وانتصرت الفدرالية الديموقراطية للشغل ضد المؤامرة

[ibn sahnoune]

وانتصرت الفدرالية الديموقراطية للشغل ضد المؤامرة



بعد سلم اجتماعي ظل جاثما على صدور الموظفين وعموم المأجورين لأكثر من سنتين ونصف (منذ 2011) تنازلت بموجبه النقابات الأكثر تمثيلية أنذاك عن حق الشغيلة المغربية في الاحتجاج مقابل اتفاق (26 أبريل) تنصلت حكومة العدالة والتنمية منه وتراجعت عن تنفيذ أغلب بنوده، سيسجل التاريخ أن أغلبية مناضلي مركزية الفدرالية الديموقراطية للشغل
الذين استاؤوا من انبطاح قيادتهم المركزية السابقة- الغير المأسوف على طرد أغلب أعضائها بقيادة العزوزي- إلى جانب قيادات المركزيات الأخرى التي نهجت سياسة الصمت والهروب إلى الأمام رغم الهجوم الحكومي الغير مسبوق على مصالح وحقوق الموظفين والمأجورين وأبناء الشعب المغربي عموما(التقاعد.الإضراب.
التعويضات.المحروقات.ارتفاع الأسعار.انهيار القدرة الشرائية...)، سيقودون حركة تصحيحية داخل الفدرالية من أجل محاسبة القيادة المركزية عن الاختلالات (مالية.تنظيمية.نقابية..) التي بات عليها وضع المنظمة تحت قيادة العزوزي الذي انحرف عن الالتزامات والتعاقدات التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر الوطني الفدرالي الثالث مع الفدراليين.
وهي المحاسبة التي انتهت بانتخاب قيادة فدرالية جديدة انبثقت عن المؤتمر الوطني الرابع بزعامة فاتيحي وبحضور الأغلبية الساحقة من المؤتمرين وإجماعهم. وبعد استعادة الفدراليين لحرية قرارهم الذي كان مختطفا من طرف الحكومة وزعامات نقابية أخرى وجهوا بوصلتهم نحو الغاية السامية التي يجب على النقابة أن تقصدها، يتعلق الأمر بحماية حقوق ومكتسبات الشغيلة والموظفين والمأجورين وعموم الشعب المغربي، وأمام تخاذل الجميع اتخذت الفدرالية الديموقراطية للشغل قرارا جريئا بخوض إضراب 23 شتنبر كخطوة نضالية إنذارية ضدا على عزم الحكومة تمرير تصورها المجحف ل"إصلاح التقاعد". وهو الإضراب الذي لاقى نجاحا بفعل الانخراط الكبير للشغيلة المغربية -خاصة قطاع التعليم- التي وجدت في الإضراب مناسبة لتعلن عن رفضها للسياسات الحكومية المعادية لمصالحها. لقد كان لإنجاح الفدراليين لإضرابب 23 شتنبر عدة نتائج أهمها إحراج باقي المركزيات النقابية أمام الرأي العام، والتي سارعت تحت ضغط قواعدها إلى الإعلان عن دخولها في إضراب 29 أكتوبر 2014 بمعية الفدرالية. وإجبار الحكومة على مراجعة حساباتها وتأجيل فرض" الإصلاح" المزعوم. غير أن نجاح منظمة الفدرالية في تحريك المياه النضالية الراكدة لوقت طويل أثار حفيظة الحكومة وبعض القيادات اللاديموقراطية ضدها، فكان أن اتفق جمعهم على خلق مشكل تنظيمي داخل الفدرالية بهدف شغل مناضليها عن مهماتهم ومسؤولياتهم النضالية، وذلك عن طريق استغلالهم لذوي الأطماع والنفوس الضعيفة ممن لفظتهم قواعد ومكونات الفدرالية في كل القطاعات الأعضاء فيها، (وأقصد هنا جماعة الانتهازيين الذين استفادوا من الريع الذي وفرته القيادة المركزية السابقة، والذين لم يستسيغوا طريقة حرمانهم من مصالحهم،) والاتفاق على دعم ادعائهم لامتلاك الشرعية الفدرالية واتهام القيادة الجديدة بالانشقاق. وهو الدعم الذي تجلى من جهة في ترخيص الحكومة للمخلوع وبطانته بعقد اجتماعاتهم تحت يافطة "المكتب المركزي الفدرالي الشرعي" وعقد اجتماعات وهمية لقطاعات فدرالية ليس لها من وجود إلا في مخيلة رئيس الحكومة وتغطيتها إعلاميا من طرف الإعلام الرسمي واستدعاء بعض الوجوه المطرودة لحضور لقاءات إعلامية باسم الفدرالية. بينما وفرت إحدى المركزيات النقابية (التي يخاف قادتها من الديموقراطية وحرية القرار النقابي الذي استفردوا واستبدوا به منذ عقود أربع) مقراتها لاحتضان هذه الاجتماعات بعدما أغلقت مقرات الفدرالية الحقيقية في وجه هذه الزمرة المتخاذلة.
غير أن هذه المؤامرة المتعددة الأطراف والأوجه لم ترهب الفدراليين ولم تثنهم عن الاستمرار في طريقهم. بل واصلوا المسير مقتنعين أن طريق النضال الشريف مليئ بالأشواك والعقبات والمطبات. وفي هذا السياق ركز القرار الفدرالي على موضوعين:
- استكمال العمل التنظيمي من خلال تجديد مختلف الأجهزة والهياكل والمكاتب والاتحادات المحلية التي أعلنت كاملة مساندتها للقيادة الفدرالية الجديدة، بموازاة عقد عدة اجتماعات للمجالس الوطنية للقطاعات وللمركزية.
- التصدي المستمر لكل المحاولات التي بذلها أنصار المخلوع لاقتحام بعض المقرات النقابية. ومنعهم من استغلال شعار الفدرالية وقطاعاتها الأعضاء في أي اجتماع أو لقاء. وهو الأمر الذي جسده الفدراليون الأحرار من خلال مسيراتهم الوطنية ووقفتهم الاحتجاجية الجهوية التي أحرجوا بها رئاسة الحكومة وهم ينددون بالتدخل السافر لرئيس الحكومة في القرار الفدرالي ودعمه للمطرودين منها.
لقد أظهرت قواعد الفدرالية للجميع حقيقة التواطؤ بين جماعة المخلوع ورئاسة الحكومة وإعلامها وبعض القيادات النقابية من أجل ضرب العمل النقابي الشريف واستنفاذ طاقة المناضلين في معارك جانبية مما أرغم كل الأطراف على القبول بالأمر الواقع بعدما تبين لهم أن التمسك بالعزوزي وجماعته كتمسك غريق بقشة.
وبالرغم من الاقتطاعات المالية التي طالت أجور الموظفين المضربين، وبالرغم من تهديدات رئيس الحكومة ووزيره في التعليم لموظفي القطاع واتهاماته لهم، وبالرغم من وجود مؤامرة تنظيمية استهدفت منظمتهم، أبى الفدراليون إلا التمسك بإطارهم وتوسيع انخراطاتهم فيه وتثمينهم لقراراته وإبداء استعدادهم لخوض المعارك التي يدعو إليها قناعة منهم أن النضال الجاد والمسؤول هو الوسيلة الوحيدة لصون المكتسبات وحماية الحقوق والحريات.
إن اقتناع رئاسة الحكومة بشرعية الجهاز الفدرالي المنبثق عن المؤتمر الوطني الفدرالي الرابع بقيادة فاتيحي، واستدعاءها لهذا الأخير بصفته كاتبا عاماللفدرالية لحضور محطات الحوار الاجتماعي، وتغطية الإعلام الرسمي للمؤتمر الصحفي الأخير المشترك مع حلفاء الفدرالية، وما تقديم شيك الدعم الحكومي للنقابات من أجل الانتخابات المهنية المقبلة للكاتب العام "فاتيحي" إلا اعتراف رسمي بانتصار مناضلي وقواعد ومسؤولي منظمة الفدرالية الديموقراطية للشغل ضد جوقة المتخاذلين والمتربصين. وهو النصر الذي لم يكن إلا ثمرة إيمان الفدراليين بشرعية مطالبهم وعدالة قضاياهم، تلكم الشرعية التي لم ينتظروا أن يجود بها عليهم أحد، وإنما انتزعوها بكفاحهم وتضحياتهم بوقتهم وراحتهم وحقوق عائلاتهم فيهم وتكبدهم عناء التنقلات والسفر المستمر بلا كلل ولا ملل ولا منة. لذلك لا يسعني إلا الشد بحرارة على أيدي جميع الفدراليات والفدراليين والمناضلين والمتعاطفين والغيورين الذين يطبقون مقولة المناضل الأممي الخالد -تشي غيفارا- "إن الطريق مظلم وحالك.إذا لم تحترق أنت وأنا، من سينير الطريق؟".
عاشت الفدرالية الديموقراطية للشغل
عاشت النقابة الوطنية للتعليم
عاش النضال والمناضلون الشرفاء
عاصم منادي إدريسي
al moharir.ma