و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله(صلعم).
أما بعد:فإن من المعلوم و الثابت لدى المؤمن أن أمور
العقيدة الإسلامية لا طريق إلى معرفتها إلا من خلال
الكتاب و السنة.
و من المعلوم أيضا أن المؤمن لا يسعه إلا التسليم لله
و لرسوله(صلعم) و منه الإيمان باليوم الآخرومقدماته:
أي أشراط الساعة(نزول المسيح عيسى عليه السلام).
و قد ثبت في الكتاب و السنة رفع هذا النبي الكريم حيا
و نزوله ليحكم بين الناس بشريعة الإسلام،غير أن طائفة
من معتزلة العصر الحديث أنكرت هذا النزول و الرفع.
الآيات في رفع عيسى حيا:
1-قال الله تعالى:"إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك
إلي و مطهرك من الذين كفروا^ و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة^ ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون^" سورة آل عمران –الآية:54.
لقد أخذ ابن كثير برأي الجمهور في تفسير التوفي بوفاة المنام،واستشهد له بآيتين من القرآن ورد فيهما التوفي بمعنى النوم:قال تعالى:"و هو الذي يتوفاكم الليل"(الأنعام:61)،و"الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها"(الزمر:39).
و معنى الآية أن الله رفع عيسى حيا في منامه.
2-قال الله تعالى:"و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم^ وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه^ ما لهم به من علم^ إلا اتباع الظن^و ما قتلوه يقينا*بل رفعه الله إليه^ و كان الله عزيزا حكيما^"
سورة النساء- الآية:156-157.
فالله كذب اليهود فيما زعموه من قتل و صلب عيسى،بل ألقي شبهه على رجل ،فأخذوه و قتلوه و صلبوه ظانين أنه عيسى وغير متيقنين،و يؤكد الله أنه رفعه إليه حيا،إذ لا معنى لرفع روحه فقط،لإن ذلك مشترك في جميع الناس.
3-قال تعالى:"و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا^" سورة النساء- الآية:158.
المعنى:لن يبقى أحد من أهل الكتاب إلا و يؤمن بعيسى بعد نزوله و قبل موته،لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.
الآيات في نزول عيسى عليه السلام:
1-قال الله تعالى:"و يكلم الناس في المهد وكهلا" آل عمران-46.
لقد كلم عيسى الناس و هو في المهد صبيا،و سيكلم الناس حينما سينزل و هو كهلا،إذ أن الله رفعه قبل أن يكون كهلا.
2-قال الله تعالى:"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكرنعمتي عليك و على والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا ". سورة المائدة-الآية:112
3-الآية السابقة من سورة النساء.(الآية:158)
4-قال الله تعالى:"و إنه لعلم للساعة فلا تمترن بها^ واتبعون هذا صراط مستقيم" سورة الزخرف-الآية:61
المعنى:نزول عيسى عليه السلام من أعلام الساعة.
الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام:
1-عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال:قال رسول الله (صلعم):"و الذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب و يقتل الخنزير و يضع الجزية و يفيض المال حتى لا يقبله أحد،حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها" رواه البخاري في كتاب البيوع و كتاب الأنبياء و رواه مسلم في كتاب الإيمان.
2-روى الشيخان ،بنفس الإسناد السابق,من حديث أبي هريرة رضي الله عنه-مرفوعا-
كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟) 3-عن أبي الزبيرأنه سمع جابربن عبد الله يقول:سمعت النبي (صلعم) يقول
لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة.فينزل عيسى ابن مريم،فيقول أميرهم:تعال صل لنا،فيقول:لا،إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة).رواه مسلم في كتاب الإيمان.
4-عن نافع،قال عبد الله بن عمر:ذكر رسول الله(ص)يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال،فقال
إن الله تبارك و تعالى ليس بأعور،ألا إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).قال:قال رسول الله(ص)
أراني الليلة في المنام عند الكعبة،فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من أدم الرجال،تضرب لمته بين منكبيه،رجل الشعر،يقطر رأسه ماء،واضعا يديه على منكبي رجلين،وهو بينهما يطوف بالبيت،فقلت:من هذا؟فقالوا المسيح بن مريم.ورأيت وراءه رجلا جعدا قططا أعور عين اليمنى،كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن،واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت،فقلت:من هذا؟قالوا:المسيح الدجال).
رواه مسلم في كتاب الإيمان و البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء.
5-عن أبي هريرة أن النبي(ص)قال
و الذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أوليثنينهما).رواه مسلم-كتاب الحج 6 -روى الإمام أحمد،عن أبي هريرة،قال:قال رسول الله(ص)
ينزل ابن مريم فيقتل الخنزير و يمحو الصليب و تجمع له الصلاة,و يعطي المال حتى لا يقبل، و يضع الخراج،وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمرأويجمعهما).
7-قال الإمام أحمد:حدثنا عفان،حدثنا همام،أنبأنا قتادة،عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة:أن النبي(ص)قال
الأنبياء إخوة لعلات،أمهاتهم شتى، و دينهم واحد،و إني أولى الناس بعيسى ابن مريم؛لأنه لم يكن نبي بيني وبينه و إنه نازل فاعرفوه:رجل مربوع،إلى الحمرة و البياض،عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل،فيدق الصليب و يقتل الخنزير و يضع الجزية و يدعوالناس إلى الإسلام،ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام،و يهلك الله في زمانه المسيح الدجال،ثم تقع الأمانةعلى الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل،و النمور مع البقر، و الذئاب
مع الغنم،و يلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم،فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى،و يصلي عليه المسلمون).
رواه أيضا أبو داود عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى.
و رواه ابن جرير عن بشر بن معاذ عن يزيد بن هارون و عن سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة.
8-قال الإمام أحمد:أخبرنا عبد الرزاق،أخبرنا معمر،عن الزهري،عن عبد الله ابن عبيد الله بن ثعلبة الأنصاري،عن عبد اللع بن زيد الأنصاري عن مجمع بن جارية،قال:سمعت رسول الله(ص)يقول
يقتل ابن مريم المسيح الدجال بباب لد-أو إلى جانب لد-).رواه أحمد و الترمذي.
9-قال الإمام أحمد:حدثنا سفيان،عن فرات،عن أبي الطفيل،عن حذيفة بن أسيدالغفاري،قال:أشرف علينا رسول الله(ص)من غرفة و نحن نتذاكر الساعة،فقال:"لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات:طلوع الشمس من مغربها،و الدخان و الدابة،و خروج يأجوج ومأجوج،ونزول عيسى
ابن مريم،و الدجال،وثلاثة خسوف:خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب،و نار تخرج من قعر عدن تسوق(أو تحشر)الناس،تبيت معهم حيث باتوا و تقيل معهم حيث قالوا".
رواه مسلم في كتاب الفتن و أشراط الساعة،كما رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجة و أبو داود و غيرهم.
و هناك أحاديث كثيرة بين ما هوصحيح و ما هو حسن.
بتصرف عن كتاب:فصل المقال في:نزول عيسى(ص)و قتله الدجال.
للدكتور محمد خليل هراس.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
في انتظار ردودكم.