إسرائيل تخشى مقاطعة على طريقة "جنوب إفريقيا العنصرية"
أحمد البهنسي
اسلام اون لاين السبت. فبراير. 7, 2009
ملصق لمجموعة على موقع فيس بوك الإلكتروني"توقفنا عن التفكير في إقامة علاقات تجارية مع شركتكم وأي شركة إسرائيلية أخرى.. يجب أن تدينوا المذبحة التي ارتكبها بلدكم ضد أهالي غزة كشرط للتعاون معكم".. هذا الرد ومثله تلقته شركات إسرائيلية من نظيرتها في تركيا وبريطانيا خلال وبعد حرب إسرائيل الأخيرة على القطاع؛ مما أثار الذعر بين الإسرائيليين من أن يأتي يوم يقاطع فيه العالم كله إسرائيل.
صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية استعرضت الدول التي قاطعت إسرائيل بالفعل ودرجة هذه المقاطعة، وهل هي على المستوى الاقتصادي فقط أم امتدت لتشمل الأكاديمي وحتى الإعلامي، وسط مخاوف من أن يتكرر نموذج جنوب إفريقيا التي قاطعها العالم بسبب سياساتها العنصرية ضد السود، ولم ترفع عنها المقاطعة إلا بعد سقوط نظام الفصل العنصري الحاكم عام 1994.
وكشفت الصحيفة أمس الجمعة أن تركيا - التي وجه رئيس وزرائها "رجب طيب أردوغان" انتقادات لاذعة لإسرائيل بسبب عدوانها على غزة - على رأس الدول المقاطعة لإسرائيل على المستوى الشعبي.
وأوردت أمثلة على تلك المقاطعة المنتشرة في تركيا، قائلة إن مدير إحدى الشركات الإعلامية الإسرائيلية تلقى ردا على خطاب أرسله لشركة تركية عرض عليها التعاون في مجال التسويق الإعلامي، حيث اشترطت الشركة التركية لقبول التعاون أن يوقع مدير الشركة الإسرائيلية على مذكرة جاء فيها: "إننا ندين حكومتنا لأنها قتلت الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء، فحماية المدنيين وقت الحرب أمر بالغ الأهمية، ونحن لا نقبل أبدا مذبحة كهذه".
ووصلت العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وتركيا ذروتها في عام 2008، حيث تراوح حجم التبادل التجاري بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار.
بريطانيا
بريطانيا حلت ثانية بين الدول التي بدأت تنتشر فيها المقاطعة على نطاق واسع، حيث استلم "رعنان كوهين"، مدير شركة "موفيل ميكس" للصناعات التكنولوجية الإسرائيلية، خطابا من شركة بريطانية سعى إلى إبرام صفقات معها جاء فيه: "سيدي العزيز.. نتيجة سياسات حكومة إسرائيل في الأيام الأخيرة فقد توقفنا عن التفكير في إقامة علاقات تجارية مع شركتكم، وأي شركة إسرائيلية أخرى".
وتؤرخ "هاآرتس" لمولد فكرة المقاطعة في بريطانيا بعام 2002؛ فقد جاءت احتجاجا على سياسات إسرائيل، حيث تزايدت الدعوات لمقاطعة أكاديمية من قبل الجامعات البريطانية لنظيرتها الإسرائيلية، ثم انتقلت الفكرة للجمعيات المهنية الكبرى في بريطانيا.
ونقلت الصحيفة عن "جوانا بليثمان"، الخبيرة البريطانية في مجال التحقيقات الصحفية المتعلقة بالغذاء، قولها: إن "المقاطعة الاقتصادية البريطانية لإسرائيل ستضر في الأساس بالمنتجات الزراعية الإسرائيلية".
وأضافت أن شركة "أجريكسكو" الإسرائيلية التي تصدر منتجات زراعية إلى بريطانيا مازلت تجهل مصير شحناتها هذا العام، خاصة مع انتشار المقاطعة داخل الأوساط البريطانية بشكل كبير.
مقاطة إسكندنافية
إلا أن وزارة الزراعة الإسرائيلية أعلنت مؤخرا أن الحرب الأخيرة على غزة لم تؤد إلى مقاطعة المنتجات الزراعية الإسرائيلية بشكل كامل، مشيرة إلى أن الدول الإسكندنافية هي الوحيدة التي شهدت مشاكل من هذا النوع.
في هذا الصدد ذكرت "هاآرتس" أن المنطقة الإسكندنافية، والنرويج تحديدا، لها تاريخ حافل بمقاطعة إسرائيل، ففي عام 2002 قاطعت أكبر شركة للصناعات الغذائية بالنرويج المنتجات الزراعية الإسرائيلية، كما استخدم عمال الجمعيات المهنية المختلفة أجسادهم لمنع الشاحنات التي تحمل الثمار الإسرائيلية المصدرة إلى النرويج.
وفي عام 2005 قرر إقليم "سور- ترونديلج" النرويجي فرض مقاطعة رسمية على إسرائيل، وأصدر تعلميات لمواطنيه بعدم شراء أي منتجات إسرائيلية، وبعدها بعام واحد دعت وزيرة المالية النرويجية "كريستيان هالبورسون" إلى فرض مقاطعة على إسرائيل.
كذلك تطرقت الصحيفة إلى مقاطعة إسرائيل من جانب الاتحاد الأوروبي، حيث تشير إلى أن القضية الأهم في هذا الموضوع تتعلق بالمنتجات التي تصنع داخل المستوطنات المبنية على أراض محتلة، والتي أثارت أزمة حادة خلال السنوات الماضية بين الاتحاد وإسرائيل.
وليس العالم العربي ببعيد عن المقاطعة، حيث انتشرت في دوله حملات تدعو إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية؛ احتجاجا على قتل إسرائيل مؤخرا في غزة أكثر من 1400 فلسطيني وإصابة 5400 آخرين بجروح، نصفهم تقريبا من النساء والأطفال، فضلا عن الدمار الواسع.
جنوب إفريقيا
حمى المقاطعة المنتشرة في دول العالم أثارت مخاوف الإسرائيليين من تكرار نموذج جنوب إفريقيا مع إسرائيل، وعزز هذه المخاوف وجود يهود يؤيدون مقاطعة إسرائيل؛ بسبب ما ارتكبته بحق نحو 1.5 مليون فلسطيني في غزة مؤخرا.
وفرضت على جنوب إفريقيا خلال فترة الفصل العنصري مقاطعة شاملة قادها الغرب؛ بسبب السياسات العنصرية تجاه السود، وشملت المقاطعة جميع المجالات، الأكاديمية والاقتصادية وحتى الرياضية والثقافية، ولم يتم وقفها إلا بعد سقوط نظام الفصل العنصري عام 1994.
وتعليقا على تلك المخاوف نقلت "هاآرتس" عن البروفيسور الإسرائيلي "جيرالد شتاينبرج"، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، قوله: إن "على إسرائيل أن تكون مستعدة لذلك النوع من المقاطعة".
وتابع شتاينبرج: "مشكلة إسرائيل تكمن في أنها تتحرك بشكل روتيني وفق السياسات التي حددتها منذ خمسينيات القرن الماضي، والقائمة على أن دعوة أية حكومة إلى مقاطعة إسرائيل لا تمثل مشكلة.. هذه فكرة مغلوطة لأن المجتمع المدني في هذه الأيام يلعب دورا أكبر من الدولة، فالسياسيون يسيرون وراء الشارع، وليس أمامه".
"يقاطع نفسه"
غير أن البعض حاولوا التقليل من أهمية دعوات المقاطعة لإسرائيل، وقال "داني جيلرمان"، الرئيس السابق لجمعية المكاتب التجارية الخارجية وسفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، إن: "مقاطعة إسرائيل تجاريا واقتصاديا أمر لا معنى له.. إذ إن الصناعات الإسرائيلية تتداخل مع صناعات عالمية كبرى منتشرة في عدة دول، ومن ثم فإن من يقاطع إسرائيل يقاطع نفسه في حقيقة الأمر".
كما قال "رفائيل موراف"، مدير قسم التجارة الأوروبية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، إنه: "من بين الدول المرتبطة بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل لا توجد أي دولة دعت إلى مقاطعتها"، مضيفا أن: "العالم يمر بأزمة اقتصادية حادة، والشركات التي ستمتنع عن عقد صفقات تجارية مع إسرائيل ستلحق الضرر بنفسها قبل أي شيء".
..........
زوروا صفحة المقاطعة من أجل الدعم، الرابط أسفله: