنحضر كافة الاجتماعات وسنسير بنية إنجاح الحوار، باستثناء طبعا إذا تعنتت الحكومة في موقفها، حينها سنحملها فشل هذه الجولة من الحوار، ونتخذ الإجراءات النضالية الممكنة.
هل يمكن أن تعودوا إلى الدعوة إلى إضراب وطني عام جديد؟
كل الاحتمالات واردة، بما فيها خوض إضراب عام جديد.
نحن في الاتحاد نحاور ونتفاوض مع من يريد، ونناضل ضد من يعادينا.
أين وصل التحالف الثلاثي؟
التنسيق مع الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل مستمر، كما أن المواقف كلها منسقة، ويتم اتخاذها بالتشارك، والملفات المطلبية نضعها بتنسيق، ومواقفنا نحضر لها خلال اجتماعات منظمة تسبق انعقاد جلسات الحوار الاجتماعي، التي تكون بها مواقفنا موحدة ومتماثلة.
ومن نتائج الوحدة النقابية، أنه يمكننا القول اليوم، إن كل الأمور تجري كما نخطط لها، فالوحدة النقابية هي الضامن الأساسي لانتزاع مطالب وحقوق الشغيلة، وليس التشتت والتفرقة.
لكن أحد حلفائكم الذي هو الفدرالية الديمقراطية للشغل، الجميع صار على دراية بطبيعة الصراعات التي تعيشها ومدى سيطرة حزب سياسي في المعارضة عليها. ألا يتنافي هذا مع المبدأ الذي أشرتم إليه؟
نحن نتعامل مع الفدرالية الديمقراطية للشغل كنقابة، ومع الأشخاص الذين يحترمون الاستقلالية النقابية، ويجعلون من العمل النقابي، عملا بعيدا عن أي توظيف سياسي أو غيره...
< هل هذا يعني أن تحالفكم مع الفدرالية هو تحالف مع "جناح العزوزي" وإبعاد "جناح الفاتيحي"؟
لا يمكن القول إننا نتعامل مع الجناح الأول أو الثاني، فكما قلت نحن مع الجناح الذي يحترم الاستقلالية النقابية، لكن حتى الجناح الثاني مرحب به، إذا كان سيعمل في إطار من الاستقلالية، فنحن، أي الاتحاد المغربي للشغل نقابة عمرها 60 سنة، عملنا خلالها في إطار هذا المبدأ، ولم نتنازل يوما عنه، رغم أننا قدمنا العديد من التنازلات وخسرنا الكثير.
ماذا عن الانفتاح على نقابات أخرى من أجل التنسيق معها وضمها إلى التحالف؟
نحن في الاتحاد لدينا مبدأ مقدس، هو الاستقلالية النقابية عن الأحزاب والحكومة على حد سواء، ولا نقبل أن توظف الحركة النقابية من أجل "حُسيبات سياسوية" أو "انتخابوية"، وبالتالي للأسف باقي النقابات التي لا ننسق معها مرتبطة إما بحزب سياسي تخدم أجندته، أو بالحكومة، كمثال نقابة معينة لست بحاجة إلى ذكرها بالاسم مرتبطة بحزب سياسي وبالحكومة. وعليه، لا أرى كيف يمكن أن ننسق بيننا، فعندما نقول نحن بضرورة الزيادة في الأجور، يردون هم إن من شأن الزيادة في الأجور إثقال ميزانية الدولة، وعندما نقول لا للمس بالإضراب، هم يقولون نعم لتقنين الإضراب.
لا للإصلاح على حساب المأجورين
أخيرا اللجنة الرابعة، هي لجنة التقاعد، فنحن في الاتحاد المغربي للشغل لسنا ضد إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد ولا أنظمة التقاعد، لكن على حساب من؟ إذ لا يجب أن يكون هذا الإصلاح على حساب المأجورين، فاقترحنا على رئيس الحكومة اجتماع اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، والتي اشتغلت على مدى 10 سنوات في الموضوع، على أساس أن تدرس ليس فقط المقترح الحكومي، بل ثلاثة سيناريوهات
ما هي الملفات التي تعتبرونها خطا أحمر لا يمكن التنازل عنه؟
هناك بالفعل أربعة ملفات أو قضايا نعتبرها خطا أحمر، ولا يمكننا التساهل حولها، أولها، ملف التقاعد، ثم يأتي حق الإضراب، وثالثا وقف الاستمرار في ضرب القدرة الشرائية، وأخيرا حماية الحريات النقابية.
في سطور
- من مواليد 1950 بالبيضاء
- نقابي
- انتخب منذ 2010 كاتبا عاما للاتحاد المغربي للشغل خلفا للمحجوبي بن الصديق
- انخرط في العمل النقابي سنة 1975 بتأسيس الفدرالية الوطنية للتكوين المهني
- مستشار بالغرفة الثانية باسم الاتحاد المغربي للشغل
الحكومة مسؤولة عن تعثر الحوار الإجتماعي
المواضيع المتشابهه
