الامتحان التجريبي فرصة لقياس جاهزية التلاميذ وليس فرصة للراحة والاستجمام 20/03/2009
على غرار شطب بعض القرارات المرتجلة عمدت وزارة التربية الوطني إلى تأجيل موعد الامتحان التجريبي الذي كان من المقرر أن ينجز خلال شهر مارس ولما تبلغ الدورة الثانية منتصفها خلافا لهدف الامتحان التجريبي الذي هو قياس مدى جاهزية التلاميذ للامتحان الحقيقي ، وهو أمر لا يتأتى إلا بعد انجاز المقررات كاملة . وعلى إثر تأجيل هذا الامتحان ، وهو تأجيل أكد سياسة الارتجال التي تنهجها الوزارة دون استشارة الجهات المختصة عبر البعض ممن كان الامتحان التجريبي بالنسبة لهم فرصة راحة واستجمام عن استيائهم من قرار التأجيل كما أخبرني أحد السادة الأساتذة الفضلاء نقلا عما دار في إحدى قاعات الأساتذة حيث قال بعضهم بالحرف : " لقد ضيعونا في فرصة راحة ضيعهم الله " ومهما كانت نية صاحب القول وقصده ، فإن إهدار حوالي أسبوع في نافلة من النوافل وهو الامتحان التجريبي في غير وقته المناسب هو تكريس لمسلسل إفساد المنظومة التربوية في وقت تتعالى صيحات الخطط الاستعجالية لإنقاذها بعد فشل عشرية الإصلاح والإعلان عن فشلها رسميا .
لقد صار الامتحان التجريبي فرصة للعبث حيث يعمد التلاميذ وبتحريض من جهات خفية إلى الاستخفاف به حيث يحضر التلاميذ لتسجيل أسمائهم على أوراق الامتحان ثم الانصراف و التجمهر خارج المؤسسات لهدر وقت هم في أمس الحاجة إليه ، ولتفويت فرصة قياس جاهزيتهم للامتحان على أنفسهم مع أن بهم خصاصة لذلك . وقد يحدث في بعض الأحيان أن تعطل فروض المراقبة المستمرة الواجبة من أجل إنجاز الامتحان التجريبي بالطريقة العابثة مع أن فروض المراقبة المستمرة لها نسبة مئوية معلومة في قرار النجاح والرسوب في امتحان البكالوريا ، فيصير الأمر ههنا كشأن من قدم نافلة طوعية على فرض مكتوب . وقد يسد في بعض الأحيان الامتحان التجريبي مسد فرض من فروض المراقبة المستمرة في غياب المراقبة بذريعة سبق أن سمعتها بأم أذني ـ إن جاز التعبيرـ ومفادها : " اللهم نقطة الامتحان التجريبي تسد مسد فرض المراقبة المستمرة الأخير وإلا لا شيء أمام الانصراف المبكر للتلاميذ " وههنا تصير النافلة الطوعية فرضا مكتوبا بقدرة قادر. وفي كثير من الأحيان يكون العبث في تصحيح أوراق الامتحان التجريبي في مستوى عبث إنجازه إلا في حالات نادرة حيث عملت بعض المؤسسات على إعطاء هذا الامتحان ما يستحق من العناية حتى أن بعضها راسل الآباء والأولياء لإخبارهم بنتائج أبنائهم لوضعهم أمام الصور الحقيقية لمدى استعدادهم للامتحان الحقيقي وهم التلاميذ القلة مقابل الأغلبية المغرر بها لمقاطعة الامتحان التجريبي قصد الاستفادة من فرصة راحة واستجمام على حساب انجاز المقررات التي صارت لا تنجز إلا في حالات نادرة بسبب الالتحاق المتأخر والانقطاع المبكر للتلاميذ ، وما بينهما من فرص التغيب لأتفه الأسباب. إن سبل إنجاز الامتحان التجريبي هو أن يكون أولا بعد إنهاء المقررات ، وأن ينجز في نفس ظروف إنجاز الامتحان الحقيقي مراقبة وضبطا وتصحيحا واستثمارا للنتائج وإعلانا عنها ترقبا لنتائج الامتحان الحقيقي وحينئذ ستكون الامتحان التجريبي محكا لقياس التعليم والتعلم ووضع الأصبع على مواطن الخلل الذي يهوي بالمنظومة إلى حضيض الإفلاس والذي لن تجدي معه خطط استعجالية أو بطيئة طالما عششت أفكار إفلاسه في العقول عن سبق إصرار وترصد . فالحمد لله الذي هدى الوزارة إلى إلغاء فرصة هدر وقت ثمين في نافلة يعرض عنها المتعلمون بإيعاز ممن له مصلحة في استغلال وقتها للراحة، وعزاؤنا لمن فجع في فرصة الراحة والاستجمام وإنا لله وإنا إليه راجعون.
محمد شركي