سبحآآن الله ,,,عظمة الخالق ,,,,في مخلوقآآته ,,,
كيف تغير الحرباء لونها ولماذا؟
تستخدم مختبراً هائل التعقيد لمزج الألوان
لغة الألوان هي عماد حياة الحرباء، هذا الحيوان الزاحف الذي ركز جميع جهوده التطورية، عبر مئات الملايين من السنين على تطوير هذه اللغة، وضبط قوانينها بيولوجياً لكي يستمر الحيوان في البقاء.
فلكل لون وكل درجة لونية دلالة ومعنى يتيحان للحيوان التصرف مع بيئته فالأخضر يعني أن الوضع في بيئتها هادئ ومريح، وكأن هذا اللون يذكرها برتابة حياة الغابة وسكون النبات، أما الأصفر، ذلك اللون القلق، فيعني أن الحرباء في حالة توتر عصبي لأن هناك ما يدعو لذلك في الجوار.
ويعني الأزرق أن الحرباء تغط في نوم عميق أو سبات يذهب بها إلى البعيد عن كل ما يثير الاحساس والمشاعر، لذلك نجد الكثير من أنواعها تنطوي على نفسها مثل الحلزون، لتبدأ الحرباء بعد اشهر بالاغفاء نشعر به من خلال تغير عميق في خلايا الصبغة الجلدية ينتقل تدريجياً من الرمادي إلى الأزرق.
لقد أثار هذا التقلب اللوني عند هذا الحيوان الغامض خيال الكثير من الرسامين المولعين بلغة الألوان، ومنهم بيكاسو نفسه وغيره كثيرون، غير أن أحداً منهم لم يتوصل إلى إدراك حقيقي وشامل لأسراره فهذه القدرة الفائقة في استخدام اللون عند الحرباء.
واعتقد الكثيرون أن الحرباء تعمد إلى تغيير لونها للتواري عن أعين اعدائها، وإلى جانب صدق هذا الاعتقاد، فإن هناك حقيقة لم تخطر ببال الكثيرين، فالحرباء تعتمد على لغة الالوان، كما يستخدم الإنسان لغة الكلمات لقضاء حاجياته.
ولغة الألوان عند الحرباء أداة لحفظ النوع والتزاوج والتخاطب والتكامل البيئي، باختصار فإن هذه اللغة تؤمن لها كل حاجاتها طوال حياتها وحتى لحظة موتها.
لقد سبق للشاعر أوفيد والفيلسوف أرسطو أن امتدحا الحرباء، ووجدا فيها ذلك الكائن القادر على فهم بيئته عضوياً غير أن علماء اليوم لا يعدون الحرباء ملكة التخفي، بعد أن ثبت لهم من خلال المراقبة العلمية أن للعديد من الأحياء القدرة نفسها ، وربما يكون من الصعب حتى على المواطن الأفريقي الذي يعيش في قلب الغابة اكتشاف وجود الأسد أو النمر من أول نظرة، لكن الحرباء تمتلك قدرة هائلة تتفوق بها على هذه الحيوانات، خصوصاً أنها تتمتع بخاصية بيولوجية على التعديل الفوري لمواجهة الضوء المنعكس على خلايا جلدها، وبتوافق تام مع طائفة من العوامل الخارجية مثل الحرارة وشدة الإضاءة، إضافة إلى عوامل داخلية، مثل الحالة الصحية والتغيرات الهورمونية.
كل تلك العوامل تجد طريقها إلى التشابك في طوائف مختلفة من خلايا الصبغة الجلدية التي لم تحقق التطور العالي فحسب، قياساً إلى ما هو موجود منها عند الإنسان.
وإذا كان علماء الطبيعة يستطيعون اليوم شرح أسباب حدوث هذه الظاهرة عند الحرباء، لكنهم يقرون بعجزهم عن معرفة الكيفية التي تتم بها التغيرات اللونية على سطح جلدها.
حيث يعتقد عالم البيولوجيا أنطوني هيري من قسم علوم الحياة في جامعة بروكسل أنه وفريقه لم يتمكنوا حتى الآن من التوصل إلى معرفة الكيفية التي تصل بها الإشارات العصبية إلى خلايا الصبغة اللونية، إذ ان هناك خلايا نجمية الشكل تدعى «كروما تفور» تقع مباشرة تحت سطح بشرة الحرباء، وتحتوي على الصبغة الملونة للجلد، وهي مقسمة إلى عدة أنواع، يختص كل واحد منها بلون محدد، حيث تعمل الصبغة على امتصاص الضوء بشكل انتخابي، تجعل انعكاس هذا الضوء بدرجات مختلفة، ليعطي بالتالي مختلف الألوان.
ويبدو أن لغة الألوان وأشاراتها هي أداة ضرورية لتسهيل حياة هذا الحيوان الزاحف، حيث يمكن الخلية الصبغية أن تنتج نقطة غامقة في محيط لون فاتح، مما يجعل من لون الجلد غير واضح المعالم، الأمر الذي يساعد الحيوان على التملص من أعدائه، أو أن يحدث العكس، فتبدو الحرباء لامعة لاجتذاب الجنس الآخر بغرض التزاوج.
وبناء على هذه الاستنتاجات فإن الحرباء توظف معملاً هائل التعقيد يعني بخلط الألوان لأغراض محددة، ويقع هذا المعمل على صفحة جلد الحرباء، وتشترك فيه مليارات الخلايا، فإذا ما انخفضت حرارة الجو، فإن الخلايا العصبية الحرارية تتولى إرسال إشاراتها لكي تعدل الخلايا الصبغية من اللون الفاتح، حفاظاً على حرارة الجسم من التسرب، وبما يسمح للون الغامق امتصاص أشعة الشمس، حتى إذا ما تعادلت حرارة جسم الحرباء مع وسطها البيئي، نجدها وقد تسللت ببطء على جذع أو غصن شجرة، واقتربت من فريستها من الحشرات تراقبها بعينين ثاقبتين مستقلتين الواحدة عن الأخرى، ويمكن لكل واحدة منهما الدوران في كل الاتجاهات على حدة.
ثم يأتي بعد ذلك دور اللسان الذي ينطلق مثل السوط وبلزوجة عالية ليقبض على الفريسة في جزء من الثانية. ويمكن للحرباء أن تبقى على شجرة واحدة لسنين عديدة، حيث تقضي معظم وقتها بانتظار الفريسة.