سيكولوجية اللعب - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفتر المواضيع التربوية العامة هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بجميع المواضيع التربوية العامة التي لا يوجد لها تصنيف ضمن الدفاتر أدناه ..

أدوات الموضوع

azize_azize_azize
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 23 - 6 - 2007
المشاركات: 25
معدل تقييم المستوى: 0
azize_azize_azize على طريق الإبداع
azize_azize_azize غير متواجد حالياً
نشاط [ azize_azize_azize ]
قوة السمعة:0
قديم 24-06-2007, 10:34 المشاركة 1   
عنف سيكولوجية اللعب

توطئة :



يعد اللعب نشاطاً هاماً يمارسه الفرد ويقوم بدور رئيس في تكوين شخصيته من جهة وتأكيد تراث الجماعة أحياناً من جهة أخرى 0 واللعب ظاهرة سلوكية تسود عالم الكائنات الحية – ولاسيما الإنسان –وتمتاز بها الفقريات العليا أيضاً 0

ومن الجدير بالذكر أن اللعب – بوصفه ظاهرة سلوكية – لم ينل ما يستحقه من الدراسات الجادة والبحث المتعمق في الدراسات النفسية والسلوكية 0

ولعل السبب في قصور الدراسات عن تناول مثل هذا الموضوع يعود إلى وضوح الظاهرة وعموميتها أو صعوبة الدراسة الجادة لهذه الظاهرة السلوكية أو كل هذا معاً 0

واللعب في الطفولة وسيط تربوي هام يعمل على تكوين الطفل في هذه المرحلة الحاسمة من النمو الإنساني 0 ولا ترجع أهمية اللعب إلى الفترة الطويلة التي يقضيها الطفل في اللعب فحسب بل إلى أنه يسهم بدور هام في التكوين النفسي للطفل وتكمن فيه أسس النشاط التي تسيطر على التلميذ في حياته المدرسية 0

يبدأ الطفل بإشباع حاجاته عن طريق اللعب حيث تتفتح أمام الطفل أبعاد العلاقات الاجتماعية القائمة بين الناس ويدرك أن الإسهام في أي نشاط يتطلب من الشخص معرفة حقوقه وواجباته وهذا ما يعكسه في نشاط لعبه 0 ويتعلم الطفل عن طريق اللعب الجمعي الذاتي ( self – control ) والتنظيم الذاتي ( self – regulation ) تمشياً مع الجماعة وتنسيقاً لسلوكه مع الأدوار المتبادلة فيها 0 واللعب مدخل أساسي لنمو الطفل عقلياً ومعرفياً وليس لنموه اجتماعياً وانفعالياً فقط 0 ففي اللعب يبدأ الطفل في تعرف الأشياء وتصنيفها ويتعلم مفاهيمها ويعمم فيما بينها على أساس لغوي 0 وهنا يؤدي نشاط اللعب دوراً كبيراً في النمو اللغوي للطفل وفي تكوين مهارات الاتصال لديه 0

واللعب لا يختص بالطفولة فقط فهو يلازم أشد الناس وقاراً ويكاد يكون موجوداً في كل نشاط أو فاعلية يؤديها الفرد يقول فولكييه :

(( لا يزال اللعب بزوال الطفولة فالراشد نفسه لا يمكن أن يقوم بفاعلية هائلة إلا إذا اشتغل وكأنه يلعب )) 0 فاللعب يمتاز بالحرية والمرونة بينما يتطلب العمل التفكير بالنتائج والانتباه المتواصل 0 ويحتل العمل مكانة هامة في نمو الطفل لكل دوره يختلف في حياة الطفل عنه في حياة الكبار 0

إن العمل ينطوي على إمكانات تربوية وتعليمية هائلة في عملية النمو 0 فنشاط العمل يشبع في الطفل حاجة أصيلة إلى الممارسات الشديدة والفعالة ويكون العمل جذاباً بقدر ما يبعث من مشاعر السرور لدى الطفل نتيجة لمساهمته بالنشاط مع الكبار والأطفال الآخرين 0 فالأطفال الصغار يقومون بمهام عملية منفردة توجههم إليها دوافع ضيقة تتسم بالتركيز حول الذات 0 وهم يعملون بغية الحصول على استحسان الوالدين والكبار 0 ومع تقدم المراحل العمرية تأخذ دوافع العمل في التغير عند الأطفال 0 فطفل الثالثة من العمر يكون العمل لديه أكثر اجتذاباً واستثارة وإذ يقوم بأداء ما يطلب إليه بالاشتراك مع الكبار يشعر بنفسه وكأنه شخص كبير 0

وتأخذ دوافع العمل لدى أطفال السادسة والسابعة والثامنة من العمر في اكتساب مغزى اجتماعي أكثر وضوحاً 0 وللعمل قيمة كبيرة في نمو المهارات اليدوية والقدرات العقلية 0 فالطفل عندما يقلد الكبار وينفذ تعليماتهم يمكنه استخدام ما يتوفر له من أدوات المائدة وأدوات المدرسة 0 فينبغي أن يتعلم انتقاء الأدوات والوسائل والمواد المناسبة لعمل وهدف معينين وأن يتمكن من تحديد الأداءات واستخدامها بتتابع دقيق 0

والعمل إلى جانب ذلك يعد مجالاً لتنمية الإرادة عند الأطفال حيث يقوم الطفل بتحديد مواقف العمل ويخطط لتحقيق الأهداف المرجوة ويحاول التغلب على الصعوبات والمعوقات التي تعترضه 0 ومن خلال العمل تترسخ معالم النمو الاجتماعي والعاطفي للطفل 0 وهكذا نجد أن العمل المنظم تربوياً ينطوي على إمكانات هائلة للنمو المتكامل للطفل بما في ذلك حركاته وإحساساته ذاكراته وانتباهه وتفكيره وفي نشاط العمل تتوفر إمكانات كبيرة لنمو السلوك الهادف والمثابرة والإرادة والمشاعر الإنسانية الراقية



تعريف اللعب



تعرض كثير من الباحثين لتعريف اللعب 0 وقد جاءت هذه التعريفات على اختلافها ذات سمات مشتركة تتركز في النشاط والدافعية وسنعرض جانباً كبيراً منها يكفي لإعطاء صورة واضحة عن هذا المظهر من مظاهر نشاط الطفل 0

1- سنبدأ بالتعريف الذي يعرضه قاموس التربية لمؤلفه ( Good ) يعرف جود اللعب أنه ( نشاط موجه ( directed ) أو غير موجه ( free ) يقوم به الأطفال من أجل تحقيق المتعة والتسلية ويستغله الكبار عادة ليسهم في تنمية سلوكهم وشخصياتهم بأبعادها المختلفة العقلية والجسمية والوجدانية ( Good – 1970 ) 0

2- ويكمل تعريف جود للعب تعريف شابلن له ( chaplin 1970 ) في قاموس علم النفس وهو ( نشاط يمارسه الناس أفراداً أو جماعات بقصد الاستمتاع ودون أي دافع آخر ) 0

3- يعرف عدس ومصلح ( 1980 ص68 ) اللعب في كتابهما ( رياض الأطفال ) على أنه : ( استغلال طاقة الجسم الحركية في جلب المتعة النفسية للفرد ولا يتم اللعب دون طاقة ذهنية أيضاً ) 0

4- تعرف كاترين تايلور ( 1967 ) اللعب على أنه: ( أنفاس الحياة بالنسبة للطفل أنه حياته وليس مجرد طريقة لتمضية الوقت وإشغال الذات فاللعب للطفل هو كالتربية والاستكشاف والتعبير الذاتي والترويح والعمل للكبار ) 0

5- يعرف بياجه اللعب على أنه : ( عملية تمثل ( Assimilation ) تعمل على تحويل المعلومات الواردة لتلائم حاجات الفرد 0 فاللعب والتقليد والمحاكاة جزء لا يتجزأ من عملية النماء العقلي والذكاء ) 0

6- وقد أشار الكاتب الفرنسي كيلوا ( Cailois ) إلى سمات للعب في كتابه ( الألعاب والناس ) ( 1958 Cailois ) ومن هذه السمات :

آ- اللعب مستقل ( Separate ) ويجري في حدود زمان ومكان محددين ومتفق عليهما 0

ب- اللعب غير أكيد ( Uncertain ) أي لا يمكن التنبؤ بخط سيره وتقدمه أو نتائجه وتترك حرية ومدى ممارسة الحيلة والدهاء فيه لمهارة اللاعبين وخبراتهم 0

ج- يخضع لقواعد أو قوانين معينة أو إلى اتفاقات أو أعراف تتخطى القواعد المتبعة وتحل محلها بصورة مؤقتة 0

د- إيهامي ( Fictional ) أو خيالي أي أن اللاعب يدرك تماماً إن الأمر لا يعدو كونه بديلاً للواقع ومختلفاً عن الحياة اليومية الحقيقية

ولا شك أن اللعب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتربية بل هو كما قال ( روسو ) : أسلوب الطبيعة في التربية ووسيلتها لإعداد الكائن الحي للعمل الجدي في المستقبل 0



النظريات المختلفة في تفسير اللعب



لقد شغلت ظاهرة اللعب عند الأطفال العلماء والباحثين في مختلف العصور وعلى مر الأزمنة فتأملوا هذه الظاهرة عند الإنسان والحيوان وحاولوا أن يفسروها فوضعوا نظريات عدة في ذلك ومن أهم هذه النظريات :

1- نظرية الطاقة الزائدة :

ظهرت في أواخر القرن الماضي هذه النظرية ووضع أساسها ( شيلر ) الشاعر الألماني ثم الفيلسوف هربرت سبنسر وخلاصتها : أن اللعب مهمته التخلص من الطاقة الزائدة 0 فالحيوان مثلاً إذا توافرت لديه طاقة تزيد عما يحتاجه منها للعمل فإنه يصرف هذه الطاقة في اللعب 0 وإذا طبقنا ذلك على الأطفال نرى أن الأطفال يحاطون بعناية أوليائهم ورعايتهم فهؤلاء الأولياء يقدمون لهم الغذاء ويعنون بنظافتهم وصحتهم دون أن يقوم الأطفال بعمل ما فتتولد لديهم طاقة زائدة يصرفونها في اللعب 0 إن هذا التفسير معقول إلى حد ما لكنه لا يفسر حقائق اللعب كلها فالقول به تسليم بأن اللعب مقتصر على الطفولة وهذا لا ينطبق على الواقع إذ عند الكبير أيضاً ميل إلى اللعب بل ويمارسه في الواقع 0 فإذا كان اللعب مرتبطاً بوجود فضل الطاقة فكيف يمكن شرح كيفية لعب الحيوان الصغير أو الطفل إلى درجة تنهك فيها قواه كما نشاهد ذلك غالباً في الحياة العادية 0

لاشك أننا في هذا الموقف نجد اتجاهاً يحرم اللعب من دوره النشط المؤثر في عملية النمو كما يحذف دور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وإمكانية تأثير المحيط الإنساني في إثارة هذه الطاقة وتوظيفها وتوجيهها لصالح الإنسان 0

2- النظرية الإعدادية أو نظرية الإعداد للحياة المستقبلية :

يرى واضع هذه النظرية كارل غروس ( Karl Groos ) أن اللعب للكائن الحي هو عبارة عن وظيفة بيولوجية هامة 0 فاللعب يمرن الأعضاء وبذلك يستطيع الطفل أن يسيطر سيطرة تامة عليها وأن يستعملها استعمالاً حراً في المستقبل 0

