لماذا تصر بعض الأطراف في المصالح المركزية بوزارة التربية الوطنية على تسويق مشاريع الشراكة مع الدول الأجنبية ؟؟؟
بقلم محمد شركي
نشر في وجدة البوابة يوم 01 - 12 - 2012
من الظواهر المعروفة لدى بعض الأطراف في المصالح المركزية منذ زمن بعيد التهافت على مشاريع الشراكة مع الدول الأجنبية ، والإلحاح على تسويقهما وطنيا. فالظاهر في هذا التهافت على هذه المشاريع مع الإلحاح والإصرار على تسويقها هو الرغبة في تطوير التجارب التربوية التي تعود بالنفع على المنظومة التربوية ، ولكن لا يمكن أن ينكر منكر أن وراء هذا الظاهر باطن مشبوه ، ذلك أن مشاريع الشراكة مع الدول الأجنبية تسيل لعاب بعض الأطراف في المصالح المركزية بما تتضمنه من تمويل ، وهو ما يحفز هذه الأطراف على الإقبال بنهم على هذه المشاريع ، والتسويق لها عن طريق حملات إشهارية مسعورة مستغلين نفوذهم بالمصالح المركزية. فما يكاد المشروع الأجنبي يدق أبواب وزارة التربية الوطنية بطريقة أ و بأخرى حتى نجد الأطراف المصابة بطاعون الطمع فاغرة أفواهها كما تفعل فراخ الطيرالجائعة في أعشاشها . وتدبج هذه العناصر المرتزقة بسرعة النصوص التنظيمية لهذا المشروع ، وترسلها عبر الفاكسات إلى كل جهات المملكة ، وتعقد في شأنه اللقاءات ، وتنتقى العينات المستهدفة سواء المسوقة للمشروع أو المستهلكة له ، وتصحب ذلك عمليات الترويض عن طريق الإغراء بالممضوغات وبالتعويضات كما يفعل بحيوانات السيرك التي توظف للفرجة ، وكلما أدت دورها على الشكل الذي يرضي المروض حشا أفواهها بالطعام الذي تشتهيه ، الشيء الذي يزيد من انخراطها في تقديم عروض الفرجة .ومعلوم أن الدول الأجنبية لا يعقل أن تنفق أموالها على مشاريع تعود بالنفع على منظومتنا لوجه الله تعالى دون أن ينتفع بها هذه الدول بشكل أو بآخر . ولقد مضى زمن على منظومتنا التربوية، وهي عبارة عن حقل تجارب أو فأر تجارب تجرب فيها المشاريع التي تكون أصلا معدة للمنظومات التربوية الأجنبية . ومن أجل تلافي البلاد الأجنبية إجراء التجارب على منظوماتها التربوية صيانة لها من التجارب الفاشلة ،علما بأن كل تجربة فاشلة تكلف خسارة فادحة بالنسبة لجيل كامل من المتعلمين يكون ضحية هذه التجارب ، فإنها تجد في منظومتنا التربوية الحقل المناسب للتجارب ، فتموه على ذلك بشعارات الشراكة ، والتعاون والتبادل وهلم جرا. وهكذا استبيحت منظومتنا التربوية بذريعة الشراكة مع الدول الأجنبية ، مع وجود قناعة لدى المسوقين لها مفادها أن كل ما يأتي من الخارج ، وتحديدا من الدول الغربية مفيد ونافع ، ولا مجال للشك أو التشكيك في نوايا أصحابه . وقد يتهم كل من يخامره أدنى شك في نوايا أصحاب هذه المشاريع الأجنبية بأنه متخلف ، وجاهل ، ومتعصب ، ومعارض لتطوير المنظومة ،وما إلى ذلك من تهم لو عدت جنحا لأودت بأصحابها . فها قد عاد الحديث من جديد عن المشاريع الأجنبية وتحديدا عما سمي مشروع ” باجيسم ” الكندي ، وما جاءنا من قبل من كندا إلا مفسدات أفسدت منظومتنا التربوية ، وأنستنا مشيتنا كما نسي الغراب مشيته عندما حاول تقليد مشية الحجلة . وسبب مجيء الشر الذي ابتليت به منظومتنا التربوية من كندا ، هو شد بعض العناصر الانتهازية من المصالح المركزية بعد الاستفادة من منح دراسية الرحال إليها بغرض الحصول على شواهد تخول لهم تبوأ مناصب ومراكز القرار في الوزارة. وكلما عاد أحدهم بما يسمى ”شواهد ما وراء البحار ” المشكوك في مصداقيتها حاول دفع الشك عنها وعنه بالبحث عن طريقة لإضفاء المشروعية على شيء فاقد للشرعية . ومن أساليب شرعنة الشواهد غير الشرعية التحايل على إدراج المشاريع الكندية ضمن مشاريع إصلاح منظومتنا التربوية . وهكذا تبرم الصفقات بين الكنديين ، ومرتزقتنا في المصالح المركزية على حساب منظومتنا التربوية . ولن أنسى أبدا يوم شدت أطر المراقبة التربوية بالجهة الشرقية الرحال إلى أكاديمية فاس يوم كان السيد محمد بنيس مديرا لها بأمر من الوزارة مفاده أنها قد عقدت العزم على تكوين هؤلاء الأطرمن خلال تجربة كندية جاء بها أحد المرتزقة، و الذي أعد شهادة تخول له منصبا بمديرية التقويم ،وجاء الرجل ببائقة ولم يأت بجديد حيث قدم عرضا في الإحصاء ، وتحديدا في برنامج الإحصاء الذي كان يقدم بالمركز الوطني لتكوين المفتشين ، ولما افتضح أمره اضطر للغياب بعد صبيحة اليوم الأول من أيام التكوين . وهذه الحادثة لا زالت أطر المراقبة التربوية في الجهة الشرقية تذكرها إلى يومنا هذا خصوصا بعد جدل مع مدير الأكاديمية آنذاك الذي أراد أن يمرر هذه المهزلة تحت شعار ” تكوين أطر المراقبة ” فلما أنكرت عليه الأطر ذلك لضحالة ما قدم المرتزق العائد من كندا ، تذرع بالقول أن غياب عبارة تكوين ستسبب له مشاكل في صرف ما خصص لها من اعتمادات الإطعام ، والله أعلم كم كانت تعويضات المرتزق الفار بعد فضيحته . وهكذا تسوق المشاريع الكندية وغير الكندية عن طريق سماسرة ومرتزقة في المصالح المركزية ، يستغلون مناصبهم ونفوذهم من أجل استصدار النصوص التنظيمية التي تفرض على الفعاليات التربوية على أساس أنها قرارات وزارية لا تناقش . فهل كان على الأطر التربوية و الإدارية أن تنتظر مرور سنوات طويلة حتى تأتي مشاريع الشراكة الأجنبية لتشتغل ، وآخرها شراكة هي ما سمي ” باجيسم ”.و لقد تم التسويق من قبل لمشاريع المؤسسات وغيرها،والتي تبين فيما بعد أنها محض سراب بقيعة ، وها هو ما يسمى مشروع ” باجيسم “ يحل من جديد من أجل أن يواصل نشر السراب من جديد. ولما كانت بعض العناصر المرتزقة في المصالح المركزية دائما فاغرة أفواهها لتلقف مشاريع الشراكة الأجنبية طمعا فيما فيها من إغراءات مادية ، فإن ذلك قضى قضاء مبرما على كل الكفاءات والخبرات الوطنية التي يمكنها أن تسدي الخدمات الجليلة للمنظومة التربوية دون اعتماد الشراكات الأجنبية المشبوهة . وسنتابع عن كثب ما سينتج عن مشروع ” باجيسم “ الذي لن تكون نتائجه إلا كنتائج مشاريع مستوردة سابقة أعلن فشلها . وصدق من قال ” اللي ما جا مع العروس ما يجي مع أمها ” . وعلى غرار مرتزقة المصالح المركزية سيسيل لعاب مرتزقة الجهات والأقاليم الذين يعانون من طاعون الطمع أيضا ، وسيتهافتون تهافت الفراش على النار ليحترق في نهاية المطاف ، واحتراق هؤلاء المرتزقة هو مذاق الفشل الذي لازمهم دائما في مشاريع سابقة هرولوا إليها بدافع الطمع ، والفشل لعنتهم التي تطاردهم ، و ميزتهم وسمتهم التي يوسمون بها . ومن خلال الشروط التي اشترطت فيمن يريد الارتزاق بمشروع ” باجيسم ” يلوح جليا بوادر احتراق المرتزقة قبل تهافتهم عليه ، إذ من أين لهم بتجارب في مجال التكوين والتأطير الميداني ؟ والقدرة على التواصل والإصغاء؟ والإلمام بالمهارات التربوية والكفايات المتطورة ؟، والقدرة على التغذية الراجعة ، فضلا عن انخراط مدته أربع سنوات مع المواظبة والمواكبة ؟ وأنى لما سمي الفرق الإقليمية للمشروع ومن معها أن تهتدي إلى من تتوفر فيه هذه الشروط ، وهي مفتقرة إليها وحتى جاهلة بها ، ولو كان في الخوخ دواء لتداوى من دائه ، وما نخره الدود. وقد يتناسى بعض المتطفلين المهرولين إلى هذا المشروع أنهم إنما أغراهم طاعون الطمع ، فصدقوا أنفسهم وهم عليها كاذبون بأنهم أصحاب مؤهلات كما يحدث للبغاث المستنسرة عندما تغيب النسور في أرضهم . وما أقل من يعرف قدره في زماننا هذا ويجلس دونه .