إجراءات مراقبة صارمة تخيب آمال المترشحين في محاولة الغش (مشواري)
ذرف تلاميذ، صباح أمس الثلاثاء، دموعا، وبدا آخرون متذمرين ساخطين، حسرة على عدم توفقهم في الإجابة عن بعض أسئلة مادة الفيزياء والكيمياء "شعبة العلوم التجريبية"، أو تركهم ورقة الإجابة ناصعة البياض، في أول اختبار من امتحانات البكالوريا للدورة العادية 2009
في حين كان آخرون منشرحين يتحدثون إلى زملائهم وآبائهم بنفسية مطمئنة ومرتاحة لأجوبتهم.
أمام باب الثانوية التأهيلية شوقي، التابعة لنيابة أنفا، المحروس من قبل رجل أمن، وآخر من القوات المساعدة، إضافة إلى حراس أمن خاصين، كانت علامات التوتر بادية على بعض أولياء التلاميذ، الذين كانوا ينتظرون خروج أبنائهم بفارغ الصبر، حوالي العاشرة والنصف صباحا، للاطمئنان على الأجواء التي مر فيها الامتحان، ومدى توفق فلذات أكبادهم في اختيار الأجوبة الصحيحة.
وبينما كانت أم ترفع أكفها متضرعة إلى السماء "يا ربي تسهل عليهم جميعا"، شرع تلميذ، كان يعول على أشياء أخرى غير ذاكرته ونباهته لتحصيل الشهادة، في تقطيع أوراق بيضاء صغيرة على شكل "حروز" إربا إربا، وهو يتحسر قائلا لزميله "تفو على زهر، مقضيت بيهم والو".
وغير بعيد عن باب الثانوية، جلس 3 تلاميذ، أحدهم يرتشف سيجارة شقراء، في حديقة محاذية للمؤسسة، وانهمكوا في مقارنة الأجوبة مع ما جاء في المقرر الدراسي، وبدت على وجوههم ملامح الغضب والتوتر، وسرعان ما طفق أحدهم يضرب كفا بكف حسرة على الجواب الخطأ، ويعض على شفتيه بأسنانه، متلفظا بكلمات نابية.
مع مرور الوقت، توالى خروج التلاميذ من قاعات الامتحان، وبدأت الحديقة المقابلة للثانوية تكتظ بالسيارات والتلاميذ وأولياء أمورهم، لتتلاحق التعليقات على أجواء الامتحان، وهذا مشهد حي منها، "ناري حمزة أنا مدرت والو، "لبنى كيف دوزتي، والو داكشي صعيب، جاوبت غير على شي حاجة، وحطيت الورقة وخرجت"، "أنا جات فيا الطاولة الأولى، تفو على زهر"، "واحد التلميذ كان جاي في طاكسي ودار بيه كسيدة، وملي جا معطل مدخلوهش، بغا يتصطى وبقا تيبكي"، "أولاد الحرام زيرونا مخلونا نديرو والو"، "عشيري قالو ليا فركعتي الورقة بالأجوبة المناسبة"، "ناري أنا قفرتها لم أجب على السؤالين الأخيرين"، "الحمد لله كان داكشي معتبر"، "بداية خايبة غادي يكون مشحر داكشي".
حوارات هنا وهناك وفي كل مكان، اقتربنا من تلميذين وبادرناهما بالسؤال عن الأجواء، فرد أحدهما قائلا "عادي، الأسئلة كانت تقريبا في المتناول، ومن استعد بشكل جيد سيجيب بكل سهولة"، وتدخل زميله مقاطعا "تكرفسنا في الطريق، كون غير خلونا ندوزو الامتحان في الثانوية التي ندرس فيها، مكانش يديرو لينا هكذا".
وعلى مقربة من التلميذين، تحلقت تلميذتان حول زميلة لهما جلست القرفصاء، وعيناها مغرورقتان بالدموع، وكانت تلطم بيديها على خذها مرددة "والو، والو، مدرت حتى حاجة".
ودنت أستاذة من تلميذ كان يروي لأصدقائه ما وقع له في قاعة الامتحان "عصبني، واحد القرع متفاكش معايا، وهددني بأنه سيسحب مني الورقة"، وضربت الأستاذة بكفها على كتفيه قائلة "جمع راسك أولدي، واعتمد على نفسك، داكشي ديال الصداع اللي كدير غادي غير يجبد عليك المشاكل".
وقال مسؤول تربوي بالثانوية التأهيلية شوقي، التابعة لنيابة أنفا، إن أجواء الامتحانات هذا الصباح مرت في ظروف عادية، لم يجر فيها ضبط أي حالة غش، مشيرا إلى أن النظام الذي طبق هذه السنة، القاضي بنقل المترشحات والمترشحين إلى مراكز امتحان أخرى، عوض الثانوية التي يدرسون بها، جعل الفرص متكافئة بين جميع التلاميذ، وأيضا حد من ظاهرة الغش.
وفسر المسؤول ذاته هذا الأمر بالقول "جرى تغيير مركز الامتحان على حسب الشعبة في إطار عملية تنظيمية، بحيث يكون التلاميذ لا يعرفون الأطر التربوية التي تحرسهم، وأيضا تكون الثانوية جديدة عليهم، ما يؤدي إلى تكافؤ الفرص بين الجميع، ويجعل التلاميذ الذين يحاولون الإقدام على الغش، يفكرون ألف مرة".
وذكر المسؤول نفسه أنه جرى القيام بمراقبة صارمة داخل قاعات الامتحان، وتثبيت الضوابط المنصوص عليها لإجراء الاختبار داخل كل قاعات الامتحانات، وأهمها عدم استعمال الهاتف المحمول، مشيرا إلى أنه يجري تفتيش أي تلميذ مشكوك في أنه يحمل شيئا مخالفا لهذه الضوابط، لينزع منه، ويتخذ الإجراء المناسب في حقه.
وأوضح المسؤول التربوي أنه جرى أيضا، تكليف الأستاذات بمراقبة التلميذات اللواتي يضعن الحجاب والمشكوك في أمرهن، للتأكد إن كن يضعن سماعتي الهاتف تحت غطاء الرأس أم لا، إضافة إلى الحرص على إزالة قبعات الرأس بالنسبة للتلاميذ لتلافي أي محاولة غش محتملة.
وقالت تلميذة لـ "المغربية"، "الحمد لله، أسئلة مادة الفيزياء كانت في المتناول، تقريبا جميعها تطرقنا لها في المقرر الدراسي"، في حين تمنت زميلتها التوفيق للجميع في ما هو آت من المواد.
وعاينت "المغربية" تلميذا يهرول نحو والدته، مؤكدا لها أنه كان موفقا في الإجابة وأنه متفائل لطبيعة الأسئلة بالنسبة لباقي المواد، وبدورها لم تخف الوالدة فرحتها بذلك، مؤكدة أن حضورها وباقي أولياء الأمور أمام المؤسسة هو دعم لأبنائهم.
من جهته، قال الميلودي مجيب، رئيس مصلحة الامتحانات بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالدارالبيضاء، إن ظروف إجراء الامتحانات، صباح أمس، كانت عادية ورائعة جدا، ومطبوعة بجو من المسؤولية والانضباط، موضحا أن عملية توزيع المترشحين على مراكز امتحان أخرى، بعيدا عن مؤسستهم الأصلية، أعطت نتائج حسنة، وجعلت الفرص متكافئة بين الجميع.
وبينما عقارب الساعة كانت تتحرك بسرعة، خاصة مع إضافة ساعة إلى التوقيت القانوني للمملكة، أسرع العديد من التلاميذ الخطى نحو سيارات آبائهم وأمهاتهم، في حين تحرك آخرون فرادى وجماعات نحو بيوتهم لتناول وجبة الغذاء. وانفض الجمع على أساس العودة إلى الثانوية، في الثانية بعد الظهر، لاجتياز اختبار اللغة الأجنبية الثانية
"لم أستعد جيدا، كنت أعول على الحروز، لكن زمتونا، والله حتى نموت معاهم"، كانت هذه آخر لقطة عاينتها "المغربية" في عين المكان، صدرت عن تلميذ، قبل أن يضرب بقوة بيده على هيكل سيارة.
اخشيشن: امتحانات الباكالوريا تعرف مشاركة نسبة كبيرة من الإناث
الرباط (و م ع)- أكد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، أحمد اخشيشن، أمس الثلاثاء، بالرباط، أن امتحانات الباكالوريا لهذه السنة، التي انطلقت في أجواء عادية، تعرف مشاركة نسبة كبيرة من الإناث، ونسبة أكبر للشعب العلمية والتقنية، مقارنة مع الشعب الأدبية.
وأضاف اخشيشن، في تصريح للصحافة عقب زيارة تفقدية للثانوية التأهيلية أبي ذر الغفاري اطلع من خلالها على انطلاق الدورة العادية لامتحانات البكالوريا، برسم الموسم الدراسي الحالي (2008 - 2009 )، أن هذه السنة تعرف أيضا نسبة كبيرة للمترشحين من التعليم الخاص، مقارنة مع السنوات السابقة.
وأبرز الوزير أن امتحانات الباكالوريا لهذه السنة تتميز بإدخال إجراءات جديدة، ذات قيمة مضافة لضمان جودة تنظيم هذه الامتحانات وضمان تكافؤ فرص فعلي لكل المترشحين والمترشحات، مضيفا أن هذه الإجراءات تتوخى أيضا تفعيل مبدأ الإنصاف، بناء على توفير الشروط نفسها بالنسبة لكل المترشحين في جميع المراكز، والحرص على أن تجري كل "العمليات المادية" لتنظيم هذه الامتحانات في شروط من الثقة والنزاهة التامة، لاسيما إيصال المواضيع الخاصة بالامتحانات في وقتها.
كما أن عملية تصحيح مواد الامتحانات لهذه الدورة، يضيف اخشيشن، تختلف عن الدورات السابقة، كونها ستجري بناء على مقاييس موضوعية، منها تصحيح المواد في إطار مراكز حتى يتمكن الأساتذة من التداول في ما بينهم حول بعض الحالات التي تحتاج إلى ذلك.
من جهتها، أبرزت مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط - سلا- زمور- زعير، التيجانية فرتات، في تصريح مماثل، أنه جرى توفير الشروط اللازمة حتى تمر هذه الامتحانات على مستوى الجهة في ظروف جيدة، منها التعبئة الشاملة ضد الغش، لاسيما بواسطة استعمال الهاتف المحمول.
وأشارت فرتات إلى أن المواضيع التي جرى طرحها لهذه الدورة لا تحمل مفاجآت بالنسبة للتلاميذ، على اعتبار أنهم سبق أن تمرنوا على طريقة حل مواضيع الامتحان.
يذكر أن عدد المترشحات والمترشحين لاجتياز الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، برسم الموسم الدراسي الحالي (2008 - 2009)، بلغ 315 ألفا و718، من بينهم 154 ألفا و521 مترشحة وهو ما يمثل 48.94 في المائة من مجموع الترشيحات. كما أن العدد الإجمالي للترشيحات، عرف هذه السنة ارتفاعا بنسبة 4.77 في المائة، فيما ارتفعت الترشيحات لدى الإناث بنسبة 12.87 في المائة، مقارنة مع دورة يونيو 2008.
المصدر: المغربية - 2009/06/036