فاللعب إذاً إعداد للكائن الحي كي يعمل في المستقبل الأعمال الجادة المفيدة 0 ومثالنا على ذلك تناطح الحملان في لعبها إنما هو تمرين على القيام بالتناطح الجدي في المستقبل والدفاع عن النفس وتراكض الجراء وعض بعضها بعضاً كأنها تتدرب على القتال وصغار الطير تضرب بأجنحتها بما يشبه حركات الطيران وكذلك القطط التي يطارد بعضها بعضاً في أثناء اللعب فهي تقوم بحركات تشبه الحركات التي تقوم بها في المستقبل بقصد الحصول على الطعام ومطاردة الفريسة 0 والطفلة في عامها الثالث تستعد بشكل لا شعوري لتقوم بدور الأم حين تضع لعبتها وتهدهدها كي تنام 0 وهكذا فإن مصدر اللعب هو الغرائز أي الآليات البيولوجية ولقد أكد وجهة النظر البيولوجية هذه كثير من العلماء مع إجراء تعديلات طفيفة عليها 0 ومما يثبت صحة هذه النظرية من الأدلة أن اللعب يأخذ شكلاً خاصاً عند كل نوع من أنواع الحيوانات 0 ولو أن اللعب كان مجرد تخلص من الطاقة الزائدة لجاءت الحركات بصورة عشوائية عند الحيوانات جميعها ولما اختلفت من كائن إلى آخر 0 وترى هذه النظرية أن الإنسان يحتاج أكثر من غيره إلى اللعب لأن تركيبه الجسمي أكثر تعقيداً وأعماله في المستقبل أكثر أهمية واتساعاً ومن هنا كانت فترة طفولته أطول ليزداد لعبه وتتمرن أعضاؤه كما ترى أن اللعب من خصائص الحيوان الراقي بينما الكائنات الحية غير الراقية تولد غير مكتملة النمو وغير قادرة على مواجهة صعوبات الحياة بنفسها من دون مساعدة كبارها بينما الكائنات الحية غير الراقية تولد بالغة مكتملة النمو تقريباً وتكون مستقلة عن كبارها وهذا يغنيها عن اللعب 0 وهكذا نرى أن نظرية جروس هذه يصح تطبيقها على الحيوان مع احتفاظنا بالفارق بين حياتي الإنسان والحيوان 0 فيحاة الإنسان غنية بعناصرها وتفاعلاتها وحاجاتها المختلفة إذا ما قورنت بحياة الحيوان البسيطة والمحدودة 0

3- النظرية التلخيصية :

صاحب هذه النظرية هو ستانلي هول وخلاصتها : إن اللعب هو تلخيص لضروب النشاطات المختلفة التي مر بها الجنس البشري عبر القرون والأجيال وليس إعداداً للتدريب على نشاط مقبل ومواجهة صعاب الحياة 0

فألعاب القفز والتسلق والصيد وجمع الأشياء المختلفة هي ألعاب فردية أو جماعية غير منظمة ولعل هذا يشير إلى حياة الإنسان الأول عندما كان يصطاد الحيوانات ويسخرها لمصلحته فالطفل حينما يجمع حوله جماعات الرفاق ليلعب معهم إنما يمثل في عمله نشأة الجماعات الأولى في حياة الإنسان كما أنه إذا قدمنا له عدداً من المكعبات فإنه يشرع في بناء منزل أو ما يشبهه وهذه تمثل مرحلة من مراحل التقدم في الحياة فالإنسان يلخص في لعبه إذاً أدوار المدنية التي مرت عليه كما يلخص الممثل على المسرح تماماً تاريخ أمة من الأمم في ساعات قليلة 0 وقد وجهت إلى هذه النظرية اعتراضات كثيرة منها : إن هذه النظرية بنيت على افتراض أن المهارات التي تعلمها جيل من الأجيال والخبرات التي حصل عليها يمكن أن يرثها الجيل الذي يليه غير أن هذه النظرية القائلة بتوريت الصفات المكتسبة والتي يعد ( لامارك ) مؤسساً لها لم يعثر على ما يؤيدها في دراسة الوراثة كما يرفض معظم علماء الوراثة في الغرب الرأي القائل بإمكان توريث الصفات المكتسبة وهذا كله أدى إلى إلغاء هذه النظرية إضافة إلى أن الصغار ليسوا صوراً مصغرة عن الكبار فركوب الدراجات واستعمال الهواتف مثلاً ليس تكراراً لتجارب قديمة وإنما هو من معطيات الجيل نفسه الذي يستخدمها 0

4- النظرية التنفسية :

وهي نظرية مدرسة التحليل النفسي الفرويدية وتركز على ألعاب الأطفال بخاصة إذ ترى أن اللعب يساعد الطفل على التخفيف مما يعانيه من القلق الذي يحاول كل إنسان التخلص منه بأية طريقة 0 واللعب إحدى هذه الطرق وتشبه هذه النظرية إلى حد ما نظرية الطاقة الزائدة 0

واللعب عند مدرسة التحليل النفسي تعبير رمزي عن رغبات محبطة أو متاعب لا شعورية وهو تعبير يساعد على خفض مستوى التوتر والقلق عند الطفل 0 فالطفل الذي يكره أباه كراهية لا شعورية قد يختار دمية من الدمى التي يعدها الأب فيفقأ عينيها أو يدفنها في الأرض وهو بهذه الحالة يعبر عن مشاعره الدفينة بوساطة اللعب 0 وترى الولد الذي يغار من أخته التي تقاسمه محبة والديه يضمر لها عداء يعبر عنه دون قصد بالقسوة على دميته التي يتوهم فيها شخص أخته 0 لذا فالأم تستطيع أن تعرف شيئاً عن حالة طفلها النفسية من الطريقة التي يعامل بها دميته 0 فهو يضرب دميته أو يأمرها بعدم الكلام أو يقذفها من الباب وهذه كلها رموز تدل على أشياء تسبب له القلق 0 وعن طريق اللعب يصحح الطفل الواقع ويطوعه لرغباته ( إن دميتي تنام متى تشاء ) وبوساطته يخفف من أثر التجارب المؤلمة ( عوقبت الدمية إذ أجريت لها عملية اللوزتين ) وبه يكتشف حوادث المستقبل ويتنبأ بها ( ستعاقبين يا دميتي لأنك لم تسمعي كلمة ماما ) 0

ورسوم الأطفال الحرة هي عبارة عن نوع من اللعب وتؤدي وظيفة اللعب نفسها 0 فالطفل قد يرسم عقرباً ويقول هذه ( زوجة أبي ) والطفل الذي يشعر بالوحدة قد يرسم أفراد العائلة كلهم داخل المنزل باستثناء طفل متروك خارجه 0

ولاشك أن الطفل يتغلب على مخاوفه عن طريق اللعب فالطفل الذي يخاف أطباء الأسنان يكثر من الألعاب التي يمثل فيها دور طبيب أسنان إذ أن تكرار الموقف الذي يسبب الخوف من شأنه أن يجعل الفرد يألفه 0 والمألوف لا يخيفنا لأننا نتصرف حياله التصرف المناسب ولدينا متسع من الوقت لهذا التصرف بخلاف غير المألوف والأطفال الذين يخافون من الأطباء يعطون لعبة تمثل المريض وسماعة ليفحصوا بها وليمثلوا دور الطبيب بأنفسهم وبذلك يستطيعون التغلب على مخاوفهم من الأطباء بوساطة ألعابهم 0

ولنذكر على سبيل المثال حالة تظهر كيف يكون اللعب مسرحاً يمثل عليه الطفل متاعبه النفسية رمزياً : طفل في منتصف الثانية من عمره كانت أمه تتركه وحده فترات طويلة فكانت لعبته المحببة هي أن يمسك ببكرة يوجد عليها خيط فيرمي بها تحت السرير حتى تختفي هنا وهنا يصيح منزعجاً ثم يجذبها فيفرح بعودتها مرحباً بظهورها 0 فالطفل في لعبته المذكورة يمثل رمزياً المأساة والأحزان التي يعاني منها 0 ويصور بسلوكه هذا خبرة مؤلمة يكابدها هي مأساة اختفاء أمه وعودتها وبذلك كان يخفف من القلق الذي ينتابه 0

وترجع نظرية مدرسة التحليل النفسي إلى عهد الفيلسوف اليوناني المشهور أرسطو الذي كان يرى أن وظيفة التمثيليات المحزنة هي مساعدة المشاهدين على تفريغ أحزانهم من خلال مشاهدة ما فيها من أحداث ووقائع 0 ومن الواضح أن النظرية المذكورة لا تكفي لتفسير اللعب فليس مقبولاً أن تكون وظيفة اللعب مقصورة على مجرد التنفيس 0

5- نظرية النمو الجسمي :

يرى العالم كارت ( Cart ) الذي تنسب إليه هذه النظرية إن اللعب يساعد على نمو الأعضاء ولا سيما المخ والجهاز العصبي 0 فالطفل عندما يولد لا يكون مخه في حالة متكاملة أو استعداد تام للعمل لأن معظم أليافه العصبية لا تكون مكسوة بالغشاء الدهني الذي يفصل ألياف المخ العصبية بعضها عن بعض وبما أن اللعب يشتمل على حركات تسيطر على تنفيذها كثير من المراكز المخية فمن شاء هذا أن يثير تلك المراكز إثارة يتكون بفضلها تدريجياً ما تحتاج إليه الألياف العصبية من هذه الأغشية الدهنية 0

6- نظرية الاستجمام :

وخلاصة هذه النظرية أن الإنسان يلعب كي يريح عضلاته المتعبة وأعصابه المرهقة التي أضناها التعب ذلك لأن الإنسان عندما يستخدم عضلاته وأعصابه بصورة غير الصورة التي كان يستخدمها فيها في أثناء العمل فإنه يعطي بذلك لعضلاته المجهدة وأعصابه المتعبة فرصة كي نستريح وقد وجهت لهذه النظرية الاعتراضات التالية :

1- لو كانت الغاية من العب هي راحة الأعصاب المجهدة والعضلات المتعبة فإن أحسن طريقة لذلك هي الاستلقاء في الفراش والاسترخاء في الجلوس من غير عمل ما لأن هذه الطريقة تجلب الراحة في وقت أقصر 0

2- لو كان الهدف من اللعب الراحة فقط لكان من الأفضل للكبار أن يلعبوا أكثر مما يلعب الصغار لأن عمل الكبار وجهدهم المبذول ادعى للتعب من لعب الصغار ومع ذلك فإننا نرى أن الصغار أكثر لعباً من الكبار 0

3- لا يكون لعب الإنسان دائماً بطاقات عضلية وجهد عصبي غير التي يستعملها في أثناء العمل بل إن الإنسان يلعب بالعضلات التي يعمل بها والأعصاب التي يفكر بها 0

4- تبين لعلماء النفس أن الجهد المبذول لا يتعب العضلة وحدها بل يتعب الجسم ذلك لأن أي عمل من الأعمال يستلزم استعداد عضلات الجسم كلها وتأهبها للعمل 0

وهكذا نرى أن في نظرية الاستجمام انتقاصاً واضحاً وصريحاً لوظيفة اللعب وتضييقاً لها عند حصرها بإراحة العضلات والأعصاب وبإعادة ما استنفذه الكائن الحي من طاقات حيوية في سبيل أعماله وإهمالاً للدور الفعال للعب كنشاط إنساني أصيل موجه ومؤثر في عملية النمو 0



نظرية جان بياجه في اللعب



إن نظرية جان بياجه في اللعب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتفسيره لنمو الذكاء ويعتقد بياجه أن وجود عمليتي التمثل والمطابقة ضروريتان لنمو كل كائن عضوي وأبسط مثل للتمثل هو الأكل فالطعام بعد ابتلاعه يصبح جزءاً من الكائن الحي بينما تعني المطابقة توافق الكائن الحي مع العالم الخارجي كتغيير خط السير مثلاً لتجنب عقبة من العقبات أو انقباض أعصاب العين في الضوء الباهر 0 فالعمليتان متكاملتان إذ تتمم الواحدة الأخرى كما يستعمل بياجيه عبارتي التمثل والمطابقة في معنى أعم لينطبقا على العمليات العقلية 0 فالمطابقة تعديل يقوم به الكائن الحي إزاء العالم الخارجي لتمثل المعلومات كما يرجع النمو العقلي إلى التبادل المستمر والنشط بين التمثل والمطابقة ويحدث التكيف الذكي عندما تتعادل العمليتان أو تكونان في حالة توازن وعندما لا يحدث هذا التوازن بين العمليتين فإن المطابقة مع الغاية قد تكون لها الغلبة على التمثل وهذا يؤدي إلى نشوء المحاكاة وقد تكون الغلبة على التعاقب للتمثل الذي يوائم بين الانطباع والتجربة السابقة ويطابق بينها وبين حاجات الفرد وهذا هو اللعب فاللعب والتمثل جزء مكمل لنمو الذكاء ويسيران في المراحل نفسها 0

