لايمكن لحكومة وزيرها الأول عباس الفاسي إلا أن تكون حكومة العجائب بامتياز وبكل مقاييس الدنيا. ذلك أن تعيينه كوزير أول اعتبر من قبيل علامات الساعة ، جاء ذلك بعد انتخابات غاب عنها ما يفوق 70في المائة من المغاربة فقدوا الثقة في اللعبة السياسية من ألفها إلى يائها. وعلامات عجائب هذه الحكومة لا تحصى عددا أولها أن عباس صرح في عز انتفاضة سيدي أيفني بأن المدينة بخير وعادية مكذبا كل الصور التي بثت عبر اليوتوب من الهواتف المحمولة للمواطنين ، وآخرها إعطاء الأمر باقتطاع مبالغ مالية هامة من رواتب الموظفين والمتقاعدين بدون سابق إعلان ، كما لم تكلف الحكومة نفسها عناء إصدار بلاغ واضح تخبر من خلاله المعنيين بالأمر بأسباب الاقتطاع مع العلم أن مباشرة الاقتطاعات من رواتب الموظفين تؤطره مقتضيات القانون 1281 والمرسومالتطبيقي رقم29991216 الصادر في 10 مايو 2000. وعلى خطى الحكومة الموقرة سارت المركزيات النقابية التي هي الأخرى ملأت فمها بذهب الصمت وتركت المجال مفتوحا لتناسل الشائعات الآتية من مختلف المصادر والتي منها ما يقول بأن الاقتطاع نتيجة لمراجعة ضريبة الدخل ومنها ما يقول إنما هو بسبب الإضراب ومنها ما نسبه إلى ضريبة النظافة ومخالفات قوانين السير، فتاه المعنيون بالأمر في زخم هذه الفرضيات وكأننا نعيش في جزيرة معزولة بدون مسموع ولا مرئي ولا مكتوب وقنواتنا لا يشق لها غبار بمواويل أشباه الفنانين.وأمام الصمت المريب اضطر العديد من المتضررين مراسلة المسئولين طلبا للتوضيح.
ومن المؤكد أن الحكومة عندما تقبل على مثل هذا الفعل إنما تسقط من بالها أنها تتعامل مع أناس قيل لهم أنهم يعيشون في دولة الحق والقانون والدستور لهم التزامات في نهاية كل شهر مع الجزار والخضار وصاحب البيت وفواتير الكهرباء والماء ومنهم من تعود على رهن شيك لآخر الشهر... والحكومة في كل الأحوال لا يعنيها وفاء هؤلاء بالتزاماتهم أو دخولهم إلى السجن وحدانا أو زرافات.ما يعنيها بالأساس هو ذلك اليوم الذي تستفيق فيه من غفوتها لتجد نفسها ملزمة لاستجداء هذه الأمة للتصويت على مرشحي الأحزاب للمشاركة في تدبير الشأن المحلي وكالعادة سينزل المريدون إلى الساحة الجماهيرية ببرامج براقة لا حياء فيها وخطب منمقة بالمحسنات البلاغية وستكسى الحيطان بصور الميزان الجائر والوردة الذابلة والسار وت الصدئ والساعة المتوقفة والسيارة المعطوبة والعود الجامح والجرار الكاسح والأسد الضبع ولم لا الفجل واللفت مع ما لهذين النعمتين من ذكريات وطرائف في المخيلة الشعبية..وستحاول هذه الحكومة إنقاذ ما تبقى من سفينة النظام حتى ولو تطلب ذلك إغراق سفينة الشعب التي ما عادت تقوى على مواجهة الأمواج العاتية لغلاء المعيشة اليومية. لا شك أن الحكومة وهي تقطع أرزاق الناس دون الإدلاء بسبب كانت حكيمة عندما فرقت بين الجهات والأقاليم وهي تمارس إجرامها وعبثها برواتب الموظفين حيث أن ما أصاب موظفي جهة دكالة أخطأ الجهات الأخرى لأن الدور لم يأت عليها بعد في محاولة للحكومة السير على خطى ليوطي عندما ابتكر / فرق تسد / وهي المقولة التي كان حزب الاستقلال يفضح مدلولها للشعب المغربي ويشرح أبعادها الاستعمارية وتأثيرها على وحدة الأمة وتماسكها يوم كان يبدو مقاوما ومناضلا. أما وقد انتهى النضال ووصل الكل إلى مراكز القرار وهيئوا لأبنائهم من المناصب والثروات ما يضمن المستقبل ــ وللعلم فإن نجل عباس الفاسي يتدرب بالإذاعة الوطنية فقط ب2 مليون سنتم شهريا ــ فلا بد من معاقبة هذا الشعب الذي تداعى إلى الصبر والسكوت على المآسي والمظالم.وإذا كنت أتوقع فيما سيأتي من الشهور أن الحكومة ستعمل على توسيع وعاء الاقتطاعات لتطال الجهات الأخرى من المملكة فإني أتوقع كذلك انتفاضة الموظفين دفعا للحكرة ولو بدون غطاء نقابي...
عزوزي آزمور 13/03/2009