لا يتضمن مشروع قانون المالية الخاص بسنة 2009 أي رسم جديد أو زيادة في الرسوم باستثناء سنّ ضريبة جديدة على أرباح الشركات الأجنبية المحولة إلى الخارج بنسبة 15 في المائة مقابل اعتماد تحفيزات جديدة على الاستثمار المحلي من خلال تمديد مدة الإعفاء من الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات وتشجيع القروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تبرر الحكومة اعتماد سعر مرجعي لبرميل النفط بـ 37 دولارا عوضا عن 19 دولارا باستقرار أسعار الذهب الأسود في السوق العالمية عند المتوسط المعتمد، بالإضافة إلى ارتفاع قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي العملة المرجعية في إعداد الميزانية. وعلى الرغم من هذا التحسن في المؤشرات المالية، فإن هذا الرفع لا يعني تخلي الحكومة عن سياسة شد الحزام والتقشف وإنما لتبرير زيادة النفقات العمومية لسد العجز المسجل في تمويل مشاريع رئيس الجمهورية التي تعاني من التأخير بسبب سوء التخطيط والتسيير. والدليل على ذلك الرسوم الـ26 المتضمنة في قانون مالية 2008 التكميلي والتي تم تبريرها بتوفير مصادر التمويل للبلديات.
ومن أجل زيادة حجم تحصيلات الجباية العادية، لجأت الدولة إلى شن حرب على المزوّرين والمتملصين من الدفع. وفي هذا الصدد، وتحت عنوان محاربة الغش الضريبي، وافق رئيس الجمهورية على مقترح وزارة المالية، القاضي بإنشاء مصلحة للتحقيقات على مستوى المديرية العامة للضرائب، مهمتها تحديد مواطن التهرب والغش الضريبي. فالتهرب والغش الضريبي والجمركي يحدث بعلم من الإدارة وأحيانا بتواطؤ منها، والرئيس بوتفليقة اعترف بلسانه في اجتماع مجلس الوزراء بأنه يكلف الدولة مبالغ طائلة تستفيد منها ''أوساط مافيوية''، وعلى هذا الأساس كان الأحرى بوزارة المالية اعتماد طريق آخر بدل الإكثار من المراقبين والمفتشين الذين سيقتصر عملهم على مراقبة زملائهم وليس المتهربين من دافعي الضريبة.
وتقترح الحكومة في إطار تشجيع الاستثمار المحلي أو الوطني، الإعفاء من دفع الضريبة على الدخل الإجمالي لمدة خمس سنوات لفائدة المرقين المقبولين للاستفادة من مساعدة الصندوق الوطني لدعم القرض المصغر.
بالمقابل، فإن الأرباح المحولة من طرف فروع الشركات الأجنبية إلى مقر الشركة الأم المتواجدة خارج الجزائر، ستصبح خاضعة لـ''ضريبة الأسهم'' وتفرض على الأرباح المحولة إلى الخارج بنسبة 15 بالمائة.
ويهدف هذا الإجراء وإن جاء متأخرا بسنوات طويلة إلى التقليل من تداعيات تحويل مبالغ طائلة من أرباح المستثمرين الأجانب من جراء نمو رقم أعمال أنشطتها في الجزائر على حساب الاستثمار الوطني العمومي والخاص. كما يقترح المشروع ذاته تأسيس ضريبة خاصة بفوائض قيمة التنازل عن الأسهم أو الحصص الاجتماعية المحققة من طرف غير المقيمين في الجزائر.
وتخضع هذه الأخيرة للضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات، إذ تجبر الأطراف المعنية بالصفقة دفع 20 في المائة من قيمة التنازل للخزينة العمومية عن طريق مكتب التوثيق، وتم إدراج إجراء تغطية مخاطر تمويل قروض الاستثمار لفائدة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإضفاء طابع ضمان الدولة على الضمانات الممنوحة من طرف صندوق ضمان قروض الاستثمار وذلك بهدف إقحام البنوك في عمليات تمويل هذا القطاع.
ويرى محللون أنه لا وجود لأية غاية اقتصادية من الإجراءات المتخذة أعلاه، باستثناء تبرير أخطاء وقعت في التخطيط وإدارة المشاريع مرتبطة أساسا بمحدودية كفاءة الإطارات الذين تناط بهم مسؤولية هذه الملفات الثقيلة.
ويقدر هؤلاء أن التحجج بتجارب البلدان الأخرى لتبرير خنق المستثمرين الأجانب يعود واقعيا إلى ضعف القطاع الخاص وانعدام تنافسية المؤسسات العمومية وتبربر ما لا يبرر من فشل.
بالنسبة إلى الرئيس بوتفليقة، فالأمر يدخل في نطاق (استر ما ستر الله)، حتى وإن أصبحت ميزانية الدولة ستلتهم السنة المقبلة نفقات بـ80 مليار دولار، الذي هو مبلغ ثقيل مقارنة بمقدرات البلاد، وميزانية التسيير وحدها ستبتلع حوالي 40 مليار دولار (!) لإنقاذ برنامج المليون سكن ومشاريع توفير المياه والطريق السريع شرق غرب، بالإضافة إلى ميترو وتراموي العاصمة..
ضرائب جديدة على الجزائريين لتغطية سوء التسيير
المواضيع المتشابهه
