مطارد الوهم

[ابوحسام]

حوافر تدك الأرض دكا..وحمحمة تسبق الخيل الراكضة نحو خط الوصول يعتصرها الفرسان من حناجرها كلما حثوا مراكبهم على إفراغ آخر جهدها في ما تبقى من مسافة..تظهر الأرقام وتختفي..تتقدم وتتأخر والأنفاس مشدوددة تترقب..هكذا تراءت حلبة السباق له وهو يتأمل بين يديه برنامج الأسبوع لسباق الخيل..رفع رأسه وأخرج لفافة تبغ ووضعها بين شفتيه..لن أتسرع ..علي ان أضع كل الحظوظ في كفتي..هذه فرصتي..أشعل اللفافة واستنشق منها نفسا عميقا..كم يحب هذه الطقوس..كوب قهوة وجريدة متخصصة في الخيول والبرنامج الأسبوعي و.. ركنه المعتاد في المقهى المعتاد..
عندما يبدأ (دراسته/تحليله) تتوقف الحياة حوله ,يفقد سمعه وبصره,ويصبح الجالسون حوله تماثيل صامتة ..لا يرى إلا أسماء مرقومة..أسماءأحصنة وفرسان..يعرف كل واحد منهم..هذا الفرس خذله في المرة السابقة وحرمه من ربح أكيد..حين تخلف في الأمتار الأخيرة..لازال يذكر تلك الحسرة..لقد انتزع منه الربح عنوة..خمسة وثلاثون مليونا.امتص ماتبقى من لفافته بغيظ و نفث دخانها من أنفه..أحس بالعرق في يده فمسحها في ثوب سرواله..خمس وثلاثون مليونا مرت من أمام أنفه ..شم رائحتها.. كاد يحتويها بين يديه فتمنعت وتركته يلهث كما لو كانت عاهرة استفزت غرائزه ثم صدته.بلل جفاف شفتيه بجرعة من كأسه ثم أشعل لفافة أخرى..لو كان الحظ معه لكان الآن يدخن نوعا أرقى..لكان الآن جالسا بمقهى أرقى..بلباس أرقى..نظر إلى البرنامج بين يديه فغمره إحساس كان قد نسيه..إحساس تلميذ راسب يعاود الحفظ من جديد لامتحان جديد..تبَاً..هذه الخيول حمقى..تطير مرات وإذا قامرت من أجلها تحولت إلى سلاحف..والسلاحف تصبح أرانب..تبّاً للسلاحف والأرانب..سحب الدخان من لفافته مرات متتاليه ومرر الغصة في حلقه بجرعة من القهوة ..لو كان ربح لكان الآن يقود سيارة وبجانبه الأنس والمتعة..ولكان يضع يده على فخد الأُنس..أطلق أصابع يده في حركة تلقائية فطالعه اصفرارها ولوث أظافره فجمع يده ..كان هذا الربح سيغير حياته..تملململ فوق كرسيه وأطلق رجليه من التعب..لو ابتسم له الحظ لكان في كل يوم في مدينة يرافقه الأنس في ارقى المقاهي نهارا وفي علب الليل ليلا ..يشرب ويرقص..أشعل لفافة أخرى وصوت الموسيقى الصاخبة يتردد في رأسه والأنوار تتقلب في الفضاء الوانا..وبعد الفجر يعود لشقته الجديدة ليبدأ مسلسل آخر..سينزع ثوبها قطعة قطعة ويلقيها على أرض الغرفة و...(أرى نشعل معاك الله يعفو عليك)...أشنو...رأى شبح شخص يقف على رأسه ويشير إلى سيجارة في يده..(أرى نشعل معاك ...)
ابوحسام

[aborayaan]

حين نزرع الوهم فلن نجني إلا السراب فنعلق في متاهاته ونجري من سراب إلى سراب حتى نضيع....
شكرا يا أبا حسام على هذه الإبداع الذي يصف بدقة حال عدد كبير من الناس سلموا أنفسهم لوهم القمار حتى ضاعوا وضاعت معهم أسرهم.
فكم من أسرة تحطمت بسبب هذه الافة ؟وكم من أظفال تشردوا؟ وكم من جريمة ارتكبت ؟....؟

[Azzeddine.I]

هل الهلال بعودة الهمام ابو حسام
تحية اخوية من القلب ايها القلم المتجلي
امتعتنا بهذه اللوحة الناطقة وباسلوبك الراقي.
لك مني الف سلام وود
اخوك زياد.

[mahdar]

هتاك فرق بين الوهم والحلم ..وبطل نصك يعيش احلام اليقظة الكاذبة التى تتداخل مع الموهم والاستيهام....اعجبني اخي ابو حسام سردك الجميلة وتحكمك في ادوات البناء الفني للنص ...وهذا يدل على مدى تشبعك بروح النقد الواقعي للحياة واقتناصك لظواهر تكاد تطغى على الكثير من افراد المجتمع

[ابوحسام]

كل الشكر لك أخي أبو ريان..أتفق معك..القمار نوع من المخدرات يسرح بصاحبه في متاهات الوهم..