i.تنظيم النقابة:
لا يفرض القانون شكلا معينا لإنشاء وتنظيم النقابة وإنما يقتصر على الإشارة إلى المنخرطين في النقابة وإلى الأشخاص المكلفين بالإدارة والتسيير. ولذلك وعلى شرط أن يحترم هذا التمييز، تتمتع النقابة بحرية واسعة بشأن كيفية تنظيمها. وبصفة عامة تشبه النقابات في تنظيمها الجمعيات، إذ تتألف من جمعية عمومية تضم جميع المنخرطين ولجنة أو مكتب يضم أعضاء الإدارة وكاتب أو كاتب عام.
أ-المنخرطون:
إن الشروط التي يفرضها القانون للانخراط في النقابة هي مبدئيا نفس الشروط التي يفرضها من أجل التأسيس، أي أن يكون المنخرط مزاولا للمهنة التي تأسست النقابة من أجل الدفاع عنها. إلا أن لهذه القاعدة استثناء نص عليه الفصل السابع من ظهير 16 يوليوز 1957 وبمقتضاه " يجوز للأشخاص الذين تخلوا عن مزاولة مهنتهم أن يبقوا منخرطين في نقابة مهنية وذلك إذا زاولوا هذه المهنة مدة ستة أشهر على الأقل ".
ولا يشترط في المنخرط أن يكون حاملا للجنسية المغربية التي هي شرط في الشخص المشارك في التسيير.
ويجوز الانخراط في النقابة للمرأة المتزوجة متى كانت تتوافر فيها الشروط السابقة الذكر.
كما يجوز أيضا للقاصر المتجاوز عمره ست عشرة سنة كاملة ما لم يقع تعرض على ذلك من طرف نائبه الشرعي (الفصل 6م الظهير).
علاوة على الشروط السابقة الذكر يمكن للنظام الأساسي للنقابة أن يضيف شروطا أخرى:
*موافقة مجلس النقابة في قبول المنخرطين الجدد.
*فرضية أداء الاشتراك النقابي وتحديد مبلغه.
*العقوبات على بعض المخالفات
*....
وعلى الإجمال يفرض النظام الأساسي على المنخرطين الخضوع للنظام النقابي وبالخصوص وجوب الامتثال للأوامر بالإضراب.
ينص الفصل الثامن من الظهير على أن كل عضو في نقابة يمكنه أن ينسحب منها في أي وقت كان بالرغم عن كل شرط مخالف مدرج في النظام الأساسي. ولا يلزم المستقيل بالإفصاح عن أسباب استقالته, إلا أنه يبقى ملزما بأداء الاشتراك الذي كان مدينا به وكذلك الاشتراك عن الستة الأشهر الموالية لتاريخ انسحابه.
بهيئات الإدارة:
النظام المألوف هو أن هيئة الإدارة تتألف من مجلس أو مكتب، ويفرض القانون شروطا خاصة يجب أن تتوافر في الأشخاص الذين يكلفون بأية صفة كانت بإدارة أو تسيير النقابة، وغالبا ما يتم تعيين المسيرين عن طريق الانتخابات من لدن الجمعية العمومية للأعضاء.
ii.أهلية النقابة:
تتمتع النقابات المهنية بالشخصية المدنية (الفصل 11 من الظهير)، وتظهر هذه الشخصية بصفة خاصة في النقط الآتية:
أولا: تتمتع النقابات بالحق في تملك الأموال المنقولة والثابتة بعوض وبغير عوض.
ثانيا: تتمتع بالحق في إبرام العقود. فبمقتضى الفصل 16 من الظهير " يمكنها أن تبرم عقودا واتفاقيات مع غيرها من النقابات الأخرى أو الشركات أو المؤسسات ".
ثالثا: يمكنها أن تتقاضى لدى المحاكم ويظهر هذا الحق بنوع خاص في الحالات الآتية:
يجوز للنقابات ككل شخص معنوي أن تتقاضى لدى المحاكم للدفاع عن حقوقها وعن أموالها.
‚ بمقتضى الفصل 17 من ظهير أبريل 1957 المتعلق بالاتفاقيات الجماعية يجوز للنقابات المؤهلة للمرافعة القضائية إذا كانت مرتبطة باتفاقية جماعية للشغل أن تقيم جميع الدعاوى الناشئة عن هذه الاتفاقيات لصالح أعضائها دون أن تكون ملزمة بأن تثبت نيابة عن المعني بالأمر على شرط أن تحيط هذا الأخير علما بتدخلها وأن لا يصرح بمعارضته لهذا التدخل.
يجوز للنقابة أن تمارس جميع الحقوق المحفوظة للمطالب بالحق المدني بشأن كل واقعة أو فعل يلحق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالمصلحة الجماعية للمهنة التي تمثلها.
رابعا: إلى جانب الحق في إقامة الدعوى الناشئة عن الشخصية المدنية للنقابات تجدر الإشارة إلى الاختصاص الاستشاري الذي يسنده إليها الفصل 18 من الظهير والذي ينص أنه " يمكن لهذه النقابات أن تستشار في جميع المنازعات وجميع المسائل الراجعة إلى اختصاصاتها ".
iii.النقابات الأكثر تمثيلا:
إن الدستور المغربي بإقراره مبدأ الحرية يقرر ضمنيا مبدأ المساواة القانونية بين النقابات.
