سلسلة التكوين من اجل الترقي 5:
عنوان الدراسة:
التقويم لازمة إنجاح المدرسة و تجديدها المستمر
عبد اللطيف المودني
تتضمن هذه الدراسة ما يلي:
مقدمة:
في سياق التطور اللاحق للمؤسسات و التنظيمات و التجدد المستمر للمقاربات الهادفة إلى الارتقاء بسيرها وحسن تدبيرها ،عرف مفهوم التقويم امتدادا في دلالاته و تنوعا في معانيه وتوظيفاته،هكذا لم يعد استعمال هذا المفهوم مرتبطا فقط باختبارات التحصيل و قياس المكتسبات الدراسية و التكوينية أي بمختلف العمليات المندرجة عموما في ،إطار علم الامتحانات أو الدوسمولوجيا_1 ،و إنما اتسع مدلوله ليشمل تقويم المؤسسات و المنظومات و البرامج والمشاريع و السياسات.
1_La docimologie
بذلك أضحى التقويم اليوم ركنا من أركان التدبير الناجع،و الحكامة الجيدة،لازما عضويا لكل اصلاح،و أسلوبا برهنت الممارسات الجيدة،التي أتبتث جدارتها على قيمته المضافة العالية في تحقيق نجاح المنظومات و ترسيخ نجاعة المؤسسات،سواء تعلق الأمر بميدان التربية و التكوين أو بغيره من القطاعات.
1_ ما المدلول العام للتقويم؟كيف يشتغل؟و لأية أهداف؟
يعد التقويم في إحدى معانيه العامة ،آلية مساعدة على اتخاذ القرار لما يتيحه إعماله من معلومات بشأن واقع الموضوع المستهدف به،ومقارنة هذه المعلومات بالمعايير الملائمة،في اتجاه الاعداد لاتخاذ القرارات وتفعيل الإجراءات المرتبطة بها، وذلك باعتبار أن هذه العملية تعد في جوهرها مكملا ضروريا للتخطيط المعقلن.
يتخذ التقويم صبغة كمية كلما استند الى معطيات و نسب احصائية،قصد توجيه قرارات تغيير أو تعديل او تراجع او تقدم،حسب موضوع التقويم و اهدافه.في هذا السياق يكون المنطلق براغماتيا وملموسا يتوخى اكبر قدر من الموضوعية.
كما ان التقويم قد تكون له صبغة كيفية،حينما يعتمد التحليل و الفحص الكيفي،الذي يستمد مقوماته مما تتيحه بعض المعارف من أدوات ومناهج التشخيص و التحليل و التقدير،و المقارنة و الافتراض و التأاويل،وذلك استنادا الى اختيارات نظرية تتلاءم و نوعية موضوع التقويم و أهدافه.في هذه الحالة يكون المنطلق عقلانيا مشبعا بالمنطق،الذي يستنبط من تظافر معطيات نظرية،ترتكز على عمليات التمحيص الذهني،وعلى آليات الاستدلال المتوافرة عادة في العلوم الانسانية المطبقة على ظواهر الواقع او المؤسسات او البرامج او مردود الأشخاص و المجموعات،او على اداء منظومة بأكملها.
مهما كانت نوعية التقويم المتبع،فإن غايته الأساس تكمن في تثمين مواطن القوة وتجاوز مكامن الضعف فيما يتم تقويمه،وكذا قياس نجاعة ما يتم توظيفه من موارد،وما تتم برمجته من مشاريع ،ليتأتى التأكد من تقدير جدوى الاختيارات المرسومة لبناء تلك المشاريع.
2_ ما أهمية تقويم المنظومة التربوية؟
يعد التقويم مكونا جوهريا للمنظومة التربوية.تتجلى أهميته في كونه يتيح لذوي القرار المهنيين و لكل التربويين قدرا وافرا من المعلومات التي تمكن من مراقبة نجاعة أداء منظومة التربوية و تتبع سيرها بمختلف مكوناتها البيداغوجية و التنظيمية،في ارتباطها بمحيطها الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي.
من تم ،فحينما يتعلق الأمر بإصدار حكم على مكون من مكونات المنظومة التربوية يكون من المهم تحديد المعايير التي ستعتمد لبلوغ هذه النتيجة،بناء على قواعد و مبادئ دقيقة.وعلى العكس من ذلك،فالتقويم العشوائي يفتقر إلى الموثوقية و الإنصاف.من تم، تبرز عدم صلاحيته لبلورة قرارات سياسية او بيداغوجية في المجال التربوي.تكمن أهمية التقويم بالنسبة لمنظومة التربية و التكوين في كونه آلية استراتيجية لتوجيه اتخاذ القرار ،وضمان نجاعة القيادة الشمولية للمنظومة.
يتبع لاحقا