ويميز بياجيه أربع فترات كبرى في النمو العقلي فالطفل حتى الشهر الثامن عشر يعيش مرحلة حسية حركية إذ يبدأ الطفل في هذه المرحلة بانطباعات غير متناسقة عن طريق حواسه المختلفة 0 وذلك لعدم قدرته على تمييز هذه الانطباعات من استجاباته المنعكسة لها 0 ويحصل التناسق الحركي والتوافق تدريجياً في هذه المرحلة حيث تصبح هذه الأمور ضرورية لإدراك الأشياء ومعالجتها يدوياً في المكان والزمان 0 وفي المرحلة التالية الواقعة بين عامين وسبعة أو ثمانية أعوام – وهي المرحلة التشخيصية تنمو حصيلة الطفل الرمزية واللفظية فيصبح قادراً على تصور الأشياء في غيابها ويرمز إلى عالم الأشياء بكامله مع ما بينها من علاقات وهذا يتم من خلال وجهة نظره الخاصة ولا يستطيع الطفل في هذه المرحلة تجميع الأشياء وفق خصائصها المشتركة بل يصنفها تصنيفاً توفيقياً إذ استرعى انتباهه شيء ما مشترك بين مجموعة أشياء 0

وفي المرحلة الثالثة في الحادية عشرة أو الثانية عشرة يصبح الطفل قادراً على إعادة النظر في العمليات عقلياً بالنسبة للحالات المادية فقط 0 ومع تقدم النمو يتوزع الانتباه وتصبح العمليات القابلة لإعادة النظر ممكنة عقلياً في بادئ الأمر ثم تنسق مع بعضها حتى ينظر إلى العلاقة المعينة كحالة عامة لكل فئة 0

وفي المرحلة الرابعة – مرحلة المراهقة – تصبح العمليات العقلية عمليات مجردة تجريداً تاماً من الحالات المحسوسة جميعها وفي كل مرحلة من هذه المراحل تنمو مدارك الطفل بالتجربة من خلال التفاعل والتوازن بين مناشط التمثل والمطابقة لأن التجربة وحدها لا تكفي وترجع الحدود الفطرية في النمو لكل مرحلة إلى نضج الجهاز العصبي المركزي من جهة وإلى خبرة الفرد عن البيئة المحيطة من جهة أخرى 0

ويبدأ اللعب في المرحلة الحسية الحركية إذ يرى ( بياجيه ) أن الطفل حديث الولادة لا يدرك العالم في حدود الأشياء الموجودة في الزمان والمكان فإذا بنينا حكمنا على اختلاف ردود الأفعال عند الطفل فإن الزجاجة الغائبة عن نظره هي زجاجة مفقودة إلى الأبد وحين يأخذ الطفل في الامتصاص لا يستجيب لتنبيه فمه وحسب بل يقوم بعملية المص وقت خلوه من الطعام ولا يعد هذا لعباً حتى ذلك الوقت لأنه يواصل لذة الطعم 0 وينتقل سلوك الطفل الآن إلى ما وراء مرحلة الانعكاس حيث تنضم عناصر جديدة إلى رد الفعل الدوري بين المثيرات والاستجابات ويقلل نشاط الطفل تكراراً لما فعله سابقاً وهذا ما يطلق عليه بياجيه التمثل الاسترجاعي ومثل هذا التكرار من أجل التكرار هو في حد ذاته طليعة اللعب 0

وليس هناك ما يلزم بياجيه بافتراض وجود خاص للعب طالما يرى فيه مظهر من مظاهر التمثل الذي يعني تكراراً لعمل ما بقصد التلاؤم معه وتقويته 0 وفي الشهر الرابع يتناسق النظر واللمس عند الطفل ويتعلم أن دفع الدمية المعلقة في سريره يجعلها تتأرجح وإذا ما تعلم الطفل عمل شيء ما فإنه يعيد هذا العمل مراراً وهذا هو اللعب ابتهاج ( وظيفي ) وابتهاج لأنه سبب نابع من تكرار الأفعال التي يتم التحكم بها فإذا ما تعلم الطفل كشف الأغطية بغية البحث عن الدمى والأشياء الأخرى يصبح هذا الكشف في حد ذاته لعبة ممتعة لدى الطفل من الشهر السابع وحتى الثاني عشر من عمره 0 فاللعب لم يعد تكراراً لشيء ناجح بل أصبح تكراراً فيه تغيير وفي أواخر المرحلة الحسية الحركية يصبح العمل ممكناً في حال غياب الأشياء أو وجودها مع الإدعاء والإيهام 0 فاللعب الرمزي أو الإيهام يميز مرحلة الذكاء التشخيصي الممتدة من السنة الثانية إلى السابعة من العمر فالتفكير الأولي يتخذ شكل الأفعال البديلة التي لا تزال منتمية إلى آخر تصورات الحركة الحسية 0

أما اللعب الرمزي الإيهامي فله الوظيفة نفسها في نمو التفكير التشخيصي كالوظيفة التي كان يقوم بها التدريب على اللعب في المرحلة الحسية الحركية إذ أنه تمثل خالص وبالتالي يعمل على إعادة التفكير وترتيبه على أساس الصور والرموز التي يكون قد أتقنها 0 كذلك يؤدي اللعب الرمزي إلى تمثل الطفل لتجاربه الانفعالية وتقويتها 0 ومع ذلك فالصفة الخاصة للعب الإيهامي تستمد من الصفة الخاصة لعمليات الطفل العقلية في هذه المرحلة 0 ويصبح اللعب الإيهامي في المرحلة التشخيصية أكثر تنظيماً وإحكاماً ومع نمو خبرات الطفل يحدث انتقال كبير إلى التشخيص الصحيح للحقيقة 0 وهذا ما يتضمن المزيد من الحركات الحسية والتدريبات الفعلية بحيث يصبح اللعب ملائماً بشكل تقريبي للحقيقة 0 ويصبح الطفل في الوقت نفسه أكثر مطابقة للمجتمع 0 وينتقل الطفل في الفترة الواقعة بين الثامنة والحادية عشرة إلى اللعب المحكوم بالنظم الجماعية الذي يحل محل ألعاب الإيهام الرمزية السابقة وعلى الرغم من أن هذه الألعاب التي تحكمها القواعد تتكيف اجتماعياً وتستمر حتى مرحلة البلوغ فإنها تظل وكأنها تمثل أكثر منها مواءمة للحقيقة 0

