مواقف رجل تعليم بالريف - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

رشيد الصابري
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 1 - 7 - 2012
المشاركات: 2
معدل تقييم المستوى: 0
رشيد الصابري في البداية
رشيد الصابري غير متواجد حالياً
نشاط [ رشيد الصابري ]
قوة السمعة:0
قديم 01-07-2012, 10:35 المشاركة 1   
افتراضي مواقف رجل تعليم بالريف

مواقف(1)


"" قررت ،استجابة لطلب صديق حميم ،أن أنشر بعض المشاهد والمواقف ،كنت أحكيها له ،بالرغم من اقتناعي الأكيد بعدم أهميتها واستحقاقها للنشر.""
عشرون سنة مرت ، ومر معها عنفوان الشباب وزهرته وحماسته ، على أول وآخر تعيين لي ، في منطقة جبلية بنيابة الناظور بشمال المغرب .
عقدان من الزمن مرا على انتقال من وضع إلى وضع ،ومن حال إلى حال.انتقال من ليونة في الحياة إلى مشقة في ظروف العيش والتعايش مع نفسيات وأمزجة مختلفة ومتباعدة؛من هناء الصحة والفراغ والاستئناس بالأحباب إلى غبن الانشغال والبعد عن العائلة والأصدقاء؛من سواد في الشعر ونضارة في الوجه إلى علامات أحدثها الدهر ،لاينفع معها صبغ ولاتجميل عطار.انتقال من راحة بال العازب إلى مسؤولية الزوج والأب.
عشرون عاما ،رأيت خلالها أبوي يكبران ،وحملت أحدهما يوما على كتفي والقلب منفطر لفراقه وعدم الوفاء بحقه.بكيت يوم قرأت رسالة رثاء له، كتبتها ابنتي بنت العشر سنين.
عشرون حولا ، تمحو السعادة فيها ما يسبقها والحزن ما يتقدمه ، تعلمت فيها وخبرت أشياء إلا نفوس الناس وما ينتابها، ولي فيها تأثر بالغ من أحداث وتأثير قليل.

كنت منشغلا بتحضير كأس من الشاي عندما دخل علي أحد الزملاء ،الذي قضى سنين عددا قبلي في المؤسسة. نظر، بعد أن سلم علي ، إلى أرجاء المكان الذي لم يعد صالحا للتدريس ،واتخذته مسكنا ، على الرغم من طمع حارسة المدرسة في جعله خما لدجاجها.
تحدث الشاب إلي متأسفا على سنوات قضاها من عمره في قسم بنته إسبانيا ولم تكلف دولة الإستقلال نفسها عناء ترميمه وإصلاحه.تجاذبنا أطراف الحديث ، ونحن نرشف الشاي ،في كل شيء ولاشيء؛وفجأة عدل زميلي من جلسته ونظر إلي مستعدا للإفصاح عن كلام خطير.كان يتفحص وجهي، وهو يحدثني ، لمعرفة وقع كلامه من نفسي . كلام ، كنت أستقبله تارة بتبسم ،وتارات أخرى بالاستغراق في التفكر والحزن العميق.
فهم الزميل أنه جانب الصواب حين اقترح علي ادعاء الرغبة في الارتباط ،زواجا، بإحدى المعلمات الخمس اللاتي شاركنني التعيين بالمؤسسة ،بعد أن علم مني ،أثناء حديثنا ،عدم اقتناعي بالزواج بموظفة ،سواء في حقل التعليم أو في غيره .
تعجبت غاية العجب من قصده من وراء ذلك ،حيث لم يكن سوى الطمع في التنعم بازدراد الحلوى
والسباحة في* الحريرة*،كما قال، والتي علم، مني كذلك، أني أحبها وأفضلها على كثير مما يشتهيه أغلب الناس.

يتبع


مواقف (2)

ودعني محب الحلوى ، بعد أن قضى على مدخرات كنت أحسبها كافية لمؤونة أسبوع ،محذرا إياي من زواحف خطيرة ، ومما لايخطر على بال ، محيطة بالمكان تتخفى في واضحة النهار تنتظر غسق الليل لتتجول حرة منيعة ، تفعل ما تشاء بمن تشاء .
ضحكت في نفسي من كلامه وقلت : سبحان الله ،يأتي على زادي ويسعى إلى إخافتي، يخلق الله مايشاء .
نظرت إلى الشمعة وهي متشبثة بالعطاء . لاتريد أن تتركني لأحزاني ولا أن تزيد الظلام لظلمة المكان . دخلت فراشي ووضعت خدي الأيمن على كفي وأطلقت العنان لفكري . ولست أدري ما ذكرني تلك الليلة صاحبا لي في الدراسية الإعدادية ، كنت أحبه وأجد فيه الرفيق الأنيس المخلص .
كان شديد الحياء ، يبادلني المشاعر نفسها ، ولا يجد في نفسه حرجا مني إلا إذا تحدثت في شأن زميلة لنا في الدراسة ، جمع الله فيها ماتفرق في غيرها ؛ تفوق في التحصيل، و حسن في الوجه وفي القوام ،وحشمة في اللباس وفي الكلام .
كنت كلما نظرت إليه وجدته ينظر إليها . وكان إذا ذكر اسمها احمر وجهه وعرق جبينه ، وإذا مرت بنا تسارع خفقان قلبه ، ونشف ريقه ، واضطربت أطرافه ؛ أما إذا ما تحدثت إلينا فلا ينبس بكلمة وإذا مانطق لايكاد يبين .
ما بادرها بالكلام يوما ولا منها تقرب . وكان كلما اقتربت عطلة الصيف ذهب منه الشحم واللحم ، وكثر منه السهو والنسيان ، تحسبا لفراق طويل .
غادر صديقي الوطن رفقة والديه . ولست أعلم من أمره شيئا منذ ذلك الحين . لكني أذكره كلما قرأت تغزلا عذريا بامرأة في قصيدة شعر أو قصة حب ، وتحضرني صورته كلما سمعت حكاية عما جبلت عليه الأنفس من ميل بين النساء والرجال .
يتبع









آخر مواضيعي

0 مواقف رجل تعليم بالريف


رشيد الصابري
:: دفاتري جديد ::

تاريخ التسجيل: 1 - 7 - 2012
المشاركات: 2

رشيد الصابري غير متواجد حالياً

نشاط [ رشيد الصابري ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي مواقف (3)
قديم 02-07-2012, 00:32 المشاركة 2   

مواقف (3)


كانت العين تأخذني ، مرة بعد مرة ، إلى مساكن متمسكة بحفاف الجبال ، وأخرى منتصبة على رؤوسها ؛ لانظير لبعضها ، لا في الحاضرة التي أتيت منها ، ولا في المدينة التي أقطن بالمرتفعات المتاخمة لها ؛ ولولا الحمير والبغال والمعز والخرفان ، وغياب جميع مرافق الحياة ، لخلت نفسك في مدينة يسكنها ، فقط ، الأغنياء ومتوسطو الحال . لاأثر للبادية ، لا في لباسهم ولا في نمط عيشهم . يتكلم معظمهم لغة عربية ، لم يتبق منها ، من كثرة اللحن ، إلا اسمها ؛ تعلمها الشباب في المدرسة والكهول والشيوخ في الأسواق والمساجد .
أخبر أحد الزملاء الثلاثة الذين كنت رفيقهم سائق سيارة الأجرة ، المتجهة بنا نحو مدينة مليلية ، أن مقر سكناي المثبت في بطاقة تعريفي هو مدينة وجدة وليس الناظور ، التي تسمح سلطات المستعمر الإسباني لأهلها بولوج المدينة دون حاجة إلى تأشيرة وجواز سفر . نظر إلي ، من خلال مرآة السيارة ، وطلب مني توسط جليسي وعدم إطالة النظر إلى حرس الحدود .
دخلنا المدينة بسلام آمنين ، ولا أدري لم أحسست بالاختناق وأنا أرى شوارعها الضيقة ودورها الصغيرة المتراصة . أحسست أني داخل علبة كبريت ، لا فضاءات واسعة غير حديقة ، لم تمر إلا دقائق معدودة على دخولنا إليها حتى وقف علينا شرطيان .
طلب منا ، أكبرهما سنا وأقصرهما قامة ، بطائق هوياتنا . تفحص التي تخصني مليا قبل أن يرجع الأخرى إلى أصحابها ويطلب مني مرافقته إلى سيارة الشرطة . رفضت الصعود لولا نصح أحد الزملاء ، والذي أخبرني فيما بعد ، أن سبب اشتياط الشرطي غضبا ، ورفضه شفاعة زميله لي ، وتمسكه بتسليمي إلى مخفر الشرطة ، هو مخاطبتي له باللغة الفرنسية وادعاء جهلي بالإسبانية .
رفعت ذراعي ، لأسمح لشقراء ، لم تتجاوز العقد الثالث ، بتفتيشي . أخذت وقتا كافيا قبل أن تشير إلى زميل لها بوضعي داخل الزنزانة .
نظرت إلى أصحاب السجن ، فرأيت وجوها ليست كالوجوه ، وأجساما غطيت أغلبها بالحيات والعقا رب وأسماء النساء ؛ معظمهم بين حالتي الحضور والغياب ، بين حالتي الصحو وفقدان الشعور ، في منزلة بين المنزلتين ، تنتاب أحدهم ، بين الفينة والأخرى حالات ، يقفز منها كالقرد تارة ، وينبح كالكلب تارات أخرى .
أخذت لنفسي مكانا بعيدا عن ذكور حسبتهم ، أول الأمر ، إناثا لطول شعرهم والأصباغ التي على وجوههم . لم يعرني أحد اهتماما حتى دخل ولدان ، ما لبثا أن أسرعا إلي محييين ، عرفا من خلال مظهري والنظارتين أني موظف وأغلب الظن أستاذ . سألتهما ، بعد أن هدأت من روعهما ، عن سبب اعتقالهما ؛ فعلمت ، من أنحفهما ، أنهما تلميذان داخليان بمدرسة إعدادية بجماعة فرخانة المجاورة ، دخلا المدينة ، في يوم العطلة الدراسية ، للترويح عن نفسيهما بالمشي والجلوس على الشاطىء ، فوقعا في قبضة شرطة استنفرت لحماية المصطافين في يوم نحس حا ر.
عادت الابتسامة لتعلو محييهما ، وهما يستمعان إلى حديث ، قصدته ، عن جمال وحسن قوام مرتادات الشاطىء من بنات الإسبان .
سلمنا ، بعد أن انتصف الليل ، إلى شرطة الحدود ببلدة بني انصار ، المجاورة للمدينة من جهة الشرق . أخلي سبيلي بعد كلمات قصار . أما صاحباي ، فلم يلحقا بي إلى مقهى البلدة حتى احمر وجهاهما بسيل من الصفعات . تمنيت لو تعلن الحرب ، ويفتح باب ال**** ، فأعود إلى المدينة محررا ومقاوما للإسبان .
شربنا القهوة ، نحن والذباب ، وبحثنا عن سيارات الأجرة ، نحن والكلاب . رفضت أن أدفع له عشرة أضعاف الثمن ، فرحل الرجل بعد أن سب الدين والدنيا والناس أجمعين .
رفض الولدان البقاء ، وأصرا على الذهاب ، ولو سيرا على الأقدام ، خوفا من افتضاح أمرهما لدى الإدارة حين يحل الصباح . حاولت أن أثنيهما عن المغامرة حتى تأتي سيارة أخرى للأجرة ، يكون صاحبها أحن قلبا وأحسن خلقا .
لم أجد بدا من مرافقتها ، على الرغم من طول المسافة ووعورة الطريق وخطورة راكبيه وقطاعه .
مرت بنا سيارة ، ثلاث مرات ، ذهابا وإيابا . أحسست بالخوف على نفسي وعلى الطفلين ، وزاد قلقي لما بدأ أحد مرافقي يتمتم بأدعية ، لم أستبن منها ، غير كلمتي الله والنبي .
سلم الله ، بعد أن وقفت لنا سيارة أجرة ، رضي صاحبها ، الشهم الكريم، بخمسة أضعاف الثمن المعتاد .
انتظرت حتى تسلقا الجدار، ثم أكملت الطريق .

يتبع


أم ايمان
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية أم ايمان

تاريخ التسجيل: 3 - 9 - 2008
المشاركات: 2,767

أم ايمان غير متواجد حالياً

نشاط [ أم ايمان ]
معدل تقييم المستوى: 473
افتراضي
قديم 14-11-2012, 18:52 المشاركة 3   

لديك متابعة على الاقل ....اكمل سرد الاحداث فالبداية تبدو جيدة و الاسلوب قوي و سلس و منساب
استمتعت بالقراءة تحيتي ايها الاستاذ الكريم


نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية نورالدين شكردة

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702

نورالدين شكردة غير متواجد حالياً

نشاط [ نورالدين شكردة ]
معدل تقييم المستوى: 465
افتراضي
قديم 14-11-2012, 23:20 المشاركة 4   

راااااااااااائع أين كنت تخفي هذه الدرر
استمعت كثيرا وانا أقرؤك واضحا مكاشفا شفافا
لا اعرف هل المقدمة من القصة ام مجرد توطئة لتضعنا في الصورة
عموما اللغة واضحة وقوية لا شيب فيها ولا تجاعيد
تبارك الله عليك السي رشيد
ويلا جاك شي خبار على صاحبك اللي سافر لبرا قولو لينا راه بالنا كولو معاه


قطرالندى
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية قطرالندى

تاريخ التسجيل: 31 - 12 - 2008
المشاركات: 11

قطرالندى غير متواجد حالياً

نشاط [ قطرالندى ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 28-03-2013, 23:39 المشاركة 5   

شكرا أخي على تقاسمك معنا هذه المواقف ،أمتعتني قراءتها .

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مواقف, بالريف, تعليم, رجل

« حضرة المفتش.....قصة قصيرة | من كتاب "سيرة عمر بن عبد العزيز" لعبد الله بن عبد الحكم. »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الوفا يتخذ مواقف شجاعة أبوالفرج123 دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 4 18-02-2012 09:11
مواقف تؤكد انك مغربي....... maestro دفاتر المواضيع العامة والشاملة 31 13-04-2009 18:04
مواقف أعجبتني عبد العالي الرامي دفاتر المواضيع العامة والشاملة 1 24-02-2009 11:32
الخصائص العامة للفعل الجمعوي في مجال التنمية المحلية بالريف أيوب بنجماعي ثقافة العمل الجمعوي 2 07-02-2009 11:03


الساعة الآن 18:42


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة