زادت على ذلك بإغلاق المعبر رغم الوضع المأسوي في القطاع وسط استنكار كبير
السلطات المصرية .. انتقادات متزايدة لمنع وفود حقوقية وإعلامية مهمة من دخول غزة عبر رفح (تقرير)
[ 07/02/2009 - 09:40 ص ]
رفح ـ المركز الفلسطيني للإعلام
استنكرت جهات حقوقية دولية وإعلامية وإغاثية عربية منع السلطات المصرية لها من دخول غزة عبر معبر رفح، حتى قبل إعلانها عن إغلاقه يوم الخامس من شهر شباط/ فبراير الجاري، كما لاقى الإغلاق وعرقلة دخول المعونات الإغاثية خلال الفترة الماضية انتقادات واسعة، لأنه يترك الفلسطينيين يموتون جوعا ومرضا وقتلا وقهرا على يد الاحتلال.
وأشارت التقارير الواردة من معبر رفح أن السلطات المصرية منعت وفودا متعددة من الدخول إلى غزة عبر معبر رفح خلال الأسبوعين الفائتين، ومنهم محامون دوليون خبراء في توصيف جرائم الحرب وهم أعضاء في التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، قدموا بغرض جمع أدلة عن جرائم الكيان الصهيوني التي ارتكبتها خلال العدوان الأخير على القطاع تمهيدا لتقديمها لمؤسسات حقوقية سترفعها بدورها لمحكمة الجنايات الدولية التي قبلت دعوة قدمها التحالف مؤخرا، فضلا عن منع الإعلاميين البارزين في قناة الجزيرة أحمد منصور معد ومقدم برنامج "بلا حدود"، وغسان بن جدو معد ومقدم برنامج "حوار مفتوح".
كما تم منع وفود أخرى منها وفد من أساتذة الجامعات المصريين المتخصصين في إعادة الإعمار وتخطيط المدن، وهم من أبرز العلماء المصريين الذين يعملون في هذا المجال، إضافة إلى وفد قطري مكون من اثنين وأربعين عضواً بينهم أطباء وحقوقيون وعاملون في مجال الإغاثة من عبور أراضيها إلى غزة دون إبداء أسباب المنع.
شركاء في الجريمة
وتعليقاً على منع السلطات في مصر المحامين الدوليين الأعضاء في التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة لليوم الخامس على التوالي حتى يوم الجمعة الماضي 6/2، قال الدكتور هيثم مناع، منسق التحالف العالمي من أجل محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة إن "المسؤولين المصريين سيكونون شركاء في الجرم إذا واصلوا حرماننا من جمع الأدلة ضد مجرمي الحرب الصهاينة. ونقول لهم سنتوصل إلى الأدلة معهم وبدونهم، وبالتالي نطالبهم أن يسمحوا لنا بذلك، لأنّ هذا أفضل وأنجع".
وناشد المحامي لؤي ديب عضو لجنة التنسيق الأوروبية للتحالف المسؤولين المصريين بالسماح لهم بالدخول، مشدداً على أهمية مهمتهم في جمع الأدلة التي تدين مجرمي الحرب الصهاينة، "وعدم تضييع تلك الفرصة التي أصبحت فيها إسرائيل لأول مرة في حياتها تحت طائلة الملاحقة والقانون الدولي".
وعن سبب رفض السلطات دخولهم لغزة، قال: "إننا لا نملك أجوبة على هذا السؤال، فالسلطات المصرية منعتنا من الدخول للقطاع دون إبداء أسباب".
والتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب تأسس مع بداية العدوان الصهيوني على غزة والذي اندلع في 27-12-2008، وينضوي تحت لوائه مئات من المؤسسات الحقوقية والمحامين الأوروبيين.
مذبوحون بسبب الرفض المصري
وفي الجانب المتصل بالإغاثة وتقديم المعونات الصحية والغذائية، وحيلولة السلطات في مصر من وصول هذه المساعدات والفرق أو تعويق وصولها؛ قال رئيس عمادة الأطباء الجزائريين الدكتور بقات بركاني في مقابلة مع منتدى الشروق خلال الشهر الماضي إن عشرات الأطباء الذين أرسلتهم وزارة التضامن صاروا بحاجة إلى التضامن معهم في حجزهم بالعريش، وأن الدم الجزائري فقد صلاحيته لنقص وسائل المحافظة عليه، مشيرا إلى أنها إنها الخسارة الثانية التي تلت خسارة العرب بتخاذلهم عن نصرة القضية الفلسطينية .. ليجد الجزائريون أنفسهم مقيدين بواجب التضامن مع فلسطين من جهة ومذبوحين برفض السلطات المصرية لوصول هذه المساعدات من جهة أخرى، ما جعل كثيرين يتساءلون عن مصير هذه الإعانات وكيفية تقديم يد العون بعيدا عن من مصر.
وأضاف الدكتور بركاني: مصر متهمة بإتلاف الأدوية والأغذية والدماء الموجهة لجرحى العدوان الصهيوني، وأن الدم الذي يتبرع به المواطنون الجزائريون لمساعدة ضحايا العدوان تصل منه نسبة ضئيلة جدا إلى قطاع غزة، في حين تبقى الكميات الكبيرة في حجر التخزين بالعريش المصرية حتى تتعفن وتصاب بالتلف.