ولكن فكرة التمييز بين النقابات على أساس تمتيع البعض منها فقط بصلاحيات خاصة ظهرت أولا في الحياة الدولية مع إنشاء منظمة العمل الدولية.
وقد دخلت الفكرة أيضا إلى التشريع المغربي. فالظهير المؤرخ في 27 يوليوز 1972 المنظم حاليا للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ينص على أن المجلس الإداري للصندوق المذكور يتألف من أربعة وعشرين عضوا رسميا منهم ثمانية ممثلون للدولة وثمانية ممثلون للأجراء وثمانية ممثلون للمؤاجرين وأن الأعضاء الممثلين للمؤاجرين والأجراء يعينون لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير الشغل بناء على اقتراح المنظمة الأكثر تمثيلا.
والمشكلة الرئيسية في هذا الباب تكمن في تعريف مفهوم المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا، فالمعايير لهذا التعريف متعددة، ففي نظر البعض يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في الدرجة الأولى عدد المنخرطين، ولكنه توجد عناصر أخرى تلعب دورا مهما، بالخصوص، أقدمية النقابة وخبرتها واستقلالها في مواجهة الأحزاب السياسية والحكومات. هذا وإن صفة " النقابة الأكثر تمثيلا " يمكن أن تعطى في آن واحد لعدة نقابات أو اتحادات نقابية.
وهناك مشكلة أخرى تكمن في معرفة ما إذا كانت فكرة النقابة الأكثر تمثيلا يجب أن ينظر إليها على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو المحلي أو على صعيد المؤسسة، وهذه كلها مشاكل لم تجد لحد الآن حلا نهائيا.
وفي الواقع يعود إلى الحكومة في كل حالة أمر تعيين النقابة التي تعتبرها أكثر تمثيلا، وهذا التعيين يكون قرارا إداريا، وبهذه الصفة يمكن الطعن فيه بسبب الشطط في استعمال السلطة لدى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى.
iv.اتحادات وجامعات النقابات واتحادات الجامعات النقابية( كونفدراليات):
إن ظهير 16 يوليوز 1957 كالقانون الفرنسي الصادر سنة 1884 ينظر إلى النقابة منفردة. ولكن النقابة منفردة لا تملك في الواقع قوة كبيرة للدفاع عن المصالح المهنية لأعضائها وإنما تكتسب هذه القوة من خلال تجمع النقابات في جامعات أو اتحادات. فالجامعات تضم مجموعة من النقابات من نفس المهنة في حين أن الاتحاد يضم نقابات لمهن مختلفة. أما الكونفدراليات فتضم عدة اتحادات وجامعات.
وقد خصص ظهير 1957 بعض المقتضيات التشريعية لهذه التكتلات. فالقواعد التي تتعلق بإنشاء النقابات تطبق مبدئيا على إنشاء الاتحادات والجامعات النقابية، وبصفة عامة على جميع التكتلات النقابية أيا كان الاسم الذي يعطى لها ( أنظر الفصل 19 ).
ويجب على هذه التكتلات أن تخبر باسم النقابات التي تتألف منها وبمقرها الاجتماعي كما يجب أن تحدد القوانين الأساسية لكل تكتل القواعد التي تمثل بموجبها النقابات المنخرطة ضمنه في المجلس الإداري والجمعيات العمومية للاتحاد.
ويلاحظ في الواقع أن التكتلات هي التي تتولى الدفاع عن مصالح طبقة الأجراء بينما تلعب النقابات المنخرطة فيها دور هيئات تنفيذية لا غير.
v.في حل النقابة:
بمقتضى الفصل التاسع من الظهير يمكن أن تحل النقابة باختيارها أو بموجب قانونها الأساسي ينص على ذلك.
فالحل الاختياري يقرر بإجماع الأعضاء المنخرطين أو بمجرد الأكثرية إذا كان القانون الأساسي أو بحكم قضائي.
وتجدر الإشارة إلى كون الظهير لم ينص على حل النقابة بقرار إداري. ولهذا السبب متى لاحظت السلطة الإدارية أن هنالك أسبابا جدية تقتضي حل نقابة ما، ولا يكون ذلك إلا في حالة مخالفة الظهير أو مخالفة القانون الأساسي للنقابة نفسها فإنه يتعين على السلطة أن تلتجئ إلى النيابة العامة التي تطلب بدورها من المحكمة إصدار حكم قضائي بالحل. ويكون الحكم قابلا للطعن.
ومهما كانت كيفية الحل فلا بد من تقرير مصير أموال النقابة. فبمقتضى الفصل التاسع من الظهير إذا ما حلت النقابة فإن أموالها تفوت طبقا لما جاء في قانونها الأساسي وإلا فحسب القواعد التي تعينها الجمعية العمومية. ويضيف الفصل المذكور أنه لا يجوز في أية حالة من الأحوال أن توزع تلك الأموال على أعضاء النقابة.