جــيــلالــيــات - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية نورالدين شكردة
نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702
معدل تقييم المستوى: 465
نورالدين شكردة يحمل عنوان الإبداعنورالدين شكردة يحمل عنوان الإبداعنورالدين شكردة يحمل عنوان الإبداعنورالدين شكردة يحمل عنوان الإبداعنورالدين شكردة يحمل عنوان الإبداع
نورالدين شكردة غير متواجد حالياً
نشاط [ نورالدين شكردة ]
قوة السمعة:465
قديم 01-09-2008, 15:01 المشاركة 1   
Unhappy جــيــلالــيــات

جــيــلالــيــات


مجلولة 1 :
الصمت و الهدوء يلفان الأزمنة و الأمكنة و الشخوص .
استيقظ " الجيلالي " متوجسا و جسده يتصبب عرقا ، تأمل بغباء و رهبة خرساء ألوان الظلمة المحيطة به ، و تذكر أنه استهلك ليلتها آخر عود ثقاب ، و آخر شمعة و هو يتذوق روعة حبكة لجنة " صنع الله " و يختتم متأسفا لوعة دنيا إله " الكيلاني " عاد و تناوم ، انكمش تحت غطائه و جاهد كي لا يترك منفذا يسمح بمرور أيادي الظلام .
أحيانا يتوجس من صوت أنفاسه و هي تتلاحق ، من خفقان قلبه و هو ينقبض و من سريان الدم في شرايينه . امتداد البصر تحت الفراش جد قصير ، و في عمق العتمة تراءت للجيلالي أطياف و أرواح الموتى و الجن و العفاريت ، و أقسم النوم ليلتها ألا يعرف طريقا إلى مقلتيه ...
مجلولة 2 :
كنت لا أمكث يوما عند جدتي – رحمها الله – بكوخها القروي المتواضع ، حتى أقرر العودة لمدينتي . و كانت المشمولة برحمته تستجديني أن أطيل إقامتي معها ليـوم أو يومـين آخرين ، لكنني اعتدت الرفض و التصميم غير مبال بتوسلاتها و إغراءاتها . مازحتني يوما : " وليدي دبا يلا حكمـوا عليـك تعـيش فشـي دوار طـول حـياتك ، شنـو غاديـر ؟ لـم أرد عليها ؛ لاستحالة و قسوة التصور ، و لم أكن أدري أنها عن غير وعي ؛ كانت تقصد بسؤالها ما يلي : وليدي دبا يلا وليتي معلم ... ؟ و لقد " وليت " حقا معلما . و ها أنا ذا أعيش أصولي الحقيقية ؛ متأخرا عنها بعشرين سنة ، معوضا الدوار في خصاص أبي الذي هاجر للمدينة صغيرا من أجل هدف نبيل لم يكن يتوقعه . و هو إرسال أحد أبنائه للمساهمة في الحد من هجرة أصدقائه و أبناء أصدقائه .
مجلولة 3 :
تستهويني تلك اللحظة التي أرخي فيها العنان لمخيلتي لتشكيل الغيوم كما أشاء ، قطيع مشوي من الغنـم ، عـذراء عاريـة ، كعـكة ، أمـي ، حوالـة ، أو أي شـكل آخـر مسـتفز لأحاسيـس محرومة . كما اعتدت خلال لحظات سأمي القصوى مسابقة ظلال الغيوم ، و كنت الخاسر دائما ، فبدء تجاري الغيمة إيقاعاتي ، لكنها سرعان ما تتركني وراءها لاهتا ، متجاوزة فجا أو هضبة أو كتلة من الصخور في لمح البصر .
أردت أن أتباهى أمام أحد المعلمين القدامى خلال لقاء تربوي جمع بيننا ، فأخبرته متحمسا بأنني أسابق الغيوم ، و بأنني لمست غيمة بيدي و تذوقت زبدها ، ملمحا إلى مدى علو منطقة عملي . ابتسم المحترف بمكر و دهاء و علق متهكما : أنا من فرعيتي تبولت على غيمة !!!
مجلولة4 :
كان سيعد يوما مشهودا لو سار كما خمنت ، و لو توفـرت أدنى شـروط العمل و العيـش و التواصل . و كان سيؤرخ لميلاد مرحلة جديدة في حياتي ، و انخراط نهائي في مسيرة مهنية راشدة ، لولا أن مفاهيم و تسميات الأعمار و الأزمنة في وطننا تعرف تداخلا و امتدادا و تمطيطا لكل مراحلها ، و لولا ( ... ) .
ففي السابع عشر من شتنبر إحدى أواخر سنوات الألفية الثانية ، استفقت على غير عاداتي لأجد نفسي بين عشية و ضحاها و سنتين ، موظفا قابعا بين أخاديد ثان أعلى قمة جبلية في المغرب ، توضأت ، صليت ، تناولت طعام إفطاري ، و مارست طقوس الاستهلال في أول أيام العمل الرسمي ، و لم أكن أدري أنها سنكون آخر مرة . خطوت مبسملا و متيمنا على عتبة باب القسم ، وجدت المادة الخام لوظيفتي في انتظاري ، حييتهم تحية الإسلام ، تأملتهم حفاة ، أنصاف عراة ، يعلو الوسخ و الإهمال و الجوع و الحيرة و فرح خفي محياهم ، اقتربت منهم صافحتهم و داعبتهم واحدا واحدا ، عدت لمكتبي ، واجهتهم ، ابتسمت في وجوههم ، لم يتجاوبوا مـع الابتـسامة و اكـتفوا بـدورهـم بتفحصـي صامتـين ، قـصـدت أحدهـم بالسـؤال : ما اسـمـك ؟ و لم يـرد ، لأنه لم يفهم ما قلت ، و لأنه لم يعتد أن يسأل عـن اسـمه بدارجـة أو فـصحى عربيتين ... انصرفـوا بعـد ساعتـيـن من اللاتواصل و التـيه و محاولات فاشلـة لـخلق لغـة بديلـة للـتفـاهم و التوافق . اقتعدت محبطا كراسي طاولاتهم ، مشطت خشبها شبرا شبرا ، و لم أعثر

على كلمة واحدة ذات معنى ؛ خطوط منعرجة و مستديرة ، علامات و أشكال فريدة ، طلاسم يصعب فك معانيها . و تذكرت أنني كنت أمضي نصف حصص الدروس التطبيقية خلال سنتي التكوين في قراءة جرائد التلاميذ الخشبية ؛ إشارات ، إحالات ، رسائل و رسوم ...و كدت أرفع الراية البيضاء ...
أسابـيع قلـيلة بعـد ذلـك ، تمـكنت خلالها من بـعض أبجديات أو لنقل أمزغيات لهجتهم ، و تمكنت أكثر من كسب حبهم و ألفتـهـم و الاقـتراب من هواجسهم و ملكاتهم . و بدوام المحاكاة و الإيماءات وسيل مضبوط من الكلمات و المصطلحات ، بات من الواضح أن المدرسة المغربية بحملها للواء التعميم و التعريب تكون قد أدت – نسبيا – حقا الوظيفة المنوطة بها على أكمل وجه و أن الدولة مصيبة و حكيمة في غاياتها المسطرة . و صار من الضروري أيضا تنظيف طاولات تلاميذي كل شهر .
مجلولة5 :
" الكميلة " عالم جديد اقتحمت غماره لأول مرة بعد تهجيري من منزل العائلة ، كنت أعود من المدرسة أو من الحي أو من الملعب لأسأل عن حصتي المحفوظة من الوجبات المعتادة .الآن فقط اكتشـفت أن تلـك الأطبـاق اللذيـذة التـي كنـت أبـدع في التهامـها و النبش عنها في الأدراج والأركان ، لم تكن في البدء سـوى خضراوات نيئـة و مـاء و توابـل ، و أن البصل عندما يقـشر يرغـم العـين على ذرف الـدموع . عشية يوم مـمطر ضبطت عشيري و زميلي في المهنة و هو يخلط بين دموع البـصل و دموع الحنين و الألـم ، و بيـن زيت المائـدة و زيت البطارية .
مجلولة 6 :
أذكر جيدا ذلك الألم الذي كان يخلفه ارتطام العصا براحة اليد ، و أستحضر بصدق لحظتئذ مشاعر الخوف و الرهبة ، و تلك الرعشة الشاملة التي تحل بالبدن هنيهات قبل العقاب .
كما أذكر جيدا ذلك الاستصغار و إهانة النفس اللتان أرمق بهما ذاتي و يرمقني بها زملائي ساعة رجوعي لطاولة جلوسي باكيا ، مرتجفا ، غارقا في الحياء ... و أحيانا في البلل ... أعتقد أن شخصيتي غير المتزنة راهنا ، ما هي إلا نتاج لكثرة ما ارتطمت بها الأشياء الصـلبة الموجعة . و أجزم أن غياب توازن مستقر بين شعوري و لا شعوري إنما هو نتيجة حتمية للأرجحة المتشنجة التي كنت أرغم على تقمصها ساعة العقاب ...
شاءت الأقدار أن أكون تلميذا تعيسا لمدة عسيرة من الزمن امتدت لثلاث سنوات من القمع و من دراستي الابتدائية لدى الشهيرة " محجوبة ." فزاعة حياتي كما أسميها أو محجوبة

المحبوبة كما كانت تسمي نفسها ، أو محجوبة المجنونة كما كان يجيب تلامذتها كلما سئلوا عن اسمها . مخلفات تربيتها الفريدة لم تنمح من ذاكرتي قط ، و لم أوفق على مر مشوار حياتي الطويل أن أجعلها تبرح حركيتي الإرادية و حساسيتي الشعورية ، بل و كل أوجه تمظهر شخصيتي … حاليا و في سني المتقدم هذا تنتابني لحظات حزن و هلع مفاجئة ، فأسترسل في التداري و الاحتماء و الاستجداء … و مما ألفته و عهدته في نفسي و عهده أصدقائي بي أن يمد لي أحدهم كفه بغتة لمصافحته فأمد له كفي مفتوحتين و دونما شعور انتظارا لعقابي …









آخر مواضيعي

0 آش جاب محجوبة لاستوكهولم؟
0 لماذا يستمر قياديو النقابات التعليمية بتاونات في الجلوس على عتبة بوابة نيابة التعليم...؟
0 شمل أسرة التعليم بتاونات "يتشتت" والنقابات تفقد بوصلة الاحتجاج وتقف صامتة، جامدة، مبتسمة كالبلهاء ليلة الدخلة...
0 نيابة جرسيف تحتفي باليوم الوطني للمجتمع المدني
0 موضوع مهم للباحثين في علوم التربية: البحث التربوي العلمي وضرورة توحيد التصور المنهجي بصدده (أرضية للنقاش) ـ د. محمد الأزمي
0 فاجعة ـ حادثة سير مروعة بعين قنصرة تودي بحياة أربع أساتذة تابعين لنيابة تاونات
0 "دور الوكالة القضائية للمملكة المغربية في تكريس مبدأ حق الدفاع" موضوع ندوة علمية من تنظيم ماستر قانون المنازعات العمومية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بفاس
0 مآسي مجموعة مدارس ديدبة بتاونات لا تنتهي ـ بين "شفيق أزبة"و"محمد الزرهوني" الأستاذة لبنى حليم تعزل مرتين!!!
0 عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس يعلن عن إلغاء الدورة الخريفية بشقيها العادي والاستدراكي برسم الموسم الجامعي 2013
0 صرخة أستاذ: مقام المباراة مقام الخديعة ـ على هامش تحويل مناصب أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي إلى مناصب أستاذ التعليم العالي مساعد في الفلسفة بكلية آداب مكناس


عبد العالي الرامي
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية عبد العالي الرامي

تاريخ التسجيل: 8 - 2 - 2008
السكن: الرباط
المشاركات: 2,028

عبد العالي الرامي غير متواجد حالياً

نشاط [ عبد العالي الرامي ]
معدل تقييم المستوى: 403
افتراضي
قديم 01-09-2008, 15:19 المشاركة 2   

مشكور على هذه القصة


أمة الرحمن
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية أمة الرحمن

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
المشاركات: 8

أمة الرحمن غير متواجد حالياً

نشاط [ أمة الرحمن ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 02-09-2008, 00:31 المشاركة 3   

دخلتي مجهد االسي نور الدين تبارك الله عليك
اتمنى لك العطاء الدائم


نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية نورالدين شكردة

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702

نورالدين شكردة غير متواجد حالياً

نشاط [ نورالدين شكردة ]
معدل تقييم المستوى: 465
افتراضي
قديم 02-09-2008, 11:14 المشاركة 4   

دخلتي مجهد االسي نور الدين تبارك الله عليك
اتمنى لك العطاء الدائم
كيسميوها الدخلة ديال *****يم كاتكون رابحة ب واحد لزيرو فلبدو دلماتش وفالشوط الثاني كتصدق خاسرة ب سبعطاش لواحد
تحياتي أختي أمة الرحمان


hanane81
:: دفاتري متميز ::

الصورة الرمزية hanane81

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
المشاركات: 252

hanane81 غير متواجد حالياً

نشاط [ hanane81 ]
معدل تقييم المستوى: 216
افتراضي
قديم 02-09-2008, 23:13 المشاركة 5   

كيسميوها الدخلة ديال *****يم كاتكون رابحة ب واحد لزيرو فلبدو دلماتش وفالشوط الثاني كتصدق خاسرة ب سبعطاش لواحد
حاشا و اش تكون خاسر و أنت بهاذ المستوى، لا يسعني الا أن أقف وقفة اجلال و اكرام لك و لجيلالياتك التي تنتابني أحاسيس كلما قرأتها بأنك تطلع على بعض من مكنونات نفسي و مختلجات خاطري، شكرا لك على تلك اللذة التي أشعر بها كلما ارتميت ببحر كلماتك.
تحياتي.rs5


إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جــيــلالــيــات

« أن تصاب أيضا | المتوحشة »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 13:49


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة