التّربية الاجتماعية : غرس الآداب الاجتماعية عند الأطفال - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

oum hala
:: دفاتري متميز ::
تاريخ التسجيل: 19 - 11 - 2008
المشاركات: 237
معدل تقييم المستوى: 213
oum hala على طريق الإبداع
oum hala غير متواجد حالياً
نشاط [ oum hala ]
قوة السمعة:213
قديم 30-03-2009, 17:33 المشاركة 1   
افتراضي التّربية الاجتماعية : غرس الآداب الاجتماعية عند الأطفال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام مع الدرس الواحد والعشرين من دروس تربية الأولاد في الإسلام ولا زلنا في مسؤوليّة الآباء عن تربية أبنائهم التربية الاجتماعيّة .

المؤمن يتأدّب بآداب الإسلام بإحدى طريقين :



ننتقل إلى بابٍ جديد من أبواب هذا القسم وهو غرس الآداب الاجتماعيّة عند الأطفال ، والآداب الاجتماعيّة تشمل : آداب الطعام والشراب ، وآداب السلام ، وأدب الاستئذان ، وأدب المجلس ، وأدب الحديــث ، وأدب المزاح ، وأدب التهنئة ، وأدب عيادة المريض ، وأدب التعزية ، وأدب العطاس والتثاؤب .
لنبدأ بأدب الطعام والشراب ، الصحابة الكرام رضوان الله عليهم تحيّرت عقولهم في هذا الأدب الرفيع الذي كان عليه الصلاة والسلام متحلّياً به ، فسألوه : ما هذا الأدب يا رسول الله ؟!! فقال :
(( أدبني ربّي فأحسن تأديبي .))
[رواه العسكري عن علي رضي الله عنه]
أيّها الأخوة ، قبل أن نمضي في الحديث عن آداب الطعام والشراب ، وآداب السلام وما إلى ذلك ، أريد أن أُوضّح لكم حقيقة كيف أنّ المؤمن يتأدّب بهذه الآداب ؟
هناك طريقان :
1ـ طريق التعلم :
الطريق الأول هو طريق التعلُّم ، النبيّ عليه الصلاة والسلام يقول لك :
(( يا غلام سمّ الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك . ))
[مسلمٍ عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما]

2ـ الاتصال بالله عز وجل اتصالاً حقيقياً :
يمكنك أن تتحلّى بهذه الآداب عن طريق التعلُّم ، يوجد طريقٌ آخر أنّك إذا اتصلت بالله عزَّ وجلَّ اتصالاً حقيقياً ، الكمال الإلهي قد سرى إلى نفسك ، فمن دون أن تعرف الحكم تجد أنّك لا تفعل هذا ذوقاً ، فإمّا أنّك لا تفعل هذا العمل معرفةً أنّه لا يجوز فهذا مستوى ، والمستوى الثاني لا تفعله ذوقاً .
الحقيقة والأكمل أن تجمع بينهما ، أن تجمع بين اتصالك بالله وسريان هذا الكمال الإلهي إلى نفسك ، وأن تجمع بين تعلُّم السنّة ، فإذا اتصلت بالله حققت جوهر الأدب ، وإذا قرأت السنّة حققت تفاصيل الأدب ، فإذا جمعت بين جوهر الأدب وتفاصيله كنت أديباً متأدّباً بآداب الإسلام .
المؤمن أدبه بيّن ، لا تعرفه بصلاته وصيامه فقط ، فلو كان بين الصلاتين ، قاعدين في سهرة والعشاء قد أذّن له والكل قد صلّوا ، أو لم تعرف من قد صلّى ، يا ترى ألا تعرف المؤمن من حديثه فقط ؟ من حديثه ، من نظراته ، من طرقه للباب ، لا يطرق الباب ويقف بوجهه نحو الباب ، فإذا فتحت امرأةٌ الباب رآها كما هي !! لا ، بل يدير ظهره للباب ، وإذا كان جالساً عند صديقه لا ينظر ، فإذا حدثت حركة خلف الجدار وكانت هناك نافذة فلا ينظر بل يدير وجهه ، فالمؤمن لا تعرفه من صلاته وصيامه فقط ، بل ينبغي أن تعرفه من آدابه ، أدبه في المشي ، أدبه في دخول البيت ، أدبه في الجلوس ، أدبه في تناول الطعام ، أدبه في السلام .

الصبغة اصطباغ النفس بكمال الله من خلال الاتصال بالله :



الحقيقة إن شاء الله لا أُبالغ أنّ هذا الفصل الذي بين أيدينا من أهمّ الفصول ، لأنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان أدبه ظاهراً ، ما هذا الأدب ؟ قال :
(( أدبني ربّي فأحسن تأديبي .))
[رواه العسكري عن علي رضي الله عنه]
شيءٌ جميلٌ جداً أن تكون أنت أديباً وتعلّم أولادك الأدب ، تعلّم أولادك أن لا يتكلّموا بكلمةٍ نابية ، وألا تكون لهم نظرة غير لائقة ، فقد قال تعالى :
( سورة النجم : آية " 17 " )
أحياناً البصر يطغى ، تنظر إلى شيء لا يحلُّ لك ، إذاً الأدب له طريقان ، طريق التعلُّم والتقليد ، وطريق الصبغة ، فقد قال الله عزَّ وجلَّ :
( سورة البقرة : آية " 138 " )
الآية واضحة ، فالفطرة صفحة بيضاء لا يوجد فيها خيرٌ أو شرٌ ، لكنّ الصبغة هي اصطباغ النفس بكمال الله من خلال الاتصال بالله والدليل دقيق جداً يوجد دليل قرآني نبوي ، فالدليل القرآني قال تعالى :
( سورة آل عمران)
هذه الرحمة التي تراحم بها الناس وتراحم بها المؤمنين ، والبادية بشكلٍ صارخ من تصرُّفاتك ، من لينك ، من محبّتك ، من شفقتك ، من رأفتك ، هذه الرحمة من الله كما ورد في السنّة :
(( إن محاسن الأخلاق مخزونة عند الله فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً حسناً . ))
[الحكيم عن العلاء بن كثير]

الأخلاق الاستعراضيّة لا قيمة لها عند الله لأن أساسها حنكةٌ وذكاء وهدفها رخيص :



الخلق الحسن من الله ، من خلال الاتصال بالله ، لكن توجد عندنا حالة خاصّة يجب أن تعلموها وهذه الحالة أنّ الإنسان بحنكته وذكائه يقف موقفاً أخلاقيّاً ، هو ليس أخلاقياً لكن هذا الموقف أخلاقي ، فهذا الموقف موقف استعراضي ، وهدفه تحقيق مصالح معيّنة ، هذه الأخلاق برع بها الكفّار براعةً ما بعدها براعة .
سيّارة عامة لم تقف لطفل ، حقوق المواطن غالية جداً ، أهل هذا الطفل أقاموا دعوى على الشركة بخمسين ألف جنيهاً إسترلينياً ، المركبة العامّة لم تقف لهذا الطفل وقت الغروب .
لكن شعوباً بأكملها تموت فلا مانع ، يفتعلون المشكلات في كل مناطق العالم ، ما بين الهند والباكستان ، لا يوجد دولتان متجاورتان إلا ولديهما مشكلة من فعل الغرب ، وحروب ، واعتداءات ، وشراء أسلحة ، وتدمير أسلحة ، هم يفتعلون المشكلات ويسفكون دماء الشعوب وينهبون الثروات ، وإذا لم تقف مركبة لطفل صغير تقام دعوى وتحصل من الشركة خمسون ألف جنيه في بلادهم ، هذا الكلام قد قام بتلخيصه شاعرٌ ببيتٍ واحدٍ فقال :
قتل امرئٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تغتفر وقتل شعبٍ آمنٍ مسألةٌ فيها نظر
***
إذاً قد يقف الإنسان موقفاً أخلاقياً وهو غير أخلاقي ، وهذا الموقف موقف استعراضي ، هدفه تحقيق مصلحة ماديّة ، هذا الموقف لا قيمة له عند الله إطلاقاً ، فقد قال تعالى :
( سورة الكهف )

التحلي بأخلاق إسلامية أساسها الاتصال بالله لا الحنكة والذكاء :
:



لذلك يوجد موقف أخلاقي ويوجد إنسانٌ أخلاقيٌ ، ولدينا مثالٌ أوضح من ذلك : مثلاً عليك سند بادرت بدفعه فهل أنت صاحب أمانة ؟ لا ، لا وبأعلى صوت لأنّ هذا سند والذي بيده السند يقيم عليك دعوى ويحجز عليك ، ويعمل لك مشكلة ويفضحك بالسوق ، فمبادرتك إلى تأدية الحق هذا سلوك مدني ، أما الأمانة أن يعطيك إنسان مئة ألف لتشغلها له عندك ، ويموت أمامك فجأةً ، ولم يبلغ أحداً إطلاقاً ، لا إبلاغ ، ولا إيصال ، ولا إعلام ، ولست مُداناً أمام أحد ، طرقت باب الورثة وقلت لهم : هذه أمانة أودعها أبوكم عندي قبل أن يموت ، هذه هي الأمانة .
يا أخواننا الكرام ، الإنسان بذكائه وحنكته يستطيع أن ينتزع إعجاب الناس ولكن إلى حين ، لكن وحشيته تظهر أحياناً بشكل يفضحه ، فمثلاً بالخمسينات كان الناس مأخوذين بهذا العالم الغربي ، بالعلم والحضارة والرقي والتقدُّم والقيم ، الآن ابن الشارع ، الطفل الصغير ، عامّة الناس ، الطبقة غير الواعية من المجتمع ترى وحشيّة الغرب ، وازدواجيّته ، وكيف أنّه يكيل بمكيالين ، وكيف أنّه حاقد على الإسلام حقداً لا حدود له ، أليس كذلك ؟ فالأخلاق الاستعراضيّة لا قيمة لها عند الله ، هي أخلاق أساسها حنكةٌ وذكاء هدفها رخيص ، هدفها مكاسب دنيويّة لا تقدِّم ولا تؤخِّر .
عندنا مثل عربي معروف : أنّ أحد الناس رأى صيّاداً يذبح عصفوراً وقد سقطت من عينه دمعة ، فقال : ما أشدَّ رحمته ، فقال له الآخر : انظر إلى السكين ، لا تنظر إلى هذه الدمعة ولكن انظر إلى السكين التي يذبح فيها هذا العصفور .
أردت من هذا الكلام أن لا ينخدع الإنسان بألفاظ برّاقة ، بكلمات يقولها الغرب مثل : حقوق الإنسان ، حقوق الحيوان مقدّمةٌ عندهم على حقوق الإنسان ، لأنّ ما يأكله الكلاب من لحوم في العالم الغربي أضعاف ما يأكله شعب الهند من اللحوم بأكمله ، هذا شيء معروف .
نحن نريد أخلاقاً إسلاميّة ، آداباً إسلاميّة ، آداباً أساسها الاتصال بالله لا أساسها الحنكة والذكاء .

