كتبهاabdelkrim elkaichouri ، في 25 نوفمبر 2008 الساعة: 19:49 م
من أجل معيرة النظام التربوي الوطني
ما زالت المسألة التعليمية في المغرب تطرح العديد من الإشكالات الجوهرية ذات العلاقة مع المقررات والبرامج التعليمية.فالعملية التعليمية برمتها ، تحتاج إلى إعادة النظر في عدد من جوانبها، ارتباطا بما استجد في عالم التدبير المعرفي، وبالنماذج المعروفة في هذا المجال.
بعض مكامن الخلل في المنظومة التربوية.
مفهوم القرية الشمولية الذي تم ابتكاره بداية ثمانينيات القرن الماضي، هو الآن يتحقق على مستويات عدة، وبوتيرات مختلفة حسب إرادة كل دولة على حدة، ورغبة هذه الدولة في الانخراط في التحول الدولي الذي يتجه نحو الاستفادة من الطرق العلمية والمبتكرات التكنولوجية وغيرها.
المستوى التربوي هو الآخر يتجه بقوة نحو الاستفادة من هذه الطرق وهذه المبتكرات العلمية.
مجموعة من الدول الإفريقية الأكثر تخلفا على مستوى القارة الإفريقية اتبعت هذا النهج القائم على معيرة النظام التربوي المحلي على أسس معيارية دولية علمية. هذه المعيرة ساعدتها على ربح المسافات الزمنية في مجال تقدم منظومتها التربوية.
الدول الأكثر تخلفا المعنية بهذا الحكم هي: رواندا ، لبوركينافاسو ،موريتانيا، الغابون،الجزائر، جيبوتي وغيرها. المنهاج التربوي لدولة جيبوتي والتي احتلت على مستوى الدول العربية المرتبة الثالثة عشرة غير بعيدة عن المغرب الذي احتل المرتبة الحادية عشرة في آخر تقرير للبنك الدولي الصادر شهر فبراير2008 . هذا المنهاج التربوي ابتدأ مسلسل تحديثه فقط سنة1999، بمعنى أنه ابتدأ في نفس السنة التي ابتدأ فيها تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المغرب، علما أن النظام التربوي الوطني هو نظام تاريخي عريق ويضرب في القدم. هذه العراقة وهذا القدم هما اللذان جعلانه يحتل المرتبة الحادية عشرة ضمن مجموعة من الدول الأكثر تخلفا في العالم.
النظام التربوي لدولة جيبوتي ابتدأ التفكير في عملية تحديثية سنة 1999 وعرف أول إجراءات تجريبية سنة 2001. خلال الموسم الدراسي 2001-2002 تم تطبيق نفس التجربة على السنة أولى ابتدائي خصت14 مدرسة ابتدائية. في الموسم الدراسي 2002-2003 تم تطبيق نفس التجربة على نفس عدد المدارس، لكن هذه المرة تخص السنة ثانية ابتدائي. سنة 2003 تم استنتاج الخلاصات على مستوى نتائج التلاميذ أو على مستوى النتائج التي أسفرت عليها بعض البحوث الدولية كبحث- بيرلس- الذي شارك فيه المغرب سنة 2006 ضمن 45 دولة ، والذي أسفر على نتائج مهولة فيما يخص القراءة والفهم لدى فئة عمرية من التلاميذ المغاربة… في المغرب يتم استنتاج الخلاصات التربوية والتعليمية على أساس خيارات سوسيو سياسية. الخيارات السوسيو سياسية تتجلى في التقارير السنوية للأكاديميات التي يمكن الرجوع إليها لملامسة هذا الخيار السوسيوسياسي. يكفي فقط للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المشرفة محليا وجهويا على المنظومة التربوية أن تدلي ابتداء من أواسط شهر فبراير بحضور وزير التربية الوطنية.. بتقاريرمالية تبرر بها مصاريفها المحلية والجهوية بالإيجاب.
في البرنامج التجريبي لدولة جيبوتي تم اعتماد برامج دراسية مشكلة فقط من كفايتين أو ثلاث كفايات أساسية لكل مادة مدرسة، وتم تحديد ست كفايات فقط لكل المواد المدرسة خلال الموسم الدراسي بأكمله. أما في المغرب فعدد الكفايات وطبيعتها حدث ولا حرج.. في دولة دجيبوتي الكفايات المستهدفة في مادتي اللغة الفرنسية مثلا السنة ثانية ابتدائي والرياضيات للسنة أولى ابتدائي هي كالتالي:
اللغة الفرنسية: إنتاج نص مكتوب معبر وذي دلالة لا يتجاوز جملتين مفيدتين حول وضعية تواصلية محددة- السنة ثانية أساسي-
الرياضيات: تحليل وضعية دالة تخص جمع أعداد صحيحة من 0 إلى 100ـ السنة أولى أساسي ـ
التنظيم المحكم للمنهاج هو الشرط الأساسي لنجاح أداء المنظومة التربوية. في دولة دجيبوتي المنهاج التربوي جد محكم حيث يتم تقسيم السنة الدراسية إلى خمس مراحل. كل مرحلة تدوم ستة أسابيع، بمعنى ثلاثين أسبوعا في السنة عكس المغرب التي تدوم فيه الدراسة أربعة وثلاثون أسبوعا بدون فائدة وبدون مردودية تذكر. الأسابيع الأولى لكل مرحلة ـ خمسة أسابيع ـ تخصص لتدريس المعارف الأساسية التي سوف تغذي الكفايات، خلال الأسبوع السادس لكل مرحلة. يقوم المدرس بإيقاف تلقين المعارف سواء المعارف الأساسية أو المعارف الإنجازية أو الطبائع
SAVOIR FERE - SAVOIR ETRE
ويركز كل مجهوداته على الوضعيات الصعبة والمركبة. خلال هذا الأسبوع يقوم المدرس في البداية بتقديم نموذج لإدماج معارف بداخل وضعية صعبة يتم التمرين عليها جماعة وبعد ذلك بشكل فردي، وهذه المرحلة هي بمثابة تقويم تكويني لإنجازات التلاميذ من الضروري مواكبتها بحصة تقويمية حسب أخطاء التلاميذ وهفواتهم. المنهاج التربوي لدولة دجيبوتي تم بناؤه بمساعدة خبراء دوليين في مجال بناء المناهج. هؤلاء الخبراء الدوليون هم وراء ما أصبح يصطلح عليه حاليا ببيداغوجيا الإدماج التي بالكاد ابتدأ المغرب بداية موسم 2008 في تجريب طرقها ومناهجها على أكاديميتين، هي الأكاديمية الجهوية لجهة الشاوية ورديغة، والأكاديمية الجهوية لجهة مكناس تافيلالت….
هذا المقال لبودريس درهمان بجريدة الأحداث المغربية حاول من خلاله رصد المستجدات التي عرفتها المنظومة التربوية انطلاقا من الحركية التي عرفها الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، والذي كانت تعقد عليه الآمال الكبيرة في تغيير النمطية التي ابتلي بها النظام التربوي خلال سنين عدة.. ومن هذا المنطلق أرى بأن بودريس حاول في عملية الجرد هاته إعطاء نظرة مغايرة انطلاقا من مسار دولة دجيبوتي والتي عرفت بدورها إعادة النظر في منظومتها التربوية انطلاقا من دراسة الخبراء المحليين والدوليين لمناهجها وبرامجها.. فهي عرفت كيف تستثمر هذه الدراسات للخروج بحلول ناجعة, حول أجرأتها بطرق علمية ، وبمواكبة لمسارات المتعلمين انطلاقا من الأهداف المرسومة والمتوخاة بلوغها، معتمدة على المدرس في تكوينه لبلورة كنه البرنامج والمنهاج.![Wink](images/smilies/wink.gif)