تساؤلات حول تقرير البنك الدولي والهجوم على المدرسة والمدرس

[محمد الصدوقي]

نحن كمغاربة مهتمين ومتابعين لشاننا التعليمي لسنا في حاجة إلى البنك الدولي(أو غيره) في تقييم وضعنا التعليمي وإعطاء التعليمات والوصفات الجاهزة التي تخدم مصالح وتوجهات معينة معروفة،والذي لم يذكره البنك هو انه كان من الأسباب الرئيسية في تأ زيم مجتمعنا و خدماته الاجتماعية،بما فيها التعليم ولا زلنا نعاني من ذلك تراكميا وتاريخيا،الكل يتذكر سياسة التقشف والتقويم الهيكلي المفروضة من طرفه علينا(الدولة).نحن لدينا ذاكرة،والتاريخ لا ينسى.ولدينا كذلك عقل واعي و تحليلي نقدي،نعرف بالضبط أهداف البنك الاستراتيجية في رأسملة وخوصصة المجتمعات والخدمات الاجتماعية لتحقيق أهداف الرأسمالية الغربية والمتعاونين معها محليا.ورغم ما ورد في التقرير الأخير من معطيات تشخيصية موضوعية،لكن لم يذكر الأسباب الحقيقية لهذه الوضعية،ومنها بعض سياساته...وشخصيا أعتقد ، ولكي تكون هناك مصداقية علمية،انه لا يجب الحكم على التقييم العام لأداء المنظومة التعليمية إلا من طرف مؤسسات علمية ومستقلة.ولا أعرف كيف تم الخروج بخلاصات البنك الدولي:ماهي طبيعة العينات والدراسات الميدانية والقياسية التي اعتمدها؟وهل ركز فقط على التعليم الابتدائي؟أم كذلك على التعليم الإعدادي حيث من المفترض أن يكون أول متعلمي الإصلاح(العشرية) الأخير قد وصل إليه؟ثم ماهو زمن الدراسات التقييمية المعتمدة في علاقتها بزمن الإصلاح الأخير؟وهل التقييم هو تقييم فقط للمردودية الداخلية للمدرسة؟وكيف يمكن أن نحكم على المردودية الخارجية للمدرسة ونحن لا نعرف بعد مصير خريجي الإصلاح الأخير من حيث اندماجهم المجتمعي وكفاءاتهم ومدى مساهمتهم في التنمية المجتمعية وفي سوق الشغل؟وهل المدرسة وحدها المسؤولة عن ضعف مردوديتها وفعاليتها الداخلية؟
وموضوعيا أظن أن المغرب منذ حكومة التناوب بدل مجهودات لا بأس بها ( رغم أنها غير كافية أمام الحاجيات والاختلالات المتراكمة والجديدة)للنهوض بمنظومة التربية والتكوين ماديا وماليا وبشريا،لكن النتائج غالبا لا توافق الأهداف والتكلفة المعلنين!ياترى أين الخلل؟سؤال يجب ان يجيب عنه كل المسؤولين والفاعلين والمعنيين؛الخلل في السياسة التعليمية؟ في التمويل والبنيات والوظائف اللوجستيكية؟أم في التنظيم والتدبير والحكامة(الفساد،الزبونية،احتكار القرارات والمناصب...)؟أم في المناهج والبرامج والكتب المدرسية؟ أم في الموارد البشرية؟أم في المتعلمين؟ام في محيط المدرسة؟ أم في غياب الإرادة والتعبئة الوطنيتين والمواطنتين؟أم في المجتمع بصفة عامة لان المدرسة تتأثر به سلبا وإيجابا؟....
أظن ان نحمل المدرسة وحدها أزمتها ضرب من اللاعلمية ومن التبسيطية والسطحية في رؤية وتقييم الأشياء،أكيد لها مسؤولية ما جزئية في ذلك.
هل هناك أزمة تعليمية عامة أم جزئية؟ ماهي نوع المدارس المستهدفة بالأزمة؟المدارس الخصوصية ومدارس النخبة؟مدارس المجالات المهمشة العمومية؟مدارس المجالات المحظوظة؟هل لدينا خريطة تشخيصية وتصنيفية للمدارس عديمة الفعالية والجودة والتي تعرف بعض الاختلالات المتعددة؟
"طاحت صومعة التعليم علقو المدرس"!
يكاد الجميع يحمل المدرس أسباب أزمة التعليم المفترضة!والكل(العلمي طبعا)يعرف أن منظومة التربية والتكوين تتكون من عناصر ومتغيرات عديدة متفاعلة و ومركبة:الدولة(السياسة التعليمية)،الفاعلون السياسيون والاجتماعيون والثقافيون والاقتصاديون،أطر التدبير والتسيير،أطر المراقبة والتأطير،أطر التدريس،البنيات والوسائل اللوجستيكية التربوية والمادية والمالية،المتعلمون،محيط وشركاء المدرسة...المجتمع.
أكيد أن المدرس له مسؤوليته في ذلك،لكن أي مدرس؟الكل يتهم المدرس بعدم الجدية والفعالية وغياب أخلاقيات المهنة...إن كان الواقع يدعم ذلك،فمن المسؤول عن إنتاج مثل هؤولاء المدرسين:الأجرة الهزيلة؟عدم الاستقرار الاجتماعي؟غياب التاطير والتكوين الأساسي والمستمر المتينين؟ غياب الشروط المهنية السليمة؟غياب التأطير المجتمعي العام حول القيم والاختلاق الوطنية والفاضلة؟...
أسئلة وملاحظات طرحتها،أرجو المشاركة في طرح أخرى والإجابة الحماعية عليها.
وسيكون لي عودة إليها حين الانتهاء من دراسة متأنية وموضوعية أقوم بها في الموضوع.

[نسيم الريف]