وتضفي نظرية بياجيه على اللعب وظيفة بيولوجية واضحة بوصفه تكراراً نشطاً وتدريباً يتمثل المواقف والخبرات الجديدة تمثلاً عقلياً وتقدم الوصف الملائم لنمو المناشط المتتابعة 0

مما تقدم نستخلص أن نظرية بياجيه في اللعب تقوم على ثلاثة افتراضات رئيسة :

1- إن النمو العقلي يسير في تسلسل محدد من الممكن تسريعه أو تأخيره ولكن التجربة لا يمكن أن تغيره وحدها 0

2- إن هذا التسلسل لا يكون مستمراً بل يتألف من مراحل يجب أن تتم كل مرحلة منها قبل أن تبدأ المرحلة المعرفية التالية 0

3- إن هذا التسلسل في النمو العقلي يمكن تفسيره اعتماداً على نوع العمليات المنطقية التي يشتمل عليها 0



أنواع اللعب عند الأطفال



تتنوع أنشطة اللعب عند الأطفال من حيث شكلها ومضمونها وطريقتها وهذا التنوع يعود إلى الاختلاف في مستويات نمو الأطفال وخصائصها في المراحل العمرية من جهة وإلى الظروف الثقافية والاجتماعية المحيطة بالطفل من جهة أخرى وعلى هذا يمكننا أن نصنف نماذج الألعاب عند الأطفال إلى الفئات التالية :

1- الألعاب التلقائية :

هي عبارة عن شكل أولي من أشكال اللعب حيث يلعب الطفل حراً وبصورة تلقائية بعيداً عن القواعد المنظمة للعب 0 وهذا النوع من اللعب يكون في معظم الحالات إفرادياً وليس جماعياً حيث يلعب كل طفل كما يريد 0

ويميل الطفل في مرحلة اللعب التلقائي إلى التدمير وذلك بسبب نقص الاتزان الحسي الحركي إذ يجذب الدمى بعنف ويرمي بها بعيداً وعند نهاية العام الثاني من عمره يصبح هذا الشكل من اللعب أقل تلبية لحاجاته النمائية فيعرف تدريجياً ليفسح المجال أمام شكل آخر من أشكال اللعب 0

2- الألعاب التمثيلية :

يتجلى هذا النوع من اللعب في تقمص لشخصيات الكبار مقلداً سلوكهم وأساليبهم الحياتية التي يراها الطفل وينفعل بها 0

وتعتمد الألعاب التمثيلية – بالدرجة الأولى – على خيال الطفل الواسع ومقدرته الإبداعية ويطلق على هذه الألعاب ( الألعاب الإبداعية ) 0 " تذهب البنات الصغيرات – ربات البيوت إلى المخزن ويتشاورن حول إعداد طعام الغداء فتقول إحداهن وقد بدت على وجهها علامات الجد : (( إن زوجي يحب أكل البفتيك ولكن ابنتي لا تأكل سوى الفطائر – وتقول الثانية هازة رأسها : وزوجي يحب أكل السمك لأنه كما يقول كره النقانق )) وعندما تدخل ربة البيت إلى المخزن تطوف فيه وتنتقل من قسم إلى آخر وتسأل عن الأسعار وتشم رائحة اللحم المقدد وتدفع الحساب لقاء جميع ما اشترته وتحسب الباقي 0 وهنا تتذكر أن ابنها سيعود الآن من المدرسة وأن طعام الغداء غير جاهز بعد فتمضي مسرعة إلى البيت ( لوبلينسكايا 1980 ص154 ) 0

ويتصف هذا النوع من اللعب بالإيهام أحياناً وبالواقع أحياناً أخرى إذ لا تقتصر الألعاب التمثيلية على نماذج الألعاب الخيالية الإيهامية فحسب بل تشمل ألعاباً تمثيلية واقعية أيضاً تترافق مع تطور نمو الطفل 0

3- الألعاب التركيبية :

يظهر هذا الشكل من أشكال اللعب في سن الخامسة أو السادسة حيث يبدأ الطفل وضع الأشياء بجوار بعضها دون تخطيط مسبق فيكتشف مصادفة أن هذه الأشياء تمثل نموذجاً ما يعرفه فيفرح لهذا الاكتشاف ومع تطور الطفل النمائي يصبح اللعب أقل إيهامية وأكثر بنائية على الرغم من اختلاف الأطفال في قدراتهم على البناء والتركيب 0

ويعد اللعب التركيبي من المظاهر المميزة لنشاط اللعب في مرحلة الطفولة المتأخرة ( 10-12 ) ويتضح ذلك في الألعاب المنزلية وتشييد السدود 0 فالأطفال الكبار يضعون خطة اللعبة ومحورها ويطلقون على اللاعبين أسماء معينة ويوجهون أسئلة لكل منهم حيث يصدرون من خلال الإجابات أحكاماً على سلوك الشخصيات الأخرى ويقومونها 0

ونظراً لأهمية هذا النوع من الألعاب فقد اهتمت وسائل التكنولوجيا المعاصرة بإنتاج العديد من الألعاب التركيبية التي تتناسب مع مراحل نمو الطفل كبناء منزل أو مستشفى أو مدرسة أو نماذج للسيارات والقطارات من المعادن أو البلاستيك أو الخشب وغيرها 0

4- الألعاب الفنية :

