إن المتتبع للشأن النقابي بقطاع بالتعليم ببلادنا في ارتباط بما هو دولي، لا يمكنه إلا أن يسجل خطورة التردي والانحطاط النقابيين على مصالح الشغيلة التعليمية بشكل عام.
فإذا كان الانشقاق النقابي/الحزبي قد فرخ مجموعة من المركزيات النقابية تدعي كل منها التمثيلية الشرعية "للقواعد التعليمية"، فإن مبدأ الوحدة النقابية المهدور، من جراء ذلك الانشقاق، قد وضع العمل النقابي في سكة غير سكته الصحيحة، وأصبحنا أمام مشهد نقابي أكثر تفتيتا، يظهر اليوم على شكل نقابات فئوية، ومتعاون في مجمله مع الدولة في عملية الإجهاز بصفة نهائية على أي عمل نقابي حقيقي وجاد، وبالتالي نزع سلاح الأجراء في صرعهم ضد الهجوم الكاسح للدولة/الباترونا على مكتسبات القطاع. لقد كانت قرارات الانشقاقات والتفييئ، غير قاعدية، بل هي من إفراز نخب تدعي أنها تتكلم باسم القاعدة. وللتأكد من هذا الأمر، يستلزم التحليل العلمي، القيام باستطلاع رأي "القاعدة التعليمية" المفترضة.
فما هي طبيعة هذه القاعدة؟ وكيف تنظر إلى العمل النقابي؟ وإلى أي حد هي قاعدة متماسكة وقادرة على مواجهة مصيرها المشئوم؟
إن عمليات الانشقاق التي شهدها التاريخ النقابي بالمغرب، وصولا إلى ظواهر التفتيت النقابي التي نعانيها اليوم، لم تتم، ولا يمكنها أن تتم إلا بانتهاج غالبية النخبة النقابية أسلوب الادعاء الشوفيني في الغالب وتجييش الإطارات بمنطق الانتهاز. لقد عمل هذا الأسلوب الذي لايمت بالتربية النقابية الجادة بأي صلة على تغذية الميول الانتهازية والأنانية المرضية في صفوف "الشغيلة التعليمية" مع حرمانها من التكوين النقابي الديمقراطي داخل المقرات أو في أماكن العمل.
ومع صمت هذه الإطارات النقابية على الهجوم الكاسح للدولة على القطاع، والذي يجسده "ميثاق التربية والتكوين" بامتياز، ازداد وضع الشغيلة التعليمية استفحالا، بحيث يسهل رسم ملامح الشخصية النمطية اليوم لامرأة أو رجل تعليم وإبراز مواصفاتها على الشكل التالي:
1- شخصية محرومة من الثقافة النقابية الجادة التي تدافع بشكل حقيقي عن المصالح الإستراتيجية للشغيلة التعليمية.
2- النقابة بالنسبة لها أداة لقضاء المصالح الشخصية.
3- القيادات النقابية سواء المحلية أو الإقليمية أو الجهوية أو الوطنية ليست بالنسبة لها سوى نخب تنفرد بالامتيازات.
4- الاستفادة الشخصية تبرر لديها امتلاك بطائق الانخراط في جميع النقابات داخل القطاع.
5- الحضور الى المقرات بدون قضاء مصلحة شخصية غير مجدي.
6- غير متأهبة للحضور في المعارك النضالية: (وقفات- اعتصامات...)
7- انخفاض معدل التضامن والتآزر لديها.
8- تتعامل مع الإضرابات كأيام عطل.
9- تولي أهمية قصوى لما يصدر عن الإدارة الوصية على القطاع خصوصا في الجانب المتعلق بالجزاء و العقاب.
10- تهاب من الإجراءات التي تصدر عن الإدارة.
11- تنزلق بسرعة نحو الشخصية النمطية التي ترسمها السياسة التعليمية للمدرس المثالي.
فملامح الثقافة المتردية هذه تكتسح أوساط نساء ورجال التعليم وتجعل "القواعد التعليمية" التي تدعي الإطارات النقابية تمثيلها هشة غير منسجمة وغير مؤهلة ضمن الشروط الموضوعية التي ترزح تحتها، لوقف نزيف هذا القطاع العمومي الذي يفرغ من محتواه.
إن خلق شروط ممارسة الوعي بأهمية العمل النقابي أو الوحدة النقابية، التي تنتهك اليوم من طرف نخب نقابية فاسدة وقواعد انتهازية مفككة، هو المدخل الحقيقي لإرساء أسس بديل نقابي يقي الشغيلة التعليمية من الاستغلال والهشاشة والحاجة وفقدان الكرامة