الإسراء والمعراج.. رحلة العبر والمعجزات
يحتفل المسلمون في شهر رجب من كل عام بذكرى الإسراء والمعراج، ونحن حين نحتفل بذكرى الإسراء والمعراج أو بغيرها من المناسبات المختلفة بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما يكون ذلك للعبرة والتأسي وأخذ الدروس المستفادة وإنزالها منزل التنفيذ في حياتنا العملية.
فرحلة الإسراء والمعراج وما حَوَته من معجزات ودروس وعبر لهي مَعِينٌ لا ينضب للدعاة للمدارسة واستخلاص العبر والدروس وبحث كيفية الانتفاع بها، وخاصةً فيما يتعلق بأمور الأمة الإسلامية وقضاياها المحورية وفي مقدمتها الأقصى الأسير، لنتذكر مكانته- وإن لم ننسَها- وواجبنا ودورنا نحوه ونحو مختلف قضايانا المحورية.
فمعجزة الإسراء والمعراج ليست عبرةً منتهيةً المفعول بانتهاء حدثها، ولكنها ما زالت ماثلةً في الأذهان وما زالت مؤهلةً لإفادة الأمة في قضاياها بما تحويه من دروس عملية كثيرة تحتاج منا للمدارسة والعبرة والاقتداء.
الإسراء والمعراج.. وقفات وتأملات
تأتي هذه المناسبة الطيبة- الإسراء والمعراج- لتذكرنا بفضل رسول هذه الأمة على جميع الأنبياء، وبفضل هذه الأمة على سائر الأمم؛ إذ اختص رسولها- صلى الله عليه وسلم- برحلة الإسراء والمعراج، والتي رأى فيها من آيات ربه ما رأى.
رأى ما لم يره غيره من الأنبياء والرسل، وكان فضل الله على هذه الأمة عظيمًا إذ فرضت الصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام.
قال جل في علاه:﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (سورة الإسراء:1).. فقد أُسريَ برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً من مكَّةَ الى المسجدِ الأقصى، حيث تضمنت الرحلة مرحلتين.. الإسراء ثم المعراج.
متى كان الإسراء؟
في السنةِ الخامِسَةِ قبلَ الهجرةِ على ترجيح أكثر العلماء، فقد جاءَهُ جبريلُ ليلاً إلى مكَّةَ وهو نائمٌ ففتَحَ سَقْفَ بيتِهِ فأيقظَهُ جبريلُ ثم أركبَهُ على البُراقِ خلفَهُ وانطلقَ بهِ.
وقد كانت هذه الرحلة تكريمًا له صلى الله عليه وسلم وأمته بهذه الرحلة المعجزة والتي فرضت فيها الصلاة التي هي ركن من أهم أركان الإسلام وظهر في هذه الرحلة ما لهذه الأمة من فضلٍ وما لرسولنا من فضل.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:
"أتيت بالبراق (وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل. يضع حافره عند منتهى طرفه) قال، فركبته حتى أتيت بيت المقدس. قال، فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء. قال، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين. ثم خرجت. فجاءني جبريل عليه السلام بإناءٍ من خمرٍ وإناءٍ من لبن. فاخترت اللبن. فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: اخترت الفطرة".