وفي إطار نفس السلوك الذي تمارسه السلطات المصرية تم منع أحمد منصور وغسان بن جدو، مقدمي البرامج في قناة الجزيرة، من الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، دون تقديم مبررات لقرار المنع بعد انتظار دام لأكثر من خمسة أيام عند المعبر.
"انتقائية" في العبور
ولفت أحمد منصور إلى أنه رغم استيفائه "كافة الأوراق الثبوتية التي يقدمها الصحفيون وعلى رأسها تصريح من المركز الصحفي التابع لوزارة الإعلام يتضمن تعهدي بالدخول إلي غزة علي مسؤوليتي الشخصية"، ورغم "إعلامي للمسؤولين عن المعبر في القاهرة حتى قبل مغادرتي من الدوحة فوجئت بالمنع في الوقت الذي لم يمنع فيه غيري لا سيما من الصحفيين الأمريكيين والأوروبيين الذين دخل منهم العشرات أمامي خلال أيام انتظاري على المعبر"، مشيراً إلى أنه طلب عدة مرات لقاء الضابط المسؤول عن المعبر، "لكنه اعتذر عن مقابلتي قائلا إنه ينفذ الأوامر".
واتهم منصور السلطات المصرية بممارسة "الانتقائية" في السماح بالعبور للقطاع، منوها بأنها منعت أيضا وفدا من منظمة العفو الدولية ووفدا من اللجنة الدولية للمحامين التي تلاحق مجرمي الحرب الصهاينة وهم محامون نرويجيون وفرنسيون كانوا في طريقهم لجمع الأدلة علي جرائم الحرب التي شنتها على غزة لتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية قبل الثامن من شباط/ فبراير الجاري.
تجديد للإغلاق وانحياز لعباس
وعلى نحو متصل؛ كان قرار النظام المصري بإغلاق المعبر اعتبارا من يوم الخميس الماضي (5/2) محل انتقادات في الشارعين المصري والعربي لأنه يسهم في الموت البطيء والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني إرضاء للمطالب الصهيو ـ أمريكية، فقد اعتبر اتحاد المحامين العرب أن الشرط الرئيس لفتح معبر رفح مع القطاع هو قبول حركة حماس وفصائل المقاومة بالإملاءات الصهيونية، متهما القاهرة بالتخلي عن دورها وواجباتها حيال الصراع العربي الصهيوني من خلال ترك الفلسطينيين يموتون جوعا ومرضا وقتلا وقهرا على يد الاحتلال.
وقال عبد العظيم المغربي نائب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب: "إن قرار السلطات المصرية إغلاق معبر رفح بعد فشل المحادثات في القاهرة مع حركة حماس حول التهدئة مع كيان الاحتلال يبين بوضوح أن قرار فتح المعابر أصبح رهينا بقبول حماس وفصائل المقاومة بالشروط الصهيونية، الأمر الذي يعتبر غير مقبول وغير مبرر في أي حال من الأحوال".
وتابع المغربي إن اتفاقية المعابر انتهى مفعولها في عام 2006، مشيرا إلى أن القانون الدولي يلزم مصر بإلغاء الاتفاقية وفتح المعابر في حال تعرض مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني إلى الموت البطيء والإبادة الجماعية، مشيرا إلى موافقة حماس لشراكة مع السلطة في إدارة معبر رفح.
ونفى المغربي أن تكون مصر محايدة في النزاع الفلسطيني بل إنها منحازة إلى جانب الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس، معتبرا أن من المعيب على القاهرة أن تمنع دخول الفتات من التبرعات إلى الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر.
حصار صهيوني ـ عربي
من جانبه؛ اعتبر الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري أن الحصار على غزة ليس حصارا (صهيونيا) فقط بل هو حصار عربي - صهيوني في لحظة واحدة، مشيرا إلى أن القاهرة تتحمل المسؤولية الأساسية في موضوع فتح معبر رفح.
وقال أبو زهري في تصريح له يوم (6/2): "فتح معبر رفح ليست مسؤولية مصرية فقط بل مجمل النظام الرسمي العربي يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه ما يجري، وأن اتفاقية المعبر التي أبرمت في عام 2005 هي بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، لكنها مؤقتة بعام واحد فقط، منذ نوفمبر 2005 إلى 2006، أي أنها انتهت قانونيا".
وأكد أبو زهري أن مصر لم تكن طرفا في هذه الاتفاقية أصلا، وبالتالي ليس من المنطق أن تتحكم فيما يتعلق بهذه الاتفاقية.
وطالب الناطق باسم حماس مصر أن تفتح المعبر من جهتها قائلا: نحن كفلسطينيين مسؤولون عن الجهة الفلسطينية.
وأوضح أبو زهري "أن هناك 272 مريضا فلسطينيا توفوا بسبب عدم التمكن من نقلهم إلى الخارج للعلاج بسبب إغلاق معبر رفح"، مشيرا إلى" أن والدته من بين هؤلاء المرضى وهي تحمل رقم 35 من بين الذين توفوا بدليل إغلاق رفح".
مظاهرات الشارع المصري
واحتجاجاً من الشارع المصري على سلطات بلاده لتجديدها إغلاق معبر رفح تظاهر الآلاف يوم أمس الجمعة بالقاهرة مطالبين بفتح المعبر، مرددين شعارات : "فكوا الحصار" و"يا للعار يا للعار مصر مشاركة في الحصار.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
وتتعرض مصر لانتقادات من جانب فصائل فلسطينية وبعض الدول العربية لإبقائها المعبر الحدودي مع غزة مغلقاً.