بصراحة أخي بوجنيح يومياتك سلسة ومشوقة جعلتني أسترجع شريط ذكرياتي التي مضت عليها زهاء26 سنة، إنها لا تختلف عما عانيته أخي بوجنيح لقد ذكرتني بالدوش الحمام (مكان الوضوء) البهو المخصص للوضوء الصغير. والبيوت الصغيرة المظلمة المخصصة للوضوء الكبير، وكنت أيضا أستعملها للدوش، والبيت الخاص لتدفئة ماء الوضوء ،والذي تتدلى من سقفه السلسلة الحديدية،التي علق عليها الإناء النحاسي، بل كل شيء حكيته كان نظيره في مكان تعييني [فرعية تافتشنا التابعة ل م/م تدسي 60 كلم بيست عن زاكورة].
قضيت به 7 سنوات وخرجت منه أتساول تشلحيت بامتياز و أتحمل مشي المسافات الطويلة على الأقدام و..
من أحلى الذكريات النادرة :
كان سكان المنطقة يحتفلون بموسم سيدي امحمد أوسعيد الضريح المتواجد هناك،وقتها كان التلاميذ يقاطعون المدرسة ،ويتفرغون للتجول بين خيام الموسم والتفرج على أحواش ، أما أنا وصديقي محمد وسعيد ،كنا نتجاذب أطراف الحديث في ساحة المدرسة.
إلى أن فاجأتنا سيارة ذات الدفع الرباعي يمتطيها قائد زاكورة ، الذي حل معلنا بداية الموسم ،وبالمناسبة عرج على المؤسسة باعتبارها مصلحة تابعة للدولة. تجاذبنا حديثا مقتضبا قد لا يتجاوزالتعارف و كيفية التعامل مع أناس المنطقة و الغربة والمعاناة ليودعنا على أمل اللقاء مستقبلا لنناقش المشاكل والصعوبات التي تعترضنا ،والتي بإمكان القيادة إيجاد حلول لها.
عدنا إلى حالنا نشرب كأس الشاي ـ القاسح ذو الرزة، الذي لم نستسغه في أيامنا الأولى بتافتشنا والذي مالبث إلا أن أصبح كأس مدامةـ، و نفكر فيما سنتناوله اليوم في الغذاء
هل علب السردين المعلب كالعادة (ايسلمان)أم مشروع دجاج (البيض تيكلاي) وبين هذا وذاك وقف علينا الشيخ اعلي .
ـ السلام عليكم، تكلم أسي حافظ انت واسي موح والسي اسعيد للسي القايد
إستغربنا الخبر وبذاكرتنا تدور عدة أسئلة عم يريده القائد منا؟ هل وشاية من أصحاب الدشر كغيرها التي كانت تصل إلى المدير يوم الخميس بسوق بني زولي أم هناك مستجد لم يخطر لنا على بال
حاولنا استنطاق الشيخ دون جدوى
وكما ينص الحديث على إجابة الداعي لبينا الدعوة ورافقنا الشيخ اعلي إلى (تكمين تقبيلين 3نقط على الكاف) دار الضيافة.
وفور وصولنا علمنا أن الأمر ليس وشاية من أهل الدشر وإنما لحضور وليمة الموسم التي أعدت خصيصا للسيد القائد والذي أمره باستدعائنا أما الشيخ لم يكن يرغب في هذا.
وجدنا القائد والمخزني السائق والخليفة في الغرفة .
تبادلنا التحية والسلام و كؤوس الشاي واللوز و الكركاع وأجود أنواع التمور.
وتجاذبنا أطراف الحديث والشيخ ينش الذباب على القائد والخليفة والمخزني وعلينا مرة مرة.
بعد نصف ساعة تقريبا بدأت الصحون تلج الغرفة ولا أراني قادرا على وصف مادخل علينا لقد كان دجاجا بلديا وخروفا مشويا وكسكسا ولحما بالبرقوق وكل مالذ وطاب من المأكل والمشروبات الغازية وصحون الفواكه المتنوعة، وتخنزيرات الشيخ ترمقنا مرة مرة وإلحاح السيد القائد علينا بالأكل ..وملئت البطون وودعنا القائد وهو يوصي الشيخ :
ـ تهلا في المعلمين آشيخ.
كانت بتافتشنا ذكرى يتيمة
عشتها بين ذكريات أليمة