هرم أعمار المتعلمين تغير دون أن تستعد مؤسسات التعليم التأهيلي لذلك
دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهنيهذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني
هرم أعمار المتعلمين تغير دون أن تستعد مؤسسات التعليم التأهيلي لذلك
حررت مقالا سابقا يتعلق بحركية المتعلمين في المؤسسات التربوية التأهيلية بأكاديمية الجهة الشرقية ، وهي حركية باتت تواجه مصاعب نظرا لغياب الاستعدادات اللازمة لمواجهة انقلاب هرم أعمار المتعلمين رأسا على عقب كما يقال ،حيث صارت قاعدة الهرم من فئة تلاميذ السلك التأهيلي بعدما كانت من قبل من فئة تلاميذ السلكين الابتدائي والإعدادي. وها أنا أعود إلى هذه القضية من جديد للفت أنظار المسؤولين ، والرأي العام إليها . فمع علم الجهات المسؤولة بتحولات هرم الأعمار ـ بل هي الجهات التي كانت تكشف سنويا عن وضعية هذا الهرم ـ فإنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع هرم الأعمار الجديد، والذي يبدو أنه بدأ قبل موسم أو موسمين سابقين في التغير . وخلال هذا الموسم الجديد بدا مشكل أقسام مستوى الجذوع المشتركة جليا، إذ لا يقصد الآباء والأولياء مؤسسة ثانوية تأهيلية لتسجيل أبنائهم الجدد فيها إلا واجهتهم إدارتها بالاعتذار متذرعة بعدم استعداد بنيتها لاستقبال المزيد من التلاميذ الجدد في مستوى الجذوع المشتركة. وكان من المفروض أن يكون هاجس انقلاب هرم أعمار المتعلمين قد شغل المسؤولين قبل حدوثه ، وشغل إدارة المؤسسات التأهيلية من أجل احتواء المشكل الذي بدأ في التفاقم سنة بعد أخرى ، كما كان الشأن بالنسبة للتعليمين الابتدائي والإعدادي من قبل . وعوض أن تعرف المؤسسات التأهيلية تغييرات في بنياتها لتستوعب التلاميذ الجدد الوافدين عليها ،أصرت بعض إدارات هذه المؤسسة على إبقاء دار لقمان على حالها من أجل التخلص من كل وافد من المتعلمين الذين لا زال عدد كبير منهم يبحث عن مؤسسة تسمح باستقباله. ولقد صار تلاميذ الجذوع المشتركة في حكم الزوار الثقال في بعض المؤسسات التي تعرف تجاوزات صارخة فيما يتعلق باستقبال التلاميذ الجدد، ذلك أن بعض الإدارات اتخذت قرارات مزاجية لا تستند إلى ضوابط تربوية وقانونية من أجل منع تسجيل من يطرف بابها من التلاميذ الوافدين. وراجت بين أوساط المتعلمين و الأولياء إشاعات حول شواهد السكن المطلوبة ، أو معدلات السلك الإعدادي العالية … إلى غير ذلك من العراقيل والذرائع الواهية من أجل التخلص من تسجيل التلاميذ الجدد ، علما بأن ظاهرة الفائض من المدرسين لا زالت ظاهرة مهيمنة في العديد من مؤسسات أكاديمية الجهة الشرقية، مما يعني أن توسيع البنيات مع وجود الفائض من المدرسين كفيل بالتعامل مع ظاهرة انقلاب هرم أعمار المتعلمين والذي صارت قاعدته من فئة تلاميذ السلك التأهيلي. ومقابل تعامل بعض الإدارات التربوية المتزنة بتفهم مع ظاهرة إقبال تلاميذ الجذوع المشتركة على المؤسسات التأهيلية تتعامل بعض الإدارات الناشزة والمغردة خارج السرب مع هذه الظاهرة بتشنج مثير للسخرية ، ودال على عجزها أمام الظاهرة ، ومواجهتها بصرف كل من يقصدها بذرائع واهية ووعود عرقوبية، مع أن الحل يكمن في مراجعة البنيات التربوية لتستوعب التلاميذ الجدد. ومقابل صرف عامة الراغبين في التسجيل تقوم هذه الإدارات الناشزة بسلوكات مخجلة حيث تستغل ظرف إقبال الخاصة من الآباء والأولياء عليها لتسجيل أبنائهم من أجل ابتزازهم أو ربط علاقات مع بعضهم بغرض استغلالها لأغراض شخصية . وإنه من المخجل حقا أن يسجل أبناء بعض الشخصيات في سلك القضاء ومصلحة الأمن …وغير ذلك في حين تتلو هذه الإدارات الناشزة والفاشلة في نظري والتي لا علاقة لها بالتربية شكلا ومضمونا زبورها على من يقصدها من عامة الأولياء والآباء لتسجيل التلاميذ الجدد. ونظرا لغبائها فإنها تعتقد الغباء في من يقصدها ويسمع تبريراتها الواهية التي لا تدل إلا عن عجزها الصارخ في مجال التدبير والتسيير مع التنطع وادعاء خبرة التدبيرالذي يكذب واقع الحال. ولقد أصبحت إدارة الأكاديمية والنيابات في الجهة الشرقية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ظاهرة تهرب بعض الإدارات التربوية الفاشلة من استقبال التلاميذ الجدد في الجذوع المشتركة.وأول خطوة يجب أن تخطوها الأكاديمية هو توجيه لجان من جهاز المراقبة المختصة لفحص طرق تسجيل التلاميذ الجدد في بعض هذه المؤسسات التأهيلية من أجل الوقوف على مدى التزام إداراتها بالتعليمات الرسمية فيما يخص عملية استقبال التلاميذ الجدد، وللوقوف على كل التجاوزات من قبيل ما زال رائجا من قصص مخزية عن بعض الإدارات سواء التي أقيلت، أو التي لا زالت تتمادى في غيها ،والتي كانت ترتزق ماديا ومعنويا بعملية تسجيل التلاميذ، وفي نفس الوقت من أجل البحث في إمكانية تغيير البنيات التربوية لتساير هرم أعمار المتعلمين عوض الجمود على بنيات لم تعد مناسبة لهذا الهرم . أما تكوين لجان صورية تزور المؤسسات التربوية مع بداية انطلاق الموسم الدراسي الجديد لتقول العام زين، فلن يغير من واقع الحال شيء ، كما أن أسلوب المواجهة” النعامي” ـ إن صح التعبيرـ فلن يغير من الوضع شيئا، إذ لا بد من المواجهة الفعلية والفعالة بالقضاء على جيوب المقاومة الفاسدة حيثما وجدت ، والتي لا زالت تتمادى في إفساد المنظومة التربوية دون أن تجد من يردعها حتى تبلغ مبلغ المستخفين بالمؤسسات التربوية وبممتلكاتها وتعرضها للضياع بشكل فاضح، ثم تستفيد من العفو ، وتعرض على أنظار مجالس انضباطية صورية قوامها الزبونية النقابية والحزبية ،التي باتت تشكل اللوبي الضاغط على المسؤولين للتطبيع مع الفساد عن طريق التهديد بالتصعيد من أجل الابتزاز الصارخ والمخجل. والمفروض في المسؤول في الجهة أو الإقليم إذا كان يدعي أنه في منصبه عن جدارة واستحقاق ألا يخضع لابتزاز هذا اللوبي ، ويمضي في تطبيق القانون بكل شجاعة وجرأة متجاوزا مستوى الوعيد والتهديد إلى مستوى الفعل الملموس الذي يصون كرامة المنظومة التربوية ويقصي العناصر الفاسدة والمتنطعة .محمد شركي
وجدة سيتي نت
18-9-2011