تدخل في نطاق الألعاب التركيبية وتتميز بأنها نشاط تعبيري فني ينبع من الوجدان والتذوق الجمالي في حين تعتمد الألعاب التركيبية على شحذ الطاقات العقلية المعرفية لدى الطفل ومن ضمن الألعاب الفنية رسوم الأطفال التي تعبر عن التألق الإبداعي عند الأطفال الذي يتجلى بالخربشة أو الشخطبة scripling هذا والرسم يعبر عما يتجلى في عقل الطفل لحظة قيامه بهذا النشاط 0 ويعبر الأطفال في رسومهم عن موضوعات متنوعة تختلف باختلاف العمر 0 فبينما يعبر الصغار في رسومهم عن أشياء وأشخاص وحيوانات مألوفة في حياتهم نجد أنهم يركزون أكثر على رسوم الآلات والتعميمات ويتزايد اهتمامهم برسوم الأزهار والأشجار والمنازل مع تطور نموهم 0

وتظهر الفروق بين الجنسين في رسوم الأطفال منذ وقت مبكر فالصبيان لا يميلون إلى رسم الأشكال الإنسانية كالبنات ولكنهم يراعون النسب الجسمية أكثر منهن 0 فبينما نجد أن الأطفال جميعهم يميلون إلى رسم الأشخاص من جنسهم ما بين سن الخامسة والحادية عشرة نجد أن البنات يبدأن في رسم أشكال تعبر أكثر عن الجنس الآخر بعد الحادية عشرة 0 وتشتمل رسوم الأولاد على الطائرات والدبابات والمعارك في حين تندر مثل هذه الرسوم عند البنات ويمكن أن نرجع ذلك إلى أسلوب التربية والتفريق بين الصبيان والبنات من حيث الأنشطة التي يمارسونها والألعاب التي يقومون بها 0 ومما يؤثر في نوعية الرسوم أيضاً المستويات الاقتصادية والاجتماعية للأسر إلى جانب مستوى ذكاء الأطفال 0

5- الألعاب الترويحية والرياضية :

يعيش الأطفال أنشطة أخرى من الألعاب الترويحية والبدنية التي تنعكس بإيجابية عليهم 0 فمنذ النصف الثاني من العام الأول من حياة الطفل يشد إلى بعض الألعاب البسيطة التي يشار إليها غالباً على أنها (( ألعاب الأم mother games لأن الطفل يلعبها غالباً مع أمه 0 وتعرف الطفولة انتقال أنواع من الألعاب من جيل لآخر مثل (( لعبة الاستغماية )) و ((السوق )) (( والثعلب فات )) و (( رن رن يا جرس )) وغير ذلك من الألعاب التي تتواتر عبر الأجيال 0

وفي سنوات ما قبل المدرسة يهتم الطفل باللعب مع الجيران حيث يتم اللعب ضمن جماعة غير محددة من الأطفال حيث يقلد بعضهم بعضاً وينفذون أوامر قائد اللعبة وتعليماته 0 وألعاب هذه السن بسيطة وكثيراً ما تنشأ في الحال دون تخطيط مسبق وتخضع هذه الألعاب للتعديل في أثناء الممارسة 0 وفي حوالي الخامسة يحاول الطفل أن يختبر مهاراته بلعبة السير على الحواجز أو الحجل على قدم واحدة أو ( نط الحبل ) وهذه الألعاب تتخذ طابعاً فردياً أكثر منه جماعياً لأنها تفتقر إلى التنافس بينما يتخلى الأطفال عن هذه الألعاب في سنوات ما قبل المراهقة ويصبح الطابع التنافسي مميزاً للألعاب حيث يصبح اهتمام لا متمركزاً على التفوق والمهارة 0

والألعاب الترويحية والرياضية لا تبعث على البهجة في نفس الطفل فحسب بل إنها ذات قيمة كبيرة في التنشئة الاجتماعية 0 فمن خلالها يتعلم الطفل الانسجام مع الآخرين وكيفية التعاون معهم في الأنشطة المختلفة 0 ويؤكد ( دي بوا 1952 ص370 – 371 ) على قيمة هذه الأنشطة في تنشئة الطفل وفقاً لمعايير الصحة النفسية :

(( فهذه الأنشطة تتحدى الطفل لكي ينمي مهارة أو يكون عادة وفي سياقها يستثار بالنصر ويبذل جهداً أكبر 0 وحينما لا يشترك الناس في صباهم في ألعاب رياضية فإنهم يحصلون على تقديرات منخفضة وفقاً لمقاييس التكيف الاجتماعي والانفعالي للناجحين 0 فمثل هؤلاء الأشخاص كثيراً ما يتزعمون الشغب ويثيرون المتاعب لأنه لم تكن لديهم الفرصة لأن يتعلموا كيف يكسبون بتواضع أو يخسرون بشرف وبروح طيبة أو يتحملون التعب الجسمي في سيبل تحقيق الهدف وباختصار فإن أشخاصاً كهؤلاء لا يحظون بميزة تعلم نظام الروح الرياضية الطيبة وهي لازمة للغاية لحياة سعيدة عند الكبار )) 0

والواقع أن الألعاب الرياضية تحقق فوائد ملموسة فيما يتعلق بتعلم المهارات الحركية والاتزان الحركي والفاعلية الجسمية لا تقتصر على مظاهر النمو الجسمي السليم فقط بل تنعكس أيضاً على تنشيط الأداء العقلي وعلى الشخصية بمجملها 0

فقد بينت بعض الدراسات وجود علاقة إيجابية بين ارتفاع الذكاء والنمو الجسمي السليم لدى الأطفال منذ الطفولة المبكرة وحتى نهاية المراهقة 0

6- الألعاب الثقافية :

هي أساليب فعالة في تثقيف الطفل حيث يكتسب من خلالها معلومات وخبرات 0

ومن الألعاب الثقافية القراءة والبرامج الموجهة للأطفال عبر الإذاعة والتلفزيون والسينما ومسرح الأطفال وسنقتصر في مقامنا هذا على القراءة 0

إن الطفل الرضيع في العام الأول يجب أن يسمع غناء الكبار الذي يجلب له البهجة وفي العام الثاني يحب الطفل أن ينظر إلى الكتب المصورة بألوان زاهية ويستمتع بالقصص التي تحكي عن هذه الصور هذا إلى جانب ذلك تعد القراءة خبرة سارة للطفل الصغير وخاصة إذا كان جالساً في حضن أمه أو شخص عزيز عليه كما يقول جيرسيلد 0 ويمكن تبين الميل نحو القراءة عند الأطفال في سن مبكرة حيث تجذبهم الكتب المصورة والقصص التي يقرؤها الكبار لهم ويحب الطفل في هذه السن الكتب الصغيرة ليسهل عليه الإمساك بها 0

