يتوقف نمو المعرفة - خصوصا المعرفة العلمية – على التعلم من أخطائنا"". كارل بوبر- أسطورة الإطار. تنظر البيداغوجيا الحديثة إلى الخطأ نظرة إيجابية, و هي بذلك أحدثت نقلة متميزة في التعامل مع مشكلات التعلم لدى المتعلم, فالخطأ أصبح عبارة عن رسالة تعبر عن شكل مسار التعلم و تفصح عن وجود صعوبة ما يواجهها المتعلم في تحقيق أهدافه. أن يخطئ المتعلم معناه أنه يبذل جهدا للتعلم, معناه أنه يقوم بمحاولات جادة, و معناه أيضا أنه بحاجة إلى تدخل المعلم باعتبار أن دور المدرس لا يقتصر على استثارة فعل التعلم لدى المتعلم, لكنه يتعداه إلى اقتراح وضعيات تعليمية تسهل ذلك الفعل, و تسمح بإزالة مختلف العوائق التي قد تحول دون استفادة المتعلم من مجهوداته, و من هذه الفكرة, على المدرس أن يخصص الوقت الكافي للمتعلم, و أن يحفزه على تعيين خطئه و صياغته و شرحه, و أن يبتعد بالتالي عن إصدار أحكام مجانية و خاطئة على المتعلمين, إن الأخطاء متنوعة, وهذا يفرض أن يتعامل معها بأشكال متنوعة , سواء على مستوى المعالجة, فالأخطاء قد ترتبط بالوضعيات التعليمية التعلمية, أو بالتعليمات, أو بالعمليات العقلية أو بالمكتسبات السابقة, كما أنها قد ترتبط بهذه المجالات جميعها. بطاقة الأخطاء المرتبطة بالوضعيات التعليمية التعلمية: قد تكون الوضعية المقترحة من طرف المعلم جديدة على المتعلم, الشيء الذي يؤدي إلى غموض لدى هذا الأخير و يؤثر بالتالي على جودة منتوجه, و من الأمثلة على الوضعيات الجديدة ما يلي: - عرض بشكل جديد للتمارين. / - اعتماد وسائل جديدة. / - سياق ثقافي غير معتاد. / - مهام مختلفة غير مألوفة. / لغة خطاب غير مألوفة. و قد تكون الوضعية المقترحة معروفة من طرف المتعلم, و لكنها تتطلب منه اعتماد نوع من التفكير أو البرهنة يفتقدها أو لا يتحكم فيها بشكل كاف, وهكذا يكون المتعلم فكرة غير صحيحة عن المهام المطلوب منه إنجازها, و قد تكون الوضعية معروفة لكنها تفرض شروطا قاسية تتجاوز إمكانات المتعلم, و من الأمثلة على هذه الشروط: - إنجاز المهمة في وقت محدد. / - عدد كبير من التمـارين. / - درجة عالية من التعقيد. / - ارتباط المهام بمجلات مختلفة. كيفية التعامل مع هذه النوع من الأخطاء: - تنوع أشكال و أساليب العرض. / - اعتماد وسائل متنوعة. / - تنويع أساليب و عمليات التعليم و التقويم. / - مساعدة المتعلمين على تنويع مسارات تعلمهم. / - تمكين المتعلمين من مهارات الاستيعاب و التفكير. / - التأكد من حصول تفاعل جيد مع الوضعيات الجديدة. بطاقــة الأخطاء المرتبطة بالتعليمات: في هذا النوع من الأخطاء نلاحظ شكلين رئيسين منها, أخطاء مرتبطة بكيفية توجيه التعليمات, و أخطاء مرتبطة بكيفية استقبالها من طرف المتعلمين. · صياغة التعليمات: - تقديم تعليمات مزدوجة أو غامضة. / - توجيه تعليمات متناقضة./ - تتميز التعليمات بوجود كلمات غير مألوفة. / - عدم التأكد من فهم التعليمات. / - عدم توجيه التعليمات في شروط مناسبة. · استيعاب التعليمات: - عدم قدرة المتعلمين على قراءة التعليمات بشكل صحيح. / - يعدل المتعلمون في التعليمات بالإضافة أو النقصان أو بتغيير عناصر منها. / - يتصور المتعلمون تعليمات جديدة, خاصة عندما يكتشفون عدم معرفتهم بالتعليمات الموجهة من طرف المدرس. · التعامل مع التعليمات: - قصور في الاستقلال الذاتي ( اعتماد زائد على المعلم). / - نقص في المبادرات. / - نسيان التعليمات. / - تقبلها بشكل حرفي. كيفية التعامل مع هذه أخطاء التعليمات: ينبغي اعتبار مرحلة عرض التعليمات فترة هامة في التعليم و التعلم. / - مساعدة المتعلم على التساؤل حول التعليمات. / - مساعدة المتعلم على إعادة صياغتها بأسلوبه الخاص. / - مساعدة المتعلم على تصور المهام التي يقوم بها. / - مساعدة المتعلم على ممارسة النقد الذاتي. بطاقة الأخطاء المرتبطة بالعمليات العقلية: يحتاج المتعلم في وضعيات تعليمية تعلمية معينة إلى