رأي الاسلام في التربية بالعقوبة

[soufiane alaoui]

تقديم
منذ فجر الإستقلال والدولة المغربية تسعى الى "إصلاح" المنظومة التعليمية ولكن للأسف كلما أضافت جديدا إلا وتراجعت قرونا ، تاركة كل مهتم فاتحا فاه ، يسبح في تساؤلات واستفسارات أضحت مؤلوفة ووسيلة يخفي وراءها الفشل والتقصير وفساد المذهب فتارة يقال أن العيب في المدرس وتارة في المناهج وأخرى في تجهيز المؤسسات.
قد يكون كل هذا أو البعض منه صحيحا لكن الاهم هو التسائل حول المنبع الذي تستمد منه هذه الدولة إصلاحاتها وعلى أي منهج تبني أبحاثها؟
تأكد في السنين الأخيرة أنه مع مرور السنين وتقادم الأبحاث والدراسات وانغماسها في غمار الماضي أن كل الأفكار سواء في علم النفس أو علم الاجتماع أو علم التربية ....إلا وتم إعادة النظر في صحتها أو التفريط فيها جملة وتفصيلا أو أنها أنتجت مجتمعات منحلة فاشلة أخلاقيا وسياسيا وصناعيا....ماعدا تلك التي وافق جوهرها ولبها المنهج الرباني الإسلامي فقد قال عز وجل*ان الباطل كان زهوقا* والأمثلة في هدا الباب كثيرة سأتطرق لها بحول الله في مواضيع أخرى. لكن ما أسعى اليه في هدا التقديم هو حث اخواني الدفتريين على البحث عن كل قضايا التعليم في الشريعة الاسلامية وتنويرنا بما أخفوه(؟) عنا محاوليين إهامنا بأنهم يصلحون وماهم الا يؤخرون عنا نصر الله الذي لامحال قادم.
لقد حاولت اخواني أن أتناول أول موضوع وأتمنا من الله أن لا يكون الاخير واخترت له كعنوان التربية بالعقوبة ويرجع السبب في هدا الاختيار الى الضجة الرائجة حول استعمال العقاب خصوصا البدني في التربية ومحاولة الدولة محوه من مدارسنا بدعوى العنف المدرسي فما جنينا إلا أطفالا فاشلين دراسيا وتربويا ونفسيا وأخلاقيا وبنظرة سريعة الى الشارع المغربي ستقول لامحال "إو هادو مالقاوش لي يحكمهم"أو "خزيت على تربية"فهيا اخواني لنرا ما يقوله الاسلام في هدا الجانب.
العقاب في الاسلام
تدور الشريعة الاسلامية حول صيانة الضرورات الاساسية التي لا يستطيع الانسان أن يستغني عنها ويعيش بدونها...وقد سماها ائمة الاجتهاد الضرورات الخمس حفظ الدين ،حفظ النفس ،حفظ العرض ،حفظ العقل ،حفظ المال ) وقد وضعت الشريعة في سبيل المحافظة على هده الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدى عليها أو ينتهك حرمتها...وهده العقوبات تعرف في الشريعة باسم الحدود وباسم التعزيرات.
أما الحدود فهي :-حد الارتداد -حد قتل النفس -حد السرقة -حد القدف -حد الزنى -حد الافساد في الارض -حد شرب الخمر.
أما التعزيرات فهي عقوبات غير مقدرة تجب حقا لله أو لأدمي في كل معصية ليس فيها حدا ولا كفارة فقد تكون توبيخا وقد تكون ضربا وقد تكون حبسا وقد تكون مصادرة...
والعقوبة مهما كانت فهي العلاج الحاسم الحازم لمعالجة الشعوب وإصلاح الأمم وتثبيت دعائم الأمن والإستقرار في ربوع الإنسانية جمعاء...
الطريقة التي انتهجها إلاسلام لمعاقبة الولد
1-معاملة الولد باللين والرحمة هو الاصل:
-روى البخاري في 'الادب المفرد'(عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش )
-وروى الاجري عرفواولاتعنفوا )
والسيرة مليئة باهتمامه (ص) بالأطفال ورحمته بهم وملاطفته لهم وممازحته إياهم
2-مراعاة طبيعة الطفل المخطيءفي استعمال العقوبة:
الاطفال يتفاوتون فيما بينهم ذكاء ومرونة واستجابة...كما أن أمزجتهم تختلف حسب الأشخاص ، منهم صاحب المزاج الهادىء المسالم ومنهم صاحب المزاج المعتدل ومنهم صاحب المزاج العصبي الشديد...وكل ذلك يعود الى الوراثة والى مؤثرات البيئة والى عوامل النشأ والتربية.
فبعض الاطفال ينفع معهم النظرة العابسة للزجر والاصلاح والبعض الاخر يحتاج الى التوبيخ في عقوبته وقد يلجأ المربي الى استعمال العصى في حالة اليأس من نجاح الموعظة والتوبيخ والتأنيب...
فعند ابن سينا وابن خلدون لا يجوز للمربي أن يلجأ الى العقوبة الا عند الضرورة وأن لا يلجأ اللى الضرب الا بعد التهديد والوعيد وتوسط الشفعاء لإحداث الأثر المطلوب في إصلاح الطفل وتكوينه خلقيا ونفسيا...
المهم على المربي أن يكون حكيما في استعمال العقوبة الملائمة التي تتفق مع ذكاء الطفل وثقافته ومزاجه كما عليه أن لا يلجأ الى العقوبة إلا في المرحلة الاخيرة.
3-التدرج في المعالجة من الأخف الى الأشد:
هناك مراحل من المعالجة والتأديب يجب أن يمر عليها المربي قبل اللجوء الى الضرب لأن المربي كالطبيب -كما يقول الإمام الغزالي - فكما أن الطبيب لايعالج المرضى بعلاج واحد مخافة الضرر فكدلك المربي يجب أن يعامل كل طفل المعاملة التي تلائمه ويبحث عن الباعث الذي أدى الى الخطأ وعن عمر المخطىء وثقافته والبيئة التي يكتسب منها...
والرسول (ص) وضع أمام المربين طرقا واضحة المعالم لمعالجة انحراف الولد وتأديبه وتقويم اعوجاجه وتكوينه الخلقي والنفسي ...حتى يأخد المربون بأحسنها ويختاروا أفضلها في التأديب والمعالجة.
الطرق التي فتح معالمها المعلم ا لاول عليه الصلاة والسلام:
أ-الإرشاد الى الخطأ بالتوجيه
ومن دلك ارشاده (ص) لعمر بن أبي سلمة عندما كانت يده تطيش في الصحفة قائلا (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك)
ب-الإرشاد الى الخطأ بالملاطفة:
روى البخاري ومسلم أن رسول الله (ص) أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ فقال الرسول (ص) للغلام:أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟-وهذه هي الملاطفة وأسلوب التوجيه-فقال الغلام :لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا فتله (ص) في يده.
ج-الإرشاد الى الخطأ بالاشارة:
روى البخاري عن العباس رضي الله عنهما:كان الفضل رديف رسول الله (ص)،فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ،وجعل الرسول (ص) يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر .......
ه-الإرشاد الى الخطأ بالهجر:
وهنا أمثلة كثيرة سأقتصر على قصة هجر الرسول (ص) للذين تخلفوا عن غزوة تبوك والكل يعلم ما اسفر عنه هدا الهجر في تربية المخلفين.
و-الإرشاد الى الخطأ بالضرب:
قال (ص) :'مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشروفرقوا بينهم في المضاجع'.
ز- الإرشاد الى الخطأ بالعقوبة الواعظة:
يعني أن العقاب عندما يكون أمام الاخرين فإن العبرة تكون أبلغ والعظة تكون أقوى،قال تعالى:'الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة...'الى قوله تعالى:' وليشهد عدابهما طائفة من المؤِمنين'
لكن الاسلام حين أقر عقوبة الضرب فانه أحاطها بدائرة من الحدود وسياج من الشروط هي:
1-ألا يلجأالى الضرب الا بعد استنفاد جميع الوسائل التأديبية والزجرية
2-ألا يضرب وهو في حالة غضبية شديدة.
3-تجنب في الضرب الأماكن المؤدية كالرأس و الوجه والصدر والبطن...
4-أن يكون الضرب في المرات الأولى من العقوبة غير شديد وغير مؤلم. وأن تكون من واحد الى ثلاثة، وإذا شارف الولد على البلوغ ورأى المربي أن الضربات الثلاث لاتردع فله أن يزيد حتى العشرة لقوله (ص)' لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط الا في حد من حدود الله تعالى'.
5-الايضرب الطفل قبل أن يبلغ العاشرة من السن أخذا بالحديث 'واضربوهم عليها وهم أبناء عشر....'
6-اعطاء الفرص للولد اذا كانت الهفوة لأول مرة ، ويعتذر عما فعل، ويتاح له المجال لتوسط الشفعاء ليحولوا دون العقوبة مع أخد العهد عليه ، حتى لا يعود للخطأ مرة أخرى.
7-أن يقوم المربي بضرب الولد بنفسه ولا يكلف شخصا اخر بذلك.
8-إذا رأى المربي أن الولد -بعد إنزال العقوبة- قد انصلح أمره ،واستقام خلقه..فعليه أن ينبسط له ويتلطف معه ويبش في وجهه..
إذن فقد شرع الإسلام العقوبات وأرشد المربين اليها، وهنا تظهر البراعة في استخدامها، واختيار الصالح منها بقدر ما يحقق مصلحة الولد...وعلى الله قصد السبيل.
لمن أراد التعمق أكثر راجع كتاب "تربية الاولاد في الاسلام"ل د.عبد الله ناصح علوان

[نورالدين شكردة]

بارك الله فيك أخي سفيان العلوي على موضوعك الشيق وطرحك الشافي للظاهرة....
مرحبا بك دفاتريا متميزا من الوهلة الاولى وفي انتظار جديدك أحييك تحية الإسلام...

[soufiane alaoui]

شكرا أخي الفاضل نور الدين وأبقاكم الله مصباحا ينير الامة الاسلامية جمعاء

[ferrari3636]

المعلم خير من المعنف

[athari77]

شكرا أخي على الموضوع لكن لدي تعقيب يسير و هو أن الإسلام أحكام و ليس آراءا. فحبذا لو غيرت العنوان إلى حكم الإسلام بدل رأي الإسلام. جزيت خيرا.