وهم من ظن أني لا أصبو إلى الشهادة في سبيل أرضي وأبنائي وعرضي ،
كما وهم من توقع أن هامتي ستنحني لاتقاء رصاصات الغدر وطلقات الحقد والاستئصال .
وبالغ في التفاؤل من راهن على جني ثمار انتصار السفاح السفاك الظالم .
وباء بخيبة أمل من توقع فصل الجسد عن الروح بإبعاد المقاومة عن الأمة ، وعمل على
بتر شرايينها الممتدة إلى أعماق قاعدتها ،
والمتمكنة من قلوب وجوارح أطفال ونساء ورجال أهلها بغزة والضفة
وكافة بقاع أراضي الأحرار بأرجاء المعمور .
كما باء بالفشل من يود تلميع صورته بتقديم جثثنا ودمائنا وأرضنا قربانا وتزلفا وتوددا .
إني ...
أقف بجوار بيتي وسط أهلي وعترتي ، باستمرار ليل نهار منذ ا نطلاق العدوان بأصنافه ،
منتصب القامة عالي الهمة ،
أرقب جحافل الجردان الغازية
وأتتبع أسراب القاذفات لحمم الموت والإحراق والدمار ،
تعيث وتعبث وتبيد ،
تيتم وترمل وتئد
على مرأى ومسمع ممن يدعون أنهم حماة حقوق الإنسان ،
والساهرون على تنفيذ بنود اتفاقيات الأمم ، المحرمة للعديد مما يقترفه الأعداء بأرضي
وفي حق أبنائي وأهلي .
وأعتقد بوجود من يعتبر أرواحنا دون غيرها ،
ويرى جثث قتلانا مجرد أخشاب صالحة لتأجيج أوار النيران ،
حتى الحيوانات الأليفة انتزعت حقوقها واكتسبت حرمتها بين بني البشر في كل مكان .
وحتى الحيوانات المتوحشة المقيمة بالفلاة انتزعت حقها في الحياة ، بإقامة محميات تصونها وتضمن استمرارها .
وحتى أصناف النباتات حظيت بالاهتمام والحفظ والصيانة ...
وأما الإنسان الفلسطيني فلا حق له : لا في الحرية ولا في الاختلاف عن الأقوى ولا في االدفاع عن نفسه ولا في لحياة ...
ومما يحز في نفسي أن العدو يتلقى مساندات ومساعدات من بعض أهلي وأقاربي ،
كما تربطه جسور جوية وبحرية ممتدة إلى الأقاصي ،
ليتوصل بمدد ومتطوعين وذخائر وإمدادات تعوضه ما فقد ، مكافأة على ضرب المقاومة،
وتشجيعا علىمحاولة إبادتها ومحو آثارها من نفوس وعقول المؤمنين بها .
في حين أعيش هنا مع أهلي حالات فقدان لأبسط مقومات أود العيش ،
حصار مطبق مستمر منذ سنوات خلت ،
خلف حرمانا كاملا من الطعام والماء والكهرباء والدواء .
حصار توافق وتكالب من اجله القريب والبعيد.
وحرمان اكتوى بلظاه كل أهلي بالقطاع .
تلته هذه الإبادة الجماعية التي تواطأت عليها أمم وقيادات وجيوش .
وإنما ...
الذي أستطيع تأكيده للعدو قبل الرفيق والصديق ،
هو أني
أرى هزيمة العدو ومن سار في دربه رأي العين المجردة ،
وأعيش غبطة الانتصار في المعركة ،
وأتمتع بغطرسة الزهو والافتخار
بأبطال المقاومة وشهدائها وجرحاها والصامدين المحتسبين الأبرار .