الاعتماد على مجموعة من العمليات العقلية, قد ترتبط الأخطاء بخلل في واحدة أو أكثر من هذه العمليات. العمليـــــــات مظــاهـرها التكرار تعيين, نقل, إعادة الإنتاج, الاستظهار المفهمة توظيف القواعد و المعلومات المكتسبة في مجال محدد, و تطبيقها في مجالات أخرى. التطبيق الانتقال من استقبال أحداث أو وقائع معينة إلى تمثلاتها العامة و المجردة. الاستكشاف البحث عن عنصر أو عناصر معينة في مجموعة من المعطيات التعبئة الاعتماد على مجموعة المكتسبات للحصول على عناصر محددة يمكن توظيفها في ظل شروط جديدة. إعادة الاستثمار نقل المعلومات من وضعية تعلم معروفة إلى وضعيات أخرى جديدة نسبيا أو كليا. كيفية توظيف العمليات العقلية في تصحيح الأخطاء: - مساعدة المتعلم على تخيل نفسه في وضعية التعلم, و تكوين صورة ذهنية عما ينبغي تعلمه, - الإكثار من عمليات الفرز و التصنيف و المقاربة و الترتيب. - تحفيز المتعلم على نقل مكتسباته اعتمادا على أنشطة توظف في مواد و مجالات متعددة. - تدريب المتعلم على التأمل و التركيز و الابتعاد عن التسرع و العفوية. - تدعيم المكتسبات الأساسية باقتراح تمارين متجددة. - تشجيع عمليات تحويل المعارف نحو مجالات من اختيار المتعلمين. التركيز في عمليات التقويم على مسار التعلم أكثر من التركيز على النتائج. بطاقة الأخطاء المرتبطة بالمكتسبات السابقة: يتعلق الأمر بقصور نسبي في مكتسبات المتعلمين, الشيء الذي يؤثر سلبا على مسار تعلمهم, و قد يظهر هذا القصور على شكل مكتسبات غير صحيحة أو غير مدعمة بشكل كاف,كما قد يؤثر عدم وجود معرفة كافية لدى المتعلمين بنفس القدر على محاولاتهم لاكتساب معارف جديدة. تعليمات حول كيفية التعامل مع هذا النوع من الأخطاء: - العودة إلى المكتسبات السابقة الأساسية. - الرجوع إلى نقطة الانطلاق في التعلم مع تغيير الوضعيات بما يلي: ( - إدماج مكونات داعمة. / - الإكثار من المناولات و التمارين.) مساعدة المتعلم على إظهار تمثلاته بوضوح للتعرف عليها, حفزه على رفضها و الإيمان بعدم صلاحيتها, و بالتالي مساعدته على تصحيحها اعتمادا على وسائل متنوعة. - الرفع تدريجيا من نوعية و صعوبة التمارين الداعمة. و العموم نحتاج إلى إغماس المتعلمين في وضعيات تعليمية تعلمية تسمح لهم بالتعبير عن مؤهلاتهم, و في حالة ارتكابهم لأخطاء, وهذا أمر وارد-ينبغي فهم تمثلاتهم – تحليل أخطائهم ثم تقديم الإمكانات التي تسمح بمعالجتها و تصحيحها. محاولة نقل ديداكتيكي لأطروحات كارل بوبر حول المعرفة العلمية: - المعرفة العلمية بأسرها فرضية أو حدسية افتراضية. - يتوقف نمو المعرفة – خصوصا المعرفة العلمية – على التعلم من أخطائنا ( أخطاء المتعلم خطوة حاسمة و أساسية لإنجاح تعلمه.) - ينبغي أن ندفع المتعلم إلى اعتماد روح المنهج العلمي, و روح هذا المنهج تعني أن يتعلم بكيفية نظامية من أخطائه: - أ. يخاطر المتعلم و يحتاج إلى صنع أخطاء أي عرض تصوراته أو ما يبدو له جديدا. – ب. يمارس المتعلم البحث النظامي عن الأخطاء المرتكبة: أي أن ينتقد أخطاءه. - يخضع المتعلم تصوراته و فرضياته للاختبار, و يقتنع بقوة نتائج الاختبارات و يعتمد عليها في المناقشة النقدية. - عندما يضع المتعلم فرضيات فإنه يعتمد في ذلك على حس باطني يدفعه نحو تفضيل نوع من الأخطاء التجريبية, أي أن يتوقع أن تجارب معينة يمكن أن تكون أفضل من غيرها. - يتعود المتعلم على الموضوعية, فلا ينحاز إلى تصوراته و تمثلاته الخاصة, بل يحاول التعامل معها بغير تصلب, لأنه إ ذا تشبت بتمثلاته فسوف يشجع ذلك الآخرين على تفنيدها . - تشجع هذه الواقعة المتعلم على أن يحاول تفنيد تصوراته بنفسه. - يشجع المتعلم على أن الاعتقاد بأن التصورات قابلة للتفنيد, و هكذا يتعامل مع ما يكتسبه من معرف بحذر معقول, فيبقى ذهنه متفتحا و مستعدا لأي تغيير إيجابي في مجاله المعرفي. أفكار مأخوذة من" عالم المعرفة "مايو 2003 ك.ب. أسطورة الإطار