الحـــــــلقـــــــة 8
التغلب على الوحدة
البيت الذي أعيش فيه، من بناء السكان، من الحجر والتراب، غير مبلط
مسقف بالأخشاب والقصب المغطى بالبلاستك، وعلى البلاستيك وضعت ما يقارب حمولة شاحنة من التراب، استعمل لفترة، حجرة دراسية، قبل بناء قسم من البناء المفكك،
لما فتحته ،عبارة عن مستودع مهجور، بيوت العناكب تؤثث جنباته، ثقوب في كل مكان،طاولات متناثرة هنا وهناك ،سرير مكون من الطاولات المركبة من بعضها البعض،لا شك أن فكرة إنجاز سرير على هذه الشاكلة هي من توقيع الأستاذ السلاوي،قبل أن يطير ليه الفريخ، فكرة جهنمية من حيث المبدأ،لأن المكان يعج بالعقارب، وأية عقارب؟ سمها غير مغشوش، حر
مثل عسل المنطقة، كرمها يوازي أو يفوق كرم السكان المحليين، حين رأيتها، حجمها يساوي كف اليد، مشعرة بلون يميل للصفرة.
النوم فوق الطاولات، إجراء وقائي فعال، لأن العقارب لا تستطيع تسلق الأرجل الحديدية للطاولات، على الأقل سأنام عليها في سلام.
تصورت أني سأموت بلسعة عقرب بعيدا عن أهلي،سأموت شهيد الرسالة التربوية، لاشك أن الوزارة ستذكرني كل سنة، يوم 5 أكتوبر بمناسبة اليوم العالمي عيد المدرس، وفي الوزارة سيقرؤون الفاتحة على روحي الطاهرة، سأموت قبل الأوان
لا، لا، لا أريد أن أموت، سأنتقل؟سأتحمل حتى أرسم، لأن الحركة الانتقالية مشروطة بالترسيم،سأتحمل سخافات الفقيه حتى لا ينقل للسيد المدير أية أخبار عني،ألم يكن الفقيه سببا في تأجيل ترسيم السلاوي؟ ؟؟، الذي لازالت وضعيته معلقة منذ سنين.
قررت أخيرا أن أصلي في المسجد وأن أواظب على الصلاة خلف الفقيه، مع العلم أني كنت قبل هذا التاريخ مترك كما يقال، وقررت أن أضرب عصافير لا عصفورين بحجر واحد:
ـ أن أقوم بواجبي تجاه ربي
ـ أن أتعبد لخالقي، وأكثر من الخشوع والصلاة والابتهال لكي يستجيب الله لدعواتي
ـ أن أنفتح على الفقيه والشيوخ وأندمج مع الواقع الجديد
ـ أن أكسر الوحدة القاتلة لكي يمر الوقت بسرعة وتحل العطلة
ـ أن أحصل على التوازن النفسي والعاطفي اللازمين
ذهبت للمسجد وأنا أرتدي سروال جيينز،لما رآني الفقيه، قال لي:
ـ لا تكن عاريا هكذا، البس فوقية مثل الناس،
وبما أنني لا أتوفر على فوقية، بعثت في طلب واحدة،
في الحقيقة، تلبية طلب الفقيه، اعتبرته أول تنازل من جانبي، ندمت عليه لاحقا، لأني لم أكن مقتنعا بارتداء الفوقية، ولم أكن عاريا كما بدا له.قلت مع نفسي: ادفع بالتي هي أحسن،
كان الفقيه يعتني بمظهره فلاحظت، حين كنا متحلقين حول مائدة العشاء أن جواربه مثقوبة،أسرعت لحقيبتي وأخرجت الجوارب،
تلك التي اقتنيتها من انزكان، وقدمتها له لما كان لوحده:
ـ خذ هادو، جابهم لي خويا من الطاليان.( الله يسمح لي كذبت)
فرح بها أيما فرح
وفي الغد،قال أمام الشيوخ مشيرا إلي بسبابته:
ـ غوانا إيشوا (زعما: هذا مزيان)
حرك الشيوخ رؤوسهم كالعادة بالإيجاب
في اليوم الموالي، قدم عندي الفقيه للقسم، سلم علي وقال:
ـ إن كنت تحتاج للنقود، اطلب، أعطيك ما تريد،
أجبت دون تردد:
ـ نعم
فسلمني مبلغ 500 درهم
أخذتها وقلت مع نفسي: والله يا سي حسن ، لو ترتكب حماقة مثل تلك التي ارتكبتها مع الأستاذ السلاوي، أو تنقل أي كلام للسيد المدير،
يكون له تأثير على ترسيمي، حتى 500 درهم، كان ليها الله
ما طالعاش، ما طالعاش
ضمنت على الأقل 70 في المائة من الترسيم