جيل انتفاضة الحجارة أصبح العمود الفقري للمقاومة في الحرب الحالية ومصمم على طرد المغتصبين
مقاومو غزة: وصارت حجارة 87 طيرا أبابيل!
علا عطا الله
اسلام اون لاين
شجاعة الأطفال في مواجهة دبابات الاحتلال بالحجارة ساعدتهم على مواجهتها بالسلاحغزة - كفه الصغيرة تحمل حجرا يرجم به جنود الاحتلال الذين يحملون بنادق الموت ورشاشات الخوف.. يبتسم الطفل خالد صاحب السنوات السبع.. وحجر ثالث ورابع... وعاشر ينطلق اليوم، وبعد عشرين عاما، يقف خالد الشاب، وهو يرتدي زيا عسكريا، ويطوق جسده بأسلحة يقاوم بها عدوا جاء ليستبيح جمال المدينة.
خالد القائد الميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يقف هو والمئات من أقرانه -سواء في الحركة نفسها أو غيرها من فصائل المقاومة- على ثغور غزة وحدودها، يحمون أرضهم من شراسة حرب قررت إبادة خارطة الحياة في القطاع.
خالد طفل الانتفاضة الأولى.. انتفاضة الحجارة عام 1987.. يبتسم اليوم للحجر الذي تحول في يده إلى رشاش، ويقول بصوت يعلوه الفخر: "سكين وحجر الانتفاضة الأولى صار رشاشا وقذيفة وصاروخا، ونحن أطفال الحجارة كبرنا، وأصبحنا في معركة اليوم رجالا وقادة".
ويلفت إلى أن أفراد مجموعته كلهم في العشرينيات من العمر، أي من عمر الانتفاضة الأولى، بل ويزيد قائلا: عمر الانتفاضة الأولى 21 عاما، هو عمر الكثير والكثير من قادتنا الميدانيين".
(يا تلاميذ غزة علمونا).. أبيات للشاعر العربي الكبير الراحل نزار قباني، والتي خاطب فيها أطفال الحجارة، هي ما تمر بشريط كامل أمام ناظريك، وأنت تنصت لشاب يروي عن ليالي رباطه، أو وأنت تلمح آخر يحمل سلاحه وزاده العسكري، ويمضي.
تتخيل وأنت تشاهدهم، كيف تحولت ثورة الدفاتر والحبر التي تحدث عنها قباني في أبياته، إلى بطولة يسطرها رجال غزة ومقاوموها.
بعد أن تقبل جبينه وتمطره بدعوات الرضا، ويرتدي معاذ لثامه، ويحمل سلاحه ويخرج، وفي عينيه بريق التحدي، تقول والدته، وصوتها يعبق بالحنان: "معاذ في الخامسة والعشرين من عمره، عندما اندلعت الانتفاضة الأولى، كان طفلا لا يعرف سوى كأس الحليب وكرة صغيرة يلهو بها.. كان يرى جنود الاحتلال وهم يقتحمون منزله، ويعيثون فيه فسادا، ويعتقلون والده وأعمامه.. شرابه ولعبته تحولتا إلى ثورة يخط عنوانها اليوم".
قائد من "ال****"
عز الدين (29 عاما) القائد الميداني في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة ال**** الإسلامي في فلسطين، أعاد شريط الذاكرة للوراء، وبدأ يروي كيف كان يشد المقلاع، ويرمي جنود الاحتلال بالحجارة.
ويقول عز الدين لـ"إسلام أون لاين.نت": "جيل الانتفاضة الأولى، هو جيل المقاومة اليوم، وخط الدفاع الأول عن غزة".. وأضاف: "كبرنا وكبرت معنا أسلحتنا الصغيرة.. كبر الحجر والسكين والمقلاع".
والتقط صديقه عمرو طرف الحوار، ومضى قائلا: "في الانتفاضة الأولى، كان جنود الاحتلال يجوبون شوارع المدينة شارعا شارعا، ويدورون في أزقتها ببزاتهم العسكرية، وقواتهم الراجلة.. قاومناهم بالحجر، وبأبسط ما لدينا.. اليوم مقاومتنا كبرت، وحجارتنا صارت طيرا أبابيل".
ويستدرك قائلا: "إلا أنه في هذه الحرب يقف جنود الاحتلال عاجزين عن دخول غزة كما كانوا يحلمون، وبإذن الله لن يدخلوها، فأطفال الحجارة لهم بالمرصاد بأجسادهم وأسلحتهم".
وأضاف: "إذا كانت الانتفاضة الأولى التي اندلعت في ديسمبر من العام 1987، وكان عنوانها الحجر، قد علمت أطفال غزة كيف يقاومون جنود الاحتلال ويكرهونهم، فإن حرب اليوم، وما تحمله من شراسة وعدوان ستخرج جيلا ربما كانت أدنى أحلامه ألا يرى هذه الـ(إسرائيل)".
جيل جديد قادم
أنور الدرعاوي أستاذ علم النفس بالجامعة الإسلامية في غزة قال لـ"إسلام أون لاين": "إن الاحتلال سيواجه مستقبلا جيلا مقاوما يختلف عن كل الأجيال السابقة"، وأضاف: "هذا الجيل بات على ثقة أن ما من حل أمامه سوى التسلح بالعلم والمقاومة والإرادة لمواجهة عدم حرق الأخضر واليابس".
واستدرك متسائلا: "ما الذي يتوقعه الاحتلال من طفل في الخامسة من عمره، يرى بيته يحترق، ووالده ينزف أمامه حتى الموت.. يقتلون صديقه ويغتالون الزرع والحجر والشجر؟!".
المواطنة الغزاوية سلمى رجب، وهي أم لخمسة أطفال، توافق أستاذ علم النفس على ما ذهب إليه، وتضيف: "نحن أمام جيل مختلف.. جيل سيقاوم بكل الإمكانيات.. طفلي أنس، صاحب الثلاث سنوات، لا يتحدث إلا بلغة ال*** والنيران، وطائرة ذهبت وأخرى جاءت، أما شقيقه الأكبر معتز- (13 عاما)- فيخطط هو وأصدقاؤه كيف سيسقطون طائرات العدو الحربية من سماء مدينتهم حين يكبرون".
ويهتف الفتى سمير الخالجي (15 عاما) بأحلامه عاليا: "بعد 20 سنة لن تبقى إسرائيل.. سيكون لدينا جيش قوي، وسنملك الطائرات والسفن، وسندافع عن أرضنا، ولن يتمكن الاحتلال من أي شبر؛ لأنه ببساطة سيزول، ونحن، الجيل القادم، سنطرد كل غاصب".