القرضاوي يحل وعلماء المغرب يترددون
الاحد 2 نونبر 2008
لم يعد الاقتراض من المؤسسات البنكية موجها فقط لمصاريف الدخول المدرسي والعطل الصيفية أو حتى المناسبات الدينية خلال شهر رمضان وعيد الأضحى، بل امتد لمجالات أخرى كالسكن و حتى بعض الكماليات ... فالمستهلك يجد نفسه حائرا بين إلحاح تحقيق الرغبات وأساليب الإغراء والدعاية وضعف الإمكانيات الذاتية، لكن في غمرة الإنجذاب لمسايرة ايقاع الحياة الإستهلاكية يصطدم هذا المستهلك بمجموعة من الفتاوى والأحكام الفقهية المتضاربة بعضها يبيح التعامل البنكي بشروط والآخر يتردد في اتخاذ قرار حاسم. سجال فقهي تثير مسألة الإقتراض البنكي خلافا فقهيا كبيرا بلغ أوجه بعد إعلان يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، جواز الاقتراض البنكي من أجل السكن لداعي الضرورة ولعدم وجود أي مصرف إسلامي يمنح قروضا بدون فوائد في المغرب. هذه الفتوى ردت عليها هيئة الإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى بإصدار بيان شديد اللهجة هاجمت فيه فتوى القرضاوي التي أجاز من خلالها الاقتراض بفائدة من البنوك لأجل السكن حيث قال البيان »هذا المفتي هاجم وتجاوز في فتواه حدود اللياقة... وقد أساء إلى المغرب وأهله حين قاس بلدهم ببلاد المهجر»، كما اتهم ذات البيان القرضاوي بارتكاب أخطاء علمية وأخلاقية فادحة منها التطاول على حق علماء المغرب في إفتاء أهل بلدهم وأنه لم يلتزم بأدب الفتوى، كما وصف البيان القرضاوي بالجاهل لأحوال المغرب وأعراف وتقاليد أهله. لكن في نفس الوقت لم يصدر عن الهيئة المذكورة أي حكم شرعي للحسم في المسألة، في الوقت الذي أشارت بعض الجهات إلى أن الإفصاح عن مضمون الفتوى الشرعية بخصوص القروض البنكية يعود للملك باعتباره أمير المومنين والجهة المخولة بإطلاع الأمة على الفتاوى. وأمام هذا الجدل الفقهي انتقد بعض المراقبين تردد هيئة الإفتاء المغربية التابعة للمجلس العلمي الأعلى في إصدار فتوى تنهي الجدل بشأن القروض لأجل السكن، وأرجعوا هذا التردد لحرج كبير وقعت فيه الهيئة بعد فتوى القرضاوي الذي أجاز للمواطنين المغاربة الاقتراض لأجل السكن بناء على توفر شرط الضرورة. وكان عبد الباري الزمزمي رئيس الجمعية المغربية للبحوث والدراسات في فقه النوازل انتقد في وقت سابق استغراق المجلس الأعلي نحو عام كامل لصياغة مشروع حول فتوى القروض البنكية، وبخصوص حالات الضرورة، التي يمكن أن تجعل الاقتراض جائزا أشار الزمزمي إلى أن الضرورة مستقاة من الضرر الذي ينزل بالإنسان ولا يجد له حلا، وأوضح أن الإنسان الذي يؤجر مسكنا يكلفه ثلاثة أرباع أجرته ولا يبقى له ما يعيل به أسرته يدخل في حالة الضرورة التي تبيح الاقتراض بالفوائد وينضاف للحالات السابقة حالة المريض الذي يحتاج لعملية جراحية لا يتحمل تكاليفها القروض بين مؤيد ومعارض انقسمت عينة من المغاربة حيال اللجوء للاقتراض من البنوك بفوائد لشراء مسكن أو غيره ما بين مؤيدين استندوا لفتوى يوسف القرضاوي التي أباحت الاقتراض بغرض شراء مسكن إذا ما استنفدت البدائل، فيما عارض أخرون التعامل مع البنوك، ولعل صمت علماء المغرب بشأن القروض لأجل السكن ساهم في إحداث ارتباك لدى بعض المواطنين، وفي هذا السياق يقول مصطفى الذي يمارس تجارة حرة، أنه فضل انتظار تحسن أوضاعه المادية بدل اللجوء إلى القروض البنكية التي يعلم آثارها البعدية السيئة والإقتطاعات الطويلة الأمد، فيما مواطنون آخرون اختاروا اللجوء بدلها إلى طرق بديلة للإقتراض خاصة جمعيات ومؤسسات القروض، أو حتى بعض الأشخاص الذين يقدمون قروضا دون شروط معقدة، لكن مع ذلك يجدون أنفسهم قد وقعوا ضحايا تعاملات لا تختلف كثيرا عن القروض البنكية طالما أن هذه الخدمات هي بمقابل فوائد مرتفعة أو ما يعرف شعبيا بـ(لا نتيريس)، بعض المتتبعين يرون أن الإشكال وتردد العلماء مرده بالأساس إلى أن إصدار فتوى التحريم هي بمثابة إدانة للاقتصاد ككل خصوصا وإضرار بمصالح نسبة كبيرة من المغاربة تلجأ إلى القروض الاستهلاكية فقد بلغت قيمة القروض خلال سنة 2007 حوالي 4 مليارات دولار. > إعداد : عبد الواحد الدرعي
الاحداث المغربية