ذات يوم استقلت شاحنة كبيرة لنقل البضائع واذا بالسائق يقف على رجل بدوي ومعه ابنه ومعه قنينة 5لترات من زيت الزيتون ليقله في رحلته مقابل أجرة يستعين بها على تكاليف المعيشة أمام الغلاء وضعف الأجرة.وقد كنت جالسا في الوسط وقد تبين لي من خلال لكنة السائق أنه ينتمي لجهة الريف.
وعموما فقد كان كثير الكلام حتى يكسر رتابة الطريق.واذ به يسأل البدوي عن ثمن اللتر الواحد من زيت الزيتون.
فرد البدوي:40 درهما
فقال السائق:لو كان الأمر كذلك فان المرء يكتفي فقط بعسل النحل للغذاء والدواء.
فرد البدوي:يقول ساداتنا السابقون:الأمازيغية ماهي بكلام والعسل ليس بطعام.
حينئذ نزلت هذه العبارة على أذني السائق وكأنها عاصفة هوجاء وأخذ يرغد ويزبد وغضب غضبا شديدا وهو يقول :كيف كيف ذلك.
فرد البدوي:هذا ما يقوله ساداتنا السابقون.
السائق:اذن قل لي من الأصل؟
البدوي:الأصل هو البيصارة وزيت الزيتون مع خبز القمح والفلفل الحار أو البصل.
السائق:لا قل لي من الأصل؟
وهو يميل بالشاحنة يمينا ويسارا حتى خلت أنه سيدخل بنا الى حائط أو جرف أو واد لكن البدوي رد ببرودة دم مثل السابق.والسائق يغلي دمه وقد انتفخت أوداجه .
فكان ذلك كحوار الصم والبكم.
حينذاك تدخلت لفض النزاع ورأب الصدع بينهما لتفسير مقصد كل واحد.
فالتفت للبدوي وكررت عليه ما كان راسخا في ذهني من دروس التاريخ في الشهادة الابتدائية:هو يقصد بالأصل الأمازيغ وهم سكان المغرب الأقدمون أتوا اليه من الشام واليمن عن طريق مصر والحبشة........
(والسائق يردد:قل له قل له..............)
أما فيما يخص العسل وزيت الزيتون فقد بينت منافع كل منهما ............
وكذلك الشأن بالنسبة للأمازيغية .فهي هويتنا الثقافية علينا أن نعتز بها ولكنها ليست لغة عالمية كالعربية والانجليرية.....وتقتصر على منطقة معينة...
حينئذ اطمأن السائق وهدأت روحه وهو يقول:لعمري ما سمعت أن العسل ليس بطعام والأمازيغية ليست بكلام......
فاعتذر السائق للبدوي وسار بينهما الحديث الذي خلص في الأخيرأن يستأجره ابنه لرعي الغنم عند أبيه واتفقا على الأجرة وقد حصل الرضا بينهما .
فتركتهما للسبيل ونزلت بوجهتي وودعتهما.
حوار الصم والبكم (بقلمي)
المواضيع المتشابهه
