أولا تعريف علم التجويد
التجويد لغة هو التحسين يقال هذا الشئ جيد أي حسن وجودت الشئ أي حسنته وأحكمت صنعه وأتقنته
واصطلاحا هو قسمان
القسم الأول يسمى
بالتجويد العلمي
وهو هو معرفة القواعد والضوابط التي وضعها علماء التجويد ودونها أئمة القراءة مرجعا لكل مريد من مخارج الحروف وصفاتها وبيان المثلين والمتجانسين والمتقاربين وأحكام الميم الساكنة والنون الساكنة والتنوين وأحكام المد والوقف والابتداء والمقطوع والموصول إلى آخره من سائر أبواب هذا العلم
أما القسم الثاني فيسمى
بالتجويد العملي
وهو إحكام حروف القرآن بالنطق بكلماته والإتيان بها بأفصح منطق وأعذب تعبير ولا يتحقق ذلك إلا بإخراج كل حرف من مخرجه الصحيح دون تحريف أو تغيير
فهو اخراج كل حرف من مخرجه مع اعطائه حقه من صفاته الذاتية اللازمة له من جهر وشدة واستعلاء واستفال من الصفات التي لا تنفك عن الحرف ومستحقه من صفات عرضية ناشئة عن صفاته الذاتية كالتفخيم الناشئ عن الاستعلاء والترقيق الناشئ عن الاستفال وهكذا
ثانيا حكم تعلم التجويد
حكم النوع الأول وهو التجويد العلمي
بالنسبة لأهل العلم فمعرفته واجبة على الكفاية فإذا قامت طائفة منهم به سقط الإثم والحرج عن باقيهم وإن لم تقم طائفة منهم بهذه المهمة من تعلم التجويد وتعليمه أثموا جميعا
وهو كسائر العلوم الشرعية التي لا تتوقف صحة العبادة على معرفتها
أما القسم الثاني العملي
فالعمل به فرض عين على كل قارئ من مسلم و مسلمة لقوله تعالى
ورتل القرآن ترتيلا
وقد سئل الإمام علي رضي الله عنه عن معنى الترتيل في هذه الآية فقال هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف
وقوله صلى الله عليه وسلم اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق و الكبائر فإنه سيجئ أقوام من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم
ثالثا الأحكام التجويدية
أولا حكم النون الساكنة والتنوين
النون الساكنة هي النون التي لا حركة لها كنون من و عن و تكون في الاسم و الفعل و الحرف و تكون وسطا و طرفا
أما التنوين فهو نون زائدة تلحق آخر الاسماء تثبت لفظا وتسقط خطا ووقفا إلا في حال الفتحة فإن التنوين يتحول إلى ألف. ولا يوجد التنوين إلا في آخر الكلمة ولا يوجد في الأفعال
و أحكامهما أربعة
اظهار وادغام و اقلاب و اخفاء
الاظـــها ر
لغة هو البـــــيان
واصطلاحا هو اخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحروف الحلقية المظهرة
وحروفه ستة الهمزة والهاء و العين والحاء والغين و الخاء
وتسمى بحروف الحلق الستة لأن مخرجها من الحلق فنسبت إليه و يسمىاظهارا حلقيا
تكون هذه الحروف مع النون في كلمة وفي كلمتين أما في حال التنوين فلا يكون إلا من كلمتين
فمثال النون مع هذه الأحرف من كلمة و من كلمتين
إن أنتم و من أوفى من آمن ينأون ء
من هذا من هاد منهم هـ
من عمل من علق أنعمت ينعق لأنعم ع
فمن حج أفمن حق من حاد ينحتون وانحر ح
من غل من غسلين فسينغضون ولا ثاني لها غ
من خزي من خشي المنخنقة ولا ثاني لها في القرآن خ
ومثال التنوين ولا يكون إلا في كلمتين
كل آمن ء
جرف هار سلام هي هـ
حقيق على واسع عليم في جنة عالية خلق عظيم ع
عليم حكيم نار حامية ح
قولا غير و رب غفور غ
يومئذ خاشعة ذرة خيرا لطيف خبير
خ
