من حق الرأي العام أن يطلع على ملفات تحوم حولها الشكوك في مؤسسات وزارة التربية الوطنية مركزيا وجهويا ومحليا
محمد شركي
الحديث عن فضائح الانتهازية في مؤسسات وزارة التربية الوطنية مركزيا وجهويا ومحليا معروف منذ زمن بعيد . ومعلوم أن هذه الوزارة لم يكن ضمن هيكلتها مؤسسات تكوين الموظفين الإداريين ولا زالت كذلك . فكل الموظفين الذين شغلوا مناصب في الوزارة أو في أكاديمياتها أو نياباتها من أطر التدريس إلا قلة قليلة جدا . ومعلوم أن تغيير الإطار من مدرس في سلك من أسلاك التعليم إلى موظف في مصالح مركزية أو في أكاديمية أو في نيابة إنما يكون عن طريق ما يسمى الانتقاء. والانتقاء معيار فاسد بامتياز ،لأن وراء الانتقاء بشر له أهواء . فلو أن الوزارة كانت قد رتبت شؤونها منذ زمن بعيد الترتيب اللازم لاستحدثت مراكز لتكوين الموظفين التابعين للإدارة يكون الدخول إليها عن طريق مباريات كتابية وشفوية ، ويكون التخرج منها عن طريق امتحانات كما هو الحال بالنسبة لمراكز تكوين الأساتذة من مختلف الأسلاك ، وتكوين المفتشين . فلو أن دراسة أو افتحاصا شمل المدرسين الذين غيروا جلودهم وهو ما أصبح يسمى تغيير الإطار لوقفنا على عجب عجاب. فوراء كل تغيير إطار حكاية من أغرب الحكايات . والمؤسف أن يصير معيار الانتقاء وهو معيار مزاج وهوى بامتياز عند البعض ذا مشروعية ومصداقية مع مرور الزمن. ولا يمكن أن تدان جهة معينة بممارسة فضائح تغيير الإطار ،لأن الأمر يتعلق بجهات عديدة :نقابية وحزبية وعرقية ومخزنية ودينية وفلكورية وحتى جنسية مخزية في بعض الأحيان . فلو صدق الذين غيروا الإطار مع أنفسهم ورووا حكايات تغيير إطارهم بصدق ونزاهة لذهل الرأي العام لبعض تلك الحكايات التي وراءها فضائح يندى لها الجبين . ولا زال الرأي العام يتذكر فضائح المغادرة الطمعية عوض الطوعية التي كان من المفروض أن يفتح ملفها كما فتح ملف ” لكريمات ” لأنها نوع من أنواعها . صحيح أن إسناد مهام تسيير المصالح المركزية والأكاديميات والنيابات إنما يتم عن طريق معيار الانتقاء الذي يكون في الظاهر عبارة عن شكل من أشكال التباري بين المرشحين ، بينما هو في الباطن عبارة عن محسوبية وزبونية حزبية وعلاقات وصداقات ….، وأحيانا يتعلق الأمر بفضائح أخلاقية . فإذا كان هذا هو أسلوب اختيار المسؤولين عن تسيير قطاع التربية فلا غرابة أن يكون موظفو هذا القطاع من الذين تم تغيير إطارهم بطريقة قذرة أيضا لا تعدو معيار انتقاء الأهواء . وكل مسؤول كان انتقاؤه باطلا يكون انتقاؤه لموظفيه في حكم الباطل أيضا . أما ما يسمى سد الخصاص ، وهو عملية تحايل على ما يسمى الحركة الانتقالية فحكاياتها وراءها من الفضائح ما لا يصدقه العقل . والغريب أن تفرض مصالح أطراف عدة السكوت عن هذه الفضائح وإجازتها تحت غطاء ما يسمى اللجان الموسعة. ولقد شهدت في زمن مضى إحدى هذه اللجان فذهلت لأطياف نقابية لها قوائم بأسماء تحت الدف كما يقال تستخدم للمساومة تحت شعار : ” هاك وأرى “ ولما أنكرت هذا المنكر قامت ضدي ضجة ،وطالبت اللجنة الموسعة بإقصائي ، ولم يستدعني أحد بعد ذلك لمثل هذه المهمة ،لأنني لا أسكت على فضيحة أو منكر . وأما المناصب الصورية أو ما يصطلح عليه بالأشباح ،وهي تسمية غير معبرة في نظري ،لأن الشبح مجرد وهم وخيال، بينما المناصب الصورية حقيقة ولأصحابها أرقام تأجير ويتقاضون أجور سحت نهاية كل شهر . فهذه الفضائح يجب أن تعلن للرأي العام ،لأنه من حقه أن يعرف ، ولا يجب أن تظل متداولة بين جهات معينة وطي الكتمان . ومن أنكر وجود هذه الفضائح فعليه أن يكذبها بأدلة دامغة . و على الذين يعرفون شيئا من هذه الفضائح الكشف عنها وبأدلة أيضا لا تقبل الشك ،وإلا سيكون حديثهم مجرد رجم بالغيب . ولو وزعت استمارة افتحاص على الذين غيروا إطارهم أو نقلوا أو وجدت ملفات توظيفهم دون وجودهم الفعلي وحوصروا بأسئلة مغلقة فيما يتعلق بكيفية تغييرهم للإطار أوبكيفية نقلهم ، أو بكيفية وجود ملفات توظيفهم في أماكن لا علاقة لهم بها ، لكانت النتيجة فضائح بالجملة . وأتحدى من يقول العكس أن يثبت ذلك. فعلى الذين يريدون فتح ملفات هذه الفضائح ألا يفعلوا ذلك لمجرد تصفية حسابات ، أو لمجرد التمويه على فضائح لا تقل عن فضائح من يريدون فضحه ، بل من أجل محاربة الفساد ، وبنية صادقة غير مشوبة بشائبة تفسدها . ونحن في انتظار أن يملك الشجاعة الكاملة المسؤولون مركزيا وجهويا ومحليا لفتح هذه الملفات لتبرئة ذمتهم أمام الرأي العام ، وإلا ستظل الشكوك تحوم حولهم ، ومن حامت حوله الشكوك كان في حكم المدان والمتهم ، ولا تثبت براءته حتى يأتي بدليل لا يمكن الطعن فيه.محمد شركي
وجدة سيتي نت
25-5-2012