وغالباً ما يميل الأطفال الصغار إلى القصص الواقعية بينما أن اتجاه الأم نحو الخيال له تأثير هام في تفضيل الطفل للقصص الواقعية أو الخيالية 0 ويفضل معظم الصغار القصص التي تدور حول الأشخاص والحيوانات المألوفة في حياتهم ويميلون إلى القصص الكلاسيكية مثل ( سندريلا – وعلي بابا والأربعين حرامي ) كما يميلون إلى القصص العصرية التي تدور حول الفضاء والقصص الفكاهية والدرامية 0 ويميلون أيضاً في سنوات ما قبل المدرسة بسبب ما يتصفون به من إحيائية animism إلى القصص التي تدور حول حيوانات تسلك سلوك الكائنات الإنسانية ( ويلسون 1943 ) 0

ومع تطور النمو يتغير تذوق الطفل للقراءة إذ أن ما كان يستثيره في الماضي لم يعد يجذب انتباهه الآن 0 ومع نموه العقلي وازدياد خبراته يصبح أكثر واقعية 0 إن القدرة القرائية لدى الطفل تحدد ما يحب ويفضل من القصص 0 والاهتمام الزائد بالوصف والحشد الزائد مما هو غريب على الطفل يجعل الكتاب غريباً عنه وغير مألوف لديه 0

وتكشف الدراسات أن الميل نحو القراءة عند الطفل تختلف من مرحلة ( عمرية ) لأخرى في سنوات المدرسة حيث يتحدد بموجبها أنماط الكتب التي يستخدمها 0

ففي حوالي السادسة أو السابعة يميل الطفل إلى قراءة القصص التي تدور حول الطبيعة والرياح والأشجار والطيور كما أنه يهتم بحكايات الجن أو الشخصيات الخرافية التي تكون قصيرة وبسيطة 0

وفي حوالي التاسعة والعاشرة من عمر الطفل يضعف اهتمامه بالحكايات السابقة ويميل إلى قصص المغامرة والكوميديا والرعب وقصص الأشباح 0 ومع نهاية مرحلة الطفولة تتعزز مكانة القراءة في نفوس الأطفال وخاصة لدى البنات 0 أما في مرحلة المراهقة تصبح الميول القرائية لدى المراهقين أكثر صقلاً وأكثر إمتاعاً من الناحية العقلية 0 فبينما يهتم الأولاد بالموضوعات التي تتعلق بالعلم والاختراع تهتم البنات بالشؤون المنزلية والحياة المدرسية 0 وفي المراهقة يصل الولع بالقراءة إلى ذروته 0 نتيجة للعزلة التي يعاني منها المراهقون 0 حيث ينهمكون في القراءة بغية الهروب من المشكلات التي تعترضهم من جهة وإلى زيادة نموهم العقلي والمعرفي من جهة أخرى 0

ويظهر اهتمام المراهقين بالكتب التي تتحدث عن الأبطال التاريخيين والخرافيين 0 فبينما يهتم الأولاد في هذه السن بالاختراعات والمغامرات تهتم البنات بالكتب المتعلقة بالمنزل والحياة المدرسية والجامعية 0

والواقع أن حب الكتاب والقراءة تمثل أحد المقومات الأساسية التي تقوم عليها فاعلية النشاط العقلي 0 لذا يتطلب ذلك تكوين عادات قرائية منذ الطفولة وأن تتأصل عند الأطفال مع انتقالهم من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى 0









آخر مواضيعي

0 اليوم كالامس و لا حياة لمن تنادي
0 مجرد كلمات
0 أصوات ترتفع من هيئة متصرفي الإدارات المشتركة
0 الحركة الجهوية لجهة سوس ماسة درعة
0 سيكولوجية اللعب


mouhcine
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية mouhcine

تاريخ التسجيل: 24 - 6 - 2007
المشاركات: 6

mouhcine غير متواجد حالياً

نشاط [ mouhcine ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 24-06-2007, 11:50 المشاركة 2   

مشكور أخي على هذا الموضوع الرائع و المفيد


EL MANSOUR
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية EL MANSOUR

تاريخ التسجيل: 12 - 6 - 2007
السكن: أبي الجعد
المشاركات: 333

EL MANSOUR غير متواجد حالياً

نشاط [ EL MANSOUR ]
معدل تقييم المستوى: 239
افتراضي
قديم 24-06-2007, 11:53 المشاركة 3   

مشكور أخي على الموضوع وللأشارة فالامتحانات المهنية للسنة الفارطة للترقية من السلم 9 الى السلم 10 كانت بخصوص اللعب و أنواعه


التعديل الأخير تم بواسطة EL MANSOUR ; 24-06-2007 الساعة 11:54 سبب آخر: خطا

عاشق النت
:: المدير الفني سابقا ::

الصورة الرمزية عاشق النت

تاريخ التسجيل: 11 - 6 - 2007
السكن: أكادير
المشاركات: 336

عاشق النت غير متواجد حالياً

نشاط [ عاشق النت ]
معدل تقييم المستوى: 241
افتراضي
قديم 24-06-2007, 12:07 المشاركة 4   

مشكور أخي على الموضوع المميز والمهم واصل معنا...

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

azize_azize_azize
:: دفاتري جديد ::

تاريخ التسجيل: 23 - 6 - 2007
المشاركات: 25

azize_azize_azize غير متواجد حالياً

نشاط [ azize_azize_azize ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 24-06-2007, 21:53 المشاركة 5   

مشكور أخي على هذا الموضوع الرائع و المفيد
شكرا جزيلا على المرور

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللغة, سيكولوجية

« حرب الجامعات تعيد «الأواكس» إلى مواقع التجسس على طلبة المغرب | النسبة المتحكمة في النجاح »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيكولوجية اللعب hamlit الأرشيف 0 21-11-2008 21:33
سيكولوجية اللعب skobido1 طلبات الانتقال بالتبادل 8 12-11-2007 10:06


الساعة الآن 21:30


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة