وضع " سير جيو فاني " المهام التسعة للمدير: 1- تحقيق الأهداف: ربط الرؤى المشتركة معا. 2- المحافظة على الانسجام: بناء فهم متبادل. 3- تأصيل القيم: إنشاء مجموعة من الإجراءات والبنى لتحقيق رؤية المدرسة. 4- التحفيز: تشجيع الموظفين وهيئة التدريس. 5- الإدارة: التخطيط وحفظ السجلات ورسم الإجراءات والتنظيم... 6- الإيضاح: إيضاح الأسباب للموظفين للقيام بمهام محددة. 7- التمكين: إزالة العوائق التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق هيئة التدريس والموظفين لأهدافهم وتوفير الموارد اللازمة لذلك. 8- النمذجة: تحمل مسؤولية أن تكون نموذجا يحتذى فيما تهدف إليه المدرسة. 9- الإشراف: التأكد من تحقيق المدرسة لالتزاماتها، فإن لم تفعل فعليه البحث عن الأسباب وإزالتها.
فالمدير بهذا الشكل المتواضع يلهب في المعلم والتلميذ المشاركة الكفأة وتحقيق الأهداف التربوية المنشودة؛ وإن جني التلميذ من وراء هذا كله النجاح، فكذلك قد جناه معه المدير والمعلم، لأن التلميذ يؤثر فيه المدير والمعلم...
ويرتكز التسيير على شكل دائرة على الفضائل المحمدية، إذ أن دون الفضائل يُرمى الإنسان بالتغرّض وعدم الإنصاف.. وحينها يصبح عمله وما ينفقه من أجل المجتمع عبئا ثقيلا عليه...
ومن بين الفضائل المحمدية التي تعد ركائز التسيير على شكل دائرة نذكر:
- التواضع:
لأن التواضع من شيمة الإنسان العملي، وكما ورد في الحديث الشريف:
*« وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله »، [رواه مسلم].
*« إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد »، [رواه مسلم].
وقال الله جل وعلا:
*{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }، [القصص، 83]. - الصدق:
يجب أن يكون الإنسان صادقا أولا مع نفسه، ثم صادقا في دينه، وصادقا مع الناس، وصادقا في عمله؛ كما قال الله، سبحانه وتعالى:
*{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }، [التوبة، 120].
وكما قال الحبيب – صلى الله عليه وسلم تسليما – في حديثه:
*« دع ما يربيك إلى ما لا يربيك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة» [رواه الترمذي]. - الاستقامة:
قال العلماء في معنى الاستقامة أنها تعني الالتزام بطاعة الله، وهي من جوامع الكلم، ونظام الأمور... يعني أن الاستقامة تمنح لصاحبها النظام، والسداد، والإصابة في كل ما يصبو إليه من عمل الخير؛ كما قال الله، جل وعلا:
*{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۞ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، [الأحقاف، 12- 13].
وجاء في الحديث النبوي الشريف:
* قل آمنت بالله: ثم استقم [رواه مسلم]. - التقوى:
هي الحرز الحصين الذي يجعل الإنسان لا يعمل عملا إلا إذا رأى فيه خيرا للناس أجمعين، كما يجعله يفرق بين الحلال والحرام والمتشابه، ويجعله طائعا لله، عز وجل، وطائعا لرسوله، صلى الله عليه وسلم تسليما، في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وطاعة أولي الأمر فيما يخدم مصالح البلاد والعباد؛ كما قال الله سبحانه وتعالى:
*{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدً }، [الأحزاب، 70]. - الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد:
هذه الفضيلة تبعد الإنسان عن النفاق، وما أكثره في عصرنا هذا بحُلل مسبوكة كما ينبغي؛ وقد قال الحق، جل وعلا:
*{... وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }، [الإسراء، 34].
وقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم تسليما، في هذا الصدد:
*«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد اخلف، وإذا أؤتمن خان»، [متفق عليه]. - العمل:
فالعمل دون إرادة، كشجرة اجتثت من فوق الأرض لا ثمار لها، ولا رائحة، ولنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم تسليما، أسوة حسنة؛ إذ حول الإسلام إلى منهاج عملي، وكان هو أول العاملين، حيث اجتمعت في شخصيته: قائد المسلمين، قائد الأركان الحربية، تاجر يبيع ويشتري في الأسواق من أجل لقمة عيش، ورسول من عند رب العالمين يبلغ رسالة الله، جل وعلا، ومربي، ومعلم، وأب، وجد، وصاحب، وعابد ناسك زاهد... وكل هذه الأشياء منظمة في أحسن تنظيم، يعطي لكل ذي حق حقه دون تقصير، ولا ملل...
وقال الله، عز وجل:
*{ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }، [التوبة، 106].
*{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا }، [الإسراء، 57].
فالعمل يوجب الإرادة صحبة العلم، وصدق القصد، ومحو كل شاغل، وملازمة رعاية الأدب. - العفو والتسامح:
*{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }، [البقرة:190].
*{ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }، [النور: 22].
لعل العفو والتسامح يقودنا نحو مبدأ التنازل؛ أي أتنازل لإخواني في عمل يرونه صائبا ولا أراه كذلك.. وحتى لا أعرقل السير أستخدم مبدأ التنازل لأنه يبين لي أن الإنسان ممكن أن يكون على صواب كما يمكن أن يكون خاطئا.. وإذا ما وقع سوء فهم أو ظن يجب علي أن استعمل قانون العفو والتسامح.. ولا أترك في صدري حقدا أو كراهية...
فعندما يتحلى الإنسان بهذه الفضائل تعلو همته من خلال القوة العلمية، والقوة العملية، لأن هناك من الناس من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصيرة، وكلما ضعفت الإرادة والطلب ضعفت حياة القلب، وإذا حصل العكس فحينها تعلو همة القلب، والحياة الطيبة تنال بالهمة العالية...
كما أن الفرد عندما يتحلى بهذه الفضائل يكون مؤهلا للعمل الجماعي بصدق، وتواضع، وتآخي، ويكون أيضا مؤهلا لدمج الحياة المادية في الحياة الروحية دون أن يضع فاصلا بينهما...
لقد كان المدير ولا يزال في بعض الدول القائد التربوي في المؤسسة، والمشرف على هيئة التدريس والموظفين، وكذلك قائدا تدريسيا، وهو الصانع الأول للقرارات.. وهذا النظام يولد الخوف في المعلم، وفي التلميذ، والضحية هو التلميذ، لأن طموحاته تكبث.. لأن المعلم يخاف أن يتخذ موقفا قياديا لأنه يدري مسبقا ماذا سيكلفه.. والتلميذ لا يستطيع أن يعبر عن شعوره، أو مشاكله التي تعوقه في الدراسة مثلا...
أما في عصرنا الحالي فالمدير هو الذي ينزل عند المعلم ثم ينزلان عند التلميذ؛ لا ليتساوى التلميذ مع المدير والمعلم، بل لأن القائد في عصرنا يجب أن يمتاز بسلوكيين: سلوك موجه نحو المهمة، وسلوك موجه نحو الناس...