Marcel Khalifé :
"Il est temps que le Parti communiste se redresse !
آن للحزب الشيوعي أن ينهض
ــ مرسيلخليفـــــــة ــليس لليسار اللبناني، وللشيوعيين بالذات، حجة لتبرير حال الانقسام والتشرذمالتنظيمية التي تعيشها الأطر السياسية والحزبية منذ عقد ونصف عقد. محمولة على حالمن الالتباسات الفكرية والمعرفية تستبد باليسار فتحجب عنه الاسئلة الكبرى التي كانتسمته وعنوان فرادته في ما مضى.
ليس ما يبرر به تلك الحال الاستثنائية التي توشكبتصفية ميراثه النضالي. فالأسباب التي قضت بالحاجة الى وجوده والى ميلاد أطرهالسياسية والتنظيمية وانبثاق خياره الفكري والثقافي قبل عقود، هي عينها الأسبابالتي تقضي بالحاجة الى تجديد الرسالة والدور اللذين نهض بهما منذ البدايات. ليس فيهذا القول مكابرة نفسية تأبى الاعتراف بما تصدع وتداعى في عمران الفكر والسياسة لدىاليسار والشيوعيين، ولا هي محاولة لإنتاج قراءة تبريرية تلتمس الأعذار لخراب ذلكالعمران من خلال إبراء ذمة اليسار من مسؤولياته في ما حق به من أزمات عميقة عجّلتبتفكيك كيانه وتعطيل دوره، بقدر ما هي محاولة للتذكير بجملة من الحقائق ليس خليقاباليسار أن يذهل عنها أو يُخطئ قراءتها حتى في اللحظة المعتمة التي تحمل علىالسوداوية في الرؤية. أولها أن اليسار هو الكيان الفكري والسياسي والتنظيمي الوحيدالذي يملك أن ينطق باسم الكتلة الشعبية الواسعة المحرومة من الثروة والسلطة، وهيالكثرة الكاثرة في المجتمع اللبناني، وقد زاد عديد جمهورها بعد انهيار الطبقةالوسطى، وخراب الاقتصاد الوطني، وتغوّل الفساد، وتفاقم المديونية. ولقد جرى، ويجري،تزوير التمثيل السياسي لهذه الكتلة الشعبية ومصادرته من قبل المؤسسات الطائفية التيأقامت اصطفافات عمودية ألغت التركيبة الطبقية الاجتماعية المتمايزة في المجتمعوأعادت بناء تنضيد جديد لها « يتحد » فيه المالكون والمحرومون في بنية واحدة (= الطائفة).
وحده اليسار أفلت من اللوثة الطائفية وصان شرفه الديموقراطي والعلمانيبصرف النظر عن ضمور قوته في ميزان التوازن الداخلي (بسبب الحرب الأهلية وتبعاتهاعلى الاجتماع المدني اللبناني).
وهذا، في ما أحسب، رأسمال رمزي ـ بل مادي ـ كبيرفي رصيد اليسار الاشتراكي اللبناني، يُفترض التمسك به وتغطيته من خلال استئناف دورهالنضالي في أوساط القوى الشعبية وانتشال جمهور الناس من براثن، ومن قيود، التمثيلالطائفي : لتصحيح التمثيل وإعادة بناء الحياة السياسية على أسس مدنية.
وثانيهاأن القضية التي أسست لوجود اليسار وبررت له ذلك الوجود (نعني الاشتراكية) ما برحتتفرض نفسها قضية معاصرة وشرعية. نعم، انهار الاتحاد السوفياتي وأطيح بالمعسكرالاشتراكي، لكن الاشتراكية والعدالة الاجتماعية لم تقض تحت أنقاض ذلك الانهيار،إنها باقية ما بقي استغلال وحيف وحرمان وفوارق بين الطبقات وظلم في توزيعالثروة.
الفقر والبؤس والتهميش هي ما يسبغ الشرعية على الاشتراكية لا دولة أوحزب شيوعي حاكم.
هل انتهت فكرة الحرية التي أطلقتها الثورة الفرنسية في العام 1789لمجرد أن الدول الليبرالية الأوروبية تحوّلت الى قوى استعمارية تستعمر مجتمعات أخرىوتستعبد شعوب مستعمراتها وتصادر حريتها في تقرير المصير والاستقلال؟هل انتهتالديموقراطية الغربية حين قامت النازية والفاشية في الثلاثينيات والأربعينيات؟ لا،لم تنته : استمرت أكثر بريقا، وتضاعف جمهورها في العالم. لماذا؟لأنها أفكاركبرى ألهمت البشرية، ولأنها وحدها التي تعطي للعالم والحياة والوجود الانساني معنى. الاشتراكية من سلالة هذه الأفكار العظيمة. من يعتقد أنها انتهت، فقد انتهى فيوجدانه ذلك الأمل العظيم وانتهى في عقله حسّ التبيّن...وثالثها أن اليساراللبناني وحده حمل مشروعا ديموقراطيا لحل أزمة النظام الطائفي في البلد.
الحاجةاليوم الى هذا المشروع أمسّ مما كانت عليه أمس بعد أن أمعن النظام نفسه في طائفيتهوعمم علاقاتها على معظم الاجتماع السياسي والأهلي. إن الفرز الطائفي بلغ اليوم مدىلم يبلغه حتى في ذروة الحرب الداخلية، وتكاد حدوده تصبح حدودا سياسية وجغرافية بعدأن كانت نفسية وثقافية. والدولة في البلد على مثال ذلك الاصطفاف الطائفي، ويُخشى ـإن استمر الفرز متناميا ـ أن تسقط البقية الباقية من الروابط الوطنية الجامعة بيناللبنانيين فنصحو فجأة على مجتمع لا شعب فيه إلا ما كان من كونفدرالية طوائف وقبائلقائمة على حذر متبادل. ومرة أخرى، لا أحد يملك جوابا برنامجيا على أزمة النظامالطائفي سوى اليسار الحامل للمشروع الديموقراطي العلماني.
آن لليسار، وللحزبالشيوعي بالذات، أن يخرج من انكفاءاته المريرة ومن حال الانقسام المستبدة به منذنهاية الحرب، ليعيد ترميم ما تصدّع في كيانه السياسي والتظيمي ومسؤوليته التاريخيةفي أن يكون على قدر موجبات هذه المرحلة. وهو قطعا لن يكون على ذلك القدر دون أنيستعيد وحدة مجموعاته مقدمة لإعادة توحيد اليسار اللبناني.
آن لحزب فرج اللهالحلو وجورج حاوي وقافلة شهدائه وشهداء « جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية » أنينهض من تحت حطام المرحلة كي يساهم في بناء أفق جديد للشعب والوطن.
وذلك أكبر وفاءيمكنه أن يقدمه لأولئك الشهداء الكبار وتضحياتهم