الصبغة هي الكمال و الفطرة حبُّ الكمال :



التعلُّم مطلوب ، أتمنّى أن يضاف التعلُّم إلى الاتصال بالله ، الاتصال بالله يحقق صبغة ، فهذان التعبيران في القرآن الكريم دقيقان ، الفطرة صفحةٌ بيضاء ، قال تعالى :
( سورة الروم )
فطرة الله التي فطر الناس عليها ، الفطرة أيُّها الأخوة أن تحبَّ الخير دون أن تكون خيّراً ، أن تحبَّ العدل دون أن تكون عادلاً ، أن تحبَّ الإحسان دون أن تكون محسناً ، أما الصبغة : أن تكون عادلاً عدلاً أصيلاً ، وأن تكون محسناً إحساناً أصيلاً .
فلان مصطبغ بصبغـة الله أي إنسان متصل بالله مع هذا الاتصال اكتسب كمالاً ، هذا الكمال يمنعه أن يكذب ، يمنعه أن ينظر إلى عورات المسلمين دون أن يعرف الحكم الشرعي ، هذا الكمال يمنعه أن يستعلي ، يمنعه أن يتكبّر ، يمنعه أن يأخذ ما ليس له ، هذه هي الصبغة :
( سورة البقرة : آية " 138 " )
الصبغة الكمال ، أما الفطرة : حبُّ الكمال ، فأنت مفطورٌ فطرةً عالية ، أي أنّك تحبّ الكمال ، تحبّ العدل ، السارقون إذا سرقوا شيئاً يقسمونه فيما بينهم يقولون : اقسمه بالعدل ، وكل العملية سرقة ، محبّة العدل فطرة ، فالسارقون لم يكونوا عادلين ، أخذوا مالاً حراماً ، أخذ المال المسروق هذا أكبر ظلم ولكنّهم بالعدل يريدون قسمته ، لأنّ هذا فطرة ، الفطرة محبّة العدل ، الفطرة محبّة الرحمة ، فقد يكون الأب فاسقاً لا يصلّي وليس فيه ديــنٌ إطلاقاً ولكنّه حريص أن يكون ابنه مربّى تربيةً إسلاميّة ، فيضع ابنـه أو ابنته في مدرسة لها توجه إسلامي ، لأنّ هذه من الفطرة ، وهي موجودة في كلّ إنسان حتى في المجرم ، حتى في المنحرف ، حتى في الزاني ، فإذا كان الإنسان له ماضٍ سيّئ وأراد الزواج يبحث عن امرأة شريفة ، يقول لك : أنا أعرف كلّ شيء وأريد امرأة نظيفة ، وهو في الأساس غير نظيف ، فهذه فطرة والفطرة أن تحبّ الكمال .

الفرق بين الفطرة والصبغة :



الفطرة أن تحبّ الكمال ، أما الصبغة أن تكون كاملاً ، الفطرة ليس لك فيها أجر هكذا فطرك الله ، أما الصبغة كسبيّة ، أساسها جهد واتصال بالله وعملٌ صالحٌ وضبطٌ للنفس والشهوات ، فالفطرة فطريّة من اسمها ، أما الصبغة كسبيّة ، الفطرة أن تحبّ الشيء ، أما الصبغة أن تكون كذلك ، لذلك الأدب أعظم مصادره الصبغة ، أن تتصل بالله فتصطبغ نفسك بالكمال .
لن أكون مبالغاً بهذا الكلام : لو تصوّرنا إنساناً له صلة شديدة بالله ولم يقرأ أي حديث عن آداب الإسلام فأرجّح أنّه يفعل معظمها وهو لا يدري ، عنده حياء من الله يمنعه أن يتواقح ، أو أن يكذب ، أو أن يسُبّ الناس بالألفاظ البشعة ، عنده حياء يمنعه أن ينظر إلى ما لا يحلّ له ، هذا هو الحياء ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : أدبني ربّي ، أي أنّ اتصالي بالله جعلني مؤدّباً .
أيُّها الأخوة الكرام ، الشيء الذي ينبغي أن يبدو منك كمؤمن هو أدبك ، أدب الطعام ، الشراب ، السلام ، الاستئذان ، المجلس ، الحديث ، المزاح ، التهنئة ، عيادة المريض ، التعزية ، العطاس ، التثاؤب .
لنبدأ بآداب الطعام ، بالطبع الآن نتعلّم الآداب تعلُّماً بيانيّاً ، وكما قلت سابقاً أنّ الأَولى أن نتعلّمها بيانياً أي شرحاً ، وأن نتصل بالله حتى تشتق النفوس هذا الكمال الإلهي بحيث لا تفعل هذا الشيء لا لأنّه حرام ولكن نفسك تأبى أن تفعله ، مثلاً أحد الأشخاص عند سفره إلى أحد المحافظات فتح سائق السيّارة العامّة إحدى الأغاني التي يحبُّها فيترنّم تماماً ولكنّه غير محاسب ، هو لا يستمع ولكنّه سمع ، والنبي قال : من استمع ، لكن هذا الإنسان ذاته بعد أن تتعمّق صلته بالله ، وبعد أن تطهر نفسه ، بعد أن يرقى إلى الله ، بعد سنة لو استمع إلى الأغنية نفسها يتمزّق ، يقول في نفسه : ما هذا الانحطاط ، ما هذه العبارات البذيئة مثلاً ، ولكنّه لم يكن كذلك ، ففي المرحلة الأولى كان منصاعاً لأمر الله ، ولكن نفسه لم تصطبغ بالكمال ، لكن بعد أن اصطبغت نفسه بالكمال يتأبّى هذه المعصية .
الفطرة أن تحب العدل ، أما الصبغة أن تكون عادلاً ، الفطرة ليس لك فيها أجر لأنّ الله خلقك هكذا ، أما الصبغة لك فيها أجر لأنّها كسبيّة فقد بنيت على أساس إيماني واتصالٍ بالله وعمل صالح واستقامة وضبطٍ للجوارح وغير ذلك .

آداب الطعام :



الآن آداب الطعام ، هذا الأدب سهلٌ جداً ففي اليوم الواحد لدينا ثلاث وجبات ، يمكن أن تنفذوها على عشاء اليوم أولاً .
بركة الطعام الوضوء قبله بغسل اليدين والفم والوضوء بعده :
الأدب الأول :
((بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده )).
[رواه أبو داود والترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه]

هل تصدّقون فقد ذكرت في إحدى الخطب أنّ ثلاثمئة مليون إنسان يصاب في العالم كلّ يوم بسبب عدم تنظيف اليدين عقب قضاء الحاجة وعقب الطعام والشراب ، وتحت اسم أمراض القذارة أصدرت منظمة الصحّة العالميّة التابعة للأمم المتحدة نشرة بذلك .
وضوء الطعام ليس وضوء الصلاة وضوء الطعام غسل اليدين والفم فقط ، فإذا أمسكت بشيء في يدك سابقاً ، أو خلعت حذاءك ، أو وضعت يدك على حائط قد يكون قذراً ، أو قد يكون طفلاً لم ينظّف نفسه ووضع يده على الحائط ، أو مسكت شيئاً غير نظيف ، أثناء النهار يجوز أن يكون الفم مفتوحاً ويوجد غبار أو أشياء لا ترى ، فبركة الطعام الوضوء قبله بغسل اليدين والفم ، والوضوء بعده . هذه واحدة .
قال أحد الصحابة سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم يقول :
((من أحبَّ أن يكثر الله خير بيته فليتوضّأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع )).
[ رواه ابن ماجة والبيهقي عن أنسٍ رضي الله عنه ]

الآن يقولون عن تفشّي مرض الحمّى المالطيّة ، حمّى البحر المتوسّط ، بسبب عدم غلي الحليــب أو الأجبان ، وأمراض العدوى معروفة عندكم ، فغسل اليدين قبل الطعام تعتبر تقريباً حرزاً للإنسان من أن تنتقل له بعض الأمراض عن طريق اللمس ، فليتوضّأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع ، قبل الطعام وبعد الطعام ، هذا أول أدب
التسمية في أوّل الطعام والحمد في آخره :
التسمية في أوّله والحمد في آخره ، الأدب الثاني :
((إذا أكل أحدُكم فليذكر اسم الله تعالى ، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوّله فليقل : بسم الله في أوّله وآخره )).
[رواه أبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها ]

معنى التسميّة : بسم الله أشرب هذا الماء ، أنّ هذا الماء من نعم الله ، وللتسمية معنيان : الأول أن تذكر أنّ هذه نعمة من الله ، أن تذكّرك بفضل الله عليك ، والثاني أن تشرب وفق السنّة ، أن تذكّرك بسنّة رسول الله في الشرب ، تذكُّر النعمة ، وتطبيق السنّة ، هذه معنى التسمية ، بسم الله أشرب يعني أشرب ماءً هو من نعمة الله ، وأشرب ماءً وفق ما أمر الله ، هذه معنى التسمية .
كان عليه الصلاة والسلام إذا أكل وشرب يقول :
(( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين )).
[الترمذي عن أبي سعيد الخدري]
عند زيارتي لبعض المياتم في شهر رمضان وجدت شيئاً جميلاً جداً ، أنّ الأطفال جميعاً وبصوت واحد يبدؤُون بالتسميّة فإذا انتهى الطعام يقولون :
((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين )).
[الترمذي عن أبي سعيد الخدري]
هكذا علموهم ، قال لي أحد الأخوة : وضعت ابني في مدرسة فيها توجيه إسلامي جيد ، ذات مرّة صحا من نومه متأخراً فقلت له : يا بني خذ معك هذا الطعام ، وكُلْه في الطريق ، فقال لي : يا أبتِ قال عليه الصلاة والسلام :
الأكل في الطريق دناءة .
شيء جميل أن يتعلّم الطفل وهو صغير الآداب ، كيف يأكل ؟ وكيف يشرب ؟
ألا يعيب طعاماً قدّم إليهولا يمدحه :
الأدب الثالث : ألا يعيب طعاماً قدّم إليه ، كما قالت السيدة عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام :
(( ما ذمّ طعاماً قط .))
[مسلم عن أبي أيوب]
بعض الأشخاص يشمئزون ويُشمَئز منهم ، فلا بدّ من أن يعلّق على ما يقدّم له من الطعام ، هذه قليلة الملح ، أو لم تعقد كفاية ، أو اللحم قاسي ، لا بد من أن يعلّق ، أما النبيّ عليه الصلاة والسلام لم يعب طعاماً قط ، قال :
(( ما ذمّ طعاماً قط لكن إن أعجبه أكله وإن كرهه تركه.))
[مسلم عن أبي أيوب]
هذا الأدب الثالث ، مرَّ معي أدبٌ رابعٌ غير مذكور هنا وهو : ما عاب طعاماً ولا مدحه .
كأن يقول : أكلة رائعة ، طعمها كالقشطة ، مثل كذا وكذا ، أكلت فقم بشكر الله فقط ، المبالغة في المدح أيضاً ليست من أخلاق المؤمن ، فمعنى ذلك أنّه عبد بطنه ، وقد قال النبي :
(( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ )) .
[ البخاري عن أبي هريرة ]
أن يأكل بيمينه ومما يليه :
الأدب الرابع : أن يأكل بيمينه ومما يليه .
لما روى مسلمٍ عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال :
(( كنت غلاماً في حجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانت يدي تطيش في الصفحة ، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا غلام سمّ الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك . ))
[مسلمٍ عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما]
تطيش : أي تتحرّك في الإناء ، حضرت طعاماً ووجدت طفلاً صغيراً ، وكان الطعام كباباً هندياً ، والطفل يأكل بأصابعه دون خبز وأبوه ساكت ولا يتكلّم ، فشيء لا يحتمل أنّ ابنه سيأكل نصف الموجود من اللحم دون خبز ويترك الآخرين وأبوه لا يتحرّك وكأن لا مشكلة في ذلك أبداً .
لا بد أن تربّي ابنك وتقول له : كل مما يليك يا بني ، أو كل مثل الناس مع الخبز مثلاً ، أما أن يأكل الابن كيفما أراد فهذا لا يجوز ، لا بد أن يكون له أب ليربّيه .
النبيّ لم يسكت عندما رأى يد الطفل تطيش في الإناء بل قال له :
(( يا غلام سمّ الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك . ))
[مسلمٍ عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما]
ألا يأكل متّكِئاً :
الأدب الخامس : ألا يأكل متّكِئاً لما فيه من الضرر الصحّي ، وظواهر الكبر ، بالطبع إلا المرضى في المستشفيات ، أما غير المريض يجب أن يأكل وهو جالسٌ جلسة نظاميّة .
((لا آكُلُ متّكِئاً )).
[رواه البخاري عن أبي جحيفة ]

الاتكاء يتنافى مع الأدب أمام شخص عظيم ، فسيّدنا زيد الخيل كان رجلاً من وجهاء الجاهليّـة ، فلمّا أسلم سمّاه النبيّ زيد الخير ، ورحّب به وقال له : يا زيد ما رأيت رجلاً وكان قد وصف لي إلا رأيته دون ما وصف إلا أنت يا زيد ، لله درُّك ، وقد دعاه النبي إلى بيته وأعطاه متَّكَأً يتكئ عليه ، سيّد الخلق ويجلس أمامه متّكئاً !! أسلم قبل ساعة فقال له : والله يا رسول الله لا أتّكئ في حضرتك .
هذا هو الأدب ، رأيت مرّتين أو ثلاثاً في غير هذا الجامع أثناء الدرس من يجلس جلسةً لا أدب فيها على الإطلاق ، إن كان معذوراً فلا يحق لي أن أتكلّم ، أمّا إذا كان بلا عذرٍ وهكذا رجلاه ومرتاحاً على التمام فعليه أن يعلم أن هذا بيت الله ، فو الله لو جلس هذه الجلسة أمام إنسانٍ كبيرٍ وله مكانته لطرده ، أنت في بيتٍ من بيوت الله ، أما المعذور معذور ولا أتحدّث عنه أبداً ، بعض الأشخاص مرضى بتصلُّب في المفاصل فهذا الله عزَّ وجلَّ يعذره ولا يحاسبه ، لكن من دون سبب ؟! يجب أن نتأدّب بآداب الإسلام .
يستحبّ التحدُّث على الطعام :
قالوا : يستحبّ التحدُّث على الطعام ، البعض يتحدثون بكلام ليس له معنى ، فالنبي كان يتحدّث على الطعام ، الحقيقة أعرف أسراً كثيرة أغبطها ، الطعام عندهم متعة ، الأولاد كلّهم يجلسون إلى مائدة الطعام ويتحدّثون ، فالأب يحدثهم ويستمع إلى أولاده ، بموعظة ، بقصّة ، بطرفة مثلاً ، وقد يكون أحد أطفال العائلة في المدرسة فيقول : هكذا تكلمت المعلّمة ، فهذا شيء جميل مع الطعام ، فمن السنّة التحدُّث مع الطعام ، أما كل واحد من الجالسين عينه على القصعة ويأكل بِنَهَم وكأنّهم في مسابقة ، فهذا ليس طعاماً بل طعام الشياطين ، لما روى مسلمٌ عن جابر رضي الله عنه أنّ :
(( النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سأل أهله الأُدم فقالوا : ما عندنا إلا خل . فقال : فدعا به فجعل يأكل منه ويقول : نعم الإدام الخل ، نعم الإدام الخل .))
[مسلمٌ عن جابر رضي الله عنه]
قد صحّ عنه أنّه كان يتحدّث إلى أصحابه وهو يأكل على المائدة في أكثر من مناسبة .
قال لي أحد الشباب عن والده : من عشرين سنة نأكل طعام الغداء مع رنين الساعة الثانيـة ظهراً ، هكذا نظامه ولا يمكن أن لا نكون مجتمعين على الطاولة جميعاً في هذا الوقت ، فهذا وقتٌ مقدّسٌ يجلسون ويأكلون مجتمعين .
هناك بيوتٌ مليئة بالفوضى كل ولد له وجبة طعام له وحده ، فأولاً تذهب بركة الطعام ، وثانياً تحدث مشقةٌ كبيرةٌ جداً ، فإذا أمكن اجتماع الأهل كلّهم ودفعةً واحدة على الطعام ، ويتحدّثون بحديثٍ ممتعٍ ومؤنسٍ ولطيفٍ فهذا من السنّة وهكذا النبي علّمنا .
7ـ الدعوة للمضيف :
يستحبُّ أن يدعو الضيف لمضيفه إذا فرغ من الطعام ، فتجد البعض إذا انتهى من طعامه يطلب الذهاب ، فأين يذهب ؟ ادعُ لصاحب الطعام بأن تقول له :
(( أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة .))
[أبو داود والترمذيّ عن أنسٍ رضي الله عنه]
قد دعاك وتكلّف فادعُ له كأن تقول له : اللهمّ بارك هذا البيت وبارك أهل هذا البيت ، اللهمّ أعطهم ولا تحرمهم ، ادعُ دعاءً لهم .
روى أبو داود والترمذيّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبزٍ وزيت فأكل ثمّ قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام :
(( أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة .))
[أبو داود والترمذيّ عن أنسٍ رضي الله عنه]
هذه من السنّة ، التسميـة في أوّله والحمد في آخره ، وغسل اليدين قبل الطعام ، والحديث على الطعام ، وعدم الأكل متّكئاً ، أن تأكل بيمينك ومما يليك ، والدعاء للمضيف ، وألا تعيب طعاماً قط وألا تمدحه .

