لطالما تم استبعاد النصوص التي تدخل في خانة أدب الرسائل من مجال البحث والدراسة، كما أن العديد من المبدعين والمثقفين يتحملون المسؤولية في ما يخص الحضور الخجول لهذا الجنس التعبيري في ساحتنا الثقافية، حيث لا يتم الالتفات إلى الرسائل التي خطتها أناملهم والعمل على نشرها. وهناك من يرى أن هذه الرسائل عادة ما تثير ما هو حميمي وجد خصوصي، ومن ثم يقع التحفظ من نشرها. لا يزال أدب الرسائل بالمغرب إذن، يشكو من إقصاء لا مبرر له من لدن المثقفين والفاعلين الجمعويين المهتمين بالشأن الأدبي. إن إقصاء أدب الرسائل من ساحتنا الثقافية، يبرز مدى جهلنا بالقيمة الموضوعية والفنية لهذا الأدب باعتبار أنه يشكل وثيقة هامة بالنسبة للمؤرخين والباحثين في مختلف التخصصات. فعن طريق الرسائل يمكن لنا الإحاطة بالبيئة التي أنتجت فيها والكشف عن طريقة تفكير وعيش أصحابها ومن يعاصرونهم، والإلمام بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية المرافقة، لا بل تتيح لنا الرسائل الإطلاع على المناخ الذي يسود خلال كتابتها وعلى تفاصيل وجزئيات مختلفة، من النادر جدا أن تفيدنا بها الفنون والأجناس التعبيرية الأخرى. من ثم تبرز مدى أهمية أدب الرسائل، وقد اهتدى إلى ذلك العديد من المجتمعات منذ زمان بعيد. فكم من الإصدارات التي ضمت الرسائل المكتوبة من طرف الأدباء والفنانين وغيرهم من الشخصيات التي تحظى بوضع اعتباري ورمزي، وكم من الجمعيات والنوادي ومجموعات البحث التي اعتنت بتوثيق ونشر أدب الرسائل وتنظيم ملتقيات حوله وغير ذلك من الأنشطة، وكم من المواقع الإلكترونية التي أنشئت خصيصا لأجل خدمة هذا الأدب بالذات. أين نحن من كل ذلك؟ ليس هناك في حدود اطلاعي أي موقع إلكتروني مغربي خاص بأدب الرسائل. ليس هناك أي جمعية أو نادي مغربي له اهتمام بأدب الرسائل، من بين المئات من المنظمات المتخصصة في هذا الشأن الثقافي أو ذاك. ليس لدينا كذلك أي مجلة أو جريدة تعنى بأدب الرسائل. فلا أحد باستطاعته أن يقنعنا بأن مثقفينا وسياسيينا وأدبائنا وغيرهم من الشخصيات البارزة، لا يتبادلون الرسائل مع بعضهم البعض، أو مع غيرهم داخل الوطن وخارجه. ولا نملك إلا أن نحيي بالمناسبة الكتاب المغاربة الذين استطاعوا أن يجمعوا رسائلهم ويصدرونها في كتاب، وهم يعدون على رؤوس الأصابع على كل الحال، آملين أن يتم رفع الغبن عن هذا الأدب الذي لا نشك في أنه عاجلا أم آجلا، سيتم إنصافه وإعادة الاعتبار إليه.
تشكر أخي على الموضوع الشيق ... فعلا أدب الرسائل باب له نكهة خاصة في الأدب ... فعن طريقه نستطيع أن نعرف جوانب هامة من شخصية الاديب ... نعني هنا الرسائل المتبادلة بين الأديب و شخص آخر مثل الرسائل بين جبران خليل جبران و الاديبة مي زيادة فبالإضافة إلى قيمتها الفنية عرفتنا على جانب مهم من حياة الاديبين و علاقتهما ... و هي لم تكتب في البداية للنشر و إنما قصد التواصل ... و يبقى الاديب فنانا حتى في علاقاته الحميمية ... و نذكر هنا رسائل الاديب المصري أحمد أمين إلى ولده (إلى ولدي ) و نحن لا ندري هنا هل هي رسائل أم عبارة عن كتاب ادبي لانها كتبت قصد النشر ...
و هناك ما يصطلح عليه قديما بالرسائل مثل رسالة التوابع و الزوابع لابن شهيد الأندلسي و رسالة الغفران لأبي العلاء المعري فهي مؤلفات تكتب قصد النسخ و القراءة و إن كانت هذه الأخيرة كتبت ردا على رسالة لابن القارح إلى المعري ... وهذا باب واسع لا مجال لاستقائه في هذه العجالة