الفطرة الإنسانية تقتضي التعبير والبوح عن مكنونات النفس،وهكذا نحيا ككائنات اجتماعية اختصها الله بالعقل المحرك والقلب الخافق والأساليب المختلفة للتواصل...
التواصل الذي هو في الواقع حاجه ملحة تنشدها النفس لتأنس وتستوي بها الحياة.
منذ ولادة الإنسان ينطق ويصرخ ،يفرح ويغضب،يحب ويكره،وتتطور هذه المشاعر المجسدة مع مرور الوقت؛ لتزداد المقدرة على التعبير مع تقدم العمر والخبره والنضج والعمق...
ولكي نتواصل هناك أولا لغة اللسان الذي يحكي ويصيغ الكلمات بسلاسه .والثقافه تتحكم في الأشخاص الذين تتمكن من التواصل معهم باللغه واللكنه التي تجيدها باستثناء الأصوات المتشابهه كالضحك والبكاء.
ثم تأتي لغة الإشارات فكل إيماءة وحركه من أطرافك تشكل لغة بحد ذاتها ويكفي أن تراقب شخصاً ما لتفهم من حركات رأسه واصابعه مايريد أن يقول وتعرف من طريقة جلوسه وملامح وجهه حالته النفسية...لعل لغة الجسد علم يحتاج للدراسه يتخصص به البعض لمساعدة الصم والبكم أو للتحليل النفسي لكنه بتلقائيه يستطيع أن يفسره أي انسان بالفراسه والإدراك دون تعمق في الأمور النفسيه.
ويأتي دور الكتابة ففي العصور القديمة كان الإنسان يلجأ لنقش مايجيش في صدره على الحجر ،ثم جاء القلم وأصبح الأداة التي تعزف بين أناملنا المشاعر والأفكار التي يخطها على الورق لتكون رسول التواصل بيننا.
واليوم اقتحمت حياتنا لغة جديده للحوار ألا وهي لغة الإنترنت ، فالكمبيوتر هنا يحاول أن يسرق دور القلم ليعلن عن وسيله جديده لصياغة الحروف ، ومع أنها لغة وليدة لم يتعدَّ عمرها السنوات الا أنها شاعت وانتشرت وصادقت الأنامل…..واليوم هاهي تصادق الأنامل وتقتحم عالمنا العربي العاشق للحبر والورق…وهاهي الصفحات الإنترنتيه تثبت تواجدها وتقف بمواجهة المطبوعات الورقيه لتثري المنافسه وتفتح مجالات جديدة بوسائل حديثه تصب كلها في مصلحة اللغات الإنسانيه للتواصل والتخاطب وتعطينا مساحة أكبر للبوح وتعلمنا لغة الحوار البناء المباشر التي نتمنى أن نعتاد عليها ونجيدها لنواكب العصر والتطور التكنولوجي بطريقه حضارية راقية.
وتبقى لغة أخيره هي أعذب اللغات وأصدقها ،ألا وهي لغة العيون،وحدها تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة مايعجز عنه اللسان وتتسلل الى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا،فهي لغة لاتعرف الكذب ولا الرياء…لغه ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر …