حب .. وبطاقة تعريف
امتدت يد الظلام لتسدل الستار عن أديم النهار. فلا صراخ الباعة يسمع، ولا منظر المتسولين المتناثرين على جنبات الطرق يرى.العمارات الشامخة تناطح سديم الليل، فتلوح غارقة في السواد كهياكل أشباح عملاقة. الأعمدة السامقة، أنوارها باهتة، وقد اصطفت على جانبي الشارع كأعواد ثقاب تودع أنوارها، محاولة نفض سبات الليل. صوت سيارة لفظها رأس الشارع، يكسر رتابة الهدوء الذي تمطى داخل ألياف ليل المدينة، مسيئا إلى إيقاع سيمفونية منتصف الليل الهادئة.
ما كادت السيارة تعبر سياج الحديقة الغارقة في سباتها، حتى كشف نورها، للحظة، جسمين ملتصقين. كانا قد افترشا اسفلت الطوار البارد. فبدا الجسمان المتداخلان والأرجل الأربعة، كسرطان بحري عملاق. لو قامت القيامة من حولهما، لما انتبها.
تحركت شفتاه كأنها تلوكان الهواء الدامس :
- أحبك.
- أنا أكثر...
حاول إثارة هدوئها في تغاب :
- تبالغين دائما كالعادة...
دفعته في انزعاج مفتعل لم يخل من دلال :
- ......
ضمها إلى صدره.
التحمت الجثتان، واستحالتا جسدا واحدا له ظهران.
هنا التقى روميو بجولييت...
هنا وجد قيس ليلاه...
هنا...
هنا الجنة... ولا أثر لإبليس...
-" هنا مكان عمومي.. ماذا تصنعان؟؟"
لم يستفيقا من شرودهما إلا بصوت الشرطي وهو يستطرد بصوت ميكانيكي :
"التعريف ديالكم الله يخليكم.."