جمعية دعم مدرسة النجاح أم جمعية دعم مدرسة التسول؟
في إطار مسلسل خلق هياكل تنظيمية (جمعية التعاون الوطني –الجمعية الرياضية –مجالس التعليم –مجلس تدبير المؤسسة ) داخل المؤسسات التعليمية ,هده الهياكل التي وظفت وتوظف لخدمة أهداف السياسة التعليمية السائدة ,جاء خلق إطار جديد يدعونه ب"جمعية دعم مدرسة النجاح ".فما هو الجديد الذي يحمله هدا المـــــولود الجديد ؟والى أي شيء يهدف في حقيقته ؟.
فانطلاقا من القانون الأساسي لهدا الإطار الجــــــديد, نلاحظ انه لا يخـــــــرج عن المألوف.فكل القوانين الأساسية للهياكل التنظيمية التي تندرج ضمن بنية المؤسسة التعليمية تنطلق في ديباجتها من القانون المـــــنظم للجمعيات لإعطاء الانطــــــباع بالاستقلالية والديمقراطية ,لكن في ثنايا أبوابها تتربص فصول تحــــكمية تذيب كل أوهام الاستقلالية والديمقراطية في مجرى التبعية المطلقة للسلطات التربوية .
إن تلك الإطارات الموازية لعملية التدريس ,والتي يمولها الآباء من جيوبهم ’ورغم إنها لا تتمتع بالاستقلالية التربوية والمـــــالية ,كانت توفر هامشا كــــــبيرا للإبداع التربوي الذي لم تترك مشاكل المعيشة ومغرياتها نســــــــاء ورجال التعليم المجال للاستمرار في الانخراط في تكوين الناشئة ,علاوة على الإهمال الرسمي المقصـود لتلك الإطارات والتجميد الشبه النهائي لها .
لقد دأبت السلطات التربوية مند عقود على التحـــــكم في كل ما يلفه سور المؤسسة التعليمية ,وعلى اعتبار هده الأخيرة كانت تشكل إحدى المعاقل الأســــــاسية لقوى الممانعة مند ستينيات القرن الماضي ,فقد عملت تلك السلطات مند دلك الحين على شن حرب ضروس على الفكر العلمي والتقدمي ,وحرفت أنشطة الإبــداع التربوي ودلك بتوجيهها وجهة البهرجة والتطبيل للنظام .وهكذا أوصلت سنوات الرصاص المؤسسة التعليمية إلى وضع لا تحسد عليه ,اد لم تعد تقوم بالدور التربوي بقدر ما تنتج طاقات اغلبها غير مؤهل ,يقذف بها في سوق العطالة لتكون لقمة صائغة بين أنياب الاستغلال الامبريالي (الخوصصة)الذي بدا اكتساحه بلادنا مـــــند ثمانينات القرن الماضي .
واليوم ,ما هو جديد "جمعية دعم مدرسة النجاح "؟ألا تستنسخ التـــــجارب السابقة شكلا دون المضمون ؟وما هو المضمون الجديد الذي جاء به هدا المشروع الجديد؟
على شاكلة الهياكل التنظيمية السابقة, يبقى القانون الأساسي ل"جمعية دعم مدرسة النجاح "قانونا ممنوحا.والدليل على دلك هو نزوله للقواعد التعليمية بصــيغة قانون أساسي وليس بمشروع قانون.ولمـــــن يريد التأكد أكثر ما عليه سوى الرجوع إلى الفصول (الفقرة الأخيرة من الفصل السادس –الفصل الثامن –الفصـــــل التاسع –الفصل السادس عشر )من هدا القانون.
إلا أن ما يهمنا في هدا كله هو التحكم المالي الذي أسقطته هده الجمـــــعية الجديدة, موهمة الجميع بالاستقلالية المالية للمؤسسة التعليمية وإمـــــــكانية السير في اتجاه التحول إلى مقاولة .
فجمعية دعم مدرسة النجاح ,وحسب قانونها الأساسي هي إطار يســـــمح للمؤسسة التعليمية بالاستفادة من التمويل العمومي لمدة 3او4سنوات في إطار "مشـــــــروع المؤسسة"الذي تقدمه تلك المؤسسة .وبعد انقضاء تلك المدة وبعد توقف التمـــــويل العمومي ,نصبح الجمعية في وضعية الباحث والمستجدي للتمويل .من سيمول ؟؟؟
من سيعطي الصدقات ؟؟؟.قد يتفتق دكاء أعضاء الجمعية المقاولاتي ليبــدع أشكال شراكات وتمويل آخر همومه هي التربية ودعم التمدرس العمومي .
بهدا الشكل تتحقق الاستقلالية المالية للجمعية وللمؤسسة وهكذا ستقوم هده الجمعية مقام الدولة في تمويل التعليم كخدمة عمومية .
إن سيناريو هدا المولود الجمعوي الجديد لا يمكن أن يخـــــــــفي وراءه غير حقيقة واحدة مفادها تملص الدولة من تقديم خدمة عمومية مجانية وجيدة لعموم أطــــــفال المغرب .
وهو في نهاية المطاف حلقة أساسية ضمن سلسلة الهـــــجوم الذي تشنه الدولة على التعليم كما على كل الخدمات العمومية ,في أفق أن تلعب الأدوار المـملاة عليها من طرف دواليب القرار الامبريالي بالخارج.
وحين تنكشف حقيقة الشيء وتوحي بما يمكن أن تضيفه من مشاكل بالقطاع ,يتخذ الرأي العام التربوي ,وفي غياب الفعل النقابي ,شـــــكل قبول مبطــــــــن بالرفض واللامبالاة .في هدا الإطار فليعلم الأعضاء الدين سيهرولون إلى مقاعد هدا الإطار أو الدين ستمارس عليهم ضغوطات ,سواء بشكل مباشر أو غير مبـــــاشر ,للقبول بتحمل المسؤولية داخل هده الجمعية ,أن الأدوار التي دفعوا دفــــعا إلى لعبها ,هي ادوار لا تتناسب وانتظارات الشعب المغربي المغلوب على أمره ,كما لا تعـــــمل سوى على تكريس الوهم في صفوف نساء ورجال التعليم وكدا في صــــــــــفوف جمعيات الآباء ,وتعفي الدولة من مسؤوليتها القصوى في تقديم خدمة عمـــــومية مجانية وجيدة لأطفالنا .
بنسركاو في 23/06/09
ل. ض
جمعية دعم مدرسة النجاح أم جمعية دعم مدرسة التسول؟
المواضيع المتشابهه
