سيدي الأستاذ الفاضل.
سامحني إن كنت بردي مخيبا للأمل ، فأنا سأخالف كل الردود.وأرجو أن تعذرني لأن الغاية من ردي تفتيح العين على الكارثة التي وصل إليها التعليم في بلدنا .
أنت لم تقل شيئا جديدا ، ولم تأت بحل لمشكلة الضعف ، والسبب بسيط جدا. فأنت لم تدرك بعد حجم الكارثة.
لو كان أطفالنا بحاجة لساعة دعم في الأسبوع لرقصت طربا, وكنت لعنت التقرير الأخير الذي يشير لمرتبتنا بين الدول.
أقسم لك أني أكتب وقلبي يتألم مما قرأت. لأن ماقرأت يدل على عدم إدراك حجم الكارثة. ولا أريد أن يتطرق أدنى شك لأحد أني أطعن في ضمير أحد. فالله أدرى بما في الضمائر. ولكني أطعن في كفاءة معظم رجالات التعليم ، ومستعد للنقاش , ولمواصلة الكتابة حتى أثبت ذلك.وللأسف فإن الكفاءة التي أتكلم عنها غائبة حتى على مستوى الوزارة .
وأبدأ معك من كلمة وردت في مقالك : دعم .
فأنت ترى تقديم حصة دعم لأطفالك . وأريدك ياسيدي وأنت ولا شك خبرت نفسك وزملاءك، أن ترد على نفسك لا علي ، ماذا يقدم الأستاذ في حصة الدعم ؟
وسترى أن الأمر مهزلة.
في كتبنا المدرسية نجد حصص الدعم وتقدم في فترات انت تعلمها. أليست هذه مهزلة ؟
المفروض أن الأستاذ يتوفر على مذكرة يسجل فيها ملاحظاته حول ماصادفه خلال تقديمه الدرس، ويسجل مواطن ضعف أطفاله، وتبنى الجدادة بناء على ملاحظاته . فلماذا إذن تلك الدروس الجاهزة في المراجع ؟
ومن وسائل الدعم دروس التقوية التي يتلقاها الدارس ، ولن أناقش هنا مشروعيتها من عدمه ، ولكني أناقش فحواها. فهي تكرار للدرس المقدم في الفصل ، كأنما أطفالنا محتاجون فقط لأن نكرر الكلام مرتين ، أليس هذا في نظرك من سوء تقدير مدى الفاجعة ؟
ومن أهم وسائل الدعم التى طالعتنا في السنين الأخيرة فكرة المشروع التربوي. وإن كنت مارست المهنة من سنين فلا شك أنك تعلم جيدا أن المشاريع التي تقدم بها السادة رجالات التعليم جاءت متباعدة في مضمونها مما يدل على عدم فهم ماتريده الوزارة، حيث تقدم البعض بمشروع بناء سور للمدرسة ، أو حفر بئر ، أو تربية النحل ...... فاضطرت الوزارة لإقامة تداريب الهدف منها استيعاب فكرة المشروع ، وكنت من الأوائل الذين تم انتدابهم لحضور اليوم الإخباري على أساس أن يؤطر هؤلاء زملاءهم في نياباتهم التي ينتمون إليها .
وفي أول كلمة قلتها بعد سماع العروض التربوية ، وبعد ورشة عمل لمناقشة مشروع تربوي لمؤسسة في فرنسا . قلت للمفتش العام : آسف أن أقول لك أن فكرة المشروع التربوي ستفشل .ويعجبه تشاؤمي ، وسألني لماذا؟ قلت : لأنه في الوقت الذي يطالب فيه رجل التعليم بالزيادة في الأجر ، وتقليص ساعات العمل ، تطالعه الوزارة بمشروع يتطلب منه الزيادة في ساعات العمل ومجانا ، والارتباط بعقدة أقلها سنتان يمكن أن تضيع عليه فرصة الانتقال . لأنه كما تعلم مدة المشروع لاتقل عن سنتين ، ويعتبر المتطوع متعاقدا لايمكنه الاخلال بالعقد حتى لا ينهار المشروع
ولو اطلعت على مشروع اعتبر بعد سنوات من انجح المشاريع ، ونظرت إليه بعين ناقد لأدركت أن الفكرة بالفعل انهارت ولو حاولنا أن ننكر ذلك .
ماذا أريد القول من وراء كل هذا ؟
إن الذي يفكر بجدية في تغيير مردودية التعليم ببلادنا يجب أولا أن يفكر في تطوير كفاءته أولا ، ولا أعني طبقة معينة ، بل أعني كل من ينتمي لوزارة التعليم.
ويجب على من يخططون لتتعليم أن لايتجاهلوا أهم نقطة في تخطيطهم : أداة التنفيذ .فلا يمكن أن أعتمد في التنفيذ على ناقص كفاءة ، أو رافض لما يقدم ، ولا يمكن أن أتجاهل الوضع المادي ولا الحالة النفسية لأداة التنفيذ هذه. ومن الخطإ الاعتماد على وسائل المراقبة وحدها باعتبار أن أداة المراقبة أيضا هي من أدوات التنفيذ . ومن الضروري جدا عودة هيبة الإدارة ، وتقدير المدرس معنويا باعتباره أهم وسائل التنفيذ . وفرض النظام في المؤسسات والضرب على يد المخالفين . فكلنا يعلم كم استاذ تعرض للإهانة والضرب من التلاميذ أو الآباء ظلما بسبب احترامه لنفسه ، ووضعه النقطة الحقيقية في التقويم
سامحني سيدي
فقد تعبت من الكتابة ، ولكني على يقين من أني وضعت لبنة هامة للنقاش ، ولمهاجمتي واتهامي ... وأنا متقبل لكل ما سيقال مع رجاء ألا تحذف الإدارة أي رد خشية أن يسيء إلي فقط إذا رأت أنه يسيء للعموم . أما عني فأنا متقبل لكل ما يقال .
ويبقى أن أقول أني متقاعد من أكثر من 3 سنوات بعد أن أنهيت في المهنة واحدا وأربعين سنة. وخلال السنوات الثلاث لم أتكلم عن التعليم قط وكنت أنوي ألا اتكلم إلى أن يطويني القبر. لولا أن جرني موضوع المشروع ففكرت أن أتصفح للفائدة وصادفت مقالك مرة اخرى أطلب مغفرتك وسعة صدرك ، وفقك الله ، والسلام عليكم ورحمة الله