استيقظ ادريس كعادته من النوم على مناداة أصدقائه ,رشف سيجارته الصباحية مع كأس شاي,تناول فطوره بسرعة خاطفة دون أن يجلس إلى مائدة الطعام ,ثم نزل مسرعا للقاء رفاقه.
اعتاد الأصدقاء التجمع عند ناصية الشارع للإ تفاق أين سيمضون يومهم,خاصة وأن الفصل فصل صيف والشمس محرقة والجو حار.فكان اتفاقهم حول الذهاب إلى البحر.
في طريقهم قصدوا"با العربي"بقال الحي,وهورجل مسن قدم من تيزنيت إلا سلا منذ زمن طويل للتجارة .
اشتروا ما يحتاجونه من خبز ومعلبات ومشروبات غازية وسجائر..
ولأن ادريس كان بخيلا,فقد كان يقتني أرخص أنواع السجائر,رغم ان تجارته كانت تدر عليه ربحا وفيرا,ووقد وصل بخله لدرجة أنه كان يقصد الشواطئ الموحشة الخالية من الناسوالتي لايرتادها إلا الصيادون والسكارى لأنها قريبة من حيه ولا يكلف الذهاب إليها سوى المشي على الأقدام .
انطلق مع رفاقه إلى شاطئ"شليرة" كان لزاما عليهم أن يعبروا الطريق الثلاثية الرابطة بين القنيطرة وسلاوهي طريق صعبة العبورلا تكاد تخلومن الحوادث المؤسفة.
عزم الأصدقاءعلى عبور الطريق جماعةحتى يجبروا السيارات على التخفيف من سرعتها,لكن ادريس تأخر عن الركب قليلا فإذا به يفاجأ بسيارة قادمة نحوه بسرعة خيالية صدمته بشدة ورمته بقوة وسط الطريق.
استفاق ادريس على بكاء أمه وأبيه بعد مرور ثلاثة أيام في العناية المركزة,فقد الأطباء معه الأمل بالنجاة,لأنه أصيب بكسور في رأسه وقدميه قضى على إثرها شهرا كاملا في المستشفى.
لقد نجا ادريس من الموت بأعجوبة....
بعد مرور مدة طويلة ,تقاضى تعويضا لابأس به عن الأضرار التي لحقت بهجراء الحادث,ساعده في ذلك محامم كانوالده قد وكله من اجل القضية.
وبعد سنوات طويلة على الحادثة,اصبح ادريس من أصحاب الملايين ازداد معها جشعا وبخلا وطمعا.وفتحت شهيته لكسب المزيد وبأية وسيلة.
دات صباح ركب في دراجته العادية,وخرج يتسكع ,كانت الشوارع والأزقة بالمارة والباعة,فعيد الأضحى على الأبواب.
خطرت ببال ادريس فكرة مجنونة ,فرصد حافلة لنقل الركاب قادمة من بعيدبسرعة متوسطة,استبقها ثم فاجأ السائق بالسير أمامه ببطئ شديد,حاول السائق اجتنابهلكن دون جدوى.
أرتمى ادريس على الطريق وقد كسرت رجله وتغطى وجهه بالدماء.
التف الناس حوله وهو يلهث ويصرخ ,حاول السائق إيقافه على قدميه ونقله إلى المستشفى,لكنه رفض التزحزح من مكانه حتى تعاين الشرطة الحادث,رغم انه كان يدرك تماما أنه المذنب.
فقد تذوق حلاوة الملايين وظن ان التعويض هذه المرة سيكون أكبر على اعتبار أن الحافلة أ ضخم من السيارة-هذا ما كان يروج في مخيلته الحمقاء-.
قصد محاميا جديدا لتتبع قضية تعويضه لأن والده رفض مساعدته على ظلم السائق الذي طرد من عمله بسبب الحادث.
في كل مرة كان يتردد فيها على مكتب المحامي للإطلاع على ملفه,كان يتكبد مشقة كبيرة بسبب رجله التي شفيت عرجاء من الحادث,كان المحامي يتلاعب به ويخبره أنه لم يصدر بعد حكم في قضيته,ولأن ادريس لم يلج يوما المدرسة,فقد استغل المحامي جهله وجعله يوقع على الأوراق التي تدل على أنه استلم مبلغ التعويض كاملا ...
ا