القول الأول: أنها لغة بنى الحرث بن كعب وزبيد وخثعم. وكنانة بن زيد يجعلون رفع الاثنين ونصبه وخفضه بالالف، قولون: جاء الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان، قال شاعرهم:
تزود منا بين أذناه ضربة * دعته إلى هابي التراب عقيم
وقال آخر:
طاروا علاهن فطر علاها *
أي عليهن وعليها.
وقال آخر:
إن أباها وأبا أباها * قد بلغا في المجد غايتاها
أي إن أبا أبيها وغايتها
وهى لغة معروفة، وقد حكاها من يرتضى بعلمه وأمانته، منهم أبو زيد الأنصاري، وهو الذي يقول: إذا قال سيبويه حدثني من أثق به فإنما يعنيني، وأبو الخطاب الاخفش وهو رئيس من رؤساء اللغة، والكسائي والفراء كلهم قالوا هذا على لغة بني الحرث بن كعب.
القول الثاني: أن يكون " إن " بمعنى نعم، كما حكى الكسائي عن عاصم قال: العرب تأتي ب " - إن " بمعنى نعم، وحكى سيبويه أن " إن " تأتي بمعنى أجل، و عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن علي - وهو ابن الحسين - عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، قال: لا أحصي كم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على منبره: " إن الحمد لله نحمده ونستعينه " ثم يقول: " أنا أفصح قريش كلها وأفصحها بعدي أبان بن سعيد بن العاص " قال أبو محمد الخفاف قال عمير: إعرابه عند أهل العربية والنحو " إن الحمد لله " بالنصب إلا أن العرب تجعل " إن " في معنى نعم كأنه أراد صلى الله عليه وسلم نعم الحمد لله، وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح [ في ] خطبها بنعم.
وقال الشاعر :
قالوا غدرت فقلت إن وربما * نال العلا وشفى الغليل الغادر
وقال عبد الله بن قيس الرقيات:
بكر العواذل في الصبا * ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا * ك وقد كبرت فقلت إنه
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل: " إن هذان لساحران " بمعنى نعم ولا تنصب.
قال النحاس: أنشدني داود بن الهيثم، قال أنشدني ثعلب:
ليت شعري هل للمحب شفاء * من جوى حبهن إن اللقاء
القول الثالث: قاله الفراء أيضا : وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل فزدت عليها نونا كما قلت: " الذي " ثم زدت عليه نونا فقلت: جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك، ومررت بالذين عندك.
القول الرابع: قاله بعض الكوفيين قال الألف في " هذان " مشبهة بالألف في يفعلان فلم تغير.
القول الخامس: قال أبو إسحق: النحويون القدماء يقولون الهاء ها هنا مضمرة، والمعنى إنه هذان لساحران، قال ابن الانباري: فأضمرت الهاء التي هي منصوب " إن " و " هذان " خبر " إن " و " ساحران " يرفعها " هما " المضمر [ والتقدير ] (2) إنه هذان لهما ساحران.
والاشبه (3) عند أصحاب أهل هذا الجواب أن الهاء اسم " إن " و " هذان " رفع بالابتداء وما بعده خبر الابتداء.
القول السادس: قال أبو جعفر النحاس وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية، فقال: إن شئت أجبتك بجواب النحويين، وإن شئت أجبتك بقولي، فقلت: بقولك،فقلت: القول عندي أنه لما كان يقال: " هذا " في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب ألا يغير لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد
فقال: ما أحسن هذا
************************************************** *****
والقران ولله الحمد بعيدا عن كل طعن أو ضعف فقد نزل على العرب وهم أهل الفصاحه والبيان
ولم يرد أن أحدا من العرب انتقد أو علق أو عاب على لفظ أوحرف أو اسلوب في القران بأنه غير واضح او غير مفهوم او به خطأ او لحن او لايتفق مع فصاحتهم مع انهم كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفوه بالسحر والجنون
ومع كل ذلك لا نجدهم قالوا عنه انه خائن لانهم هم من اسموه يالصادق الامين
كما لم يقولوا ان القران به لحن او خطا في لفظ او حرف او تركيب او اسلوب
وذلك لانهم وهم اهل الفصاحة والبيان كانوا مدركين اتفاق القران مع ولغتهم بقواعدها واسسها البلاغيه والصرفيه والنحوية والاسلوبيه ولو وجدوا شيئا لطاروا به في كل مكان
والله من وراء القصد