آداب أخرى للطعام :



إذا سألك المضيف عن الأكل وجودته ، فيجب أن تمدح له ، فقد أراد أن يتقرّب منك وصنع لك طعاماً وقد بذل فيه جهداً ، وسألك عن الأكلة وهل أحببتها ؟ فقل له : نعم جزاك الله الخير على هذا الطعام الطيّب ، أكلة نفيسة ، إذا سألك عن الأكل هل أعجبك ؟ فمدحه له جبراً لخاطره .
زارنا أخ له دعوته مع طلاّبه ، مما لفت نظري أنّه لا يمكن أن يأكل أحد لقمة من الطعام قبل أن يأكل أكبر من في المجلس ، هذا شيء جميل ، أحياناً نكون في نزهة وثلاثة أو أربعة من الأصدقاء لم يحضروا بعد فقد كانوا في خدمة المجموع ، وليس لهم مكان في غرفة الطعام ، فتجد أن نصف الطعام قد أُكِل ، أمير الجلسة يجب أن لا يأكل ولا لقمة من الطعام حتى يكون الكل مجتمعين ، ليعد حتى الخمسة عشر مثلاً فإذا كان الكل حاضراً يبدأ بسم الله .
الصغار لا يأكلون قبل أن يأكل أكبر إنسان في الجلسة ، والآن يُعمَل بهذا في المآدب الرسميّة ، فإذا بدأ بالأكل أعلى شخصيّة بالمأدبة الكل بعده يأكل ، هكذا السنّة ، فإذا وجد أولاد يجلسون مع أبيهم ، أو طلاّب مع أستاذهم بنزهة ، ووضع الطعام ، فالطالب ليس له الحق في أن يأكل قبل أن يأكل أستاذه ، فإذا تناول قطعة من الطعام فهذا خلاف للسنّة ، فلا يأكل الكل إلا بعد أن يمدّ يده رئيس هذه الجلسة أو أمير هذه الجماعة ويأكل أول لقمة ، وليس للأمير ـ أمير المائدة أو أمير النزهة ـ ليس له الحقّ في أن يبدأ الطعام إلا بعد أن يحضر كلّ من معه ويتأكّد من ذلك ، فالكل بمكانه ، والطعام موزّعٌ توزيعاً جيّداً ، ثم يبدأ بالطعام وعازماً عليهم بأن يتفضلوا الطعام ، وهم ليس من حقّهم أن يبدؤوا قبله فهذا من دقّة النظام .
تعلموا ذلك ، كذلك بعض الناس لا يحلو له عمل الشاي أو غسل أسنانه أو قراءة شيء ما إلا والناس مجموعون حول المائدة ، ويطلب منهم أن ينتظروه ، هذا شيء صعب إذ لا بدّ أن تراعي كلّ النواحي ، فإذا وضع الطعام فيجب أن يقبل عليه الجميع ، والأب يجب ألا يبدأ حتى يكون الكل موجودين ، والأولاد يجب ألا يبدؤوا بالطعام حتى يبدأ أبوهم .
روى مسلم في صحيحه عن حذيفة قال : كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طعاماً لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله فيضع يده ، هذه السنّة .
الحديث الأخير :
((كان عليه الصلاة والسلام إذا أكل طعاماً لَعِقَ أصابعه الثلاث )).
[رواه مسلمٌ عن أنسٍ رضي الله عنه ]

متى يستطيع أن يلعق أحد أصابعه ؟ إذا غسل يديه قبل الأكل وإلا فلن يستطيع الإنسان أن يلعقهم ، فإذا كان التغسيل جيداً وبأصابعه دسمٌ فهذه نعمة ، وقال :
(( إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان)).
[رواه مسلمٌ والنسائي وابن ماجه من رواية سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر]

أحياناً تقع على الأرض لقمة فتعلق عليها بعض الغبرة فنغسلها قبل أن نأكلها هذا من السنّة .

حفظ النعمة وعدم الاستهتار بها :



أخواننا الكرام ، من الاستهتار بالنعمة أن تجد بالقمامة بعض الطعام ، فالمؤمن الكامل لو رأى في القمامة بقايا من الطعام لاقشعرّ جلده ، أحياناً يترك في وعاء الطبخ بقايا رز ويُوضع في المجلى ويذهب ما في الوعاء من الرز إلى القمامة ، وأحياناً تجد كسرات من الخبز هذه تأكلها الطيور فقم ببلها بالماء وضعها على السطح فتؤكل كلّها ، أو بقايا فتّة كذلك تأكلها الطيور ، فإذا وجد شيء عافت نفسك أن تأكله يوجد من يأكله وبِنَهَم ولك فيه أجر ، فكل شيء فيه طعام يجب أن لا ترمي به ـ ولو ذرة ـ إلى القمامة ، فالطير يأكله ، أرى بعيني كثيراً من الخبز يلقى فوق سطح البيت فلا تبقيمنه الطيور شيئاً ، الطير يأكل بقايا الخبز أو الفتّة أو الطبخ بنهم ولك أجر ، فحاول أن لا تلقي ولو بذرّة واحدة إلى القمامة .
لكن ترى أحياناً أفخر الطعام ـ لطف الله بنا ـ يلقى في القمامة ، فقد سمعت أنه في بعض البلاد يصنعون وليمة من الطعام بها جملٌ صغيرٌ مكتّفٌ ـ وهي من أنفس الأكلات ـ ضيف الشرف يأكل منه فقط نصف الأوقيّة ، ولكن من التقاليد والعادات أن لا يأكل أحد بعد الضيف أبداً والباقي يلقى على القمامة .
أشعر أنّ الإنسان المؤمن إذا رأى طعاماً ملقى على القمامة يهتزّ من أعماقه ، فقد قال رسول الله : يا عائشة أكرمي مجاورة نعم الله ، فإنّ النعمة إذا نفرت قلّما تعود .
دُعيت مرّة إلى عقد قران وكان فيه الكثير من الطعام النفيس وبكميات كبيرة ، لاحظت أنّه لم يؤكل منه خمسه ، فاحترت ، والداعي رجلٌ مؤمنٌ فسألته مستفسراً في اليوم الثاني ، فقال لي : والله يا أستاذ ما ضاعت منه رزة واحدة ، كل الطعام وضع في أكياس ووضع في البرّادات وأخذ إلى المآتم وأكل منه لمدة عشرة أيام ، أراد أن يكرم الناس بذلك ولم يؤكل سوى خمس الأكل وقام على الفور بتوزيع الباقي .
كذلك ذات مرّة أقام أحد الأخوة وليمة ، فقلت له : أين الأكل ؟ قال لي : قمت بتوزيعه كلّه ، فبعض الناس يكون جائعاً والطعام جيّد ونفيس فيوزّع ، وكذلك الثياب توزّع .

آداب الشرب :



أيها الأخوة الكرام ، هذه الدروس دروسٌ أساسية ، فإذا ضبط الإنسان سلوكه ، ضبط طعامه وشرابه ، حفظ نعمة الله هذه النعمة لن تفقدها أبداً ، أما إذا كان هناك استهتارٌ فالله كبير وسيحاسبك .
الآن آداب الشرب .
استحباب التسميـة والحمد والشرب ثلاثاً :
استحباب التسميـة والحمد والشرب ثلاثاً لما روى الترمذي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :
(( لا تشربوا واحداً كشرب البعير ، ولكن اشربوا مثنى وثُلاث ، وسمّوا إذا أنتم شربتم ، واحمدوا إذا أنتم رفعتم .))
[الترمذي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما]
قدّموا له زبديّة من شراب الليمون فشربها دفعة واحدة ، فقالوا : السنّة أن تشربها على ثلاث دفعات !! فقال : هذه واحدة فأين الاثنتان الأخريان ؟
لا تشربوا واحداً كشرب البعير ، ولكن اشربوا مثنى وثُلاث ، فالأدب الأول أن تسمّي وتحمد الله عزَّ وجلَّ ، وتشرب الكأس على ثلاث مرّات .
2ـ نهى الرسول الكريم عن الشرب من فِيْ القرب :
الأدب الثاني ، نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يشرب من فِيْ السقاء أو القُرب .
أي من فمها ، من فم الزجاجة ، أو الإبريق مباشرة ، فقد نهى النبي أن يكون الشرب هكذا .
كراهية النفخ في الشراب :
الأدب الثالث ، كراهية النفخ في الشراب ، فمثلاً شرب أحد الناس ثلاثاً حسب السنّة ولكن في المرّة الثانية ترك الإناء على فمه وتنفّس بداخله ، فأحياناً الزفير يحمل بعض الأمراض ، فالسنّة ما بين الشربتين أبعِد القدح عن فيك ، لذلك نهى النبيّ الكريم أن يتنفّس في الإناء أو ينفخ فيه لما في ذلك من الأمراض الصحيّة ، والمنافاة للآداب الاجتماعيّة .
4ـ استحباب الشرب والأكل جالساً :
الأدب الرابع ، استحباب الشرب والأكل في حال الجلوس .
الآن درجت موضة الأكل والشرب واقفاً ، سفرة بوفيه ، وهذا خلافاً للسنّة ، فإذا لم تجد لديك عدد كافٍ من الكراسي فلا مانع من ذلك ، فيسكب الضيف الطعام ويعود لمكانه السابق الذي كان يجلس فيه لأنّ الأكل واقفاً منهيٌ عنه .
نهى عليه الصلاة والسلام أن يشرب الرجل قائماً قال قتادة : فقلنا لأنس : الأكل ؟ قال : ذلك أشرّ .
إذا كنت منهياً عن أن تشرب واقفاً فالنهي عن الأكل واقفاً أشدُّ نهياً .
وفي رواية أنّه قال :
((لا يشربنّ أحدٌ منكم قائماً )).
[رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

