النظرة الثامنة والثلاثون
نوم عميق؟؟فريدة؟أنت تتقلبين في فراشك كعاشق ينتظر أول مواعيده الصباحية أنت دوما هكذا...أما زالت أمي تستبيح جسدك؟؟صفعا وركلا كما تفعل بي "للا" في يومياتي أم أنها كفت؟؟
"امحيجيبة"...سي عباس...أوه رباه...
-"زول"...الفوطة ..آ...بوطا ..
-للا...؟إيه ...آ...حاضر .
سمع صوت جرس الباب ،الساعة تشير إلى الثانية والنصف زوالا ،هبت "زول" لفتح الباب ،ليس بالمنزل سواها ،الكل خرج،السيد "حسن" حمل محفظته منذ ربع ساعة تقريبا ،خرج بعد أن حدجها بنظرة غير بريئة ،بحدسها عرفت ذلك...،قلما يخطئ حدسها ..
"جيهان" اليوم يوم سبت ،لا تعود للغذاء معهم، "الحسين" ذهب إلى فصله حوالي الواحدة والنصف ..."نسرين بعد خروج أبيها ،غيرت ملابسها بسرعة فائقة ،أخذت الحقيبة الجلدية السوداء ،حيرت "زول"هذه الحقيبة السوداء...أين تذهب بها هكذا بهذه السرعة ،لم تتحين فرصة خروج الكل لتتزين بالشكل نفسه وتنتعل الحذاء الأحمر الخفيف كما كانت تفعل ،بقيت لوحدها ،تعلم أنها ستبقى كذلك إلى غاية السادسة إلا ربعا وستكون "نسرين" أول العائدين ...لكن اليوم يقرع جرس الباب ؟وفي هذا الوقت؟ نزلت الأدراج بخفة ،تعلمت أن تسرع ،عليها لباس حريري برتقالي اللون،تنتعل حذاءا خفيفا يسعف خطاها المسرعة ،فتحت الباب ،رسمت هيأة رجل سمين أمام عينيها ،أصلع...بجلباب بني فضفاض ،لم يكن صعبا التعرف عليه:
-عمي "برحيل" أهلا..
-أنت على ما يرام "زليخة"؟أهل الدار..
النظرة التاسعة والثلاثون
لا يوجد أحد سواي...
-أين ذهبت "جيهان"؟؟
-خرجت صبحا ...لاأعرف..
لم تكن زيارته هاته الأولى ،يعرف السيد "حسن"و"جيهان" حق المعرفة ،تعلم بمجيئه حتى ،فقبل خروجها قالت:
-"زول" لا يدخل أحد منزلي هذا في غيابي ..مفهوم؟؟
-مفهوم للا..
أعقبت وهي مبتسمة ،إياك إن أقبل عمك "برحيل"أن ترديه عنا ،أدخليه وأكرمي مثواه حتى أحضر....لهذا كله لم تتردد ولو ثانية في تنفيذ أوامر اللالا :
-تفضل عمي "برحيل" ..تفضل..
يعلم أن "جيهان" أوصت هذه البلهاء ..بلهاء؟ ما أغباك ..انظر إلى هذا القد ،إلى هذه المشية ،إلى هذ..،هذه هي الشبيهة بأمها بكل تأكيد... انظر يا بليد لهاتين الشفتين ...
أحكمت إغلاق الباب سارت أمامه ،هذه العجيزة النامية ...بلهاء ؟؟هيفاء..غبي..تنهد ،بسمل ،تبسم، كبر وحوقل وهو يصعد الدرجات متمسكا بالعمود الحديدي الجانبي ،أجلسته ،بل جلس ...في القاعة الكبرى أمام الطاولة الزجاجية بالذات ،وهو في نفس المكان يجلس دوما ،مقابل المطبخ ،تأملها للحظة :
-شاي منعنع ....
-حاضر..
ألفت هذه الكلمة ،أصبحت جزءا منها ،لا تفارق لسانها ،حاضرة دوما ،حاضرة أبدا ،لاحظت نظراته المحدقة فيها وهي تتجه نحو المطبخ ..
-لعنة الله على أصل...
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قالت ثم دلفت إلى المطبخ .
النظرة الأربعون
- بونيس ضاس ...
- تفضلي .."جيهان" برافو...
هي في زيها السبتي ...قميص أبيض رقيق شفاف ،مفتوح حول جيدها يبدي أعلى ثدييها ،سروال "جينز"
أسود ،باد أنه يتحمل الكثير في حمله لكل هذه الأرداف ،اعتمرت أيضا قبعة زرقاء مخططة بالأحمر ،هي آخر هدية من صديقتها "ماريا" ...
ولجت سيارة المرسديس السوداء ،أغلقت الباب ،وضعت قبعتها جانبا ،مررت أصابعها في شعرها المقصوص على طريقة "مونرو" نظرت إليه:
-تراباخو؟؟؟
-سي.... تراباخو... سبادو ..سي ...تراباخو..سي...
-على بركة الله...شغل هذا الشيطان الرجيم..
-مومنتو...
- الوقت المحدد أربع ساعات ،أربع وأربعون دقيقة ...ديمارا..
منذ وصولها إلى مدينة "الناضور" تحاشت "امحيجيبة" الظهور في شوارع المدينة ،في أول أيامها بعد نزولها من سيارة الأجرة التي استقلتها ،يومها كانت مرتبكة وهي تبحث عن القماش الأبيض في مكانه المعلوم لتعطي صاحب السيارة الورقة التي بلل جزء منها بالعرق ،حدجها بنظرة فاحصة استبطأها ،أخرج حافظة نقوده لكي يرد لها المبلغ المتبقي ،نظر إليها مرات أخرى فيما هو يحسب الأوراق المالية من فئة خمسة دراهم :واحد..اثنان..ثلاثة.. باسم الله ...
همت أن تمسك بالمبلغ ،تعمد أن يلامس راحتها ،نظرت إليه ..قال:
أوصلك إلى حيث تريدين...