والعلة في اظهار النون و التنوين عند هذه الأحرف بعد المخرج أي بعد مخرج النون و التنوين عن مخرج حروف الحلق المذكورة
فالنون والتنوين من طرف اللسان و الحروف الستة من الحلق
ومراتب الاظهار ثلاثة
أعلى عند الهمزة والهاء
أوسط عند العين و الحاء
أدنى عند الغين و الخاء
ومما يجمل ذكره في هذا المقام أن أبا جعفر يخفي النون في الخاء مع بقاء الغنة وأن ورشا ينقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها
و ها هو شاهد الاظهارمن التحفة
للنون إن تسكن وللتنوين أربع أحكام فخذ تبييني
فالأول الاظهار قبل أحرف للحلق ست رتبت فلتعرف
همز فهاء ثم عين حاء مهملتان ثم غين خاء
ومما اشتهر أيضا أوائل هذه الكلمات
أخي هاك علما حازه غير خاسر
إذا غاب عني حبيبي همني خبره
ألا هاج حكم عم خاليه غفلا
الادغـــــام
لغة هو الادخال أو الادماج أي ادماج شئ في غيره
واصطلاحا هو النطق بالحرفين كالحرف الثاني مشددا وقيل هو التقاء حرف ساكن بمتحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا يرتفع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة في آن واحد أي ينطق بهما اللسان نطقا واحدا كما ينطق بالحرف الواحد المشدد
ولا يكون إلا من كلمتين و ينقسم الادغام إلى قسمين قسم يسمى ادغاما بغنة وقسم يسمى ادغاما بغير غنة
وحكمهما وجوب الادغام لحفص ومن وافقه
وحروفه ستة مجموعة في لفظ يرملون
والقسم الأول هو الادغام بغنة عندما يقع أحد حروفه بعد النون الساكنة بشرط أن يكون من كلمتين او بعد التنوين ولا يكون إلا بين كلمتين أولاهما اسما كما سلف وحروفه جمعت في لفظ ينمو
التنوين النون
خيرا يره شرا يره وجوه يومئذ ويا قوم من ينصرني ومن الناس من يقول ي
كلا نمد يومئذ ناعمة ومن نعمره ننكسه في الخلق نقتبس من نوركم من نعمة ن
قول معروف عذاب مقيم رسول من الله من مسد من مال م
ووالد و ما ولد خير وأبقى من وال من ولي و
وهكذا في كل نظير
ويسمى هذا النوع من الادغام ايضا بالادغام الناقص أي الذي لم يستكمل التشديد بعد ادغامه لأن الغنة منعت من كماله أو يسمى ناقصا لذهاب الحرف وهو النون أو التنوين وبقاء الصفة و هي الغنة
وقد اشترطنا في الادغام ان يكون من كلمتين فإذا وقع بعد النون الساكنة أحد هذه الحروف الأربعة في كلمة واحدة اظهرت النون اظهارا مطلقا أي وجوبا و سمي مطلقا لأنه لم يقيد بحرف أو شفة أي أنه ليس مدغما أو مخفى
وورد هذا النوع في أربع كلمات لا خامس لها في القرآن
اثنان قبل الياء الدنيا وبنيان
واثنان قبل الواو صنوان و قنوان
ولم يدغم هذا النوع لئلا يلتبس بالمضعف وهو ما تكرر أحد أصوله فلو أدغم لم يظهر الفرق بين ما أصله النون و ما أصله ا لتضعيف فأبقيت النون محافظة على ذلك
وأشار صاحب التحفة إلى هذا الحكم بقوله
إلا اذا كان بكلمة فلا تدغم كدنيا ثم صنوان تلا
والقسم الثاني هو الادغام بغير غنة اذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين حرف اللام أو حرف الراء وجب الادغام ادغاما كاملا بغير غنة مثال
النون واللام ولكن لا يعلمون من لدنه و من لستم
التنوين و اللام هدى للمتقين يومئذ لخبير
النون والراء من ربهم من رسول
التنوين والراء ثمرة رزقا عيشة راضية
ويجوز السكت وعدمه لحفص من الطيبة في كلمة من راق كما تجوز الغنة وعدمها أيضا لحفص من الطيبة وصلا في من راق هكذا
وقد قال الامام ابن الجزري في طيبته
وأدغم بلا غنة في لام ورا وهي لغير صحبة جودا ترى
وفي نسخة أيضا ترى
هذا وقد جمعت حروف الادغام الستة في كلمة يرملون والرمل بالفتحتين هو الهرولة يقال رمل بين الصفا والمروة ويرمل بالضم رملانا
وهذا شاهد الاظهار من تحفة الأطفال
والثان إدغام بستة أتت في يرملون عندهم قد ثبتت
لكنها قسمان قسم يدغما فيه بغنة بينمو علما
إلا إذا كان بكلمة فلا تدغم كدنيا ثم صنوان تلا
والثان إدغام بغير غنة في اللام والرا ثم كررنه
الاقـــلاب
لغة هو تحويل الشئ عن وجهه كأن يجعل الظهر بطنا و البطن ظهرا
واصطلاحا هو جعل حرف مكان آخر مع بقاء الغنة والاخفاء في الحرف الأول و المراد هنا هو قلب النون الساكنة أوالتنوين ميما مخفاة قبل الباء مع بقاء الغنة بمقدار حركتين وهذا بإجماع أئمة القراء سواء كانت النون الساكنة و الباء بعدها في كلمة أو في كلمتين أما التنوين فمعلوم أنه لا يكون إلا من كلمتين
و لهذا وضعت الميم الساكنة المدلاة المرسومة في المصاحف على آخر النون قبل الباء وبدلا من نون التنوين في آخر الكلمة المنونة للدلالة على قلبهما ميما مع وجوب الغنة في الميم المخفاة التي جيئ بها مكان النون الساكنة و التنوين أصلا
والغنة كما سبق هي صوت طروب جميل يخرج من الخيشوم و هو بمقدار حركتين
وللاقلاب صور ثلاث وأمثلتها كما يلي
النون والباء من كلمة من أنبأك هذا فقال أنبئوني أنبتت
النون والباء من كلمتين أن بورك وأما من بخل
التنوين والباء سميع بصير زوج بهيج عليم بذات الصدور
وشاهد الاقلاب من التحفة قول الناظم
والثالث الاقلاب عند الباء ميما بغنة مع الاخفاء
هذا وقد نبه العلماء وأئمة الأداء و حذروا من اطباق الشفتين على الميم المقلوبة في اللفظ لئلا يتولد من كز الشفتين غنة ممططة أو تظهر الميم غير مخفاة
فلا يقال أمبأك أمبئوني أمبتت أمبورك وهكذا في كل النظائر
ووجه الاقلاب هو عسر الاتيان بالغنة في النون والتنوين مع الاظهار ثم اطباق الشفتين لأجل الباء
وكذلك عسر الادغام بسبب قلة التناسب واختلاف المخرج فتعين الاخفاء و توصل إليه بالقلب ميما لأنها تشارك الباء في المخرج وتشارك النون في الغنة
الاخفــــاء
لغة هو الستر تقول أخفيت الشئ أي سترته
واصطلاحا هو النطق بالحرف بصفة بين الاظهار و الادغام عار من التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول وله خمسة عشر حرفا وهي الباقية من حروف الهجاء بعد ستة الاظهار و ستة الادغام وواحد الاقلاب وقد رمز إليها صاحب التحفة بقوله
والرابع الإخفاء عند الفاضل من الحروف واجب للفاضل
في خمسة من بعد عشر رمزها في كلم هذا البيت قد ضمنتها
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
ووجه اخفاء النون والتنوين عند هذه الأحرف هو أنهما لم يقربا من هذه الأحرف مثل قربهما من حروف الادغام فيدغما ولم يبعدا منها مثل بعدهما من حروف الاظهار فيظهرا ولذا أعطيا حكما متوسطا بين الاظهار و الادغام و هو الاخفاء
ومراتب الاخفاء ثلاثة
عليا عند الطاء و الدال و التاء و دنيا عند القاف و الكاف ووسطى عند بقية الأحرف
الفرق بين الاخفاء و الادغام هو أن الادغام فيه تشديد والاخفاء لا تشديد فيه
والاخفاء يكون عند الحرف والادغام يكون في الحرف