لكن النبي شرب قائماً ، لماذا شرب قائماً ؟ في بعض الحالات ، إذا كنت ماشياً في الطريق ، والطريق مزدحم ، وكنت عطشان ، ووقفت على سبيل ماء فمن غير المعقول أن تقرفص لتشرب والناس يقفون أعلى منك ، هذه حالة صعبة ، فمثلاً إذا كنت في الكعبة ـ زادها الله شرفاً ـ والازدحام شديد فإذا أردت أن تشرب قاعداً فستجد الناس فوقك ، فاشرب واقفاً ، النبيّ الكريم شرب ماء زمزم واقفاً ـ وهي حالات قليلة ـ الأولى فيها أن تشرب قاعداً ، فالنبي شرب قائماً لئلا يوجد حرجٌ عند الحالات الضروريّة .
النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضّة :
الأدب الخامس ، النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضّة ، ففي الحكم الشرعي حرامٌ أن تستعمل الآنية المصنوعة من الذهب الخالص أو الفضّة الخالصة ، أما المُذهّب والمفضض ففيه إجازة .
فإذا كان مطلياً بالذهب شيء لا يذكر ، فالمذهّب شيء والذهب شيء آخر ، وأيضاً المفضض شيء والفضّة شيء :
(( من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه من نار جهنم)).
[مسلم عن أم سلمة]
أي أصبح فيه من الترف والاستعلاء والبذخ وتجميـد للمال كبير ، فلينفع الناس بهذه الأواني من الذهب الخالص ، فالآن تجد صنابير من الذهب الخالص ، ومقابض للأبواب من الذهب الخالص ، سمعت عن أحد الملوك أنّ مرحاض طائرته من الذهب الخالص .
النهي عن امتلاء المعدة بالأكل والشرب :
الأدب السادس ، النهي عن امتلاء المعدة بالأكل والشرب .
((ما ملأ آدميٌ وعاءً شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا بدّ فاعلاً ، فثلثٌ لطعامه ، وثلثٌ لشرابه ، وثلثٌ لنفسه )).
[رواه الإمام أحمد والترمذي عن المقدام بن معد يكرب]

هذه هي آداب الطعام والشراب ، تنفيذها سهلٌ جداً ، علّمها لأولادك وقم أنت بتطبيقها ، وإذا دُعيت إلى طعام نفذها أمام أخوانك فتصبح جزءاً من حياتك .
إن شاء الله في درسٍ قادم ننتقل إلى آداب السلام ، والموضوعات كما يلي :
أدب الطعام والشراب ، أدب السلام ، أدب الاستئذان ، أدب المجلس ، أدب الحديث ، أدب المزاح ، أدب التهنئة ، أدب عيادة المريض ، أدب التعزية ، أدب العطاس والتثاؤب .
والحمد لله رب العالمين









آخر مواضيعي

0 permutation
0 باقة ورد لكل مسلمه
0 خطبة :الذكر في القرآن الكريم
0 كيف ندرب أبناءنا على المسؤولية ؟
0 العناد عند الأطفال .. الأسباب والعلاج
0 العناد عند الأطفال .. الأسباب والعلاج
0 تفسير سورة الأعراف
0 حقائق الإيمان والإعجاز
0 تفسير سورة غافر
0 أكبر واشمل مصحف فى العالم بصوت معظم المقرئين وبينزل فى 3 دقائق

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الآداب, الأطفال, الاجتماعية, التّربية, عرس, عند

« ماكفاني ما كفاك | وصفة لعلاج الغيبة . »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التنشئة الاجتماعية أبو غفران علوم التربية وعلم النفس التربوي 0 06-02-2009 14:52
التنشئة الاجتماعية kawa mohammed الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 1 23-12-2008 15:04
التنشئة الاجتماعية أبو غفران الأرشيف 1 06-12-2008 18:45
التنشئة الاجتماعية أبو غفران علوم التربية وعلم النفس التربوي 1 04-12-2008 21:24
التنشئة الاجتماعية FLAMANT الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 1 05-12-2007 19:22


الساعة الآن 06:45


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة